الأبيات 87
قالتْ رأيتكَ قبلَ هذا اليومِ | |
هل أنت المغني | |
هل يتيمكَ الغناءُ | |
قلتُ لا | |
لستُ المغني | |
لستُ من يَهَبُ النساءَ مشاعراً حبلى | |
بزيفِ الانتظارِ إذا توشحها اشتهاءُ | |
يبكي وما من دمعةٍ | |
يشكو وما من غصةٍ | |
وإذا تبسمَ قد بدا من زيفِ بسمتهِ الرياءُ | |
ليعيشَ ما يبدو عليهِ مراهقاً | |
والأربعون تشدهُ للقبرِ أو للحكمةِ الكبرى | |
يعيشُ مراهقاً أبداً لتتبعهُ النساءُ | |
قالتْ أظنكَ لاعباً | |
ذكرتكَ خارطةُ الجرائدِ | |
ربما سجّلتَ أهدافاً | |
وقد أنقذتَ أهدافاً وأنصفكَ العطاءُ | |
قد قلتُ لا تَهِني | |
فلستُ بلاعبٍ في السيركِ أو في ملعبٍ | |
أنا لستُ خيلاً للسباقِ | |
أفوزُ كي يحظى سواي بمجدهِ | |
وأموتُ كي تنعى الجرائدُ موتَهُ | |
فكأنما الموتُ الولاءُ | |
أنا لستُ نداً للكتابِ | |
كأنَّ لي ثأراً قديماً بالثقافةِ | |
لا أعيرُ الفنَّ أكرههُ | |
ويرفعني العداءُ | |
قالتْ أظنكَ تاجراً مستأسداً بالمالِ | |
تتبعكَ الصحافةُ في الأزقةِ | |
كي تقولَ كما يقول الأثرياءُ | |
فقلتُ هل أبدو لديك محارباً في الأرضِ | |
ألهثُ في الصباحِ وفي المساءِ | |
ولا يكلُّ بيَ العناءُ | |
لا أجمعُ الأموالَ للموتى | |
أنا ابن قبيلةِ الموتى | |
فلم يخلدْ نبيٌّ قبلنا | |
كيما يخلِّدَنا الرخاءُ | |
و أنا سليلُ الميتينَ | |
شقيقُ من ماتوا | |
وجدُّ الميتينَ وجارُهمْ | |
هابيلُ أولنا ولا ندري الأخيرُ متى سيتبعهُ الرثاءُ | |
قالت أحسُّكَ تنتمي للفنِّ | |
للتمثيلِ للمتصوفينَ | |
المنذرينَ حياتَهُم للفنِّ للمتهالكينَ | |
فأينما ذهبوا أضاؤوا | |
قلتُ لا هذي ولا هذي وصلتِ وليتني | |
قدَّمْتُ شيئاً للحياةِ | |
فقد طغى التمثيلُ في فنِّ السياسةِ | |
لستُ مِهراجا ولست مهرجاً | |
كيما أبررَ ما يقالُ لمن يشاءُ | |
قالتْ مذيعٌ نشرةَ الأخبارِ | |
هل أنت المراسلُ قلتُ لا | |
لا أقرأ الأخبارَ مبتسماً | |
وأمتنا بلاءٌ فوق هامتهِ بلاءُ | |
وأرى ورودَ الموتِ والأقصى يئنُّ وأدَّعي | |
عِلـمَ النحاة وما تسطرهُ الخِطابةُ | |
كلُّ متسعٍ تضيقهُ الدماءُ | |
وأقول عن بغدادَ هادئةٌ | |
وبعضُ الموتِ في الأقصى ولا أبكي | |
أمامَ الناسِ لا أبكي لينصفَني البكاءُ | |
أنا لستُ ذاكَ | |
تباعدَ الشبه المشبهُ بيننا | |
كالأرضِ إن جاءَ المقـارَنُ | |
لا تشابهها السماءُ | |
قالتْ رأيتكَ قبل هذا اليومِ | |
لا أدري | |
ولكني رأيتكَ صورةً أخرى | |
توشِّحها العذوبةُ والحياءُ | |
هل زرتَ روما مرة | |
هل كنتَ في باريسَ تحملُ دفتراً | |
ما عدتُ أذكرُ إنما | |
ما زلتُ أذكرُ كان يجمعنا مساءُ | |
قلتُ استعيدي ذكرياتِ الأمسِ | |
عودي | |
فالحنينُ وصيّةُ العشاقِ إن عَـثـرَ اللقاءُ | |
قالتْ وما شأني وشأنُ العاشقينَ بحالنا | |
قالت وأذكرُ أنني يوما | |
فقلتُ حبيبتي | |
إني قتيلكِ لا يفارقني الوفاءُ | |
إني جريحكِ كنتُ من عشرينَ مرَّتْ رائعاً | |
أشدو إلى كل الدروبِ | |
أقولُ أغنيتي | |
ويحملني اعتلاءُ | |
وغدوتُ بعدكِ شاعراً | |
شكراً لما صنعتْ يداكِ | |
وألف شكرٍ مرةً أخرى | |
لِـما صنعَ الجفاءُ |