نَزِّه إلهك أن يُرى كي تعرفه
الأبيات 108
نَـزِّه إلهـك أن يُـرى كـي تعرفـه أتُـراكَ تعرفـه وتُثبـتُ ذي الصفه
واعـرف مقامـك دون مـا حـاولتَهُ إن الــتي حاولتَهـا لـك متلفـه
أتعبــتَ نفســك فـي ظنـون قُلـبَّ والحــق إن ظنـوا وهمـك مخلفـه
فيهــــا توحِّـــدُ وتجعلـــه لأغ راض الطبيعــة عرضــة مسـتهدفه
رَمــزتَ عــن تجســيمه ونصــبتَهُ غرضـاً لعينـك مـن وراء البلكفة
وأحلـت كيـف ومـا وأيـن وشبهها وعبــدتَ ذاتـاً بالحجـاب مكنفـه
هـذا التنـاقض في اعتقادك شاهد يقضـي عليـك بـأن دينـك عجرفـه
إن كنـتَ تعقـل مـا تـراه فهـذه ماهِيّــــة محـــدودَة متـــوقفه
أو لســتَ تعقلــه فــأنتَ مخلـط دَرك ولا درك فـــأين المعرفـــه
إن قلــتَ معلومـاً أحطـتَ بـذاته وَجَعَلــتَ عَجــزَكَ قــدرة متصـرفه
أو قلــتَ مجمــولاً فــأنتَ معطـل أعبــدتَ مجمــولاً وعطلـت الصـفه
أتْبــت إدراك العــوارض ذاتــه إن كنـت درك العيـن لن تستنكفه
يســتلزم الادراك ويلــك مُـدركاً متحيـــزاً ذا صـــورةٍ متكيفــه
تنفـي التحيـز والحلـول وتُثبـتُ المسـتلزم المنفي ما هذا السفه
إن قلـت أمـر خـارج عـن فهمنـا وأتيتنـــا بقضـــية متكلفـــه
فإليــك لــو جردتهــا عقليــة لرأيـتَ نفسـَكَ فـي الهوى متعسفه
إن كنــت تــدركه بغيـر وسـيطةٍ فالفعـل ليـسَ لفاعـل لـن نعرفه
أولاً فــأيُّ وســيطة تســطو بهـا فــترى عيانــاً ذاتــه متكشـفه
وحــديثكم يقضــي برؤيتكـم لـه بــالعين لا حــسٍّ ســِواها عَرّفَـه
رِدفـاً لقـول اللّـه نـاظرة ومـا فـي حجتيـك علـى ادعـائك معرفه
هــب أننـي سـلمت فهمـك منهمـا أيـن اسـتقرت منهمـا تلك الصفه
هــل اتيتــا إلا لعينــك رؤيـةً حملاً علـى بهتـان أهـل السفسـفه
تركوا المجاز على هواهم ها هنا وتقلــدوه فــي أمــور متلفــه
أتـرى مجـازاً في الجوارح سالماً إن كنـت فـي هـذا المقام معنفه
تــأبى حقيقـة الاسـتواء لـذاته إلا هنـــا للزومهـــا متــالفه
أوجبــت رؤيتــه فــأوجب سـمعه وعليهمـا فلـه الـذي لك من صفه
إن قلـت قـد سـمع الكليـم كلامه أتـرى حقيقـة ذاك صـوتاً عن شفه
كلا لقـــد خلــق الالــهُ لاذنــهِ صــوتاً فعرفَــهُ بــهِ مـا عرّفـه
إن قســتَ رؤيتــه علـى تكليمـهِ لـزم الحـدوث لمـدرك المتشـوفه
فيكــون مخلوقـاً وتزعـم خالقـاً بــالحس تــدركه وتـدرك مـوقفه
أم غيــره جردتــه مــن نفســه أم غيـره هـو ذاته أم ما الصفه
هـذا هـو التجديد والتحديد وال تقســيم والتعديـد مـا متعسـفه
فــإذا نصـبتَ سـؤال موسـى حجـة ونبــذت أحكـام العقـول مزيفـه
قـل لـي أموسـى كان يجهل منعها مـن قبـل صاعقة النكير المرجفه
فتســومه النقصـان فـي توحيـده وتكـون أكمل في الحجى والمعرفه
أم كـان يعلـم منعهـا فأرادهـا عــدواً فتنسـب للرسـالة عجرفـه
أم كـان يعلـم منعها بحياته ال دنيــا فاعجــل ربــه ليشــرفه
وعلـى الثلاثـة فالنقيصـة عنـدَهُ بســؤالها أولاً فليســَك منصــفه
بـل كـان يعلـم منعها دنيا وأخ رى والسـؤال جرى لأجل ذوي السفه
كفــروا بــه أو ينظـروه جهـرة فنهــاهم فعتــوا عتــواً خـوفه
فـأراد مـن حـرص علـى ايمـانهم اقنـاعهم بـالزجر عن تلك الصفه
أتـراه يسـألها الكليـم لنفسـه طمعـاً بهـا ولهـا اليهود معنفه
واللّـه مـا جهـل المقامَ ولا نسي عـــز الجلال ولا تخطــى مــوقفه
لكــن لكبــح عنــادهم وعتـوهم عـرض السـؤال وقلبه في المعرفه
أو لـم يصـرّح أنهـم سـفهاءُ مـف تونـون عنـد التـوب ممـا أسلفه
ومتــابُهُ مــن جريهــا بلسـانه مــن دون اذن أو لصــعق خــوفه
أعميـتَ عـن تابيـد لـن منفيهـا وجعلـت فـي التأكيـد لن متوقفه
مـا بـال تحصـرها علـى تأكيدها لـولا التجاهـل في مقام المعرفه
هــب إن برهـان العقـول رفضـتَهُ فــالنص تســتر شمســه متكشـفه
أيقـول ربـك لـن ترانـي فارتدع وتقـول سـوف أراك خلـف البلكفَه
أو ليســه هــذا عنــاد ظــاهر فـاذهب أمامـك موعـد لـن تخلفه
أبآيــةِ الانعــام أدنــى شـبهةٍ أم آيــة الاعــراف ويـك محرَّفـه
هـل فيهمـا بعـض التشابه موهماً ايجـاب سـلبهما لمـن لـم يَانفه
كلا ولكــن الهــوى سـَلبَ النُهـى واضــلها فتهـوكت فـي الزخرفـه
ومـن المصـيبة ضـل سـعيُ معاشـرٍ قلــدتهم تخِـذوا هـواهم مزلفـه
ألمحـت مـن نـور التجلـي لمحـةً فجعلــت ذات الحـق تلـك مكشـفه
ســبحانه جلــت صــفات كمــاله عـن كل ما لحق الحدوث من الصفه
الطـور أتحفـه التجلـي عـن حقي قتــه وموسـى مصـعق مـا أتحفـه
أجهلـــت أن تجليـــات جَلاَلِـــهِ ظهــرت لسـائلة المحـال مخـوفه
طلـب الـتي نـأفت خصـائص ذاتـهِ فاســتخطفتهم غضــبة مســتخطفه
أنكــرت دك الطــور منـهُ بآيَـةٍ زجـراً لعاتيـة اليهـود المسرفه
فهـب التجلـي مـا تقول فأين في أثنــاء آيتــه مقـام البلكفـه
وإذا أنفــت تجليــاً بالآيـة ال كــبرى وحســبك ضـلة أن تـأنفه
فجلالــــه وجمـــاله وكمـــاله شـاهدته في الذات أم فعل الصفه
أعلمــت ربــك قــادراً إلا بــم ظهـر الاقتـدار لـذاته المتصرفه
مـاذا تـرى فـي جاء ربك هل عَنى بالـذات أم أمـر القيامـة كشفه
مــا جـاء إلا أمـره وعَظيـم قـد رتــه وأجنـاس الخليقـة مـوقفه
أتــراه جـاء مـع الملائك نفسـه بالـذات فـي ظلـل الغمام مكنفه
هــل جـاء إلا أخـذه وأليـم بـط شــته بجاحــدة لــه مســتنكفه
أظننــت محجــوبين عــن جنـاته وشـهود عيـن الرحمـة المتعطفـه
منـع الحجـاب عيـونهم عـن ذاتهِ أخطـأت أو فاعبُـد حجابـاً كنّفـه
هل زاد أم نقصَ الحجاب أم استوى وتــراه مـن أي الجهـات تَكَنَّفَـه
مــزق حجابَــك يــا مجسـمَ ربـه وحجــاب جهلـك إنـه مـا أكنَفَـه
واعـرج إلى تقديس ذات الحق بال نـور الـذي أوحـى وَحَسـبُكَ معرفَه
قــدس نعـوتَ اللّـه عـن مخلـوقه وانبـذ نعـوتَ البدعـة المتحرفه
وإذا نزعـتَ إلـى الهدى عن غيره فالاســتقامة نزعــة المتصــوّفه
للّــه نحلتنــا ونِعــمَ سـبيلها أصــلاً وفرعــاً لا تخـالفُ مصـحفه
هي عين ما نزل الأمين بهِ على ال هـادي الأميـن ومـا سواها زخرفه
لا نعبـد المحسـوس ذاتـاً كـل مح ســـوس حــدوث ذاتــه متــألفه
بـل نعبـد الـرب الـذي عرفاننا إيــاه عرفـان بـأن لـن نعرفـه
أي عجزنـا عـن دركـه هـو دركـه لا درك مــا هياتنــا المتكيفـه
تجريـــدنا لصـــفاته ولــذاتهِ تجريــده هـو نفسـه لـن نعرفـه
توحيــدنا إيـاه توحيـد القُـرآ ن بـذاته والفعـل منـه المعرفه
ونجلــه عــن رؤيـةٍ بـالعين أو بـالقلب في الدنيا وأخرى مزلفه
والــدين نـأبى أن نقلـده رجـا لا غيــر معصــومين عمــا حرفـه
ونقلــد الـرأي المطـابق أصـله لمحقــق اســتنباطه عـن معرفـه
أفلـت سـانحة الهـدرْ فاربع على ضـلع العمـى وابغ الضلالة مزلفه
أضــــللت صــــديقية عمريّـــة وهبيــة تهــب الهدايـة منصـفه
بدريـــة أحديـــة مــا حكمــت عَمــراً علــى قرانهــا ليحرِّفَـه
شـربت بمـاء النهـر كـأس نبيها كأسـاً بامزجـة الرحيـق مقروفـة
لا تـــدَعي هتــك الجلالِ برؤيــةٍ حسـب العقول من المقام المعرفه
أقصــر مطامعــك الـتي طولتهـا إن المطــامع فـي محـال مخلفـه
انصـف حقيقـة لـن ترانـي تلقَها نفيــاً يؤيــد قـاطع المتشـرفه
وانظـر إلى الشأن المحال وقوعه إذ بالمحـال ثبـوته قـد أوقفـه
لـو جـاز لـم يك بالمحال معلقاً كلا ولا صـــعقت يهــود بمرجفــه
قـد كـان في العلم القديم بانهُ لا يســتقر الطـور سـاعةَ أرجفَـه
وإن ادعتي بأن هذا المنع في ال دنيــا وبــالأخرى حقـوق مـوقفه
قلنـــا حكمــت بــأنهُ متغيــرٌ لمـا فرضـت هنـاك تغييـر الصفه
وكمـا لـه بالـذات ليـس موقتـاً كلا وليـــس صـــفاته متطرفـــه
مـا يسـتحيل عليـه فيما لم يزل قــد رتمــوه لغايـة المتشـوفه
لا تســتحيل صــفات خالقنــا ال قـديم ولا تغيره الدهور المردفه
ســـبحانه لا منتهـــى لكمــاله إذ لــم يكـن لبدايـة مسـتأنفه
عُـد عـن طريقـك مـا لعينك منفذٌ إلا إلـــى كيفيـــة مســـتهدفه
إلا إلــى جهــة تحــدّد جَــوهراً متلبســاً عرضــاً تحقــق مـوقفه
أولاً فليســـت رؤيـــةً معقولــة فنــرى حــديثكم إليهـا مصـرفه
بينـي وبينكـم الكتـاب فقد قضى إنــا علـى رشـد وإنْ بكـم سـفه
لا تجعلـوا التوحيـد عرضة وهمكم غـرض الحقيقـة منه عين المعرفه
مـا أبعـد العرفـان عن ألبابكم إن كـان تقـديس المهيمـن بلكفه
ابن عديِّم الرواحي
249 قصيدة
1 ديوان
ناصر بن سالم بن عديِّم بن صالح بن محمد بن عبدالله بن محمد الرواحي البهلاني العماني أبو المهنا الشهير بأبي مسلم: شاعر قاض صحافي من كبار شعراء عمان كان في عمان بمنزلة محمود سامي البارودي في مصر،  مولده عام 1277هـ في بلدة محرم، من وادي بني رواحة في "سمائل" ويقال مولده في وادي حطاط بمسقط، وتعود أصول قبيلته إلى قبيلة عبس كان والده قاضيا للإمام عزان بن قيس، وكان من قبله جدُّه الرابع عبد الله بن محمد قاضيا في وادي محرم أيام دولة اليعاربة، تلقى مبادئ العلوم على والده  ثم انتقل إلى بلدة (السيح) فأخذ عن الشيخ محمد بن سليم الرواحي، بصحبة صديقه أحمد بن سعيد بن خلفان الخليلي وهو الذي عناه في قصيدته النونية

أرتاح فيها إلى خــلّ فيبهرنـي  صدق وقصد ومعروف وعرفــان

ثم قصد مع أبيه زنجبار أيام السلطان برغش بن سعيد،فتولى أبوه القضاء في سلطنة زنجبار, وتولى هو رئاسة القضاء في عهد حمد بن ثويني والتقى في بلاطه كبار رجالات عمان  أمثال الشيخ السالمي، وسليمان الباروني باشا، ومحمد بن يوسف اطفيش الجزائري، وأصدر هناك أول صحيفة صدرت في زنجبار باسم (النجاح) كانت تصدر ثلاث أعداد في الشهر، وصدر العدد الأول منها يوم 12 أكتوبر 1911م  وآخر أعدادها صدر في يونيو 1914م) 

توفي أبو مسلم يوم 2 صفر 1339هـ ، وله تآليف منها "النفس الرحماني في أذكار أبي مسلم البهلاني" جمع فيه ما نظمه من أذكار و"كتاب السؤالات" و"العقيدة الوهبية" و"نثار الجوهر" و "ثمرات المعارف" وتدعى سموط تخميس الثناء) وهو تخميس لميمية الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي العالم الرباني المعروف، فقد انتهى من كتابتها في يوم 28 محرم 1339، أي قبل وفاته بثلاثة أيام. (المرجع: مقدمة الديوان والموسوعة العمانية ج10 ص 3592)

1920م-
1339هـ-