عهد الصبا سقياً لأيام الصبا
الأبيات 34
عهـد الصـبا سـقياً لأيـام الصبا أشــبه شــئ بــأزاهير الربــا
إن الصــبا كـالورد فـي نضـرته وعمــره واللــون منـه والشـذا
واهـاً علـى شرخ الشباب المشتهى خلّـــف ذاكــره بقلــبي ومضــى
لقــد ذوى غصــن حيــاتي بعـده وكــان ريّـان التصـابي والمنـى
أطيــب عيـش المـرء فـي شـبابه فــإن تــولّى فهـو عيـش مـزدرى
أن حيـاة المـرء مـا عـاش تـرى أحوالهــا مختلفـات فـي الـرؤى
كــالنهر الجـاري الـذي تغيّـرت أوضــاعه فــي الأرض كلمـا جـرى
فهـو لـدى المنبـع ضحضـاح وفـي مصــّبه تلقــاه بحـراً قـد طمـا
بينـاه يجـري فـي الثرى منعطفاً إذا بـــواديه تمطّــى واســتوى
طــوراً كأسـياف الـوغى منحنيـاً فـي الأرض ينسـاب وطـوراً كالقنا
وربمـــا عــادت مجــاريه بــه راجعـةً مـن حيـث جـاء القهقـرى
وربمــا صــادف غوطــاً فـانهوى فيــه وقــد خــرّ خريـراً ورغـا
والمـاء فيـه قـد يـرى منبسـطاً وتــارةً منزويــاً فــوق الـثرى
وتـــارة تلقــاه فــي مشــجرة يجـري واخـرى بيـن اصـلاد الصفا
حــتى إذا أبحــر مجــراه بــه كـان إلى الد أماء منه المنتهى
وهكــذا أنهــار أعمـار الـورى تجـري فتنصـبّ إلـى بحـر الـردى
وإنمــا العمــر شــباب فــإذا زال فحــــزن وشـــقاء وضـــنى
ما كان أحلى العيش لو أن الفتى لــم يجـد الشـيب إليـه مختطـى
ليت الفتى كالبدر في النشأة إذ عـــاد هلالاً كـــل شــهر فنمــا
أوليتــه كالشــجر النــابت إذ يـورق في الصيف ويعرى في الشتا
أوليـت هـذا الشـيب أن كان ولا بـدَّ مـن الشـيب أتـى قبل الصبا
شــبيبة الإنســان مـرآة المنـى بــدائع الآمــال فيهــا تجتلـى
والمـرء فيهـا أن تمـرأى راجياً أبـدت لـه مبتسـماً ثغـر الرجـا
ويــح شــباب فتــك الشـيب بـه إذ لاح كالســيف عليــه منتضــى
بــردان هــذا مـن وقـار ونهـى حيــك وهــذا مــن تصـابٍ وهـوى
لكـن وقـار الشـيب لا يعـدل مـا فــي طيّـه مـن لوثـة ومـن ونـى
يـا مسـلياً ذا الشـيب عن شبابه بـأن وخـط الشـيب أزهـار النهى
أقصـر هـذا ذيـك عـن القول فلا يقـــاس ذيّـــاك تــاللّه بــذا
ومـا الصـبا بمـانعٍ مـن الحجـا بـل هـو فـي الشيخ يكون والفتى
وليـس مـن أصـبح يمشـي الخيزلى فـي معرض السبق كما شي الهيذبي
ومـا إيـاة الشـمس فـي تطفيلها مثـل إيـاة الشمس في رأد الضحا
وهـل يطيـب العيـش للهـمّ الـذي أن هـمّ بالنهضـة خـانته القـوى
يــبيت طـول الليـل فـي مضـجعه مســتأنس السـلعة وحشـيّ الكـرى
وإن ظهـــر الأرض يســتثقل مَــن قــام يـدبّ فوقهـا علـى العصـا
معروف الرصافي
247 قصيدة
1 ديوان

معروف بن عبد الغني البغدادي الرصافي.

شاعر العراق في عصره، من أعضاء المجمع العلمي العربي (بدمشق)، أصله من عشيرة الجبارة في كركوك، ويقال إنها علوية النسب.

ولد ببغداد، ونشأ بها في الرصافة، وتلقى دروسه الابتدائية في المدرسة الرشيدية العسكرية، ولم يحرز شهادتها.

وتتلمذ لمحمود شكري الآلوسي في علوم العربية وغيرها، زهاء عشر سنوات، واشتغل بالتعليم، ونظم أروع قصائده، في الاجتماع والثورة على الظلم قبل الدستور العثماني.

ورحل بعد الدستور إلى الأستانة، فعين معلماً للعربية في المدرسة الملكية، وانتخب نائباً عن (المنتفق) في مجلس (المبعوثان) العثماني.

وانتقل بعد الحرب العالمية الأولى إلى دمشق سنة (1918)، ورحل إلى القدس وعين مدرساً للأدب العربي في دار المعلمين بالقدس، وأصدر جريدة الأمل يومية سنة (1923) فعاشت أقل من ثلاثة أشهر، وانتخب في مجلس النواب في بغداد.

وزار مصر سنة (1936)، ثم قامت ثورة رشيد عالي الكيلاني ببغداد فكان من خطبائها وتوفي ببيته في الأعظمية ببغداد.

له كتب منها (ديوان الرصافي -ط) (دفع الهجنة - ط)

(محاضرات في الأدب العربي - ط) وغيرها الكثير.

1945م-
1364هـ-

قصائد أخرى لمعروف الرصافي

معروف الرصافي
معروف الرصافي

القصيدة ليست في الديوان وقد رأيت مهتمين بشعر الرصافي يتداولونها فأضفتها للموسوعة اليوم 21 / 3/ 2020