الأبيات 57
أحــق أنهــم دفنــوا عليــا وحطوا في الثرى المرء الزكيا
فمـا تركـوا مـن الأخلاق سـمحا علــى وجـه الـتراب ولا رضـيا
مضـوا بالضاحك الماضى وألقوا إلـى الحفـر الخفيف السمهريا
فمـن عـون اللغـات علـى ملـم أصـــاب فصــيحها والأعجميــا
لقــد فقــدت مصـرِّفها حنينـا وبــات مكــانه منهــا خليـا
ومـن ينظـر يـر الفسطاط تبكى بفائضــه مــن العـبرات ريـا
ألـم يمـش الـثرى قحـة عليها وكــان ركابهـا نحـو الثريـا
فنقــب عــن مواضــعها علــىٌّ فجـــدد دارســـا وجلا خفيــا
ولــولا جهـده احتجبـت رسـوما فلا دمنـــا تريــك ولا نؤيّــا
تلفتــت الفنــون وقـد تـولى فلـم تجـد النصـير ولا الوليا
سـلوا الآثـار مـن يغدو يغالى بهــا ويــروح محتفظـا حفيـا
وينزلهــا الرفــوف كجــوهري يصــفف فـي خزائنهـا الحليـا
ومـا جهـل العـتيق الحر منها ولا غــبى المقلــد والــدعيا
فـتى عـاف المشـارب من دنايا وصـان عـن القـذى ماء المحيا
أبـىّ النفـس فـي زمـن إذا ما عجمـت بنيـه لـم تجـد الأبيـا
تعـوّد أن يـراه النـاس رأسـا وليـس يرونـه الـذَّنَب الـدنّيا
وجـدت العلـم لا يبنـى نفوسـا ولا يغنـــى عــن الأخلاق شــيا
ولـم أر فـي السـلاح أضـل حدا مــن الأخلاق إن صــحبت غبيــا
همـا كالسـيف لا تنصـفه يفسـد عليـــك وخــذه مكتملا ســويا
غــدير أتــرع الأوطـان خيـرا وإن لــم تمتلــئ منـه دويـا
وقـد تـأتى الجـداول في خشوع بمـا قـد يعجـز السـيل الأتيا
حيـــاة معلــم طفئت وكــانت ســراجا يعجـب السـارى وضـيا
سـبقت القابسـين إلـى سـناها ورحــت بنورهــا أحبـو صـبيا
أخــذت علــى أريــب ألمعــي ومــن لــك بـالمعلم ألمعيـا
ورب معلـــم تلقـــاه فظـــا غليــظ القلـب أوَفـدماً غبيـا
إذا انتـدب البنون لها سيوفا مـــن الميلاد ردّهـــم عصــيا
إذا رشـد المعلـم كـان مسـوى وإن هــو ضـل كـان السـامريا
ورب معلميــن خلــوا وفـاتوا إلـى الحريـة أنسـاقوا هـديا
أنـاروا ظلمـة الدنيا وكانوا لنــار الظـالمين بهـا صـُلِيَّا
أرقـت ومـا نسـيت بنـات بـوم علـى المطريـة انـدفعت بكيـا
بكــت وتــأؤهت فــوهمت شـرّا وقبلـى داخـل الـوهم الـذكيا
قلبـت لهـا الحُـدى وكـان منى ضــلالا أن قلبـت لهـا الحـذيا
زعمـت الغيـب خلـف لسـان طير جهلــت لســانه فزعمــت غيـا
أصـاب الغيـب عنـد الطير قوم وصــار البـوم بينهمـو نبيـا
إذا غنــاهمو وجــدوا سـطيحا علــى فمـه وافعـى الجرهميـا
رمـى الغربـان شيخ تنوخ قبلى وراش مـن الطويـل لهـا رويـا
نجــا مــن ناجـذيه كـل لحـم وغــودور لحمهــن بــه شـقيا
نَعسـتُ فمـا وجـدت الغمـض حتى نفضـت علـى المناحـة مقلتيـا
فقلـــت نـــذيرة وبلاغ صــدق وحــق لــم يفــاجئ مســمعيا
ولكــن الــذي بكـت البـواكي خليـــل عــز مصــرعه عليــا
ومـــن يُفجــع بحــرٍّ عبقــري يجــد ظلــم المنيـة عبقريـا
ومــن تــتراخ مــدته فيكـثر مــن الأحبـاب لا يحـص النعيـا
أخـي أقبـل علـى مـن المنايا وهـات حـديثك العـذب الشـهيا
فلـم أعدم إذا ما الدور نامت ســميرا بالمقــابر أو نجيـا
يــذكرني الــدى لِـدَةً حميمـا هنالـــك بــات أو خلا وفيــا
نشــدتك بالمنينــة وهـي حـق ألـم يـك زخـرف الـدنيا فويا
عرفـت المـوت معنـى بعـد لفظ تكلـم واكشـف المعنـى الخبيا
أتـاك من الحياة الموت فانظر أكنـت تمـوت لـو لـم تلف حيا
وللاشـــياء أضـــداد إليهــا تصــير إذا صـبرت لهـا مليـا
ومنقلــب النجـوم إلـى سـكون مــن الــدوران يطـويهن طيـا
فخــبرني عــن الماضـين إنـي شـددت الرحـل أنتظـر المضـيا
وصــف ل منــزلا حُملـوا إليـه ومـا لمحوا الطريق ولا المطيا
وكيـف أتـى الغنـىّ لـه فقيرا وكيـف ثـوى الفقيـر بـه غنيا
لقـد لبسـوا لـه الأزيـاء شتى فلـم يقبـل سـوى التجريد زيا
سـواء فيـه مـن وافـى نهـارا ومـن قـذف اليهـود بـه عشـيا
ومـن قطـع الحيـاة صدى وجوعا ومــن مــرت بـه شـبعا وريـا
وميــت ضــجت الــدنيا عليـه وآخــر مــا تحــس لـه نعيـا
أحمد شوقي
846 قصيدة
5 ديوان

أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.

مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932

1932م-
1351هـ-

قصائد أخرى لأحمد شوقي

أحمد شوقي
أحمد شوقي

القصيدة لم نقف عليها في الشوقيات وهي متداولية في الكثير من المواقع المعنية بأخبار مي زيادة وأردها الأستاذ خالد القشطيني في مقالة له منشورة على الشبكة بعنوان الشعراء في إخوانياتهم قال:

أحمد شوقي
أحمد شوقي

القصيدة كما ورد في مقدمة الديوان إحدى مسرحيات شوقي وسماها "شريعة الغاب" موضوعها انتشار الطاعون في الغاب وكيف تعامل الحيوانات مع الطاعون

أحمد شوقي
أحمد شوقي

تعالي نعش يا ليل في ظل قفرةٍ

أحمد شوقي
أحمد شوقي

أبثك وجدي: غناء طلال الملاح، لحن تراثي