نعى البرق شمس العصر فاستحوذت ظلما
الأبيات 30
نعى البرق شمس العصر فاستحوذت ظلما وأرعــدت الألبــاب اذ أمطــرت غمَّـا
تــوارى بحجــب الغيــب عنـا محمـد امـام الهـدى السامي بحكمته العظمى
وآب يـوافي الحـق فـي القـدس عبـده وغــادر هــذي الأرض مسـتخلفاً رسـما
وكــان بهــذي الأرض مفردهــا الـذي بـأنواره الحسـنى سما قدرها النجما
فيــاليت شــعري كيـف يهـدأ روعهـا وقـد أرهـق الأقطـار هذا النبا صدما
لقـد ذاد منـه الـروح عـن فتـن هنا شـهود جمـال القـدس فـي حضـرة ثمَّـا
فمــا هــو الا فــي معــارج بهجــة ومـا الأرض الا ثاكـل فردهـا الشـهما
ومــــا نحـــن واجـــدون لفقـــده وإن كـان حيـاً عنـدنا هـديه الأنمـى
فنـــذكره فرحـــى لرفعـــة شــأنه وحسـرى لهـذا الكلـم أصـعب به كلما
ونـــذكره كـــي نستضـــيء بعلمــه وأعظـم بمـا أبقـى الامـام لنا علما
محمــد لا نأســى لفقــد ســناك بـل ســناؤك بـاق بيننـا يكشـف الظلمـا
ولكنهــا الآمــال بــتَّ عــرى لهــا نـواك وكنـا نرتجـي الزيـد والانمـا
ودولــة جمــع بعــد فــرق أقمتهـا نظمـت بها الأقوام في ذا الهدى نظما
فكـــان بمصـــر والشـــآم وفــارس وفـي الهنـد والأتراك راج لك الدوما
ولكـــن لأنـــواع الظهــور مراتــب لهــا أجـل يثنـي الظهـور اذا حمَّـا
محمــد لا نقلــى وان قومنــا قلـوا لنـا بلظـى الانكار واستسهلوا الاثما
لخلفــت نــور الشــرق خيـر عصـابة تـرى نشر هذا النور مفروضها الحتما
فلبيـــك لا تأســف وهــديك بيننــا لأنــك لــم تجــل الحنـادس للـدهما
ورحمــاك أشــرف مــن علاك عسـاك أن تـرى أثـر النصـح الذي ينهض العزما
وتهنـأ اذ يبـدو لـك الغـرس مثمـراً ونـورك مـا يطفـأ ونهجـك مـا يعمـى
محمــد روح أنــت مــن أمــر ربنـا لتـبرىء باسـم الفاطر العمى والصمَّا
ليبصـر مـن أعمتـه أوهـام مـن خلوا ويســمع مــرء مــن تخبطهــم صــمَّا
أتيـــت فـــأديت الأمانــة رافعــاً منـار الهـدى والحـق فـي دامـس عما
ورحـت الـى القـدس الذي قد نزلت من حمـاه لهـذي الـدار تسـتنزل النعمى
هنالـــك زد مجــداً تبــارك مســرة تعـاظم بهـاء طـب مجـالي طـب بسـما
امـــام الهــدى هــذا وداع مفجِّــع لـه مهجـة فـي حبكـم تنكـر اللومـا
تــذكر فيــه النفــس يـوم مصـابها وأعظــم بـه رزءاً وأكـبر بـه خطمـا
وترفـــع فيـــه عهـــدها بمحبـــة لحضــرة قــدسٍ عنـدها قـدرك الأسـمى
وقـد تأتسـي ذي النفـس والصحب كلهم بذي الشمس اما صادفت في الضحى غيما
فبـــارك وألــق الصــبر رب محمــد علينـــا وهبنـــا كلنـــا رحمـــى
عبد الحميد الزهراوي
6 قصيدة
1 ديوان

عبد الحميد بن محمد شاكر بن إبراهيم الزهراوي.

من زعماء النهضة السياسية في سورية، وأحد شهداء العرب في ديوان (عاليه) ولد بحمص، وقاوم السياسة الحميدية قبل الدستور العثماني فأصدر جريدة سماها (المنير) كان يطبعها على (الجلاتين) ويوزعها سراً، وسافر إلى الأستانة فساعد في إنشاء جريدة (معلومات) التركية، فنفته السلطة الحميدية إلى دمشق، فأقام يكتب إلى جريدة (المقطم) المصرية، فعلم به والي دمشق (ناظم باشا) فأرسله مخفوراً إلى الأستانة، وتوسط في أمره أبو الهدى الصيادي، فأعيد إلى حمص، ثم فر إلى مصر، وعمل في الصحافة إلى أن أعلن الدستور العثماني (سنة 1327هـ، 1908م) فعاد إلى سورية، وانتخب مبعوثاً عن حماة، فذهب إلى الأستانة، واشترك في تأسيس حزب (الحرية والاعتدال)، و(حزب الائتلاف) المناوئين لحزب الاتحاديين، وأصدر جريدة (الحضارة) أسبوعية، ولما ظهرت الحركة الإصلاحية في سورية، وانعقد المؤتمر العربي الأول في باريس، انتخب الزهراوي رئيساً له، ثم استماله الاتحاديون وأقنعوه بعزمهم على الإصلاح وجعلوه من أعضاء مجلس الأعيان العثماني، ونشبت الحرب العامة الأولى، فقبضوا عليه وجيء به إلى (ديوان عاليه العرفي) فحكم عليه بالموت، ونفذ به الحكم شنقاً في دمشق، وكان من رجال العلم بالدين والسياسة، له رسالة (الفقه والتصوف- ط)، وكتاب (خديجة أم المؤمنين- ط).

1916م-
1334هـ-