عدَلتَ عنِ النهج الجلِيِّ لِمُبهَمٍ
الأبيات 72
عــدَلتَ عـنِ النهـج الجلِـيِّ لِمُبهَـمٍ وجئتَ بفعــلٍ ســيءِ الــوجهِ أدهـمِ
تحملــتَ أشــقى الآخريــن إهانــةً بمـا نلـتَ مـن غدر السعيدِ المعظَّم
وأبقيتَهـا متبوعـةَ السـَّبِّ إن جـرت علـى سـمعِ محَـذورِ المكيـدةِ ملجـم
وخلَّفــتَ جُرحــا فــي قلـوبِ أحبَّـةٍ وأشــدِد بجـرح لـم يُعالَـج بمَرهَـمِ
غــدرتَ هِزَبــراً كنـتَ تبصـرُ حربَـه فتَعــروكَ مــن إقـدامها أمُّ مَلـدَم
إمامـاً بنصـر الله والعونِ كم سطا بقــرمٍ نجيــدٍ بيــن جيـش عرمـرم
غـدرتَ الـذي أعشـى الخـوارجَ نورهَ بيــومٍ علـى أهـل الغوايـة مُظلـم
وصــيَّرهم لمَّـا أبـوا غيـرَ بغيهـم الــى حيـث حطَّـت رحلهَـا أمُّ قَشـعم
كـــأنهمُ ســـربُ القطــا ببريَّــةٍ بصـــُرنض بصـــقرٍ فــوقهُنَّ مُــدوِّم
فأمســكَهنَّ الرعــبُ مِـن كـل وجهـةٍ فمُزِّقــن تمزيــقَ الـرداء المرمَّـم
قتلــتَ أميــرَ المـؤمنين مُخـاتِلاً ولـو جئتَ جهـراً كنـتَ أكلـةَ ضـيغم
وأبكيـــتَ آمـــاقَ العلا لمُصــابِه بُكامالـــكٍ فـــي فقــده لِمِتَمِّــم
فألبســـكَ الجبّــارُ قيــدَ مُــذمَّمٍ وألبســَهُ ثــوبَ العزيــزِ المكـرَّم
وســرتَ الــى صــحبٍ بمنـزلِ نقمـةٍ وســارَ الــى صــحب بــدارِ تنعُّـمِ
قضـى اللـهُ ان يُبلـى علـيٌّ بسـافلٍ بـــدارِ عنــاءٍ لا تــروقُ لِمُســلمِ
فيُعطــيَ كُلاً فــي المعــادِ جـزاءَه فحالـــةُ مَرضـــيٍّ وحالــةُ مُرغــم
إذا هيـأ المـولى الكريـمُ شـهادةً جــــاءت علــــى يــــدِ مجـــرم
مرقـتَ مُـروقَ السـّهم مـن خيـرِ ملّةٍ وأوغلــتَ فــي خــزيٍ وديـنٍ مثلَّـم
وحـاولتَ فخـراً لـم يكـن لك مَركَباً بلى أنت مركوبُ الشقا يا ابنَ ملجم
فــدونك فــافخر آخــراً مثـلَ أولٍ فــأنتَ بأهــلِ الغــيِّ شــرُّ مُقـدَّم
ودونَــكَ فاختــل بيـن قـومٍ أذِلـةٍ بثــوبٍ مــن الخــذلان دُرِّجَ بالـدم
ومـا زلـتَ تَستحلي الخيانةَ والعَدا الـى أن سـقاكَ السـيفُ شـربةَ علقم
ومـا حُـزت فـي حبِّ التي رُمت وصلَها سـوى قطـع شـِلوٍ فـي السـعير مُضرَّم
وأعطيــتَ مهــراً غاليــا بِسـبيلِه رخُصــتَ فلـم تُبتـع بمعشـارِ درهـم
لقـد جـاوزت شـؤمَ البسـوس عشـيقةٌ رمتــكَ ومــا رقَّــت ببحـرٍ غَطمطَـمِ
ولــو أنهــا حبَّتــكَ كـانت غنيّـةً بأنــكَ فـي حـالِ الفقيـر المـتيَّم
ولكــن قَلَـت قُربـاً إليـك فأبعَـدت بِقـذفكَ حيـث المـوتُ بِالشُّهب يرتمي
ورُبّ هــوى يَهــوي بصــاحبه إلــى حضـــيضِ هـــوانٍ أو مقــرِّ تنــدُّم
ولـو فزتمـا بالوصـلِ يوما لجئِتما بــأخبثَ مِــن نســلِ اللعيـنِ وألأم
بكـــل عنيـــدٍ للصــنيعةِ جاحــدٍ وكــلّ مُســَدٍّ فــي القطيعـة مُلحـمِ
ولكـنّ لطـفَ اللـه بالنـاس لم يزل يُســايرهم فــي كــل أمــرٍ مُحتَّـم
وأحـرزتَ فـي إرضـائها سـُخطَ قـادرٍ فخُســراً لمحبــوبٍ وخســراً لِمُغـرَم
وســُحقاً لمخطــوبٍ وصــهرٍ وخــاطبٍ فكُلكُــم عــن ســوءِ مــذهبِه عَمـي
لقـد كـان ذاكَ العُـرسُ فيكمُ مَأتما كـان فـاح فيمـا بينكـم عطرُ مَنشِم
لأنتُــم يــا جمـعَ الخـوارج فِرقـةٌ الـى الغِـلِّ والإلحاد والمينِ تَنتمي
وأنتــمُ وايـمُ اللـه أحمـقُ معشـَرٍ فمــن يتطلَّـب فيكـمُ العقـلَ يَسـأم
ومَــن ذا يُـداوي علّـة عـزَّ بُرؤُهـا وأعيـى علـى سـرِّ المسيح ابنِ مريم
وكمتـم علـى ريـبٍ من الحق فانجلت خبايـــاكمُ إذ بـــان رأيُ محلَّــم
فــأظهرتمُ بيـن الفريقيـن مَسـلكاً تحيَّـــزَ عنــه كــلُّ أروعَ مُحتمــي
فطائفــةٌ مــالت الـى نصـرِ مُعـرِقٍ وطائفــةٌ مــالت الـى نصـرِ مُعـدم
وكـلٌّ لـه فـي الشـرع أحسـنُ مـذهبٍ فمَــن يتكلــم باعتِراضــه يُكلَــم
فلــم يــكُ للأمــوالِ ميلهــمُ ولا لِنيـــل حطــامٍ بالفنــاء مُحطَّــم
لهـم صـحبةُ المختـارِ حصـنٌ يحوطهم ومِــن علمِـه الوضـاحِ أرفـعُ مَعلَـم
وملتُــم لتكفيــرِ الجميــع بِحُجـةٍ مخرَّقـــةٍ مثــلِ الأديــم المحلَّــم
وقلتــمُ فــي الإسـلام قـولا مُحرَّمـاً فلــم يــكُ فيــه قتلُكــم بمحـرَّم
وأوَّلتــمُ الأحكــامَ تأويــلَ مُبطِـلٍ ورُمتــمُ بــالأهواء نقضــاً لمـبرَم
فلــم يــكُ للـدِّين القـويم تـأوُّدٌ بِــزورٍ ولكــن دينُكــم لـم يُقـوَّم
وراءيتــمُ مَــن كـان للّـه مُخلِصـاً كمَــن شـبَّهَ الـوجهَ البهـيَّ بأسـحَمِ
وبشـــَّرُتُم أرواحكـــم برواحِكـــم الـى الخلـد زعمَ المُخطىء المتوهِّم
وأمَّلتــمُ حســنَ المصــير كــأنكم تخلصــتمُ مــن قبــح ذنـبٍ ومـأثم
وأوقعَكـــم خُســـرانكم وضـــَلالكم لــدى أســَدٍ أطفــارُه لــم تُقلَّـم
وأبـــديتمُ لَمــا وُعظتــمُ عُجمــةً فكــانَ لســانُ الســيف أيَّ مُـترجِم
وأبــدلَ منكـم ذو الفَقـار غِنـاكمُ بفقـــرٍ فأصـــبحتم بهيئةِ مُعــدِم
وبــارزتمُ بــالحرب نَبعــةَ هاشـمٍ وأيُّ بغيـــضٍ رامهــا لــم يُهشــَّم
ونــاويتُ الــبيتَ العلــيَّ عِمـادهُ بمــا خصــَّه ربُّ الحطيــمِ وزمــزم
فهَــدَّ بيوتــاً أشــقيت بنُحوســكم ولــم يــكُ مجــدٌ شــادهُ بمهــدَّم
وحرَّككــم همــزُ الرجيــم فمِلتــمُ إليــه ومَــن يعمـل برايـه يَرجَـم
وأســمَعكم داعــي الهـوى فنبحتـمُ فلا شـــك أنتــم مــن كِلاَبِ جهنــم
وقـــابلتمُ نصــحَ الإمــامِ بِضــُرِّه فقــابَلكم قــوسُ الحِمــام بِأسـهُم
فأصـــبحتُم صــرعى الخلاف لشــَرعِه وللــوحشِ والعِقبــان أكـبرَ مَغنَـمِ
وهـل تسـتوي فـي الحـق مُقلةُ مُصبِحٍ يـرى الشـيءَ مَجلـواً ومقلـةُ مُعتِـم
وللّـــه يــومُ النَّهــروان فــإنه لَــدى ملّــةِ الإســلام أسـعدُ موسـم
ولــو كنتــمُ آلافَ ألـفٍ لمـا شـفَت دمــاؤكمُ مــا بــالفؤاد المـؤلَّم
ولــو كنتــمُ أضــعافَكم ووزُنتــمُ بمـن خُنتـمُ لـم تعـدِلوا ملءَ محجَم
ودون الــذي أحــدثتمُ كــلُّ ســُبَّةٍ وثلـــبُ لســـانٍ محــدَثٍ ومُخضــرَم
لتهنِكـــمُ أعمــارُ ســوءٍ تصــرَّمت وشــرُّ عــذابٍ عمــرُه لــم يُصــرَّم
ويَهنكــمُ مــا كــان جِـدّاً وقـوعُه وقــرَّةُ عيــن الشــاتمِ المتَهكِّــم
فكيـف وجـدتم غِـبَّ مـا قـد جنيتـمُ أأمـرَأ فـي الأكبـادِ مِـن سـُمِّ أرقَم
وكيــف وجـدتم مـا وُعـدتم بمسـكنٍ أأرحــبُ ذرعــا مـن ذبابـة مَخـزَم
وإنــي لأرجــو مــن مــودّةِ حيـدرٍ وبُغضـــكمُ رضــوانَ أكــرمِ مُنعِــم
وقُربـا لمـن أثنـى الإلاهُ عليـه في كتــابٍ عزيـز نافـذِ الحُكـم مُحكَـم
عليــه صـلاةُ اللـه مـا سـُرَّ مـادحٌ بحســنِ ختــامٍ مــن بــديعٍ مُنظَّـم