طرقت وقد نامت عيون الحسد

قال الصفدي في "أعيان العصر" 

وكان قد قدم إلى دمشق، واجتمعت به في شهر رمضان سنة خمس وخمسين وسبع مئة، ونزل لما جاء إلى دمشق عند العلامة قاضي القضاء تقي الدين السبكي، وكانت بينه وبين النائب علاء الدين أمير علي المادريني نائب الشام معرفة من مصر، فأكرمه وأقبل عليه وأحسن رعايته، وتوجه إلى حماة لمعرفة بينه وبين الأمير "سيف الدين طان يرق" نائب حماة، وقامت له سوق بدمشق، ورزق منها الحظ والحظوة، وعمل مجلساً بالجامع الأموي في التفسير، وتكلم فيها كلاماً كثيراً، واستحضر أحكاماً وأقوالاً ومذاهب ورقائق وتصوفاً بجنان ثابت ولسان فصيح من غير توقف، ووسع فيه المجال، وأبدع فيه الجمال، ولما فرغ منه كتبت أنا إليه:

أتينا المجلس حبر الورى         فسر القلوب بما فسرا

الأبيات 13
طرقـت وقـد نـامت عيـون الحسد وتـوارت الرقبـاء غيـر الغرقد
والعسـكر الزنجـي رمـح سـماكه قـان وعضـب الفجـر لـم يتجـرد
والليـل قـد نشـرت غلائل مسـكه لمـا طـوى الإمسـاء حلـة عسـجد
وسـرى يجـر علـى المجـرة ذيله إذ طــوقت مــن شـهبها بمقلـد
ربعيــة حلــت بأكنـاف الحشـا ودموعهـا بيـن النقـا والأنجـد
غــراء يفضـح خـدها ولحاظهـا مـرأى الغرالـة والغزال الأغيد
خلصــت إلـيَّ ودون ربعـي حـاجز مـن سـيل أجفـاني ونـار توقدي
وأتـت ولـم تضـرب لوصـل موعدا أحلى المنى ما لم يكن عن موعد
تهفـو بمعطفها الشمول كما هفت أيـدي الشـمائل بالقضيب الأملد
أرجـت بقـاع الرقمـتين وشعبها وتشـــرفت أعلام ذاك المعهـــد
شـرف المجالس شيخنا علم الفخا ر الأوحــدي الألمعــي الأمجــدي
يـاقوت سـلك البحـر أحكم نظمه فالــدر بيــن مرصــع ومنضــد
عيـن السـيادة حـل منهـا رتبة كيــوان يرصـدها بعيـن الأرمـد

محمد بن علي بن عبد الواحد ابن يحيى بن عبد الرحيم شمس الدين أبو أمامة ابن النقاش الدُكالي: ترجم له الصفدي في أعيان العصر قال:  ، الشيخ الإمام العالم الفاضل المفسر المحدث  المعروف بابن النقاش. ودُكالة: قلعة بالمغرب

كان شكلاً حسنا، راق سناء وسنا، حلو الصورة والشكالة، يريح بمحاضرته ألم من شكا له، يستحضر من التفسير كثيراً، ويحل من غرائبه محلاً أثيراً. وكانت طريقه في التفسير غريبة، يأتي فيها بكل عجيبة، ما رأيت له في ذلك نظيراً، ولا توهمت أن غيره من أبناء جنسه يكون على ما يأتي به قديرا. حصل من الدنيا جانبا، وأكب على السعي فيها فما كل اجتهاده ولا نبا. وكان يدخل إلى الملك الناصر حسن، وقاده الله إليه بغير رسن، وعمل على شيخه قطب الدين الهرماس، فأبعده عنه حتى كأنه ما خطر بين يديه ولا ماس.

وكان يصحب أمراء الدولة، حتى صار له في كل جو جولة. ..وجاء الخبر إلى دمشق بوفاته في القاهرة في أواخر شهر ربيع الأول سنة ثلاث وستين وسبع مئة.

وكنت سألته عن مولده فقال: في نصف شهر رجب سنة عشرين وسبع مئة.

قال: وحفظت "الحاوي" في الفقه، وأنا أول من حفظه بالقاهرة.. وعلقت مثلاً على "التسهيل" قال: وسميته "توضح الألفية وإلحاقها بالجرجانية"، وكتاب "النظائر وفروق المذهب" و"تفسير آيات وسور". قال: وقرأت "العمدة في الأحكام" وألفت "شرحاً" لها يجيء في ثماني مجلدات... وألفت كتاباً سميته "كاشف الغمة عن شافعية الأمة" في تخريج أحاديث الرافعي)ا.هـ

وترجم له الحافظ ابن حجر في "الدرر الكامنة" فقال في أثناء الترجمة:

وقرأت بخط القاضي تقي الدين الزبيري أن السلطان لما قتل انحطت مرتبة ابن النقاش وضعف واستمر ضعيفاً خاملاً إلى أن مات  وعاش بعده دون السنة وقرأت بخط الشيخ بدر الدين الزركشي صنف كتاباً في التفسير سماه السابق اللاحق وكان يقول الناس اليوم رافعية لا شافعية ونووية لا نبوية ... وهو والد صاحبنا الشيخ زين الدين أبي هريرة ابن النقاش.

1362م-
763هـ-

قصائد أخرى لأبي أمامة ابن النقاش الدُكالي

أبو أمامة ابن النقاش الدُكالي
أبو أمامة ابن النقاش الدُكالي

جواب اللغز مع اللغز ذكره الصفدي في ترجمة ابن النقاش في "أعيان العصر" ونقله الحافظ ابن حجر في ترجمته قال: وقال الصفدي في السادس والعشرين من تذكرته أنه كتب إليه ملغزاً في شعبان سنة خمسين. (750هـ):