ألا هل لداعي اللّه في الأرض سامع
الأبيات 195
ألا هـل لـداعي اللّـه في الأرض سامع فـإني بـأمر اللّـه يـا قـوم صـادع
وهــل مـن يـرى للّـه حقـاً ومرجعـاً إليــه وأن الــدين لا شــك واقــع
وهـل مـن يـرى أن الحقوق التي دعا إليهــا رســول اللّـه غفـل ضـوائع
وهـل مـن يـرى الشرع الشريف تدرأت عليـــه حثـــالات مـــبير وخــانع
وهـل مـن يـرى أن الحنيفـة سـامها بمــا شـاء مـن ضـيم لعيـن مخـادع
تمـــالأ ظلمـــاً خيلـــه ورجــاله وليــس لهـم حـد سـوى اللّـه مـانع
يدوســـونها دوس الحصــيد كأنهــا لقـى وأخـو الايمـان فـي الأسر خاشع
أفيقــوا بنــي القـرآن إن هـداكم إلـى الجبت والطاغوت في الذل ضارع
أفيقــوا بنـي القـرآن إن كتـابكم ينـــاقض فـــي أحكــامه وينــازع
تعيـث قـرود الجبـت فـي سنة الهدى إذا عقــدوا شــنعاء جـاءت شـنائع
يعــدون ديــن اللّـه بهتـاً وهجنـة وإن ليــس مــن صـوب الالـه شـرائع
وأن وقــوع الـدين فـي الأرض مفسـد وإن قـــوانين الســـماء فظـــائع
وإن الــذي جـاءت بـه الرسـل كلـه مضـــر لأســـباب الرقـــي مصــارع
وإن هــدى الاســلام فـي الأرض ظلمـة ولــو زال بــانت للرقــي ســواطع
وإن بنـــي الاســـلام فــي همجيــة وحــوش تعـادي فـي الفلا أو ضـفادع
وإنـي بنـي الانسـان فـي الأرض طائر علــى شــرك عــز الجنـاحين واقـع
ولـــولا عـــرى إشــراكه لتوســعت مــداركهم حيــث الحـدود الموانـع
هلــم بنــا نقطــع حبالـة ديننـا إذ الـدين عـن نـور التمـدن قـاطع
ونرسـل أطيـار النفـوس إلـى الهوى فـــإن هواهـــا للســعادة جــامع
ونـذروا وصايا اللّه في الريح تربة فليــس بهــا اسـتغفر اللّـه نـافع
وفـي دولـة التعطيـل مرعـى ونضـرة وفـي دولـة الـدين الـديار البلاقع
ولا كــــون إلا للطبيعـــة إنهـــا لهـا الضـر فـي أكوانهـا والمنافع
وأن ننتحــل شــبهاً لــدين سياسـةً ففــي دولـة التبشـير فعـل مضـارع
حبالـــة صـــياد وديـــن ودولــة وتعطيــــل انســــانية وخـــدائع
فيــا لبنـي القـرآن أيـن عقـولكم وقـد عصـفت هـذي الريـاح الزعـازع
أمسـلوبة هـذي النهـى مـن صـدورنا وهــل فقــدت أبصــارنا والمسـامع
أمــا كـذبوا لا قبـح اللّـه غيرهـم ولا أفلحــت تلـك الوجـوه اللواكـع
لقــد ملأوا الآفــاق افكــا وخزيـة وبغيـــا ولا مقصــود إلا المطــامع
نفــوا ملــة الاســلام إذ منعتهــم محــارم فــي حكـم العقـول فظـائع
ولــو قلــدوا الاسـلام ضـاق عليهـم سـبيل إلـى مـا تشـتهي النفس واسع
ولا أطلقتهــم فــي الرذالـة رتعـاً نــذالتهم ممــا اقتضـته الطبـايع
ولا حرشــــتهم شــــرة وفظاظــــة لهــم كلــب فــي نهبنــا وتنـازع
كــأن بنــي الاســلام صـيد رمـاحهم وأملاكهـــم إرث لهـــم أو قطــائع
فلا غــرو أن يسـتنكفوا مـن ديانـة وقـد أسـبلت فيمـا عـداها الزرايع
وليتهـم إذ عطلـوا الـدين سـايروا طبيعــة تكــوين العمـار وتـابعوا
فــأي عمــار قــام والظلــم أسـه وتلكــم ديــار الظــالمين بلاقــع
وليــت بنــي الاسـلام قـرت صـفاتهم فمــا زعزعتهــا للغـرور الزعـازع
وليتهـــم ساســـوا بنــور محمــد ممــالكهم إذ باغتتهــا القواقــع
وليتهـــم لــم ينحــروا بســلاحهم نحــورهم إذ جــاش فيهـا التقـاطع
لقـد مكـن الأعـداء منـا انخـداعنا وقــد لاح آل فــي المهــامه لامــع
وســورة بعــض فــوق بعــض وحملـة لزيــد علــى عمـرو ومـا ثـم رادع
وتمزيــق هــذا الـدين كـل لمـذهب لــه شــيع فيمــا ادعــاه تشـايع
ومـا الـدين إلا واحـد والـذي نـرى ضـــلالات أتبــاع الهــوى تتقــارع
ومــا تــرك المختـار ألـف ديانـة ولا جـاء فـي القـرآن هـذا التنازع
فيـا ليـت أهـل الـدين لم يتفرقوا وليــت نظــام الـدين للكـل جـامع
لـو الـتزموا مـن عزة الدين شرطها لا اتضــعت منهـا الرعـان الفـوارع
ومـــا ذبــح الاســلام إلا ســيوفنا وقــد جعلــت فــي نفسـها تتقـارع
ولــو ســلت السـيفين يمنـى أخـوة لــدكت جبــال المعتـدين المصـارع
ومـا صـدعة الاسـلام مـن سـيف خصـمه بــأعظم ممــا بيــن أهليـه واقـع
فكــم ســيف بــاغ ز أوداج دينــه بـأفظع ممـا سـيف ذي الشـرك بـاخع
هراشاً على الدنيا وطيشاً على الهوى وذلــك ســم فــي الحقيقــة نـاقع
ومـا حـرش الأضـغان فـي قلـب مسـلم علــى مســلم إلا مــن النعـي وازع
ولــو نصـع القلبـان لـم يتباغضـا ولا ضــام متبــوع ولا ضــيم تــابع
ومـا هـذه الـدنيا لهـا قـدر قيمة يضــاع لــه ذخـر مـن اللّـه نـافع
ومـا نـال منهـا لهـائلاً غير اثمها وأكــدارها المســتأثرون الأمــانع
ولـو بعـدت فـي النفس منزعة التقى لمـا نزعـت نحـو الشـقاق المنـازع
ولا ضــبحت تعلــو بأســباب وهمهـا علـى غيـر ذي ثبـت جـداه القـوارع
أمـا هـذه الـدنيا الـتي يقتنونها ستقتضــب الاعمــار منهـا الفجـائع
قراضـــة آجـــال ومطلـــب جاهــل ونحـــن لناعيهـــا إلينــا ودائع
فمـا بيعنـا الحسـنى ومرضـاة ربنا بهـا بيعـة ينمـى بهـا الربح بائع
علـى أي شـيء يقتـل البعـض بعضـنا وتــذكي فظاظـات النفـوس المطـامع
ولسـنا برغـم العقـل نطلـب وادعـاً ولا أحـــد منـــا وإن عـــاش وادع
ويكشـف عـن سـاق لنـا الحتف دائباً ونعجلـــه فـــي باطـــل نتقــارع
أليـس الـذي يـأتي من العمر مقبلاً كمثــل الـذي ولـى وفيـه المصـارع
ولــو أشـربت منـا النفـوس تبصـراً لمــا كــان منهـا للشـرارة نـاقع
بلــى أشــربت داءاً دخيلاً أصــارها كمــا كمنــت فــي حجرهـن الأقـارع
ولـو بحثـت عـن دائهـا كـان كبرها فمنــه بلا قيــد تثــور الشــنائع
ولــو فكــرت فــي أصـلها ومصـيره لـدافع داء الكـبر منهـا التواضـع
رويــداً بنــي الانسـان إن شـروركم يعــود عليكــم ويلهــا المتتـابع
فمــا أرسـل الانسـان سـهماً محرمـاً ســوى أنـه فـي نحـر راميـه راجـع
ولســت وإن بــرأت نفســك خالصــاً مــن الشــر والـدعوى إليـه ذرائع
أنلزمهــا الاشــرار والـداء شـامل وننفـي اشـتراكاً فيـه والسـم نافع
ولـو سـلمت مـن صـبغة الشـر نسـمة لمـا راع فـي أوكـاره الفـرخ رائع
وكـل لجـاج المـرء فـي الشـر نهمة مـن النفـس تغريهـا عليـه الطبائع
أليــس عجيبــاً زرع نفــس شـرورها وعنــد حصــاد الــزرع يحصـد زارع
ولــولا نـواميس السـماء لمـا زكـت نفــوس ولــم يعــرف مضــر ونـافع
ومــن سـنن اللّـه التـدافع بيننـا ليصـــلح مـــدفوع ويصــلح دافــع
ومــن ســنن اللّـه اختبـار عبـاده وابلاؤهــم وهــو الحـبى والصـنائع
يصــب علــى مــن شــاء صـبا بلاءه وذاك بلاء للمــــــواهب جـــــامع
ومـن سـنن اللّـه اختفـاء اصـطناعه فكــم شــق أمــر ضـيق وهـو واسـع
ومـن سـنن اللّـه التفاضل في العطا فـذو الجهـل موفور وذو العقل جائع
ومـن سـنن اللّـه التـأني بمـن طغى وتعجيــل عقــبى هفــوة إذ تواقـع
ومنهــا انتقـام مـن ظلـوم بظـالم وهـــذا حســـام للمظــالم قــاطع
ألــم تــرى أن اللّـه سـلط مشـركاً علــى مســلم والعــدل للكـل وازع
فمـا الشـأن إلا العـدل في أي حادث وإلا خفـــي اللطـــف للزيــغ رادع
وفـي الشـأن أسرار تجلت لذي النهى عليهـا جمـال اللّـه بـاللطف شـايع
تــرى سـلطة لا تعـرف اللّـه أفظعـت بعــارفه والعــدل تلــك الفظـائع
فــأنت إذا فكــرت لــم تلــف ذرة مـن الظلـم فـي شـيء له اللّه صانع
ومــا يــوجب المقـت الالهـي عـدوة عـدوت بهـا فـي خـرق مـا هـو شارع
ولـــو ثبتـــت رجلاك دون حـــدوده لمــا كـان عـن رضـوانه لـك قـاطع
ومــا يــوجب الجـود الالهـي رحمـة وفضــل وتــوب منــه للتــوب زارع
أيحظــر أمــراً ثــم تهتــك حظـره كأنـــك مــدعو بمــا هــو مــانع
وأنــت مــع الاعـاد للسـخط تنتحـي ومــن حيـث اتيـان المسـاخط طـامع
فمـا مـن وعيـد اللّـه يمنـع عاصـم إذا لـم يـزع مـن حرمـة اللّه وازع
نضــج ضــجيج النيـب ممـا ينوبنـا ونحــن إلــى مــا تقتضـيه نسـارع
نطـــاوع أســواء المغبــة رغبــة ولســنا لمحمــود الجــزاء نطـاوع
ومــا هــذه الأوقـار فـوق رقابنـا يـــدافع عقبـــاهن عنــا مــدافع
وبعــض عقــاب الاثــم أخــذ معجـل وبعـــض علــى الاملاء جــانيه وادع
ولــو أمحـض التقـدير عقـل لأظهـرت شـــوارقها بـــالحكمتين مطـــالع
فمـا هـو فـي تعجيلـه البطـش عابث ولا عارضــته فــي التــأني موانـع
ولا هــو بالاعجــال يحــذر فائتــاً ســواه تعــالى قبــل فـوت يسـارع
فجــل فــي مجــاري حكمـه وشـئونه تبــن لــك فيهــا حكمــة وبـدايع
وفــي عــدله حسـب اقتضـاه شـئونه تــــدابير وحدانيـــة لا تمـــانع
فلا تخبطــن فـي فهـم أحكـام عـدله إذا اختلفــت أشــكالها والمواقـع
ورب بلاء حـــل فـــي شــكل عــدله ومـا هـو إلا الفضـل واللطـف واقـع
فمــن ذاك للتــوفير وهــو أجلــه ومنـــه لتمحيـــص لــذنب يواقــع
وتقــــديمه انــــذاره ووعيـــده إلــى عبـده حـد عـن العـدل مـانع
وفـي عيـن هـذا العـدل فضـل محقـق إلـى مسـتقر الفضـل والجـود دافـع
وذلـــك فــي الجــود الالهــي لازم ليـــذكر اللاهـــي وينــزع نــازع
وعاقبــة الانــذار انقــاذ عبــده حــذارك ممــا قيــل خلــف وشـافع
فقـم نحـو مـا يـدعو إليـه بفضـله فـــداعيك قيــوم برحمــاه واســع
ولا تعجــب إن خــالفته كيـف بطشـه فمالـــك إلا صــحة التــوب نــافع
ولا تعجبــن ممــا تــراه مســارعاً إلينـا فعـدل اللّـه هـذا المسـارع
إلـى مـا أفضـنا فيـه من ترك أمره واتيــان منهيــاته العــدل صـادع
ففيــم صــراخ المســلمين وجـأرهم وأغلبهــــم للمقســـطين منـــازع
لهــم فـي أسـاليب الشـقاق طـرائق وكــل طريــق فــي الضــلالة شـارع
وأغلبهــــم للاســـتقامة شـــانيء بسـيف التعـدي فـي حمـى اللّه شانع
ولــو شـملتنا الاسـتقامة لـم نـزل لنــا ألفـة ترفـض عنهـا المطـامع
سـقى اللّـه أرضاً تنبت القسط سوحها ويــن رباهـا العلـم والحـق راتـع
ربــوع بحمــد اللّــه نــور محمـد عليهــا بنــور اللّـه أبلـج سـاطع
وحيـث يميـن اللّـه بـالروح والرضا رجــالاً لهــم تلـك العـراص مرابـع
رجــال ســعوا للّـه سـعياً مباركـاً فمــا قطعتهـم عـن رضـاه القواطـع
أنـابوا إلـى اللّـه اتبـاع سـبيله فمـا صـدعتهم فـي السـبيل الصوادع
وقــاموا بمفــروض القيـام عليهـم فمـــا عـــز جبــار ولا ذل ضــارع
فمـا جمعـوا مـا فـرق اللّـه جمعـه ولا فرقـوا فـي الدين ما اللّه جامع
ولا شـــرفوا إلا بخالصـــة التقــى حظــوظهم منهــا البحـور الجوامـع
بهم يقتدى في العلم والهدي والهدى وعـن خلقهـم تـروى النجوم السواطع
عليهـم وقـار الرسـل أرسـت جبـاله وهـــم لكمــالات النفــوس مطــالع
تجلـت لهـم مـن بـاطن الشـرع حكمة ولــو أظهروهـا ناقضـتها الشـرائع
ألحــوا علــى الاخلاص حــتى تفجـرت علــى لســنهم بــالحكمتين ينـابع
ولـو أظهـروا مـن حكمـة السـر ذرة لكـانوا بحكم الظاهر الشرك واقعوا
فبـورك علمـاً طـابع الشـرع باطنـاً وفــي ظـاهر الأحكـام للعـذر قـاطع
أولئك أهــل اللّــه رحمــة أرضــه بهـم تمطـر الأرض السـحاب الهوامـع
أولئك أوتـــاد الوجـــود وغــوثه وأحــوالهم فــي الاعتبــار شـوافع
أولئك أهــل الحــق مـا ضـل مقتـف هــداهم ولا يغــوي عليهــم متـابع
أولئك أهـل الفهـم مـا جـار فهمهم عـن اللّـه مـا يقضـي ومـا هو شارع
أولئك أهــل الخيــر أمـا حيـاتهم فغنـــم وأمـــا ذكرهــم فــذرايع
أولئك أهـل الفضـل حـتى ولـو فنوا لهــم بركــات فـي الـدنا ومنـافع
أولئك أشـــياخي فجئنــي بمثلهــم إذا جمعتنــا يــا جريـر المجـامع
ولســت بجـاء فـي الوجـود بمثلهـم وللقــوم شــأن فـي الولايـة شاسـع
وللقـــوم ارث صــادق مــن محمــد لكــل هــدى للرســل لا شــك جـامع
ومـاذا عسـى أن يبلـغ الحمـد فيهم وهــم لضــياء المرســلين مطــالع
نعـم أن نـور الرسـل في قلب ختمهم وفـي القـوم نـور الختم أبلج ساطع
سـرى علمهـم بـاللّه فـي سـر سـرهم وهـــذا لصــدق الاتبــاعين تــابع
ومــا صــدقوا فـي الاتبـاع لغايـة ولكــن لحــب اللّــه فيهـم نـوازع
ومحــترق الأركــان مــن خـوف ربـه لـــه صـــعقات بينـــه ومصـــارع
لـه مـا عـدا العلـم القديم صحيفة يشـــاهد فيهـــا صــنعه ويطــالع
ومهمـا يكـن في الملك والملكوت من بــدائع لـم تحجبـه تلـك البـدايع
يــرى كــل شـيء غيـر مرضـاة ربـه رمــاداً بــه اشـتدت ريـاح زعـازع
ولــو خالســت منــه العلائق لفتـة كفاهــا مـن التوفيـق عنـه ممـانع
يطـــارد آفــات الوجــود بعزمــه فتنكــص حسـرى عنـه والعـزم ناصـع
رمــى عــرض الــدنيا وراء يقينـه بــأن وراء الحــد شــأناً يســارع
يحــرر نفســاً مــن عبــودة مطمـع ســوى رغـب فيـه إلـى اللّـه طـامع
بــه أنـف الأملاك فـي نضـرة الغنـى ومــا نـال منـه مـا تقـل الأصـابع
كفتـــه لقيمـــات يقــومن صــلبه وطمــر مــن الانهـاج يأبـاه رافـع
يلــذ فطــام النفـس عـن كـل لـذة ولــذات هـذا العيـش بئس المراضـع
يـــبيت وللأحـــزان جمــرة قلبــه تشــب إذا ســالت عليهـا المـدامع
إذا ذكــر الأخــرى تضــاءل جازعـاً كـأن راعـه مـن هـادم العمـر رائع
وإن ذكــر الـدنيا تفـانى وأصـعقت مشــاعره تلــك الصــعاب القـوارع
علـى وحشة في السجن من بغتة الفنا ومـا خلـف يـوم الموت كيف المفازع
ومـا زخـرف الـدنيا وإن راق رونقاً علــى عينــه إلا العنـا والفجـائع
أحـال علـى أنفاسـه الـبر والتقـى فللــبر والتقــوى عليهــا طوابـع
علـى الأرض منكـور ويعـرف في السما لـــه مخــبر بيــن الملائك شــايع
تـراه مـتى مـا الليـل عمـد بيتـه عمــوداً علــى محرابـه وهـو راكـع
يشعشــع بــالقرآن أنــوار قلبــه فعنهــن شــقت للعيــون المــدارع
يرجــع فــي الــديجور رنـة ثاكـل نحيبـاً كمـا نـاح الحمـام السواجع
ينـــاوحه همـــان هـــم مخافـــة وهـــم رجــاء والبرايــا هواجــع
بأمثــال هــذا يرحـم اللّـه خلقـه وإن عظمـــت أحــداثهم والشــنائع
بأمثـال هـذا تحفـل الشـاة ضـرعها ويســـمن مهـــزول ويقطــع يــانع
بأمثــال هــذا يخصـب اللّـه أرضـه ويشـــرب عطشـــان ويشــبع جــائع
بأمثــال هــذا يـدفع اللّـه سـخطه وليـس لسـخط اللّـه فـي الأرض دافـع
لهـم منـزل فـي القـرب للخلق نافع وحــدّث وأطلـق كيـف تلـك المنـافع
أولئك أبـــرار الأباضـــية الألــى علــى نهــر حرقــوص وزيـد كـوارع
هـم القـوم أحـرار الوجود سمت بهم إلـى اللّـه عـن حـظ سـواه المنازع
محبتهـم دينـي بهـا أبتغـي الرضـا إلـى اللّـه والزلفـى وهم لي ذرائع
ودعـــوتهم لـــي ســـنة وجماعــة أجاهـــد فــي احيائهــا وأقــارع
وإنــي وإن يـتركني السـيف قعـدداً فـــذلك للأمـــر الــذي لا أدافــع
قضـى اللّه أن أحيا من العجز قابعاً ومـا أنـا فـي همـي إلى اللّه قابع
إذا لمــت نفسـي أقنعتنـي قيودهـا ومــا أنـا دون النصـر للّـه قـانع
ومـا نصـرتي بـالقول والقول تشتفي مـن الغيـظ لـولا دون عزمـي موانـع
إلـى اللّـه أشـكو حـائلاً صـد همـتي فعشـت كمـا عـاش الجبـان المـوادع
أأحيـا كسـير النفـس والسيف عانيا وسـيف الأباضـيين فـي الخصـم شـارع
علــى أننـي إن هـدني الحـزن هـدة ونهنهنــي ممــا قضـى اللّـه قـادع
ليعلـم قصـدي عـالم الجهـر والخفا وللعبــد مـا ينـوي وإن سـد مـانع
لعــل ختــام القصــد نيــل موفـق يهيئه حـــول مـــن اللّــه واســع
فأضـــحى بتهليــل الســيوف مهلالاً مـتى حيعلـت نحـو الجهـاد الوقائع
ويرضــى الهــي فــي مـواطن حربـه قيــامي إليــه والرمــاح كــوارع
لعلمــي إن لاقيــت حتفــي مجاهـداً فــذلك فــوز عشــت فيــه أنــازع
وإن وقــوع المــوت للمــرء موضـع وليـــس لمــوت كالجهــاد مواضــع
ومـا مـات مـن ألقى إلى اللّه نفسه وإن حــولت وسـط اللحـود المضـاجع
وأي رجـــاء بعـــد ســـتين حجــة لعيـش وهـل مـاض مـن العمـر راجـع
فهلا انقطــاع العمــر للّــه لحظـة أحــق بــه والعمــر يبليـه قـاطع
ولــم يبـق منـه غيـر فضـلة سـاغب ســيخطفها مـن طـائر المـوت واقـع
وأمنيــتي فــي بيعهـا مـن إلههـا بســوق جهـاد حيـث تزكـو البضـائع
علــى اللّـه احسـان الخـواتم أنـه إذا شـاء بيـن العبـد والخير جامع
ابن عديِّم الرواحي
249 قصيدة
1 ديوان
ناصر بن سالم بن عديِّم بن صالح بن محمد بن عبدالله بن محمد الرواحي البهلاني العماني أبو المهنا الشهير بأبي مسلم: شاعر قاض صحافي من كبار شعراء عمان كان في عمان بمنزلة محمود سامي البارودي في مصر،  مولده عام 1277هـ في بلدة محرم، من وادي بني رواحة في "سمائل" ويقال مولده في وادي حطاط بمسقط، وتعود أصول قبيلته إلى قبيلة عبس كان والده قاضيا للإمام عزان بن قيس، وكان من قبله جدُّه الرابع عبد الله بن محمد قاضيا في وادي محرم أيام دولة اليعاربة، تلقى مبادئ العلوم على والده  ثم انتقل إلى بلدة (السيح) فأخذ عن الشيخ محمد بن سليم الرواحي، بصحبة صديقه أحمد بن سعيد بن خلفان الخليلي وهو الذي عناه في قصيدته النونية

أرتاح فيها إلى خــلّ فيبهرنـي  صدق وقصد ومعروف وعرفــان

ثم قصد مع أبيه زنجبار أيام السلطان برغش بن سعيد،فتولى أبوه القضاء في سلطنة زنجبار, وتولى هو رئاسة القضاء في عهد حمد بن ثويني والتقى في بلاطه كبار رجالات عمان  أمثال الشيخ السالمي، وسليمان الباروني باشا، ومحمد بن يوسف اطفيش الجزائري، وأصدر هناك أول صحيفة صدرت في زنجبار باسم (النجاح) كانت تصدر ثلاث أعداد في الشهر، وصدر العدد الأول منها يوم 12 أكتوبر 1911م  وآخر أعدادها صدر في يونيو 1914م) 

توفي أبو مسلم يوم 2 صفر 1339هـ ، وله تآليف منها "النفس الرحماني في أذكار أبي مسلم البهلاني" جمع فيه ما نظمه من أذكار و"كتاب السؤالات" و"العقيدة الوهبية" و"نثار الجوهر" و "ثمرات المعارف" وتدعى سموط تخميس الثناء) وهو تخميس لميمية الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي العالم الرباني المعروف، فقد انتهى من كتابتها في يوم 28 محرم 1339، أي قبل وفاته بثلاثة أيام. (المرجع: مقدمة الديوان والموسوعة العمانية ج10 ص 3592)

1920م-
1339هـ-