أُجِلُّكَ عَن مَدحي وَأُغليكَ عَن شِعري
الأبيات 39
أُجِلُّــكَ عَـن مَـدحي وَأُغليـكَ عَـن شـِعري فَإِنَّــكَ مَمـدوحٌ مِـنَ اللَـهِ فـي الـذِكرِ
رَأى اللَـهُ عَجـزَ النـاسِ عَـن شُكرِ أَحمَدٍ فَقــامَ تَعــالى بِالثَنــاءِ وَبِالشــُكرِ
فَـأَثنى عَلَيـكَ اللَـهُ فـي سـورَةِ الضُحى وَأَثنـى وَكَـم أَثنـى وَفـي سـورَةِ الحَشرِ
فَلَــو لَـم يَكُـن فَرضـاً مَـديحُكَ عـاقَني قُصـوري وَكـانَ العَجـزُ فـي تَركِـهِ عُذري
فَلَبَّيــكَ رَبّــي ذا ثَنــائي وَلَـم يَكُـن عَلــى قَـدرِهِ حَمـدي وَلَكِـن عَلـى قَـدري
وَعَفـــوَك رَبّـــي ذاكَ نَظمــي وَإِنَّنــي لَأَبــرَأُ مِــن نَظمـي إِلَيـكَ وَمِـن نَـثري
إِلَيـكَ رَسـولَ اللَـهِ تَسـري بِـيَ المُنـى عَلــى نــورِ ظَـنٍّ فيـك يَسـطَعُ كَالبَـدرِ
إِلــى حَــرَمٍ عــالي الجَنــابِ مُمَنَّــعٍ عَـنِ الوَصـفِ نـاءٍ عَـن مُغـامَرَةِ الفِكـرِ
مَقــــامٌ تَحامــــاهُ المَلائِكُ هَيبَـــةً لِمـا ضـَمَّ مِـن مَجـدٍ وَمـا حـازَ مِن طُهرِ
عَلَيـــكَ صــَلاةُ اللَــهِ لَســتُ بِبــالِغ عُلاكَ وَلَــو أَنّــي اِغتَرَفـتُ مِـنَ البَحـرِ
نَبِــيٌّ بِــدينِ الحَــقِّ جــاءَ وَبِالهُـدى وَقَـد ثَقُلَـت فَـوقَ الثَـرى وَطَـأةُ الكُفرِ
شـــَريعَتُهُ فيهــا الشــَرائِعُ أُغرِقَــت كَمـا تَغـرَقُ الأَسـحارُ فـي لُجَـجِ الفَجـرِ
مِــنَ العُـربِ لَكِـن زَيَّـنَ العُـربَ بَيتـه كَمــا زانَ مَـرأى رَوضـَةٍ ضـاحَكُ الزَهـرِ
تَلاقَــت بِعَبــدِ اللَــهِ مُنجِبَـهُ الهُـدى كَمــا يَلتَقـي عِقـدُ المَليحَـةِ بِـالنَحرِ
فَجــاءا بِــهِ خَيــر العِبـادِ جَميعِهـم وَأَسـمَحَ خَلـقِ اللَـهِ فـي اليُسرِ وَالعُسرِ
لَــهُ العَزمَـةُ الشـَمّاءُ فـي كُـلِّ عِـثيرٍ تَســاوَت بِــهِ شـُهبُ الصـَوافِنِ بِالشـُقرِ
وَلَــو لَــم يُتـابِعهُ الصـَحابَةُ لِلـوَغى لَقاتَــلَ أَهــلَ الأَرضِ بِالسـَيفِ وَالصـَبرِ
فَلَيــسَ يُبــالي مَـن لَـهُ اللَـهُ نـاظِرُ إِذا مـا رَمـاهُ النـاسُ بِـالنَظَرِ الشَزرِ
وَلَيــــسَ ســـَواءً صـــارِمانِ مُضـــَلَّلٌ وَآخــرُ مَوعــود مِــنَ اللَــهِ بِالنَصـرِ
وَيَــومَ يُناديهــا اِركَــبي فَتُثيرُهــا عَجاجــاً وَتَرميهِــم بِقاصــِمَةِ الظَهــرِ
عَلَيهــا مِــنَ الغُـرِّ المَيـامينِ فِتيَـةٌ مُنـاهُمُ لِقـاءُ اللَـهِ فـي مَـوكِبِ الظَفرِ
إِذا ذُكِـــرَ الرَحمــنُ بَيــنَ صــُفوفِهم رَأَيــتَ ســُكارى فــي الإِلَــهِ بِلا سـُكرِ
رَأَيـــتَ كِرامـــاً يَبــذُلونَ نُفوســَهُم ســَخاءً وَلَكِــن يَحرِصــونَ عَلــى الأَجـرِ
يَســـيرونَ حَـــولَ المُصــطَفى وَكَــأَنَّهُ وَحاشــاهُ بَــدرٌ حُــفَّ بِـالأَنجُمِ الزُهـرِ
بِكُـــلِّ وَلِـــيِّ اللَــهِ يَقطُــرُ وَجهُــهُ لَـدى المَـوتِ مِـن ماءِ البَشاشَةِ وَالبِشرِ
يَعــافُ ثِيـابَ المُلـكِ وَالتـاجُ فَوقَهـا إِذا أُدنِيَـت مِنـهُ وَلَـو عـاشَ فـي طِمـرِ
يَـــدوسُ بِرِجليـــهِ الســُيوفَ كَأَنَّمــا إِلـى المَـوتِ يَمشـي مِن ظُباها عَلى جِسرِ
لَـدى كُـلّ صـُبحٍ يُلحِـقُ الـبيضَ بِالسـُمرِ وَفـي كُـلِّ لَيـلٍ يُتبَـعُ الشـَفع بِـالوترِ
يَعيــشُ طــوالَ الــدَهرِ لَيــسَ غِـذاؤُهُ سِوى الذِكرِ وَالتَسبيحِ في الصَومِ وَالفِطرِ
يَمُـــرُّ بِــهِ حُلــوُ الحَيــاةِ وَمُرُّهــا كَمــا مَــرَّ أَعلام الفِجــاجِ عَلـى سـَفرِ
يَــرى جَنَّــةَ الفِــردَوسِ خَلــفَ عِـداتِهِ فَيضــربُ بِالصَمصــامِ فـي ذَلِـكَ السـَترِ
ســــَواءٌ لَـــدَيهِ جـــارُهُ وَعَشـــيرُهُ وَمَـن كـانَ ذا قُربـى وَمَـن كانَ ذا صِهرِ
إِذا مَرِضـــَت كَـــفٌّ وَخيـــفَ أَذاتُهــا فَلَيـسَ لَهـا فـي الطِـبِّ خَيـرٌ مِنَ البَترِ
فَيــا أَيُّهــا الهـادي المُطَهَّـرُ إِنَّنـي عَصــَيتُ فَلَــم أَحفِــل بِنَهــيٍ وَلا أَمـرِ
وَأَرتَعــتُ نَفســي فــي رِيـاضِ شـَقائِها وَحَمَّلتُهــا مــا لا تُطيــقُ مِـنَ الـوِزرِ
فَكَـم مِـن هِنـاتٍ لـي عَلـى اللَهِ سَترُها وَكَـم مِـن فَعـالٍ كـادَ يُربي عَلى الكُفرِ
وَهَــذي يَــدي إِنّـي إِلـى اللَـهِ تـائِبٌ وَمُســتَغفِرٌ حَتّــى أُغَيَّــبَ فــي قَــبري
فَكُــن لــي شـَفيعاً عِنـدَ رَبّـي فَـإِنَّني ضـــَعيفٌ وَلا أَقـــوى لِبَـــردٍ وَلا حَــرِّ
عَلَيــكَ صــَلاةُ اللَــهِ مــادامَ غـافِراً حَليمــاً رَحيمــاً ذا ســَماحٍ وَذا بِــرِّ
محمد توفيق علي
245 قصيدة
1 ديوان

محمد توفيق بن أحمد بن علي العسيري العباسي.

شاعر مصري ولد في زاوية المصلوب من قرى بني سويف بمصر الوسطى وتعلم بها ثم في القاهرة. وتخرج ضابطاً فترقى في الجيش المصري إلى مرتبة يوز باشي واستقال فعاد إلى قريته يمارس الزراعة والتجارة إلى أن توفي.

نسبته إلى قبيلة العسيرات النازل قسم منها بمصر العليا ويقال أن هذه القبيلة تنتمي إلى العباس بن عبد المطلب.

ويصف نفسه بالنفور من معاشرة الناس إلا ممن تجمعه به ضرورة عمله أو من يطرق بيته من الأضياف.

في شعره رقة وجودة أورد صاحب شعراء العصر مختارات منه في إحدى عشرة صفحة ويقول عبد الحليم حلمي الشاعر المصري في نعته:

شاعر جاهلي إسلامي حضري بدوي جمع بين سلاسة العبارة وحسن الديباجة له (ديوان التوفيق -ط) الجزء الأول منه.

1937م-
1355هـ-