ألا حيِّيا بالخبِيّ الديارا

القصيدة في كتاب "منتهى الطلب" لابن المبارك قال:

وقال أبو حيّة يمدح الحكم بن صخر الثقفي: (ثم أورد القصيدة) والحكم بن صخر هذا صاحب القصة في كتب الأمثال مع الجاريتين في المثل (في دون هذا ما تنكر المرأة صاحبها) وذكره الجاحظ فيمن كنيته أبو عثمان في رسالته إلى الكاتب ابن نجاح ولعثمان ابنه قصة مع عمرو بن عبيد إمام المعتزلة وله في الأغاني خبر مع الجارية سلسل إحدى قيان بغداد قال:

أتى أبان بن عبد الحميد الشاعر رجلاً بالبصرة وله قينة يقال لها سلسل، فصادف عندها محمد بن قطن الهلالي وعثمان بن الحكم بن صخر الثقفي فقال:

الأبيات 57
ألا حيِّيــا بـالخبِيّ الـديارا وهــلْ ترجعَــنَّ ديـارٌ حِـوارا
زمــانَ الصـِّبا ليـتَ أيامَنـا رجعْـنَ لنا الصالحاتِ القِصارا
زمــانٌ علــيَّ غُــرابٌ غُــدافٌ فطيَّــرَهُ الـدهرُ عنّـي فطـارا
فلا يُبعـدِ اللـهُ ذاكَ الغُـدافَ وإنْ كــانَ لا هـو إلاّ ادِّكـارا
فأصـــبحَ مـــوقعُهُ بائضـــاً محيطـاً خِطامـاً محيطـاً عِذارا
فأمــا مَســايحُ قــدْ أفحشـَتْ فلا أنـا أسطيعُ منها اعتذارا
وهــــازئةٍ إنْ رأتْ كَبْــــرَةً تَلفَّــعَ رأسٌ بهــا فاسـتنارا
أجارَتِنــا إنَّ ريــبَ المَنــو نِ قبلـي عابَ الرجالَ الخِيارا
فإمّــا تــرَيْ لِمَّــتي هكــذا فـأكثرتِ ممـا رأيـتِ النِّفارا
فقــدْ أرتَــدي وحْفــةً طَلّــةً وقـدْ أشـعفُ العطراتِ الخِفارا
وقـدْ كنـتُ أسـحبُ فضلَ الرِّداء وأُرخـي علـى العقِبَيْنِ الإزارا
ورَقراقــةٍ لا تطيــقُ القِيــا مَ إلاّ رويــداً وإلاّ انبِهــارا
خلَــوتُ بهـا نَتجـازى الحَـدي ثَ شـيئاً علانـاً وشـيئاً سِرارا
كـأنَّ على الشمسِ منها الخِمارَ إذا هـيَ لاثَـتْ عليها الخِمارا
كــأنَّ الخزامـى يمُـجُّ النـدى بمَحنيَــةٍ أُنُفــاً والعــرارا
تَقــاَّمُ فــي نشــرِ أثوابِهـا إذا الليـلُ أردفَ جَوزاً وحارا
وأخّــرَ جَــوزاً وكــانتْ لــهُ خُداريّــةٌ يعتكِــرْنَ اعتِكـارا
ويــــومِ تســـاقَطُ لـــذّاتُهُ كمـا ساقطَ المُدجَناتِ القطارا
تـــأنفْتُ لـــذّاتِهِ بـــاكراً بَرَهْرهــةً طَفلــةً أو عُقــارا
بكلتَيْهــا قـدْ قطعـتُ النَّهـا رَ خَـوداً شـَموعاً وكأسلً هِتارا
فأمّـا الفتـاةُ فمِلَـكُ اليمينِ تنضــِحُ نضـْحاً عـبيراً وقـارا
وأمّــا العُقــارُ فـوافى بـهِ سـَبيئةَ حـولَيْنِ تَجْـراً تِجـارا
كـــأنَّ الشـــبابَ ولـــذّاتِهِ ورَيْـقَ الصِّبا كانَ ثوباً مُعارا
وغيــــثٍ تَجنَّـــنَ قُريـــانُهُ يُخايـلُ فيـهِ المُرارُ المُرارا
علَونـــاهُ يَقـــدُمُنا ســَلْهبٌ نُســـكِّنُهُ تَئِقـــاً مُســتطارا
قَصـرْنا لـهُ دونَ رزقِ العيـالِ بُحّــاً مَهـاريسَ كُومـاً ظُـؤارا
مَقاحيـدَ يَغْبِقْنَـهُ مـا اشـتهى فيصــبحُ أحســنَ شـيءٍ شـَوارا
فبِتْنــــا بأوســـطِهِ ســـُرّةً نُصَهْصـي النُّهـاقَ بهِ والعِرارا
فلمــا أضــاءَ لنــا حــاجبٌ مـنَ الشمسُ تحسِبُهُ العينُ نارا
رأيـنَ المهـا ورأيـنَ النَّعامَ وأحمِـــرةً بغَميـــسٍ نِعــارا
فلمــا رأينـا صـِفاحَ الوجـو هِ يَــبرُقْنَ نَغْتَرهُـنَّ اغتِـرارا
غـدَونا بـهِ مثـلَ وقْـفِ العَرو سِ أهيـفَ بطنـاً مُمَـرّاً مُغـارا
قــذفْنا الحَـرُوريَّ فـي شـِدقِهِ وأُبطِـنَ مُلَحَـمُ فيـهِ العِـذارا
فلمــا عقلْنــا عليـهِ الغُلا مَ قِرنَيْـنِ لا يُنكـرانِ الغِوارا
حــذرناهُ مــن فلــكٍ بــافعٍ يغيـبُ الرَّقاقَ ويطفو الخُبارا
كــــأنَّ غُلَيِّمنـــا مُعْصـــِماً ونحـنُ نـرى جانبَيءهِ الشَّرارا
يمـــرُّ بـــهِ بـــرَدٌ ســابحٌ يُشــَقِّقُ مـن كـلِّ بيـنٍ دبـارا
كــــأنَّ مُلأتُــــهُ مُــــدْبِراً حريقُ الغَريفِ إذا ما استدارا
هشــيمٌ مــنَ الغـافِ مُسـتوقدٌ يُســنِّنُ ريحـاً وزادَ اسـتعارا
وشـــدَّدَ أزرقَ مثــلَ الشــِّها بِ كنّـا انتقَيْناهُ زُرقاً حِشارا
فلمــــا علاهُـــنَّ شـــُؤْبوبُهُ ولــفَّ نفِــيُّ غبــارٍ غبــارا
فأحْـذاهُ مثـلَ قُـدامى الجِناحِ خَضــْخَضَ قُصـْباً وأفـرى سـِتارا
فـــتزداد حَمْيـــاً شــآبيبُهُ وتــزداد أوضـاحُهنَّ احمِـرارا
فــألغى مَهــاتَيْنِ فـي شـأوِهِ وألغى الظَّليمَ وألغى الحِمارا
وخَطّــارةٍ مثــلِ خطْـرِ الفنِـي قِ تقطـعُ منهُ الحِطاطُ السِّفارا
هَــــوِيَّ مُصــــَلَّمةٍ صــــَعْلةٍ تــأوَّبُ بالسـِّيِّ زُغبـاً صـغارا
رماهـا المسـاءُ فمـا تبتلـي بأرْمِيَــةٍ ينهمِــرْنَ انهمـارا
يبـــادرْنَ رَيِّـــقَ ذي كِرْفــئٍ يَقُـدُّ الرُّبـا ويشـقُّ البحـارا
خَشـــوفِ الظلامِ إذا أظلمَـــتْ فأمـا النهارَ فتَخْدي النهارا
رميـتُ بهـا الليلَ حتى انحنتْ كـأنَّ بهـا وهْـيَ رهْـبٌ هِجـارا
تُبـــــادرُهُ أمَّ أُدْحِيّهـــــا فتَبْــدِرُهُ وتفــوتُ الغبــارا
فشــــبَّهتُ تلـــكَ صـــُهابيّةٌ مـنَ العيـسِ تهدي قِلاصاً مِهارا
إذا يــدُها وافــدَتْ رِجلَهــا بــأغبرَ يـزدادُ إلاّ اغـبرارا
تَواهَـــق أربَعُهــا واغتلــى مُقــدَّمُها وابتـذلْنَ المَحـارا
إلـى حكَـمٍ وهـوَ أهـلُ الثناءِ وحُسـنِ الثنـاءِ تولّى القِفارا
أُنيخــتْ بــهِ ولقــدْ هُلّلــتْ ومُقْــوَرَّةً كِليتاهـا اقـوِرارا
كــأنَّ العُفــاةَ علــى بـابِهِ عفـاةُ المُحَصـَّبِ ترمي الجِمارا
أبو حية النميري
79 قصيدة
1 ديوان

الهيثم بن الربيع بن زرارة، من بني نمير بن عامر، أبو حية.

شاعر مجيد، فصيح راجز، من أهل البصرة، من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، مدح خلفاء عصره فيهما.

قيل في وصفه: كان أهوج (به لوثة) جباناً بخيلاً كذاباً، وكان له سيف ليس بينه وبين الخشب فرق، يسمّيه (لعاب المنية).

قيل: مات في آخر خلافة المنصور (سنة 158 هـ) وقال البغدادي: توفي سنة بضع وثمانين ومائة.

وقد جمع رحيم صخي التويلي العراقي ما وجد من شعره في نحو عشر صفحات كبيرة نثرها في مجلة المورد.

800م-
183هـ-