بلدة خاب بمن فيها الرجاء
الأبيات 59
بلــدة خـاب بمـن فيهـا الرجـاء جمعــــت شــــمل لئام ســـفهاء
ففــتى كالـذئب فـي شـكل امرىـء باســـم الســن خــداعا وريــاء
يظهــــر الاخلاص للنـــاس ومـــا فــي طوايـا نفسـه غيـر الجفـاء
حينمـــا أظهـــر مـــا أضــمره ورأى مـــن جــانبي شــر جــزاء
قــد هــوى مــن فــوره معتـذرا يلثــم الاقــدام طـورا والحـذاء
هــو مفطــور علــى الشــر قضـى عمـــره بيـــن خمـــور ونســاء
وهــــو حـــي ذاهـــل تحســـبه جثـــة قــد حنطتهــا القــدماء
ومســيخ شــاب فــي اللـؤم ولـم يتخـــل عـــن ريــاء وافــتراء
زوجــــة حرمهــــا الــــف طلا ق ويأتيهـــــا بلا أي حيـــــاء
صــــنم جـــل الـــذي أنشـــأه مـــن عظـــام ولحـــوم ودمــاء
وكـــذوب عزمـــا يفخـــر بـــه فاسـتعار الفخـر مـن فخر النساء
بزنـــــود وقــــوام وخــــدود ثــم يمشــي بعــد هــذا الخيلاء
أيهـــا المفتــون فــي خلقتــه وهـــي ظهـــر مســتطيل ووعــاء
هـذه الصـخرة لـو أنطقهـا اللـه قــــالت أنــــت شــــر الثقلاء
أنـــا لا أجهـــل أســرار فــتى يـــتراءى دائمـــا كالنفســـاء
ودعــــيٌّ موغـــل فـــي كـــبره حــاملا رأســا مــن العقــل خلاء
يــدعي الجــود فيهــزي بيننــا بالنـــدى وهـــو ربيــب البخلاء
وعــوير يــدعي العلــم ولكنــه فـــــي علمـــــه كالببغــــاء
كــل مــن يلقــاه يــدري أنــه صــاغه اللــه مثــال البلهــاء
هـــل ســـمعتم أن شخصــا مــرة ســره مــن بعـض أهليـه البغـاء
نفـــر لا خيـــر فيهــم خلقــوا مــن شـرور ليـس مـن طيـن ومـاء
بنفـــــوس طفحـــــت خســــتها فهـــي لا تصــلح للنــاس وطــاء
ان يكـــن ربـــك ســواهم فهــم نفــر أجبــن مــن تحـت السـماء
ضــاع شــرع اللـه فيمـا بينهـم مثلمـــا ضـــاع وفــاء واخــاء
هفــــوة أخــــرى هفاهـــا آدم إن يكـــن ضـــمن بنيــه هــؤلاء
جمعتهــــم خدعــــة لا صــــحبة بعضــهم مــن خــوف بعـض رقبـاء
فهــمُ الأعــدا إذا مـا افـترقوا وهــمُ عنــد اللقــا كالأصــدقاء
إن خلــت دنيــاك مــن أمثـالهم عـاش كـل النـاس فـي ظـل الصفاء
ظـــن كـــل منهــمُ فــي نفســه أنــه المفــرد والنــاس هبــاء
وتناســـوا أنـــه ليـــس لهــم قيمـة الاصـفار فـي هـذا الفضـاء
بعضــهم يعجــب مــن عبـدي ويـا ليتهــم سـاووا عبيـداً أو إمـاء
جيـــد القـــول كــثير والــذي راج فيمــا بينهـم منـه الهـراء
فخــــر كـــل منهـــمُ أن لـــه ألــف لــون بيــن صــبح ومسـاء
ألفـــوا الخبـــث وهــذا مــرض أســأل اللـه لهـم منـه الشـفاء
فغضضـــت الطــرف عــن ســوآتهم وتجملـــــت بحلــــم وســــخاء
وتجــــاهلت ومــــاذا أبتغـــي بعلــــومي بيــــن قـــوم جهلاء
غرهــم مــا قـد رأوا مـن دعـتي ولكـــم جـــر غـــرور لشـــقاء
وتمـــادوا فـــي أذاهـــم وإذا أحسـن المـرء إلـى النـذل أسـاء
أبمثلـــــي يتمشــــي حســــداً بنميــــم مــــارقٌ للرؤســــاء
لا لـــذنب غيـــر أنـــي مـــرة لــم أكــن أدعـوه عنـدي لعشـاء
أمــــة فـــي غيهـــا غارقـــة بعــد أن جرعهــا اللـه الفنـاء
صـــير اللـــؤم بنيهــا شــيعا والصــداقات نســيجا مــن ريـاء
خيــر مــن فيهــا كمـا أعرفهـم لأشـــر النـــاس فيهــا نصــراء
قســـمت أعمالهـــا بيــن هــوى ونفــــاق وخمــــول وادعــــاء
تلـــك أدواء دهـــت أخطارهـــا أمـــم الشـــرق ســواء بســواء
أحمــد اللـه علـى مـا قـد جـرى فهــو ضــرب مــن ضــروب الابتلاء
مــرن النفــس علــى حمــل الأذى وأراهــا كيــف ظلــم الأبريــاء
وأراهــــا أن للحــــظ يــــدا تحــرم الكفــء وتعطـي الأغبيـاء
لســت أنســى مــا حييــت أننـي نـالني مـن غيـر مـا ذنـب جـزاء
لا ولا يــــذهب عنــــي عجــــبي كيــف غــش الأغبيــاء الاذكيــاء
لا أبــالي أن يــواريني الــثرى بعــد أن ســاد اللئام الكرمـاء
أيهـــا النـــاس ألا فلتعلمــوا أن نفسـي مـن ثراكـم فـي السماء
أيهــا النـاس أفيقـوا وابصـروا واقلعوا في الحال عن هذا العداء
واتقــوا اللــه وعيشــوا إخـوة فمصـير الكـل فـي الدنيا الفناء
واتقـــوا اللـــه فهـــذا زائل مــا تــرون مــن تــراث وثـراء
علمــوا النشــء ولكـن فـاعلموا أن تعليـــــم الخنــــازير بلاء
كربــة فــي النفـس قـد فرجتهـا بكلام فيــــه للنفــــس شـــفاء
شــقيَ النـاس بمـا اعتـادوه مـن ســــيىء الأخلاق والعــــادة داء
إنمـا الـدنيا انطـوت منـذ طـوت معــدن الفضـل الكـرام الاتقيـاء
حمزة الملك طمبل
58 قصيدة
1 ديوان

حمزة الملك طمبل.

شاعر وناقد مجدد اشتهر بمقالاته عن الأدب السوداني، صدر له كتاب الأدب السوداني وما يجب أن يكون عليه وديوان الطبيعة في مجلد واحد.

نشأ في مصر، وعين في السودان في السلك الحكومي بواسطة الإنجليز ولذلك انصبت دعوته على نبذ ما هو عربي وإسلامي بالتالي مصري وكانت هذه رغبة الإنجليز بالانفراد بحكم السودان دون مصر.

كتب عنه العقاد منوهاً مشيداً، وكان قد التقاه طفلاً وكان ظريفاً مرحاً، وهو من أبناء أرقو في شمال السودان، وكان والد الشاعر حمزة ملكاً لمملكة أرقو كما يذكر نعوم شقير في كتابه تاريخ السودان، وهو من استقبل من تبقى من المماليك بعد مذبحة القلعة الشهيرة مستضيفاً لهم.

وللشاعر حمزة الملك طمبل قصر من طابقين في الناحية الشمالية من مدينة أرقو مبني بطوب مصنوع من الطين، وعرض جداره ربما يكون أكثر من المتر، ويقع على شاطئ النيل مباشرة.

فحمزة الملك طمبل رائد مهم من رواد التجديد في الأدب السوداني لا يستطيع باحث تجاوزه، لكنه في الجانب السياسي يفتقد ميزة التجديد تماماً، بل يضع نفسه موضع المؤاخذة حين يتورط في مدح الإنجليز والحركة الوطنية من حوله حبلى بثورة كبرى.