البيت من نوادر شعر ابي نواس، وله قصة أوردها ابن الأثير في المثل السائر أثناء حديثه عن لزوم ما لا يلزم قال:
فإن قيل: ما الفرق بين المتكلف من هذا الأنواع وغير المتكلف؟قلت في الجواب: أما المتكلف فهو الذي يأتي بالفكرة والروية،وذلك أن ينضى الخاطر في طلبه، ويبعث على تتبعه واقتصاص أثره، وغير المتكلف يأتي مستريحاً من ذلك كله، وهو أن يكون الشاعر في نظم قصيدته أو الخطيب أو الكاتب في إنشاء خطبته أو كتابته، فبينا هو كذلك إذا سنح له نوع من هذه الأنواع بالاتفاق لا بالسعي والطلب، ألا ترى أن قول أبي نواس في مثل هذا الموضع:
أترك الأطلال لا تعبأ بها إنها من كل بؤسٍ دانيه
وانعت الراح على تحريمها إنما دنياك دارٌ فانيه من عقارٍ من رآها قال لي صيدت الشمس لنا في آنيه
وعلى هذه السهولة واللطافة ورد قوله أيضاً:
كم من غلامٍ ذي تحاسين أفسده ناطف ياسين
وهذا ياسين كان يبيع الناطف ببغداد.
وحكى إبراهيم البندنيجي قال: رأيت شيخاً يبيع ناطفاً،فقلت له: يا شيخ أما زلت في الصناعة؟ قال: مذ كنت، ولكن الحال كانت واسعة والسلعة نافقة،وكنت ممن يشار
إلي،حتى قال أبو نواس في،وأنشد هذا البيت. فانظر أيها المتأمل ما أحلى لفظ أبي نواس في لزومه، وما أعراه عن الكلفة، وكذلك فلتكن الألفاظ في اللزوم وغيره. (والناطف حلوى كانت تباع في أسواق بغداد)