القصيدة عثرت عليها في مقالة للأستاذ محمد الخولي منشورة في زاوية استراحة البيان في صحيفة البيان العدد الصادر يوم 21 يونيو 1999م بعنوان (الشاعر أحمد فتحي) استوقفني فيها قوله يصف نفس الشاعر: (ولقد كانت نفسا ضعيفة كما قد نصفها .. تحلق أحيانا الى ذرى (الكرنك) ثم تسف أحيانا أخرى الى وهدة شعر المناسبات لزوم مراءات الكبراء ومداهنة الباشوات ... بل قد تنحط ــ علم الله ــ الى حيث يتحول المرحوم أحمد فتحي شخصيا الى بوق, نعم مجرد بوق للدعاية بالشعر السخيف المكرور والنثر الاكثر سخافة وركاكة ــ من أجل نصرة الحلفاء في الحرب العالمية الثانية حيث وجدوا له عملا في قلم (البروبا جاندا) الانجليزي - بل حملوه إلى لندن ليشارك بصوته في اذاعة لندن الاستعمارية في عقد الأربعينات. ولم يكن صدفة - وسط هذه المهانة الأدبية كما قد نسميها - ان يقع أحمد فتحي في غرام مطربة من الدرجة العاشرة, وان يتصور انه يرفعها إلى ذرى المجد الفني حين يكتب لها أنشودة أو طقطوقة في غاية الركاكة من قبيل: أفتكرك ليه وانت ناسيني يا ملوعني يا مهنيني... إلخ ثم جاء العهد الذي شهد الشاعر القلق المتوتر أبدا وهو يلقي مراسيه في العربية السعودية حيث ظل يعمل في اذاعة جدة إلى أوائل الخمسينات وقد اتصل حبل الود بينه وبين الشاعر الأمير عبدالله الفيصل.. الذي أغدق على الشاعر فيضان مال جعله يعيش حياة معقولة ومريحة حين عاد إلى القاهرة في السنوات الأخيرة من عقد الخمسينات وهي الفترة التي أبدع فيها آخر روائعه - قصيدة (انا لن أعود إليك) التي أنشدتها أم كلثوم. هكذا - باختصار شديد - دارت حياة (شاعر الكرنك) أحمد فتحي.. فنان موهوب وشاعر مطبوع.. لكن تقلب الحياة وضعف الإرادة وخطل النظرة إلى البشر والأشياء أوصله إلى مرارة في النفس وانغماس في معاقرة الشراب إلى حد نال من الإرادة والصحة في آن ولقد حاول الشاعر أن يلخص كل هذه المرارات في أبيات قال فيها:
ماذا أفدت بأشعاري وروعتها سوى علالة تخليد لآثاري
وما الخلود بمأثور لعارية غير الخسيسين من ترب وأحجار