هَذي الحَياة التي راقَت مَجاليها
الأبيات 24
هَـذي الحَيـاة التي راقَت مَجاليها يَحصــى حصـاها وَلا تُحصـى مَآسـيها
مـا كُنـت تَلهو بِما أَبدَت ظَواهرها لَـو كُنـت تَنظـر ما تَخفى خَوافيها
تَظــل تَعــرض أَلوانــاً مَفاتنهـا وِللشــُرور مَجــال فــي نَواحيهـا
تُجـاور الحُسـن فيهـا وَالأَسى وَمَشَت مـا بَينَ أَفراحِها الكُبرى مَناعيها
يَشـقى وَيَفنـى بَنوهـا وَهِـيَ لاهِيَـة بــدلها وَحلاهــا عَــن ذراريهــا
تَروقـك الغابـة الفَيحـاء ناضـِرَة يَــرف بِالحُسـن عاليهـا وَدانيهـا
وَيـانع الزَهـر فـي أَفنائِهـا عَبَق وَريـق المـاء يَجـري فـي مَساريها
وَيَســتَبيك بُــرود مِــن نَسـائمها هيــن وَظــل ظَليـل مِـن حَواشـيها
وَبَيــنَ أَطوائِهــا حَــرب مُخَلَــدة تَعــج مـا بَيـنَ ماضـيها وَآتيهـا
فـي عشـبها أَو ثَراها أَو لَفائفها يَكــن رائحهــا شــَراً لِغاديهــا
وَمــا اِغتَـدى حُبهـا إِلّا بِهالكهـا وَلا ســـما نَضــرها إِلا بِــذاويها
تَغلغـل الظُلـم فـي أَحنائِها وَعدا عَلـى الضـَعيف مِـن الأَحياء عاديها
فــي كُـل طرفـة عَيـن ثُـم مُهلكـة أَو ثُـمَ مَعرَكـة يـا وَيـل صـاليها
تَشــــقى وَتَـــألم آلاف مُؤلَفـــة فـي كُـل آن وَتَـردى فـي دَياجيهـا
وَتَعشـق البَحـر فـي رَحـب وَفي عَظم وَالبَحــر مطـرد الأَمـواج طاميهـا
تُلاعــب الريــح أَحيانـاً غَـواربه وَسـاكب النـور أَحيانـاً يُناغيهـا
يَصـفو الأَصـيل عَلَيها وَالضُحى وَلَها تَـــردد وَخَريــر فــي شــَواطيها
وَتَحــتَ أَثياجِهــا حــرب مؤرثــة مَوصـولة لَيـسَ يَخبو الدَهر وَاريها
وَكَــم مَآسـي فـي قيعانِهـا درجـت وَكَـم فَجـائع غـابَت فـي غَواشـيها
سـل الجَديـدين كَـم كَـرا عَلى مهج مروعــة عــز فـي اللأواء آسـيها
لَو أَطلَق المَرء لِلعَين العِنان عَلى تِلـكَ المَآسـي لَمـا جَفـت مَآقيهـا
وَلَـو رَثـى لِضـحاياها العِداد لَما حَلا لَــهُ الشـعر إِلّا فـي مَراثيهـا
وَلـو تَـدبرت النَفـس الحَيـاة لَما صــَحت مِـن الهَـم لَكُنـا نُماريهـا
نَشــيحها عَــن مَآسـيها وَنصـرفها لَمــا تُحــب وَتَرضـى مِـن مَلاهيهـا
فخري أبو السعود
15 قصيدة
1 ديوان

فخري أبو السعود.

مدرس مصري، له اشتغال بالأدب والترجمة، وله نظم كثير، فيه رقة، نشر بعضه في الصحف والمجلات، تعلم بالقاهرة واستكمل دراسته في انجلترا، وعمل في التدريس بالقاهرة ثم بالإسكندرية. وتزوج بإنجليزية، فكان له منها ولد. وابتعدت عنه مضطرة خلال الحرب العالمية الثانية، فانقطعت أخبارها. وغرق ولده في إحدى السفن، فانهارت أعصابه، فأطلق على رأسه رصاصة ذهبت بحياته في الإسكندرية، وهو في نحو الخامسة والثلاثين من عمره.

له (مقارنة بين الأدبين العربي والإنكليزي- ط) نشر متسلسلا في مجلة الرسالة، و(الثورة العرابية- ط) تاريخها ورجالها، و(التربية والتعليم) لم يطبعه. وترجم عن الإنجليزية (تس، سليلة دربرفيل- ط) لتوماس هاردي.

1940م-
1359هـ-