محمد بن سعيد أبو عامر التاكُرُنّي: كاتب المنصور ابن أبي عامر الأصغر ملك بلنسية. وتاكُرُنَّىَ التي ينسب إليها كانت قصبة إشبيلية، كما يقول ابن سعيد في "المغرب" وهي مسقط رأس عباس بن فرناس وقد ضبطها السمعاني بضم الكاف والراء وتشديد النون قال ياقوت: (وهي كورة كبيرة بالأندلس ذات جبال حصينة يخرج منها عدة أنهار ولا تدخلها وفيها معقل رُندة، ينسب إليها جماعة، منهم أبو عامر محمد بن سعد التاكُرُني الكاتب الأندلسي كان من الشعراء البلغاء ذكره ابن ماكولا عن الحميدي عن ابن عامر بن شهيد) قال: (وتَاكَرُونَة: بالواو الساكنة، ناحية من أعمال شَذُونة بالأندلس متصلة بإقليم مغيلة) وقد قدرت وفاته بناء على وفات المنصور سنة (451هـ)
وترجم له الحميدي في "جذوة المقتبس" قال:
(محمد بن سعيد أبو عامر التاكرني الكاتب، وكان من أهل الأدب والبلاغة والشعر، ذكره أبو عامر بن شهيد سكن بلنسية، وخدم صاحبها عبد العزيز ابن الناصر بعد الأربع مائة).
وهو أحد من ترجم لهم ابن الأبار ف يإعتاب الكتاب ونقل ترجمته عن ابن حزم قال:
(ذكر أبو محمد بن حزم (1) الفقيه أنه كان أحد القادمين مع المهدي محمد ابن هشام بن عبد الجبار على عبد الرحمن بن أبي عامر والساعين عليه؛ قال: ثم ولي عبد العزيز بن عبد الرحمن بلنسية، فكان محمد بن سعيد من أخص الناس به، ومتولي تدبير أموره إلى أن مات). ثم نقل ما حكاه ابن بسام في الذخيرة:
وقد ترجم له ابن بسام في الذخيرة ترجمة مطولة وذكره مرات عدة في الذخيرة قال:
وأبو عامر كاتب مجيد، ومحسن معدود، نشأ أبوه في الدولة العامرية يفرع مراتبها، ويتدرع جلاببها، إلى أن ولي في أيام المظفر بن المنصور زمام التعقب على أهل الأندلس، فلما انقرضت الدولة العامرية وانشقت عصاها، وأدرات الفتنة المبيرة رحاها، كان أحد من
مرق من ظلمائها، وآوى إلى جبل عصمه من مائها، فاستقر ببلنسية وأميراها مظفر ومبارك -المذكوران في أول هذا القسم- فانتظم أبو عامر في سلكهما، وشاركهما في مراتب ملكهما، إلى أن أجابا صوت المنادي، وخلا منهما النادي، فخرا حسبما شرحته للفم واليدين، وفرق بينهما من أعفى الفرقدين، وأفضى ملكهما وملك من كان بهذا الأفق الشرقي من هؤلاء العِبِدَّى المجابيب إلى عبد العزيز بن عبد الرحمن المتقلب بالمنصور، فنهل أبو عامر في دولته وعل، ونهض بأعباء مملكته واستقل، وكان بينه وبين أحمد بن عباس، كاتب زهير الفتى -المتقدمي الذكر- مكاتبات تنازعا فيها فضل البلاغة والبراعة، وتسابقا منها إلى غايات هذه الصناعة، وقد أثبت منها ومن سائر كلام أبي عامر في هذا الديوان، ما يقضى له بالإحسان، ويشهد بتبريزه على أهل الزمان. (ثم اورد فصولا من رسائله السلطانيات)
(1) يعني في كتابه "نقط العروس" أثنا كلامه على غرائب الدهر وعبارته فيه:
من الغرائب أن موسى بن حدير كان من أخصِّ الناس بالمطرف بن الأمير عبد الله والمطرف هذا هو قاتل أخيه محمد بن الأمير عبد الله، فلما صارت الخلافة إلى عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله المقتول المذكور كان موسى بن محمد بن حدير من أخص الناس به، وولاه حجابته و تدبير أموره كلها.
وقد شاهدنا مثل هذا: وذلك أن محمد بن سعيد التاكرني كان أحد القائمين مع المهدي محمد بن هشام بن عبد الجبار على عبد الرحمن بن محمد بن أبي عامر، ومن المشاهدين لقتل عبد الرحمن وصلبه والساعين في القيام عليه وفساد أمره؛ فلما قام عبد العزيز بن عبد الرحمن المذكور ببلنسية لم يكن أحد أحظى منه من محمد بن سعيد المذكور، وتولى تدبير مملكته إلى أن مات.
وكان ناصر الدولة بن حمدان قتل عمه أبا العلاء بعصر خصاه، ثم كان أبو عبد الله بن أبي العلاء أخصَّ الناس بناصر الدولة ومتولي عسكره....إلخ)