الأبيات 35
ألا كــل نفــس للمنــون مصــيرها ولـو شـيدت بيـن النجـوم قصـورها
ولــو تفتـدى نفـس بـأخرى لفـديت بأرواحنــا نفــس عزيــز نظيرهـا
فــرب رجــال فـي الأنـام بقاؤهـا حيــاة لقــوم بالفــداء سـرورها
ولكـن أمـر المـوت حتم على الورى تســاوى بــه مأمورهــا وأميرهـا
واجســامنا تهـوى المعـاد لأصـلها ومهمــا تزكّــت فـالتراب طهورهـا
خليلـــي هلا تســـعداني بعـــبرة فقــد نضــبت عينـي وجـف مطيرهـا
تخيلـت قطـرات الـدموع مـن الأسـى جمــاراً تلظـى فـوق خـدي سـعيرها
خليـل هـل بعـد الإمـام أبي الهدى يـبيت سـخين العيـن وهـو قريرهـا
مضـت تلكـم الآمـال وانصـرم الرجا وصــوح مــن روض الأمـاني نضـيرها
مضـى العلم المنشور للرشد وانطوت سـماوات فضـل غـاب عنهـا منيرهـا
مضـى العيلم المقصود للري والندى إذا اشـتد بـالهيم العطاش حرورها
فيـا لـك خطبـاً يـرزح الصبر تحته تـداعت لـه العليـاء وانهدَّ سورها
وقــامت بـه فـي الخـافقين مـآتم اصــمّ صــماخ الفرقــدين نفيرهـا
تسلســل عــن بيـت النبـوة سـيدا بــه قضــيت للمكرمــات نــذورها
إذا عـد اشـياخ الهـدى فهو شمسهم وان عـــدت الاشــراف فهوغيورهــا
تسامت طريق ابن الرفاعي في الورى بــه عــزّة واختـال فيـه سـريرها
فـوا أسـفا ان يفقـد الـدين مثله إذ النـاس تغلـي بـالخلاف قـدورها
تمـــالأت الأيــام حســب طباعهــا عليـه واحمـى شـفرة الغـدر كيرها
فاوسـعها صـبراً ومـا ازداد خـبرة ولــن يغلــب الأيــام إلا خبيرهـا
هـو العمـر مـا تصفو لياليه كلها إذا مــا حلـت يومـاً تلاه مريرهـا
ومـن خُلـق الـدنيا امتحان كرامها ولكـن بظـل الصـبر ينـدى هجيرهـا
علــى ان ابطــال التوكــل مثلـه ســواء لــديهم ســجعها وزئيرهـا
ولمــا تغــالت واسـتطار شـرارها تـــولى وخلاهــا تفــور شــرورها
واعــرض عــن زور الأمـاني عنـدها فلا كـانت الـدنيا ولا كـان زورهـا
ومـا حـزن ثكلـى افقد الدهر فذها فــأوحش مغناهــا واقفــر دورهـا
وراحــت ومغـداها الاسـى ومراحهـا عشــياتها ويــل وليــل بكورهــا
بــأعظم مــن حزنـي عليـه وإنمـا يظــن خليـا فـي الرجـال صـبورها
جــدير بقلــبي ان يــذوب لفقـده وحــق لعينــي ان تفيــض بحورهـا
ومـا يـذكر المعـروف إلا أخـو وفا ولا ينكــر النعمــاء إلا كفورهــا
ولعــت زمـاني فـي مـدائحه الـتي تنـاغت بهـا بيـن الأنـام صـدورها
وكنــت أصـوغ الـدر فيـه تهانيـا يطيــب بعرنيــن الكـرام عبيرهـا
فويــح فــؤادي ان يكـون مراثيـاً تخــط وتمحــى بالــدموع سـطورها
كـأن بيـوت الشـعر شـاطرنني الأسى فقــد أوشـكت تعصـى علـي شـطورها
سـرى لجـوار اللَـه يرفـل بـالتقى وفــارق دنيـا لـم يملـه غرورهـا
فيـــا رب روح بــالمراحم روحــه وزده مـــن الآلاء فهـــو جــديرها
عبد الحميد الرافعي
86 قصيدة
1 ديوان

عبد الحميد بن عبد الغني بن أحمد الرافعي.

شاعر، غزير المادة.

عالج الأساليب القديمة والحديثة، ونعت ببلبل سورية.

من أهل طرابلس الشام، مولداً ووفاة، تعلم بالأزهر، ومكث مدة بمدرسة الحقوق بالأستانة، وتقلد مناصب في العهد العثماني، فكان مستنطقاً في بلده، نحو 10 سنين، وقائم مقام في الناصرة وغيرها، نحو 20 سنة، وكان متصلاً بالشيخ أبي الهدى الصيادي، أيام السلطان عبد الحميد، ويقال: أن الرافعي نحله كثيراً من شعره.

ونفي في أوائل الحرب العامة الأولى إلى المدينة، ثم إلى قرق كليسا، لفرار ابنه من الجندية في الجيش التركي، وعاد إلى طرابلس بعد غيبة 15 شهراً.

واحتفلت جمهرة من الكتاب والشعراء سنة 1347هـ، ببلوغه سبعين عاماً من عمره، فألقيت خطب وقصائد جمعت في كتاب (ذكرى يوبيل بلبل سورية) طبع سنة 1349هـ.

وله أربعة دواوين، هي: (الأفلاذ الزبرجدية في مدح العترة الأحمدية -ط) و(مدائح البيت الصيادي -ط)، و(المنهل الأصفى في خواطر المنفى -ط) نظمه في منفاه، و(ديوان شعره -خ).

1932م-
1350هـ-