طال السكوت فما لهذا الشاعر
الأبيات 57
طـال السـكوت فمـا لهذا الشاعر وضـع اليـراع ومـاله مـن عـاذر
مــرت عليـه الحادثـات فخالهـا فـي مرهـا مثـل السـحاب العابر
يـا طـائراً فـي روض شعرك بلبلا هـل سـجعة تـزرى بسـجع الطـائر
فاشـهر يراعـك بعـد طـول غموده وافلـل بـه حـد الحسـام الباتر
واسـتجل مـن آيـات فكـرك غـادة يـدعونها فـي الغيد بنت الخاطر
مـاذا ترجـى مـن أديـب لـم يزل يحيــى ليــاليهُ بطــرف ســاهر
أسـفاً علـى ماضـي الزمان وخشية ممـا يجيـء وحسـرة فـي الحاضـر
والقـوم ليـس بهـم نصـير عندما تسـطو الحـوادث كالهزبر الكاسر
فــاذا وفيـت إلـى صـديق منهـمُ أخلصــت فــي ود لــه وســرائر
عـد الوفـاء ذريعـة تبغـى بهـا ممــن صــحبت بلــوغ حـظ وافـر
يجفــو ويعبـس ان قصـدت رحـابه متبــوئاً منهــا مكـان الـزائر
فـاذا أفـدت لهـى يـديه بدا به ملـل ينـم عـن الـوداد الفـاتر
حــتى ينغصــك النـوال وتبتغـي لـو عـدت في النعمى بصفقة خاسر
أيـن الأولى كانوا اذا مدوا يدا هطلـت كشـؤبوب السـحاب المـاطر
هـاتيكم الايـدي الـتي لا ينقضـى مـدح الأديـب لهـا وشـكر الشاكر
درجـوا وهـا أنا بعدهم في معشر جـاروا علـيّ مـع الزمان الجائر
ان بحـت بالشـكوى هتكـت سريرتي فيهــم ورحــت حليـف جـد عـاثر
واذا ســكت اكــاد أقضـي حسـرة مـن كـل هـمّ فـي الفـؤاد مخامر
واذا عتبـت خشـيت كسـر قلـوبهم عنـد العتـاب ومـا لها من جابر
ويــذود عنهــم مقـولي بشـوارد فـي جيـدهم كـاللؤلؤ المتنـاثر
ولربمـا يشـكو الحزيـن فلم ينل الا الشـمات مـن العـدو الكاشـر
جيـــل سواســية وشــعب عنــده ان الـــوفيَّ بعهــده كالغــادر
ولكــم صــبرت وللحـوادث مرهـف ان سـل يومـاً فـلّ عـزم الصـابر
يبغــون منـي أن اثيـر عزائمـي واهــز فـي كفـي يـراع الثـائر
ليقـال احمـد يـا لـه مـن ناظم جـم البيـان ويـا لـه مـن ناثر
مــاذا ينسـق فـي زمـان لقبـوا فيـه الجبـان بليـث غـاب خـادر
ودعوا الذي يدري الكتابة فاضلا وربيـــب أقلام وخـــدن محــابر
فـاذا تعلـم بعضٍ ما يرضى النهى ســـموه مفضـــالاً ورب مفـــاخر
واذا تهـدج فـي الخطابـة صـوته ســموه منطيقــا وحلــف منـابر
واذا تــبين حــذقه فخـروا بـه ودُعـي بنابغـة الزمـان النـادر
انظـر إلـى شـعراء قـد يدعونهم فــي كـل نـاد بالفضـائل عـامر
هـذا الأميـر وذا الكـبير وآخـر رب الفصــاحة والبيـان السـاحر
والشــعر يبكـي عصـره مسـتعدياً منهـم إلـى اللَه العزيز القادر
ولغيرهــم القــاب علـم أصـبحت تعلـو وتهبـط مثـل قـدح الياسر
والعلـم يشـهد انهـم نقلوا لنا مـا فـي صـحائف كـل سـفر داثـر
وسـطوا علـى ما دونته يد الأولى كـدوا وجـدوا في الزمان الغابر
ولمعشـــر رتــب العلاء تظنهــا جـاءت اليهـم كـابراً عـن كـابر
هـذا السـريّ وذا الـوجيه وآخـر رغــم الضـلال شـريف بيـت طـاهر
والمجـد يشـهد أنهـا رتـب لهـم فرحـوا بهـا فرح الصغير القاصر
وأجلهــم قــدراً وأمـوجهم غنـى مــا بيــن سـكير وبيـن مقـامر
وأذلهــم ذاك الشـريف اذا أتـى يـوم الحسـاب بـوجه جـان باسـر
يعــزى إلـى بيـت النـبيّ وحقـه يعـزى إلـى النمرود أو للسامري
ولقـد تـرى الألقـاب في أسمائهم ممــا يكـل لهـا لسـان الحاصـر
والصـحف مـا زالت تجود لهم بها والعقـل يرمقهـا بعيـن السـاخر
فلتتــق الرحمــن فـي ألقابهـا تلـك الكبار وفي الثناء العاطر
كـثرت علينـا حيـث لا تحصـى ولا نــدري لهــا مــن أول أو آخـر
عبَّــاد ألقـاب اذا هـم ازهقـوا مـن دونهـا الأرواح ليـس بضـائر
هـم كالممثـل فـي الثياب فسافل فــي نفسـه ومملـك فـي الظـاهر
عمـون لا ادعـو سـواك أخـا نهـى ضــافى الجلال ورب فضــل بــاهر
حسـبي مـن الحكمـاء أنـك بينهم ترنـو إلـى الـدنيا بأصدق ناظر
كلمـات صـدق أشـبهت نجـم الهدى ان لاح بيـــن حنــادس وديــاجر
قـد خطهـا قلمـي الضعيف وفاتها للناشــئين منــار عصــر زاهـر
لمـا بيـن وعـظ للعبـاد وعـبرة للنــاس أو مثــل شــرود سـائر
حكـم تُبـلّ النفـس مـن أدواءهـا وتريهــمُ حـذق الطـبيب المـاهر
جــاءت كمــا يبغـي حجـاك لآلئا أقبلــت أهــديها لبحــر زاخـر
فاليــك ازجيهـا فـانت كفيلهـا وأجـــلّ مرجــو وأفضــل ناصــر
ذكــر الرجــال مخلـد بفعـالهم والشـعر فـي التاريخ أصدق ذاكر
أحمد نسيم
160 قصيدة
1 ديوان

أحمد نسيم بن عثمان بك محمد.

شاعر مصري.

ولد وتعلم وتوفي بالقاهرة، كان يلقب بشاعر الحزب الوطني، في شعره جودة ورقة.

وكان موظفاً في دار الكتب المصرية إلى أن توفي.

له (ديوان شعر -ط) جزآن، و(وطنيات أحمد نسيم -ط) جزآن، وهو مجموع مقالات له نشرها في الصحف المصرية.

1938م-
1356هـ-