على عَتَباتِ الغِيَابْ:
الأبيات 55
ذَهَبَ الجَمِيعُ وَغَادَرُوا، | |
لم يبْقَ غَيْرِي هَا هُنَا | |
الصَّمْتُ يسْكُنُ كلَّ زاوِيَةٍ وَيُلْبِسُني ثِيَابَ الْحائرينْ | |
ضَاقَ الْمَدَى بَيْنَ الْحُدُودِ الشّاسِعَهْ ! | |
و هُنَا الطرِيقُ... | |
تزفُّ أخبار الضياع | |
و مَا هُنالِك قَارعَه | |
وَحْدِي يُحَدِّثُنِي الْجِدَارُ بلَهْفَةٍ | |
يَروِي حَكايَا الْغائِبِينْ | |
عَنْهُمْ ، وَعَنْ أحلامِهِمْ..أسْرَارِهِمْ .. آلامِهِمْ | |
كانُوا يرَوْنَ مَعِي النُّجُومَ الْقَابِعَه | |
هَذا الْجدارُ يُحِبَّهُمْ | |
يُفْشِي وَ يُخْبِرُنِـي ﺑمَا قَالُوا وَمَا كَتَمُوا | |
وَ يَفْضحُ لِي الأَمَانِي الْخَادِعَه | |
يَبْكي الذِينَ أَتَوْا وَمَرُّوا مِنْ هُنَا | |
كانُوا يَشُمُّونَ الْعَبيرَ مُسَالِمِينْ | |
وَقُلُوبُهُمْ ﻛانَتْ هُنَا | |
تُلْقِي بَقايَا مِنْ أمَانِيهُمْ هُنَا مغْرُوسَةٌ فَوقَ الْجِدَارِ ، | |
معَ الحنينْ | |
و الآنَ لا أحدٌ هُنَا | |
رَحلَ الجَمِيعُ | |
إلى الضِّفَافِ الْوَاسِعَهْ | |
شَدُّوا اﻟرِّحَالَ على مَطايَا مِنْ غِيَابٍ ليسَ يَركَبُهَا طليقٌ أوْ سجينْ | |
فتبعثَرُوا و تَنَاثَرُوا | |
صَارُوا ﺷﺘَﺎﺗًﺎ في عِدَادِ الضّائعينْ | |
وبقيتُ وَحدِي حَامِلاً عبْءَ البَقاءِ مُكابِرًا | |
ﻣَﺎ ﻛُﻨْﺖُ أعلمُ قبْلَهـا | |
أنَّ اﻟﺘَﻔَﺎﺻِﻴﻞَ اﻟﺠَﻤِﻴﻠﺔَ ﺳَوْفَ تَغْدُو ذِﻛﺮَﻳَاتْ | |
و الذكرياتُ مراتعٌ تُؤوِي إليهَا الْحالمينْ | |
فوْضَى المَطَاعِمِ | |
نَغْمَةٌ فِي زَحْمَةِ الطّابُورِ نَعزِفُهَـا | |
نُعِيدُ حِكايَةً مِنْ أمسِنَـا الزَّاهِي وألْغَيْنَـا السِّنِينْ | |
ونعُودُ حَيثُ سَمَاؤُنَـا الزَّرْقاءُ تصْنعُ مَوْسِمًا | |
للحُبِّ والأمَلِ الْمَكِينْ | |
أتَذَكَّرُ الكرَّاسَ والأقلامَ | |
والأفعالَ والأسماءَ حينَ تجمّعَتْ | |
وَجَحَافِلُ الطُلّابِ موْجٌ جَارِفٌ نَحوَ المَقَاعِدِ في ثباتْ | |
و ﻣﺤﺎﺿرَاتٌ ﻛﻨﺖُ ﻓِﻴﻬﺎ ﺣَﺎﺿِﺮًا ذاكَ الحُضُورْ | |
الشّعْرُ كان مُرَافِقِي | |
و الأمنِياتُ بِنَا تَدُورْ | |
فِي دَفتَرِي أخفِي المطامِحَ و القصائدَ عنْ عُيُونٍ جَائِعَهْ | |
ﻣَﺎ زلتُ أذكُرُ ﻛﻴﻒَ ﻛﻨﺖُ مُوَزَعًا ﺑﻴﻦَ المَنَابِرِ و المَخَابِرِ | |
ﻗَﺎرِﺋًﺎ ﻣَﺎ ﻓِﻲ الدَﻓﺎﺗِﺮِ مِنْ قصائدَ | |
و الغُرُورُ يلفّني في ثوبه | |
قُدامَ جمعِ المُعجَبِينَ كأنّنِي شمسُ الصّباحِ السّاطِعَةْ | |
الآنَ أيْنَ قَصَائِدِي ؟ | |
أينَ الَّذينَ مَشوْا مَعي؟ | |
كانُوا هُنَا يَتَزَاحَمُونَ ليسْمَعُوهَا مِنْ فَمِي | |
أينَ اللواتِي كنَّ قافلَةً وَرَائِي تَابِعَهْ ؟ | |
أينَ الذينَ تَهَامَسُوا عنِّي و قالوا إنّهُ ربّانُ كلِّ سَفِينَةٍ | |
تَمْضِي وتَقْطعُ بَحْرَهَـا ، | |
لا ترْهبُ المَوجَ الغَضُوبَ ولا تَلِينْ | |
رَحَلُوا هُمُو وَ تَفَرَّقُوا | |
و بَقَيتُ وَحدِي هَا هُنَـا حُلْمًا تُزَاحِمُهُ أعاصيرُ الْفراغِ | |
كلحْظةٍ بَينَ اللَّيَالِي ضَائِعَهْ |