سَيفٌ بجَفنكَ مُغمدٌ مَسلولُ
الأبيات 50
ســـَيفٌ بجَفنــكَ مُغمــدٌ مَســلولُ مــاضٍ عَلـى العُشـّاقِ وَهـوَ كَليـلُ
يَهــوى مُضــارَبَة الجَريـح بحـدّهِ وَيَهيــمُ مِـن شـَغَفٍ بِـهِ المَقتـولُ
هَـل عنـد مُعتَـدِلِ القَـوامِ لعاشِقٍ عَــدلٌ وَهَـل عِنـدَ الجميـلِ جَميـلُ
رَشـــأٌ بَخيــلٌ بِالســَلامِ أُحبُّــهُ ومــن العَجــائبِ أَن يُحـبَّ بَخيـل
وُمُعقــرب الأَصـداغ مـا لِلَـديغها راقٍ وَلا لِعَليلهـــــا تَعليــــل
واذا تَبَــدّى فــي سـَماءِ قِبـائِه وَالســُكرُ يَعطِــفُ عِطفَــه فَيَميـلُ
عقـدَ القُلـوبَ بِخصرهِ المَعقودِ اذ حَــلَّ العَــزائم بنـدُه المَحلـولُ
واذا صـَباً أَو شـَمالٌ مـالَت ضـُحىً بالغُصــنِ مـالَ بِـه صـِبّاً وَشـَمولُ
ان تكحــل الكَحلاء وَهــيَ غنيَّــةٌ فَكَـذاك يُمهـى السـَيفُ وَهـوَ صَقيل
يــا بَـدرُ عُـذّالي عَلَيـكَ كَـثيرَةٌ وَالمُســعِدون عَلــى هَـواكَ قَليـل
وَأَليـم هجـركَ مـا يَـراكَ مواصِلي وَلَذيــذُ وَصـلِكَ مـا اليـه وصـول
لَهفـي لِمـا فـي فيـكَ طابَ مَذاقُهُ مِــن سَلســَبيلٍ مـا اليـه سـَبيلُ
قَـد جـاءَ عُـذّالي وجـرتَ وَقـاتِلي ســـِيّانَ حُـــبٌّ قاتِـــلٌ وَعَــذولُ
أَلقـاكَ كَـي أَشـكو فأسـكتُ هَيبَـةً وَأَقــولُ ان عُــدنا فَسـَوفَ أَقـولُ
وَأَغــارُ أَن يـأتي الَيـكَ بِقصـَّتي غَيــري وَلَــو أَنَّ الريـاحَ رَسـولُ
انَّ الملاحـــةَ دَولَـــةٌ ســـَتَزولُ وَأَميرُهـــا بعـــذارِهِ مَعـــزولُ
بـادِر باحسـانٍ وَحُسـنك لَـم يَحُـل واعلـم بـأنَّ الحُسـنَ سـَوفَ يَحـولُ
قَـد بـانَ في الخَدِّ الصَقيل لِناظِر كَلَـفٌ وَفـي الغُصـنِ الرَطيـبِ ذُبول
كَـم ذا الـدَلال وَقَـد كبرتَ وَخضرةٌ فـي عارضـيكَ عَلـى العِـذار دَليل
أَنـا كنـتُ أَولَ عاشـِقيكَ وَقَد سَلا غَيـــري وودّي بِالوَفــاءِ ثَقيــلُ
أَنـتَ الحَـبيبُ مِـن البَريّـة كُلِّها وَمُحَمَّــدٌ دونَ الــوَرى المــأمولُ
مَلِـكٌ تَفَـرَّد بِالجَمـال فَلَـم يَـزَل مُــذ كـانَ ذا مُلـكٌ وَلَيـسَ يَـزولُ
غَـذاه عِـرقٌ فـي المَكـارِمِ معـرقٌ وَنَمـاهُ أَصـلٌ فـي الفَخـار أَصـيلُ
بَحــر لــه بيـضُ العَطايـا لُجَّـة أَســَدٌ لَــهُ سـُمرُ العَـوالي غيـلُ
وَلَــهُ العُلـى وَلشـانئيهِ شـَينُهُم وَلَــهُ النَـدى وَلسـائليه السـُول
حَيـثُ النُفوس تَسيلُ في سُبُل الرَدى وَالخَيـلُ فـي سـَيلِ الـدِماءِ تَجولُ
صـَبغَ النَجيـعُ شـِياتها فَبَدَت وَما يَبــدو لَهــا غُــرَرٌ وَلا تَحجيــلُ
لَــولا جُــدودُكَ وَالمَنايــا شـُرَّعٌ حــالَت قَنـاً دونَ المُنـى وَنُصـولُ
يـا ابـنَ الأَكارِمِ كابِراً عَن كابِرٍ طـــابَت فُــروعٌ مِنهُــمُ وَأُصــولُ
بَيــتٌ مِــن الأَدنـاس خـالٍ مُقفِـرٌ وَمِــن المَكــارِم عــامِرٌ مـأهول
رأيٌ يُضـيءُ اذا الحَـوادِثُ أَظلَمَـت فَــدجت وَيَمضــي وَالحُسـام كَليـلُ
وَنَـــدىً إِذا يَممتَـــه فَســأَلته سـالَت عَلَيـكَ مِـن العَطـاءِ سـُيولُ
لَيــثٌ بِـهِ السـُلطان أَرغـم ضـدَّهُ وَبِـهِ يَطـولُ عَلـى العِـدى وَيَصـولُ
لَيـث الـوَغى شـَهدت لَـه أَفعـالُهُ وَالمَــوتُ أَحمَـرُ وَالـدِماءُ تَسـيلُ
وَإِذا تَنــاهى مــادِحٌ فـي وَصـفِه عَضــَدَ المقـولَ بِصـدقِه المَعقـولُ
حــاميتَ يَـومَ حمـاةَ غَيـرَ مُفَنَّـدٍ وَحملـتَ عِبـءَ الحَـربِ وَهـوَ ثَقيـلُ
وَكـررتَ يَـومَ التَـلِّ حَتّـى لَم يَكُن إِلّا أَســــيرٌ مِنهُــــمُ وَقَتيـــلُ
فَمُجَـــدَّلٌ يَســعى إِلَيــهِ أَجــدَلٌ أَو هــارِبٌ طــارَت إِلَيــهِ خُيـولُ
مـاضٍ وَقَـد نَبَـتِ السـُيوفَ وَواقِـف ثَبــتٌ عَلــى أَنَّ المَقــامَ مَهـولُ
فــي ظِـلِّ غـازٍ مـا لِنَفـسٍ تَحتَـه قَــدَمٌ وَلا لِســِوى الأُســود مَقيـلُ
سامي العَلاءِ إِلى السَماءِ فَفي عُلا كُــلِّ امرىــءٍ قِصــَرٌ وَفيـهِ طـولُ
مِــن طَيّــبينَ مَصــونَةُ أَعراضـُهُم أَبَــداً وَوافِــرُ وَفرهُــم مَبـذولُ
قَـومٌ أَذالـوا في الحُروبِ نُفوسَهُم لِلمُلــكِ حَتّــى مُلِّكـوا وَأديلـوا
الكاشــِفين الكَــربَ وَهـوَ مُجلّـلٌ وَالفــارِجين الخَطـب وَهـوَ جَليـلُ
يـا ناصـِرَ الـدين الَّذي مَن يأتِهِ أَضـحى عَزيـزَ الكُفـرِ وَهـوَ ذَليـلُ
فالــدينُ مَنصــورٌ بِــهِ وَمؤَيَّــدٌ وَالشــِركُ مَخــذولٌ بِــهِ مَغلــولُ
حاشـى غَمامَـكَ أَن يُفـارِقَ مَنزِلـي أَو لا يَكــونَ لَــهُ عَلَيــهِ نُـزول
أَنـا فـي جنابِـكَ مُذ وَليتَ وَمجدبٌ لا مِنـــهُ مـــأمول وَلا مَطلـــول
فـاِنظر الـيّ بِعَيـنِ جـودكَ نَظـرَةً لا زِلــتَ تُســأل دائِمــاً وَتُنيـلُ
واسـلم عَلـى رُغـمِ الحَسودِ مُخلَّداً فــي حــالِ عِــزٍّ مالَهـا تَحويـلُ
ابن الدهان الموصلي
68 قصيدة
1 ديوان

عبد الله بن أسعد بن علي أبو الفرج مهذب الدين الحمصي الشافعي. المعروف بابن الدهان الموصلي ويعرف بالحمصي أيضا. لانتقاله إلى حمص. وديوان شعره مطبوع جمع الأستاذ عبد الله الجبوري (بغداد: 1968م). وله كتاب (شرح الدروس -خ). قال ابن خلكان: كان فقيها فاضلا أديبا شاعرا، لطيف الشعر مليح السبك حسن المقاصد، غلب عليه الشعر واشتهر به وله ديوان صغير وكله جيد، وهو من أهل الموصل ولما ضاقت به الحال عزم على قصد الصالح بن رُزّيك وزير مصر، وعجزت قدرته عن استصحاب زوجته فكتب إلى الشريف ضياء الدين أبي عبد الله زيد بن محمد بن محمد بن عبيد الله الحسيني نقيب العلويين بالموصل هذه الأبيات:

وذات شجوٍ أسال البين عبرتها         باتت تؤمِل بالتفنيد إمساكي

(انظر القصيدة في ديوانه ص 186 وفيه: خاطب بالقصيدة والدته) فتكفل الشريف المذكور لزوجته بجميع ما تحتاج إليه مدة غيبته عنها. ثم توجه إلى مصر ومدح الصالح بن رزيك بالقصيدة الكافية، وقد ذكرت بعضها هناك، ثم تقلبت به الأحوال وتولى التدريس بمدينة حمص، وأقام بها فلهذا ينسب إليها.

قال العماد الكاتب فيه الخريدة: مازلت وأنا بالعراق، إلى لقائه بالأشواق، فإني كنت أقف على قصائده المستحسنة، ومقاصده الحسنة، وقد سارت كافيته بين فضلاء الزمان كافةً فشهدت بكفايته، وسجلت بأن أهل العصر لم يبلغوا إلى غايته. ثم قال بعض الثناء عليه: فيه تمتمة تسفر عن فصاحة تامة، وعقدة لسانٍ تبين فقه في القول. ثم قال بعد ذلك: ولما وصل السلطان صلاح الدين رحمه الله إلى حمص وخيم بظاهرها خرج إلينا أبو الفرج  فقدمته إلى السلطان، وقلت له: هذا الذي يقول في قصيدته الكافية التي في ابن رزيك:

أأمدح الترك أبغي الفضل عندهم         والشعر ما زال عند الترك متروكا

قال: فأعطاه السلطان وقال: حتى لا يقول إنه متروك، ثم امتدح السلطان بقصيدته العينية

التي يقول فيها:

قل للبخيلة بالسلام تورعاً         كيف استبحت دمي ولم تتورعي

وزعمت أن تصلي بعامٍ قابلٍ         هيهات أن أبقى إلى أن ترجعي

ما كان ضرك لو غمزت بحاجبٍ         يوم التفرق أو أشرت بإصبع

قال ابن خلكان: وتوفي بمدينة حمص في شعبان سنة إحدى وثمانين، وقيل اثنتين وثمانين وخمسمائة، والثاني ذكره =يعني العماد= في السيل والذيل والأول أصح، رحمه الله تعالى، وقد قارب ستين سنة. (ثم ترجم ابن خلكان للشريف ابي عبد الله ضياء الدين نقيب أشراف الموصل، الذي استنجد به الشاعر لرعاية زوجته)

 

 

1185م-
581هـ-