نَبِّهْ نديمَكَ إن الديكَ قد صخبا

القصيدة ثاني قطعة أوردها الصفدي في ترجمته من شعره وهي في كتابه فصل الخطاب الذي اختصره جمال الدين ابن المكرم وسماه "سرور النفس بمدارك الحواس الخمس" وكان التيفاشي من أصدقاء أبيه قال في مقدمة مختصره:

وكنت فما أيام الوالد- رحمه الله- أرى تردد الفضلاء إليه، وتهافت الأدباء عليه؛ ورأيت الشيخ شرف الدين أحمد بن يوسف بن أحمد التيفاشي القيسي في جملتهم، وأنا في سن الطفولة لا أدري ما يقولونه، ولا أشاركهم فيما يلقونه؛ غير أني كنت أسمعه يذكر للوالد كتاباً صنّفه، أفنى فيه عمره، واستغرق دهره، وأنه سماه "فصل الخطاب في مدارك الحواس الخمس لأولي الألباب"، وأنه لم يجمع ما جمعه كتاب. وكنت على صغر السن أنكر تجاسره على هذا الاسم الذي عده الله عز وجل من النعمة، ومنَّ على نبيه بأنه آتاه فصل الكتاب مع الحكمة.

وكنت شديد الشوق إلى الوقوف عليه، وترفي الوالد رحمه الله في سنة خمس وأربعين وستمائة، وشُغلْتُ عن الكتاب، وتوفي شرف الدين التيفاشي بعده بمدة، فلما ذكرته بعد سنين، وقد جاوزت الستين، تطلّبتُه من كل جهة، ورمته من كل وجهة، فلم أجد من يدلني عليه، ولا من يذكر أنه نظر إليه؛ فبذلت الجهد في طلبه إلى أن ظفرت به  عند شخص كان من أصحابه، فسعيت إلى بابه، وبذلت له جملة لم تكن في حسابه، فلم يسمح لي مع فقره ببيع ولا عارية، ولا استحسنتُ تملكه باليد العادِيَةِ؛ وعدت إلى طلبه منه، واستعنت عليه بمن لا غنى له عنه، فلم يفد فيه سؤال ولا شفاعة. ولم يعط لنا فيه طاعة. إلى أن قدَّر الله تعالى تملّكه في سنة تسعين وستمائة. فرأيته مجرداً في مسودات وجزازت. وظهور وتخريجات. وقد جعله من تجزئة أربعين جزءاً. لم أجد منها سوى ست وثلاثين ربطة. وهو في غاية الاختلال، لسوء الحظ، وعدم الضبط. ولو لم يكن تكرر وقوفي على خطة في زمن الوالد، وعرفت اصطلاحه، في تعليقه. لما قدرت على قراءة حرف منه غير أني عرفت طريقته في خطه واصطلاحه، وتحققت فساده من صلاحه، ووقفت منه على أوراق في مفرقات ومفردات. وجزازات تفعل في مطالعها ما لا تفعل الزجاجات. فضممت ما وجدت منه وجدت منه بعضه إلى بعض. وأحرزته بتجليده من الأرضة والقرض.

ورأيته قد جمع فيها أشياء لم يقصد بها سوى تكثير حجم الكتاب، ولم يراع فيه التكرار، ولا ما تمجّه أسماع ذوي الألباب. فاستخرت الله في تعليق ما يُحتار منه ورغبت في إبرازه إلى الوجود، فإنه ما دام بخطه لا يفهم أحد شيئاً عنه. فأخذت زُبْدَهُ، ورميت زَبَده، وأوردت تكرره، وتركت مكرره، وبذلت في تنقيص جهدي، وجعلته سميري أوقات هزلي وجدّي، فإنه روضة المطالع، ونزهة القلوب والمسامع، ويسر به الخاطر، ويقرّ به الناظر، وسميته:

(سرور النفس بمدارك الحواس الخمس)

وإلى الله الرغبة في الصفح عن مصنّفه وعنّي، والعفو عما أثبتناه بقلمينا فإن العفو غاية التمني
الأبيات 6
نَبِّـهْ نـديمَكَ إن الـديكَ قـد صـخبا والليـلُ قَـوَّضَ مـن تخييمـه الطُّنبـا
والفجـرُ فـي كبدِ الليلِ السقيم حكى ســرَّ المــتيم عــن أجفـانه غلبـا
كـــأنه بظلام الليـــلِ ممتزجـــاً سـمراءُ تفـترُّ أبـدتْ مبسـماً شـَنِبَا
كأنمــا الفجـرُ زنـدٌ قـادحٌ شـرراً في فحمة الليل لاقى الفحمَ والتهبا
كـــأن أولَ فجـــرٍ فـــارسٌ حُمِلَــتْ رايـاتُهُ الـبيضُ في إِثر الدجى فكبا
كـــأن ثــانيَ فجــرٍ غــرةٌ وضــحتْ تســيلُ فـي وجـهِ طِـرْفٍ أدهـمٍ وثبـا
شرف الدين التيفاشي
26 قصيدة
1 ديوان
أحمد بن يوسف بن أحمد شرف الدين أبو العباس التيفاشي القيسي القاضي: الأديب الكبير صاحب "فصل الخطاب" التقاه ابن العديم في مصر وترجم له في بغية الطلب قال: وتيفاش قرية من قرى قفصة إحدى بلاد إفريقية، =يعني تونس= وكان أبو العباس قاضي قفصة، وكان شيخاً حسناً فاضلاً، عارفا بالأدب وعلوم الأوائل، وله شعر حسن، ونثر جيد،

ومصنفات حسنة في عدة فنون كثيرة الفائدة. اجتمعت به بالقاهرة، وقد توجهت إليها رسولاً، فوجدته شيخاً كيساً، ظريفاً، حريصاً على الاستفادة لما يورده في تصانيفه ويودعه مجاميعه وأوقفني علي شيء من تصانيفه الحسان، وأهدى إلي بخطة منها كتاباً وسمه بالدرة الفائقة في محاسن الأفارقه، وأنشدني مقاطيع من شعره.

وذكر لي أنه ولد بقفصة من بلاد إفريقية، وأنه خرج وهو صبي، واشتغل بالديار المصرية على شيخنا أبي محمد عبد اللطيف بن يوسف البغدادي، ورحل إلى دمشق وقرأ بها على شيخنا أبي اليمن زيد بن الحسن الكندي، وأحب المقام بها ثم إن نفسه اشتاقت إلى الوطن، فعاد إلى قفصة، ثم إنه حن إلى المشرق وطالبته نفسه بالمقام بدمشق، فباع أملاكه وما يثقل عليه حمله، وأخذ معه أولاده وزوجه وماله، وركب البحر في مركب اتخذه لنفسه، فغرق أهله وأولاده، وخلص بحشاشة نفسه، وخلص عرب برقة بعض متاعه، فخرج معهم متفكراً خوفاً منهم أن يهلكوه بسبب أخذ متاعه، وسبقهم إلى الاسكندرية، وتوصل بعمل مقامة يذكر فيها ما جرى له في طريقه، وعرف الملك الكامل أبو المعالي محمد بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب ملك الديار المصرية بذلك فكتب إلى الاسكندرية بتخليص ماله، فخلص له منه جملة، ثم إنه لما رحل الملك الكامل إلى آمد وافتتحها، توجه إلى دمشق، ومنها إلى حلب، ومنها إلى آمد، فوجد الملك الكامل راجعاً إلى الديار المصرية، فعاد معه إليها، وسكن بها.

وذكر لي أن مولده بقفصة في سنة ثمانين وخمسمائة، وأن ولايته القضاء كانت بعد رجوعه من المشرق إليها، وحكى لي غيره أن سبب عزله عن القضاء أنه وجد في داره خمر، فعزل بسبب ذلك.

وسمعت صاحبنا نور الدين أبا الحسن علي بن موسى بن محمد بن سعيد يحكى أن أبا

العباس التيفاشي لما حصل مع عرب برقة وخاف منهم، كتم نفسه، وسألوه من هو، ومن أين هو، وما صنعته ؟ فقال لهم: أنا قواد، فقالوا: الله الأحد، وأنفوا منه، وكان ذلك سبب خلاصه منهم. 

وترجم له الصفدي في الوافي ترجمة قال في أثنائها: (له كتاب كبير إلى الغاية وهو في أربع وعشرين مجلدة جمعه في علم الأدب وسمّاه فصل الخطاب في مدارك الحواس الخمس لأولي الألباب، ورتبّه وجمع فيه من كل شيء وتعب عليه إلى الغاية. ولم أقف عليه لكن رأيت الذي اختصره منه الفاضل جلال الدين محمد بن المكرّم وسماه سرور النفس بمدارك الحواس الخمس وهو كتاب جيد يدلّ على فضل جامعه. قال ابن سعيد في المشرق في أخبار أهل المشرق هو مقرّ بأنّه استعان في هذا الكتاب المذكور بالخزائن الصاحبية. قلت: هو الصاحب محيي الدين محمد بن محمد بن سعيد بن ندى الجزري، لأنّه عند وروده من الغرب وما اتفق عليه في البحر من سلب ماله وكتبه أتى إلى الصاحب فآواه وأقام عنده مدة. وللتيفاشي مجلد جيد في معرفة الجواهر. وتوفي شرف الدين التيفاشي بالقاهرة سنة إحدى وخمسين وستمائة)

وقال ابن أبي الإصبع (ت 654هـ) في مقدمة كتابه تحرير التحبير أثناء تسمية ما ألف في فن البديع: (وبديع شرف الدين التيفاشي، وهو آخر من ألف فيه تأليفاً في غالب ظني، وجمع ما لم يجمعه غيره لولا مواضع نقلها كما وجدها ولم ينعم النظر فيها، وبعض الأبواب التي تداخلت عليه). 

وفي حسن المحاضرة للسيوطي: (قال أحمد بن يوسف التيفاشي في كتابه سجع الهديل في أوصاف النيل: ذكر أئمة التاريخ أن آدم عليه الصلاة والسلام أوصى لابنه شبث، ...إلخ)

وانظر في صفحة القصيدة الثالثة في ديوانه ما حكاه جمال الدين ابن المكرم عنه وعن كتابه (فصل الخطاب) وجمال الدين ابن المكرم هو المشهور في العصور المتاخرة بابن منظور صاحب لسان العرب وأول من سماه ابن منظور السيوطي كما فصلت الحديث عن ذلك في موضوع مطول في الوارق

وشرف الدين التيفاشي هو ابن أخي يحيى بن أحمد التيفاشي الذي ترجم له العماد الكاتب في خريدة القصر، وله في "فصل الخطاب" قطعة أولها:

أتتني وقلبُ البرقِ يخفقُ غَيْرةً         عليها وعينُ النجم تنظرها شَزْرا

انظر ديوانه في موسوعتنا هذه

1253م-
651هـ-

قصائد أخرى لشرف الدين التيفاشي

شرف الدين التيفاشي
شرف الدين التيفاشي

القطعة في تقريظ كتاب "المغرب في حلى المغرب" لصديقه ابن سعيد قال ابن العديم: أنشدني شرف الدين أبو العباس أحمد بن يوسف التيفاشي بالقاهرة في أبي الحسن علي بن موسى بن سعيد الغرناطي، يشير إلى كتاب أبي الحسن الذي جمعه في محاسن المغرب وسماه

شرف الدين التيفاشي
شرف الدين التيفاشي

القصيدة في مدح ابن سعيد وتقريظ كتابه المغرب أوردها ابن العديم في ترجمته في بغية الطلب بعدما أورد القطعة السابقة قال:

شرف الدين التيفاشي
شرف الدين التيفاشي

القطعة اول ما أورده الصفدي من شعره في الوافي ومجمع ما أورده من شعره 21 بيتا في خمس قطع قال في آخرها:

شرف الدين التيفاشي
شرف الدين التيفاشي

القطعة ثالث قطعة أوردها الصفدي من شعر التيفاشي، وهي في كتابه فصل الخطاب يصف فيها الزلزلة ورقمها في "سرور النفس" (1001)