الأبيات 39
نمـا علـى أرضـها الشجر وقـد جـرى تحتهـا النهر
وشــيدت حولهــا بيــوت بهــا إلـه الـورى ذكـر
وللتواريـــخ ذكريـــات تحــف مــن حولهـا غـرر
فــأنت مســتعرض صـفوفا تمـــر أطيافهــا زمــر
تـرى بهـا التين وهو غض وفـــوقه حيـــة ذكـــر
جنينــة حــدها البصــر كجنـة الخلـد فـي الكبر
وقارهــا يخلــب الحجـى وحســنها يخلــب النظـر
يســحرك الصـبح إن سـفر والليـل فيها اذا اعتكر
والمـاء والزهـر والشجر والنجـم والشـمس والقمر
والنيــل مسترسـل شـحيح كــأنه الكــوثر الخصـر
تــراه ينسـاب كالأفـاعي بيــن الملفـات والجـزر
والطيـر في الأيك صادحات تجيــد لحنــا بلا وتــر
والـورد فـي رقـة يحيـى أهلا وســهلا بمــن حضــر
كأنمـــــا كــــل وردة عصـارة النـاس لا الشـجر
كأنمــا شمســها عــروس ترفـل فـي النـور للسرر
صــفت وكــادت بصــفوها تهتك في الغيب ما استتر
وكــم لهــا مــن مـآثر فـي النفـس محمودة الأثر
تـرى علـى القـرب فندقا يمثـــل الأرض والبشـــر
كــــذلك الأرض فنــــدق النــاس فيـه علـى سـفر
حـــدث لمســتعبر نظــر عـن غـابر الملـك والأسر
وعـن ملـوك هنـاك كانوا علــى الزرابـي والسـرر
جزيـرة الفيـل ثـم تبدو كاليخت في النيل قد مخر
تحمــل فيهـا لمـن غـبر عشـرين مـن أشـهر العصر
فتلـك مـوفي وذي كروفـي وتلــك بئر لهــا خطــر
كــان هنـا بينهـم إلـه يفجــر النيــل للبشــر
وكــان خينومهــا إلــه بكـــل أبنـــائه أبــر
يـــأمر شــلاله فيزكــي الـزرع والضـرع والثمـر
يـا واحـة مـن حياة جيل بيـن صـحارى مـن العصـر
تحـف مـن حولهـا الجبال كأنهـا الطـوق مـن حجـر
لــورد حصــن ردى لـردت عـن ملـك أربابها الخطر
فيــك رجـاء وفيـك يـأس يلمحـه الفكـر لا النظـر
وفيــك ذكــر لمـن ذكـر وفيــك شــعر لمـن شـعر
فيــك حيـاة وفيـك مـوت يرمقنـــا خلســة شــذر
فـالزهر والطيـر فيك حي واللـه والنـاس والشـجر
والموت بين الطلول يبدو والمجد تحت الثرى اندثر
سـلمت لـو تسـلم الجبال مـن عصـفة الدهر والقدر
جنينـــة حســنها بهــر ومثلهـا فـي الـدنى ندر
لا تبلـغ العين من مداها مـا تبلـغ النفس والفكر
ســئمت مكـثي بهـا فهـل أسـلم فـي الخلد من ضجر
حمزة الملك طمبل
58 قصيدة
1 ديوان

حمزة الملك طمبل.

شاعر وناقد مجدد اشتهر بمقالاته عن الأدب السوداني، صدر له كتاب الأدب السوداني وما يجب أن يكون عليه وديوان الطبيعة في مجلد واحد.

نشأ في مصر، وعين في السودان في السلك الحكومي بواسطة الإنجليز ولذلك انصبت دعوته على نبذ ما هو عربي وإسلامي بالتالي مصري وكانت هذه رغبة الإنجليز بالانفراد بحكم السودان دون مصر.

كتب عنه العقاد منوهاً مشيداً، وكان قد التقاه طفلاً وكان ظريفاً مرحاً، وهو من أبناء أرقو في شمال السودان، وكان والد الشاعر حمزة ملكاً لمملكة أرقو كما يذكر نعوم شقير في كتابه تاريخ السودان، وهو من استقبل من تبقى من المماليك بعد مذبحة القلعة الشهيرة مستضيفاً لهم.

وللشاعر حمزة الملك طمبل قصر من طابقين في الناحية الشمالية من مدينة أرقو مبني بطوب مصنوع من الطين، وعرض جداره ربما يكون أكثر من المتر، ويقع على شاطئ النيل مباشرة.

فحمزة الملك طمبل رائد مهم من رواد التجديد في الأدب السوداني لا يستطيع باحث تجاوزه، لكنه في الجانب السياسي يفتقد ميزة التجديد تماماً، بل يضع نفسه موضع المؤاخذة حين يتورط في مدح الإنجليز والحركة الوطنية من حوله حبلى بثورة كبرى.