إليكَ وقد كلَّتْ علينا العزائمُ
الأبيات 48
إليـكَ وقـد كلَّـتْ علينـا العـزائمُ ســرتْ بتحيَّــات المشـوقِ النسـائمُ
تحـاكمنَ فـي دعـوى التفوُّق بالشذا إليـــك وكـــلٌّ طيبـــاتٌ نــواعمُ
ولا مــدَّعٍ عنِّـي سـوى خـالص الهـوى ولا شــاهدٌ إلاَّ العُلــى والمكــارمُ
وأغلـــبُ ظنِّــي أن خلقــكَ للــتي حكــتْ طيبـه وهـي التحيّـات حـاكمُ
أمـا وأيـادٍ أوجـب المجـدُ شـكرَها بهـا لـم تنـبْ عن راحتيكَ الغمائمُ
لأنــتَ الــذي منــهُ تـردُّ أُمورنـا إلـى عـالمٍ مـا فـوقه اليوم عالم
إلـى خيـرِ أهـلِ الأرض بِـرًّا ونائلاً وأكـرم مَـن تثنـى عليـه المكـارمُ
منــارُ هـدًى لـولاهُ لاغتـدت الـورى بمجهــل غــيٍّ ضــمَّها وهــو قـاتمُ
وســيف هــدًى يمحـو الضـلالةَ حـدُّه ويثبـت منـه فـي يـد الـدين قائمُ
وعــار مــن الآثــام عــفَّ ضـميره وكـأسٌ مـن التقـوى من الذكر طاعمُ
وجـدناه مـا يـأبى الزمـان بمثله وهــل تلــد الأيــامُ وهـي عقـائمُ
فتًــى أظهـرَ اللـهُ العظيـم جلالـه وليـس لمـا قـد أظهـرَ اللـهُ كاتمُ
وشـــادَ برغـــم الحاســدينَ علاءه وليـس لمـا قـد شـادَه اللـهُ هادمُ
وذو هيبـةٍ لـو أُشـعِرَ الليثُ خوفها لمـا ثبتـتْ فـي الأرض منه القوائمُ
وأردفهــا أخــرى فكــانت عظيمـةً أُقيمـت لهـا فـوقَ السـماء المآتمُ
وحـزتَ ثوابـاً لـو يقسـَّم في الورى لحطـتْ بـه في الحشرِ منها الجرائمُ
فـأنتَ لعمـري أصـلبُ النـاسِ كلّهـا قنـاةَ عُلًـى لـم تسـتلنها العواجم
وأوسـع أهـل الأرض حلمـاً مـتى تضقْ لدى الخطب من أهلِ الحلوم الحيازمُ
عنــت لـك أهـلُ الكبريـاء وقبَّلـتْ ثـرى نعلـك الحسـَّاد والأنـف راغـمُ
تـرى علمـاء الـدين حتفاً تتابعوا وحســب الهـدى عنهـم بأنَّـك سـالمُ
فـأنت بهـذا العصـر للخيـر فاتـحٌ وأنــت بـه للعلـم والحلـم خـاتمُ
وأنـت لعمـري البحـرُ جوداً ونائلاً وأنملـك العشـرُ الغيـوث السـواجمُ
فيــا منفقــاً بالصـالحات زمـانه فـداً لـك مـن تفنـي سـنيه المآثمُ
بقيـــتَ بقـــاءً لا يحــدُّ بغايــةٍ وأنــت علـى حفـظ الشـريعة قـائمُ
ولـو قلـتُ عمـر الدهر عمَّرتَ خلتَني أســأتُ مقـالي ذلـك الـدهر خـادم
تنبَّــه لـي طـرفُ التفاتـك نـاظراً إلــيَّ وطــرفُ الــدهر عنِّـي نـائمُ
فــأدعو لنفسـي إن أقـل دم لأنَّنـي تــدومُ لــي النعمــا بأنَّـك دائمُ
فمــا أنــا لـولا روض خلقِـك رائدٌ ولا أنــا لــولا بـرقُ بشـرِك شـائمُ
ودونكهــا غــرَّاء تبســم لؤلــؤاً مـن القـول لم يلفظه بالفكر ناظمُ
فــرائدُ مــن لفــظٍ عجبـتُ بـأنَّني أبــا عــذرها أُدعـى وهـنَّ يتـائمُ
ومـــدره قــولٍ يغتــدي ولســانه لـوجه الخصـوم اللـد بالخزي واسمُ
ينــال بــأطراف اليــراع بنـانه مـن الخصـم ما ليست تنال اللهاذمُ
فـأقلامه حقًّـا قنـا الخـطّ لا القنا وآراؤه لا المرهفـــات الصـــوارم
حمـى اللهُ فيه حوزة الدِّين واغتدت تصــانُ لأهـل الحـقِّ فيـه المحـارمُ
فيـا منسـياً بـالجودِ معناً وحاتماً ألا إنَّ معنًــى مــن معانيـك حـاتمُ
محيـاكَ صـاحٍ يمطـر البشـرَ دائمـاً وكفُّــك بالجــدوى لراجيــك غـائمُ
وتخفـض جنحـاً قـد سـما بك فارتقى إلـى حيـث لا بالنسر تسمو القوادمُ
تــداركَ فيــه اللـهُ أحكـامَ ملَّـةٍ قـد اندرسـت لـولاكَ منهـا المعالمُ
ألا إنَّ عيــنَ الـدين أنـت ضـياؤها وأنـت لهـا مـن عـاثر الشرك عاصمُ
شــهدتُ لأهــل الفضـل أنَّـك خيرُهـم شــهادةَ مَـن لـم تتبعـه اللـوائمُ
وأنــك ظــلُّ اللـه والحجَّـة الـتي تــدين لهــا أعرابهــا والأعـاجمُ
وعنــدكَ جــودٌ يشـهدُ الغيـثُ أنَّـه هـو الغيـثُ لا ما جدنَ فيه الغمائمُ
يطــبُّ بـه الأعـداء والـداء معضـلٌ وترقــى بــه الأيَّـام وهـي أراقـمُ
سـبقتَ لتفريـج العظـائم في الورى فحــزتَ ثناهــا واقتفتـك الأعـاظمُ
وصــادمت الجُلـى حشـاك فلـم يكـن ليأخــذَ منهــا خطبُهـا المتفـاقمُ
فلـو لـم يكـن مـن رقَّةٍ قلتُ مقسماً لقـد قـرعَ الصـلد الملـمُّ المصادمُ
وبـالأمس لمـا أحـدث الـدهرُ نكبـةً إلـى الآن منهـا مـدمعُ الفضل ساجمُ
تلقيتَهـا بـالحلم لا الصـدرُ ضـائقٌ وإن كــبرتْ فيـه ولا القلـب واجـمُ
حيدر الحلي
283 قصيدة
1 ديوان

حيدر بن سليمان بن داود الحلي الحسيني.

شاعر أهل البيت في العراق، مولده ووفاته في الحلة، ودفن في النجف.

مات أبوه وهو طفل فنشأ في حجر عمه مهدي بن داود.

شعره حسن، ترفع به عن المدح والاستجداء، وكان موصوفاً بالسخاء.

له ديوان شعر أسماه (الدر اليتيم ـ ط)،، وأشهر شعره حولياته في رثاء الحسين.

له كتب منها:( كتاب العقد المفصل في قبيلة المجد المؤثل ـ ط) جزآن، و (الأشجان في مراثي خير إنسان ـ خ)، و (دمية القصر في شعراء العصر ـ خ).

1886م-
1304هـ-