يا صَميمَ الحَيَاةِ إنِّي وَحيدٌ
الأبيات 24
يــا صــَميمَ الحَيَــاةِ إنِّـي وَحيـدٌ مُدْلـــجٌ تـــائِهٌ فـــأَينَ شــُرُوقُكْ
يــا صــَميمَ الحَيَــاةِ إنِّـي فـؤادٌ ضـــائعٌ ظـــامئٌ فـــأَينَ رَحيقُــكْ
يـا صـَميمَ الحَيَـاةِ قَـدْ وَجَمَ النَّايُ وغـــام الفضـــا فــأَينَ بُرُوقُــكْ
يــا صـَميمَ الحَيَـاةِ أَيْـنَ أَغانيـكَ فَتَحْـــتَ النُّجــومِ يُصــْغي مَشــُوقُكْ
كنــتُ فــي فجــركَ الموشـَّحِ بـالأَح لامِ عِطْــــراً يَـــرِفُّ فـــوقَ وُرودِكْ
حالمــاً يَنْهَــلُ الضــِّياءَ ويُصــغي لــكَ فــي نشــوةٍ بــوحيِ نَشــيدِكْ
ثــمَّ جــاء الــدُّجى فأَمســيتُ أَور اقــاً بِــدَاداً مـن ذابلاتِ الـورودِ
وضـــَباباً مِـــنَ الشــَّذى يتلاشــى بَيْــنَ هـولِ الـدُّجى وصـمتِ الوُجـودِ
كنــتُ فـي فجـركَ المغلَّـفِ بالسـِّحْرِ فضـــَاءً مِـــنَ النَّشــيدِ الهــادي
وســـَحَاباً مِــنَ الــرُّؤى يتهــادى فــــي ضــــميرِ الآزالِ والآبـــادِ
وضــِياءً يعــانِقُ العــالَمَ الرَّحْـبَ ويَســـْري فــي كــلِّ خــافٍ وبَــادِ
وانقضــى الفجــرُ فانحــدرتُ مــنَ الأُفْـقِ ترابـاً إلـى صـميمِ الـوادي
يا صَميمَ الحَيَاةِ كم أَنا في الدُّنيا غَريـــبٌ أَشـــقى بغُرْبَـــةِ نفســي
بَيْــنَ قــومٍ لا يَفْهَمــونَ أَناشــيدَ فــــؤادي ولا معــــانيَ بؤســــي
فــــي وجـــودٍ مُكَبَّـــلٍ بقيـــودٍ تـــائهٍ فـــي ظلامِ شـــَكٍّ ونحـــسِ
فاحتضـــِنِّي وضــُمَّني لــكَ كالمــا ضــي فهــذا الوُجُــودُ عِلَّـةُ يأسـي
لــم أجــد فـي الوُجُـودِ إلاَّ شـقاءً ســـــَرْمَديًّا ولــــذَّةً مُضــــْمَحِلَّةْ
وأَمــانيَّ يُغــرِقُ الــدَّمعُ أَحلاهــا ويُفنـــي يَـــمُّ الزَّمــانِ صــَداها
وأَناشــيدَ يأكُــلُ اللَّهَــبُ الــدَّا مـــي مَســَرَّاتِها ويُبقــي أَســاها
ووُروداً تمـــوت فـــي قبضــَةِ الأَشْ واكِ مَــا هــذه الحَيَــاةُ المملَّـةْ
ســـَأَمُ هـــذه الحَيَـــاةُ معَـــادٌ وصـــباحٌ يكــرُّ فــي إثــرِ ليــلِ
ليتنـي لـم أفـدْ إلـى هذه الدُّنيا ولـــم تَســـْبَحِ الكــواكبُ حــولي
ليتنـي لـم يعـانقِ الفجْـرُ أَحلامـي ولـــمْ يَلْثُـــمِ الضــِّياءُ جفــوني
ليتنــي لـم أزلْ كمـا كنـتُ ضـوءاً شــائعاً فــي الوُجُـودِ غيـرَ سـَجينِ
أبو القاسم الشابي
96 قصيدة
1 ديوان

أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم الشابي. شاعر تونسي في شعره نفحات أندلسية، ولد في قرية الشابية من ضواحي توزر عاصمة الواحات التونسية في الجنوب. قرأ العربية بالمعهد الزيتوني بتونس وتخرج من مدرسة الحقوق التونسية وعلت شهرته. ومات شاباً بمرض الصدر ودفن في روضة الشابي بقريته. له (ديوان شعر -ط) و(كتاب الخيال الشعري عند العرب) و(آثار الشلبي -ط) و(مذكرات -ط).

مولده 24 فبراير 1909 ووفاته 9 اكتوبر 1934 .

1934م-
1353هـ-