الأبيات 101
مُتْ قبلَ موتكَ مرة | |
كي لا يسومَكَ في تيقُّظـِكَ الخرابُ | |
لن تحزنَ امرأةٌ عليكَ | |
أغيرَ أمِّـكَ ترتجي حزناً | |
أتبلغُ حزنَها امرأةٌ وينصفكَ العذاب | |
مُتْ قبلَ موتكَ مرتينِ | |
فبائعُ الصحفِ الكئيبةِ | |
لن يفتشَ عن صباحِكَ في الزحامِ | |
إذا توسَّدكَ الغياب | |
مُتْ قبلَ موتِكَ ساعةً | |
واعرفْ عدوَّكَ من صديقِكَ ربّما | |
غيّرتَ خارطةَ الصداقةِ والعداوةِ | |
وانتبهْتَ لما تقوَّلهُ الصحابُ | |
مُتْ قبل موتكَ مرةً | |
كي تسمعَ الموتى وهم يتهامسونْ | |
قد يلعنونَ الصبحَ ظـنـَّاً أنـَّه ليلٌ | |
وقد لا يلعنونْ | |
قد يطلبون ملابساً للعيدِ | |
حدّثهمْ وقُـلْ لا عيدَ للموتى | |
سيجرَحُهم حديثـُكَ فاسْتعرْ | |
لغةَ الطفولةِ ربما يتقبـَّلونْ | |
وإذا التقيتَ مقاتلاً نشوانَ كان بغزةٍ | |
يوماً يقاتلُ بعضهُ | |
دمهُ يريقُ دماءَ إخوتـِهِ | |
وهم أبداً غباراً واحداً يتنفسونْ | |
فاسألْهُ في خبثٍ ولا تعجلْ عليهِ فربّما | |
مازالَ يَحسَبُ أنـّه قد مَدَّ جسراً | |
من دمِ القتلى إلى الأقصى وظنـّكَ جئتـَهُ | |
مثلَ الذين يباركونْ | |
وإذا لمحتَ مفكراً أو كاتباً أو شاعراً | |
يمشي مع الموتى فقلْ | |
بالغتَ في حبِّ القصيدةِ والنساءِ وفي البلادِ | |
فهلْ تراهمْ يذكرونْ | |
أم أن موتَـكَ عابرٌ | |
مُتْ قبلَ موتـِكَ كي ترى | |
ما لا يراهُ العابرونْ | |
مُتْ قبل موتـِك يا أنا | |
كيما ترى وطناً تـَبدَّلَ حينَ تمتشقُ الكفنْ | |
كيما تراكَ | |
أناكَ تكبرُ باستدارتِها | |
وتصغرُ حين تنتبهُ الفتنْ | |
فادخل قواميسَ النحاةِ | |
دعتكَ أزمنةُ الحداةِ الشمِّ | |
قافيةُ الـمِحنْ | |
لو مرةً وقفتْ على الأطلالِ راحلَتي | |
سأقتنصُ القصيدةَ من مجرّتِها وأهمسُ للعلنْ | |
وأقولُ يا وطني أتذكرُ من مضى | |
أتراك تذكر دمعة الشعراءِ من كانوا قرابيناً | |
تـُرى كانوا قرابيناً لمنْ | |
وهمسْتُ ثانيةً لجرحِ قصيدتي | |
من ينصفُ الموتى ومنْ | |
يستبدلُ الأدوارَ | |
يَصْهلُ في شعابِ الأرضِ يبتكرُ الرسنْ | |
يشدو بأجملِ وحدةٍ في الشرقِ | |
أغنيةِ الإمارات التي غزلتْ من الدنيا عجائبَ للزمنْ | |
من ينصف الموتى ومنْ | |
يروي حكايةَ فارسٍ عنَّها ترجَّلَ | |
لم يزلْ بالروحِ يسكنـنا وغادرَ بالبدنْ | |
منْ خطَّ درباً للسلامِ وصارَ مئذنةً تشيرُ الى غدٍ أحلى | |
غدٍ ما جاعَ غيمٌ فيه أو طفلٌ تخضَّبَ بالوهنْ | |
فكأن بي نصفَ اعترافٍ نصفَ ما تَهَبُ الحقيقةُ | |
حين ينتظرُ الفجائعَ مؤتمنْ | |
أنا يتمُ قافيةِ العروبةِ | |
ليس لي شأنٌ مع الأطلالِ | |
كي أبكي على سقط اللّوى | |
لكنني أحني الجبينَ لكلِّ من سقطوا | |
لكي يقفَ الوطنْ | |
مُتْ يا فمي زمناً فلنْ يغريكَ | |
من ذهبِ الشمالِ بريقُ ما يقصيكَ | |
عن وجعِ الجنوبْ | |
كنْ هادئَ الأنفاسِ كالإسفَنجِ | |
تمتصُّ انكساركَ حين تنكسرُ الشعوبْ | |
ما أصعبَ الكلماتِ إن كان الدمُ العربيُّ مُعجمَها | |
وإن كانتْ قواميسُ البلاغةِ لا تنوبْ | |
ورأيتَ بغدادَ انكسرتَ لمحتَ لبنانَ انفطرتَ | |
رأيتَ دربَ القدسِ لا يفضي إليكَ كأنما | |
هرَبتْ من القدسِ الدروبْ | |
ما أكذبَ الأشعارَ في زمنِ الحروبْ | |
ما أصدقَ الأحزانَ في زمنِ الحروبْ | |
زمنٌ يكابرُ والمدى خَجـِلٌ فغِبْ | |
ما شئتَ من موتٍ وعُـدْ | |
إن عادَ شرقـُكَ تائباً | |
فاغفر له كلَّ الذنوبْ | |
أدمنتَ أسئلةَ الحياةِ | |
وذقتَ أجوبةَ المماتْ | |
وحملتَ غيمكَ نازفاً فيها | |
ولوّنتَ الجهاتْ | |
فكأنما هي ربذةٌ | |
وكأنما وجهُ الغفاريِّ استعادكَ | |
مسرحاً أو مفرداتْ | |
ورأيتَ إخوةَ يوسفٍ | |
يتقاطرون عليكَ شَملاً من شَتاتْ | |
ورأيتَ أرضَـكَ تُـفتدى | |
والعالمَ العربيَّ حولك يُفتدى | |
بالمضحكاتِ المبكياتْ | |
فرضيتَ بالموتِ القصيرِ لكي ترى | |
ما خلفَ هذا التلِّ في منفى السباتْ | |
ورجعْتَ تنسجُ كائناتِ الشعرِ | |
تفتقُ بالمواجعِ كائناتْ | |
فرسمْتَ من حزنِ القصيدةِ ما ترى | |
ورسمْتَ خارطةَ الحياةِ إلى الحياةْ |