رأيتُ الفتى لا يملُ الأملْ
الأبيات 143
رأيــتُ الفــتى لا يمـلُ الأمـلْ وإن عمــل الخيـرَ مـلَّ العمـلْ
ويــأمن دهــراً يــرى مكــرَه ويســمعُ عــن فتكــه بــالأول
وهــلْ طُــررُ الصــبحِ إلا ظـبىً وهــلْ غُــررُ الشـهبِ إلا الأسـلْ
أتحســبُ دنيــاكَ هـذي عروسـاً تهــادىْ إليـك وتهـدى الجـذلْ
وأن النجـــوم عليهــا حُلــىً وأن الــدياجى عليهــا جُلــلْ
وإن أطلعـــتْ شـــفقاً خلتــه علـى وجنتيهـا احمـرار الخجلْ
ومــا شـفق الأفـق لـو أشـفقت ســوى مُهــجٍ سـفكها لـم يـزلْ
وذاكَ الغمــامُ وتلـكَ الـبروُق دروع تُشــــُّق وقضـــبُ تُســـلْ
إذا أحسـنَ الـدهر يومـاً أسـا ء إليــك وإن جـدَّ يومـاً هـزلْ
نحـــبُّ الزمـــانَ ولا نتقـــي ســطاه وآباءنــا قــد قتــلْ
رمـاهم عن القوسِ رميَّ النجوم بنبــلِ مُطيــح بهـا مـن نبـلْ
ومـا حمـلَ الرمـحَ هذا السماك إلا لقــــوم عليهـــم حمـــلْ
خليلــيَّ أيــنَ زمــانُ الصـبا وأيــنَ الغـزالُ وأيـنَ الغَـزلْ
وهــلْ كــانَ إلا كطيـف الكـرى ألــمّ ومــا حــلَّ حــتى رحـلْ
تـــذكرت أيامنــا بالســروج وقـد غفـل الـدهرُ فيمـن غفـلْ
وقـد طـرحَ الحلـمُ عنـا العصا فصــارت لقــى ورعيــا همــلْ
وإمــا نزلنــا فَــبينَ الظلال وإمــا مشــينا فتحـت الظلـلْ
نــرواحُ بيــنَ قيـانِ الغصـون ســمعاً وبيــنَ قيــان الكِلـلْ
ونهصـرُ قضـبَ الأمـاني اعتناقاً ونقطــفُ زهــرَ القبــولِ قُبـلْ
وقـد كُنـت أخشـى الـوغى خشية علــى بـاذلِ الـودِّ أن يبتـذل
ومـا كُنـت أحـذر سـمرَ القنـا كمـا كُنـت أحـذُر سـمْر المُقـلْ
وأيــن قــدودٌ لهــا ناعمـاتُ إذا قُويسـت مـن قـدود النخـلْ
قطعـتُ الزمـانَ بوصـلِ الحسـانِ فليــتَ زمانــاً قطعــتُ اتصـلْ
وقلـتُ لعـاذلتي فـي التصـابي محــبُّ التصــابي عـدوُ العـذلْ
فلمــا بــدا الشـيبُ نبهننـي بإعراضــهن علــى مــا نــزلْ
فتــــاركتهن لأنـــي رأيـــتُ خلال المـــودّة فيهـــا خلــلْ
كــذاكَ الحقـوقُ إذا لـم تـوفَّ فـــدعْها ولا تقتنــع بالأقــل
وصـرتُ أعـافُ الصـبا والمجـونَ وربَّ طبـــاع تعـــافُ العســل
ومـا زيَّـن اللهـوَ إلا الشـبابُ ولا حســـّن الغــيَّ إلا الثمــلْ
يـدورُ الزمـانُ كـدور الريـاح فطــوراً جنوبــاً وطـوراً شـمل
فيومــاً يُعــزُّ ويومــاً يُــذل فكــم قـد أعـزَّ وكـم قـد أذل
ومـا النـاسُ إلا كمثـل النجوم ومــا طلــعَ النجــمُ إلا أفـل
ومـا المـرءُ إلا كمثـل النبات إلـى النقـص يرجع مهما اكتمل
فـإن قلـتَ هـل للشباب ارتجاعٌ فخلـف مـن القـول إن قلـت هل
تعــودُ الـدياجى إلـى لونهـا وليـــسَ يعــودُ شــبابٌ نصــل
ويبْلـى على الروض ثوبُ الربيع ولكــنْ يُجــدَّد مــن ذي قَبــل
أجــل أجَــلُ الــروض مسـتأنف ومــا للصـّبا بعـد فـوت أجـل
وآمــــرةٍ بـــاطّلاب الغنـــى ولـم تـدر أن الغنـى قـد حصَل
أبعـدَ القناعـة أرضـى القنوع فحــل فالقناعــة حسـبي فحـل
ومــا ذاكَ إلا لبخــل الزمـانِ فــربَّ اقتنــاع جنـاه البخـلْ
فــإن قيـلَ ذا كسـلٌ قـلْ نعـم إذا غلـبَ اليـأس كـان الكسـلْ
ومـــا نكلــتْ همــتي إنمــا تـــبيّن لــي أن حظــي نكــلْ
ومـــا كــلُّ ســائلة أعطيــت مناهــا ولا كــلُّ مُعطــى سـألْ
ففـي الرزق ساوى الذكي البكي وفي الحين ساوى الجبان البطلْ
ولكنــه لــو تكــون الحظـوظ بقــدر العقـول إذاً لـم أُبـلْ
علــى أنــه إن تكــن نـاظراً فـــدعوى العقــول كلامٌ معــلْ
يُعـرّى عـن العقـل خلـق كـثير الصــــنائع شـــتى الحيـــلْ
وتُعـزى العقـول إلى الناطقين وبــاللّه أكــثرهم مــا عقـلْ
فكــمْ قــايس منهـم لـم يقـس وكــمْ ناقــلٍ منهـم مـا نقـلْ
ولــولا النبــوةُ ضــلَّ الـورى ومَـنْ لـم ير النجم بالليل ضَلْ
وأحمــــدُ أحمـــد آتٍ أتـــى بخيــر وخيــر خيــار الرسـل
هــوَ المرتضـى وهـوَ المجتـبى هــوَ المصـطفى وهـوَ المنتخـل
فــأعظم بملّتــه فــي الملـل وأكــرم بــدولته فـي الـدول
لقـــد كــانَ مولــدهُ رحمــةً ســقينا بهــا كـلَّ وبـل وطـل
لقـــد كــان مولــده رحمــةً أقمنــا بهـا بيـن نهـرٍ وظـلْ
لــه المعجــزاتُ الـتي بيّنـت لعيـن البصـير المُـزاح العِلل
فمــنْ قمــرٍ شـقّ حـتى اسـتبا نَ مـن بيـن شـقيه جـرمُ الجبل
وإســـراء روح وجســـمٍ معــاً إلــى حضـرة القـدس ذات الأزل
إلــى حيــثُ لا فلــكٌ يسـتدير إلــى حيــث لا ملــكٌ يســتقلْ
ولا ســبق الـدلو فيـه الرشـا ولا تبــع الثـور فيـه الحمـلْ
ولا المشـتري فـي ذُراه اشـترى ولا زُحـــل فــي مــداه زحَــلْ
وقـــابله بالســلام الجمــادُ وأقبــل يشــكو إليـه الجمـلْ
وحــنَّ إليــه غــداة ارتقــى علـى المنبر الجدعُ حتى انتقلْ
وصــدَّقه الــذيبُ لمــا دَعـاه وقـــالَ أتشــهد قــال أجــلْ
وأهــدتْ إليــه عجـوز اليهـو دِ شــاة شــوتها فلمــا قبـل
نهتــه الــذراع وقــالت لـه ســُمِمت فمــا ضــرَّه أن أكــل
وجــادَله المــزنُ لمــا دعـا ودرَّ لــه الضــرعُ لمــا نـزل
وراعَ قتـــادة مـــن عـــاره بــأزرق زَاحَــم منــه الكَلـل
فســـالتْ علــى خــدّه عينُــه ولكنّـــه ردّهـــا فــي عجــل
فكــانت كمــا ذكـرَ الواصـفو نَ أحســنَ عينيـه لمـا اسـتقل
وأعطــى عليَّـاً لـواءَ الفتـوح وأبــرأ عينيــه لمــا تفــل
وفــي الغـارِ كـانتْ لـه آيـةٌ بنســـج عنـــاكبهِ اذْ دخـــل
وقـد سـُبلت عنـه تلـك الفجاجُ وقـد نفضـتْ عنـه تلـك السـبل
ومـــرَّ ســـراقةُ فــي إثــره فسـاخَ ومـا فـي الثرى من وحل
ومــا أنقــذته ســوى دعــوةٍ دعاهــا لــه بعــدِ عهـد وإل
وحســـبُك أن لـــه معجـــزاتٍ تزيـدُ علـى الألـف فيمـا نقـل
قبــــــل ميلاده أخــــــبرتْ بــذاك قريــشٌ وعبــد الأشــل
فقــومٌ بمكــة قــالوا عســى وقــومٌ بيــثرب قــالوا لعـلْ
فمــنْ قــائِل نجمُـه قـد بـدا ومــن قــائلٍ عصـرهُ قـد أطـل
وقـد كـانَ فـي الفرسِ من قبله علــى عهـدِ كسـرى حـديثٌ جلـلْ
وأخـــبر ســـيف بـــه حــدّه وأكــرم مثــواه حـتى انفصـل
وكــانوا إلــى وجهـه شـيقين يقولــون يــاليته قــد أظـل
فلمــا أتــى كــذّبته قريــشٌ وآذتــه فــي نفســه فاحتمـل
وجــاءهم بالكتــاب المُــبين فقـالوا افتراه وقالوا انتحل
فقــل فيهــم يـوم بـدر وقـد جزاهـم بضـرب الطلـى والقُلـل
وجـــدَّل فيهـــم أبـــاجهلهم وعقبــةَ والنضـر أهـل الجـدل
وســلْ فتــح مكـة عنهـم وقـد أتـاهمْ فمـاتوا لفـرط الوجـل
وقـالوا هبلنـا ولـو شـاء لم يغـــــن عنهـــــم هُبـــــل
ولكنّـــه مــنَّ مــن الكريــم وأعطــاهم الأمـنَ بعـدَ الوهـل
وســلْ عـن هـوازنَ إذ خـادعوه بــوادي حُنيــن وضـاقَ المسـل
فجــالتْ رجــالٌ بهــا جولــةً وزالــت بهـا أرجـلٌ مـن زلـل
قليلاً وهبــت مـن النصـر ريـحٌ لتســنيم فــي حافتيهـا بلـل
ونــادى فخــف بـه الصـابرون ومــرَّ النــداءُ فعــالت ثُلَـل
قـد اقتحمـوا عـن ظهـور المط يّ وازدحمـوا فـي صـدور الأسـل
وطـاروا إليـه بشـهب الرمـاح كمثــل الريـاح تطيـرُ الشـعل
وعــاق الزحـامُ فـألقوا بهـا وسـلُّوا السـيوف وعقـوا الخلل
فكـمْ ممتـطٍ تـاركٍ مـا امتطـى ومعتقــلٍ تــاركٍ مــا اعتقـل
وجـــاءوا إليــه قليلاً فلــمْ يكــنْ لهــم بهــم مــن قِبَـلْ
كمــا صــوبت أعصــبٌ أبصــرت بضــاح مـن الأرض سـرب الحجـل
وأقبـــل جبريــلُ فــي لمّــة يَصـــُكُّ وجـــوهَهم مِــن قَبــل
جنــود بهــم نُصـر المسـلمون فأمســـى عــدُّوهم قــد خُــذل
فمـن هـاربٍ بـاتَ يخشى البياتَ ومــن هالــكٍ ظـلَّ تحـتَ الأَثـل
وخلـــوّا ذراريهـــم للســبا هنـــاك وأمـــوالهم للنفــل
وطــــافَ بطـــائفهم جيشـــُه وفلُّهــم فـي الـذرا قـد وقـل
فبـاتوا وقـد سـمر السـيف من ذيــولهم حيــثُ بــاتَ الوعـل
وأصــبحَ ديــنُ الهـدى ظـافراً يُــثير الــترابَ بــذيل رفـل
ومـن بعـدها أقبلـوا مصـلحين وقــد أمَّلــوه فنـالوا الأمـل
وردَّ إليهـــــم ذراريهـــــم ولـــولا المقاســمُ ردَّ الإبــل
فعـــال عطـــوف رؤوف رحيــم كريــم إذا قــال قــولاً فعـل
صـــفوحٌ إذا أذنبــوا واصــلٌ إذا قطعـــوا مُحســن لا يمــل
جــوادٌ جريــءٌ تهــون عليــه الألـوف إذا مـا التقى أو بذل
وليـــسَ يجــادلُ مــن مبطــلٍ وليـــس يجالــده مــن بطــل
وكــمْ مــن غــزاةٍ وبعـث لـه أذل بهـا اللّـه مـن قـد أضـل
فأمـا اليهـودُ فلـم تـألُ فـي أذاه ولا قصـــّرت فـــي حيــل
فــأنزل منهــمْ بنـي قينقـاع بقــاع وكــانوا بأسـنى محـل
وأجلاهـــم فجلـــوا آمنيـــن لأجـــل شـــفيعهم المقتبـــل
وأمـــا النضـــيرُ فلا نضــرت وجـــوهُهم أهــل كيْــدِ وغِــل
ترامــوا إلـى قتلـه عـازمين فعــاجلهم بعــد طـول المهـل
وأنزلهـــم مـــن صياصـــيهم وأزعجهـــم فـــي هــوانِ وذُل
وبــــالقرظيين حــــلَّ البلاءُ وحــقّ بهــم حينهــا أن يحـل
لأنهـــم ألّبـــوا المشــركين عليــه فشــدّوا إليـه الرحـل
وجـاءوا إلـى الحرب من أجل ذ لـك فـوقَ الصـعاب وفوق الذلل
ففضــّهم اللّــه بعـدَ اجتمـاع وبـــدّد جمعَهـــم المحتفـــل
وجــازى قريظــة بالسـيف لـم يفــت مــن رجـالهم مـن رحـل
وأخبـــار خيـــبر معلومـــة وإنــي خــبير بهــا إن تسـل
تـــولاهم بالحصــار الشــديد فحلّــت بهــم عقـدة لـم تحـل
فقــالوا نقــرُّ علــى أننــا لكـــم عـــاملون ولا ننتقــل
ومــن بعــدَ هــذا خلا وجهُــه لمكــة اذ كــان فيهــم شـُغل
فطـاعَ لـه الشـركُ طوعَ الشِراك وصــارتْ يهــودٌ لــه كـالخول
وأنجــــز ربُــــك ميعـــادَه وأصـبحَ ديـنُ الهـدى قـد كمـل
ولـم يبـقَ فـي الأرضِ شرك بعهد ســوى السـيف أو سـنةِ تمتثـل
وبلّـــغ عـــن ربّــه مُنــذراً وفصــّل للفهــم تلــك الجمـل
ولــم يبــقَ للنـاس مـن حجّـة علـى مـن براهـم تعـالى وجـل
فحينئذٍ خصـــــــّه ربُّــــــه بتخييــره فــي رحيــل وحَــل
فمــا اختــار إلا رفيقـاً علا ولا اعتــام إلا جــواراً فضــل
فيــا حســرةً حسـرتْ عـن ذراع وصــارعت الصـبر حـتى انجـدل
ويــا كربــةً كربـت أن تـذوب لهــا الراسـياتُ بحـر الغلـل
ويــا لوعـةً أولعـت بـالقلوب ولا قلـــبَ إلا بهـــا يشــتعل
ويـا سـيّدَ النـاس أنت الشفيع وأنـت العمـاد إذا العبـد زل
وأنـت الرجـاءُ غـداة المخـاف وأنــت الأمــانُ غـداةَ الوجـل
فصــلّى عليــك إلــه السـماءِ صــــلاةً مُضــــاعفةً تتصــــل
وصــلّى عليــك إلــه السـماء صــلاةً مــدى الـدهر لا تنفصـل
صــلاةً تطيــبُ بهــا الشـرفاتُ إذا نفحـــت وتطيـــبُ الأُصــُل
مالك بن المُرحَّل
163 قصيدة
1 ديوان

مالك بن عبد الرحمن بن علي، أبو الحكم، المعروف بابن المُرَحَّل: أديب، من الشعراء. من أهل مالقة، ولد بها، وسكن سبتة. وولى القضاء بجهات غرناطة وغيرها. وكان من الكتّاب، وغلب عليه الشعر حتى نُعت بشاعر المغرب. من كتبه (الموطأة - خ) أرجوزة نظم بها (فصيح ثعلب) وشرحها محمد بن الطيب في مجلدين ضخمين، و (ديوان شعر) و (الوسيلة الكبرى - خ) نظم، و (التبيين والتبصير في نظم كتاب التيسير) عارض به الشاطبية، و (الواضحة) نظم في الفرائض، وكتاب (دوبيت - خ) و (العروض - خ) و (أرجوزة في النحو - خ) وغير ذلك.

قال الوزير لسان الدين ابن الخطيب في ترجمته في الإحاطة:

مالك بن عبد الرحمن بن علي بن عبد الرحمن بن الفرج بن أزرق بن سعد بن سالم بن الفرج المنزل بوادي الحجارة بمدينة الفرج المنسوبة إليه الآن. قال ابن عبد الملك، كذا كتب لي بخطه بسبتة، وهو مصمودي ثم شصادى مولى بني مخزوم، مالقي، سكن سبتة طويلاً ثم مدينة فاس، ثم عاد إلى سبيتة مرة أخرى، وبآخرة فاس، يكنى أبا الحكم وأبا المجد، والأولى أشهر، ويعرف بابن المرحل، وصفٌ جرى على جده على بن عبد الرحمن لما رحل من شنتمرية حين إسلامها للروم عام خمسة وستين وخمسمائة

قال الأستاذ أبو جعفر بن الزبير، شاعر رقيق مطبوع، متقدم، سريع البديهة، رشيق الأغراض، ذاكر للأدب واللغة. تحرف مدة بصناعة التوثيق ببلده، وولى القضاء مرات بجهات غرناطة وغيرها. وكان حسن الكتابة إذا كتب، والشعر أغلب عليه. ....وأما ابن خلاد فقصر به، إذ قال، كانت نشأته بمالقة بلده، وقرارة مولده في ناسها ووسط أجناسها، لم يتميز بحسب، ولم بتقدم في ميدان نسب، وإنما أنهضه أدبه وشعره، وعوضه بالظهور من الخمول نظمه ونثره، فطلع في جبين زمانه غرة منيرة، ونصع في سلك فصحاء أوانه درة خطيرة، وحاز من جيله رتبة التقديم، وامتاز في رعيله بإدراك كل معنى وسيم.

قال لسان الدين: والإنصاف فيه منا ثبت لي في بعض التقييدات وهو، الشيخ المسن المعمر الفقيه، شاعر المغرب، وأديب صقعه، وحامل الراية، المعلم بالشهرة، المثل في الإكثار، الجامع بين سهولة الفظ، وسلاسة المعنى، وإفادة التوليد، وإحكام الاختراع، وانقياد القريحة، واسترسال الطبع، والنفاذ في الأغرض. استعان على ذلك بالعلم بالمقاصد اللسانية، لغة وبياناً وعربية وعروضاً، وحفظاً واضطلاعاً، إلى نفوذ الذهن، وشدة الإدراك، وقوة العارضة، والتبريز في ميدان اللوذعية، والقحة والمجانة، والمؤيد ذلك بخفة الروح، وذكاء الطبع، وحرارة النادرة، وحلاوة الدعابة، يقوم على الأغربة والأخبار، ويشارك في الفقه، ويتقدم في حفظ اللغة، ويقوم على الفرايض. وتولى القضاء. وكتب عن الأمراء، وخدم واسترفد، وكان مقصوداً من رواة العلم والشعر، وطلاب الملح، وملتمسي الفوايد، لسعة الذرع وانفساح المعرفة، وعلو السن، وطيب المجالسة، مهيباً مخطوب السلامة، مرهوباً على الأعراض، في شدقه شفرته وناره، فلا يتعرض إليه أحد بنقد، أو أشار إلى قناته بغمز، إلا وناط به آبدة، تركته في المثلات، ولذلك بخس وزنه، واقتحم حماه، وساءت بمحاسنه القالة، رحمه الله وتجاوز عنه.)

قال: أما تواليفه فهي كثيرة متعددة، منها شعره، والذي دوّن منه أنواع. 

فمنه مختاره، وسماه بالجولات.

ومنه، الصدور والمطالع. 

وله العشريات والنبويات على حروف المعجم، والتزام افتتاح بيوتها بحرف الروى، وسماها، الوسيلة الكبرى المرجو نفعها في الدنيا والأخرى. 

وعشرياته الزهدية. 

وأرجوزته المسماة سلك المنخل لمالك بن المرحل نظم فيها منخل أبي القاسم بن المغربي، 

والقصيدة الطويلة المسماة بالواضحة، 

والأرجوزة المسماة اللؤلؤ المرجان 

والموطأة لمالك. 

والأرجوزة في العروض. 

وكتابه في كان مإذا، المسمى بالرمي بالحصا، 

إلى ما يسق إحصاره، من الأغراض النبيلة، والمقاصد الأدبية.

قال وكانت وفاته في التاسع عشر لرجب عام تسعة وتسعين وستماية، ودفن بمقبرة فاس، وأمر أن يكتب على قبره:

زر غريبا بقبره نازحـا مـاله ولي
تركــوه موســداً بيـن تـرب وجنـدل
ولتقـل عند قبره بلســان التـدلل
يرحـم اللـه عبده مالـك بـن المرحل
1300م-
699هـ-