علام يظل دهرك مستريبا

القصيدة في الديوان باب الأحداث الوطنية بعنوان باخرة الموت

وفروش في البيت بت 21  محرف من اسم الباخرة، والعامة تسمي هنا الثغر الذي تحمل الباخرة اسمه هكذا: "سيدي فروش"

الأبيات 37
علام يظـــل دهـــرك مســـتريبا تســـائله ويــأبى أن يجيبــا
ويغضــى عــن شــكاتك مسـتخفا كأنــك فـي شـكاتك لـن تصـيبا
فيــا للــه مــن دهـر تغـافى عـن البلـوي ولـم يبصـر قريبا
ويــا للــه مــن دهـر تجـافى عـن الـذكرى واكـبر أن ينيبـا
ألــم يـوقن بـأن الخطـب خطـب تكـاد لـه البصـائر أن تغيبـا
ألـم يـوقن بـأن الخطـب أنجـى علــى العمــال شـبانا وشـيبا
قسـا البلـد الحريج وضاق ذرعا بهـم فـتيمموا البلـد الرحيبا
وأدرك ربعهـــم جـــدب مشـــت لهـم فاستقبلوا الربع الخصيبا
وقــالوا إن فـي بـاريس عيشـا يــروق غضاضــة ويلــذ طيبــا
وقــالوا إنهـا تسـلي المعنـى وقـالوا إنهـا تـؤوي الغريبـا
وإن لهــا مــن الحسـنى لحَظـا وإن لنــا مـن الحسـنى نصـيبا
ألسـنا المخلصـين لهـا حضـورا ألسـنا المخلصـين لهـا مغيبـا
محضــناها المحبــة واغتـدينا نطارحهــا التغــزل والنسـيبا
ولبينــا مهيــب الحــرب لمـا أهـاب بنـا فأرضـينا المهيبـا
فســدت فــي وجـوههم النـواحي مســالكها ولــم ترحـم حبيبـا
وقـامت ضـجة فـي الغـرب كـبرى تصــب عليهــم النقــد مريبـا
فكــم مـن قـائل أخشـى وحوشـا تــدب بــأرض بــاريس دبيبــا
وكــم مـن قـائل أخشـى زنوجـا تبيـح القتـل والـذم المعيبـا
فقــل للقــائمين علـى فرنسـا أنيبـوا وارتـأوا رأيـا لبيبا
وقــل للقــائمين علـى فرنسـا تعالوا فاشهدوا الخطب العجيبا
جســوم فــي "فــروش " مجـدلات تعـاني تحتـه الغـاز الرهيبـا
وأجســـاد ممزقـــة الحشــايا تكـاد لهـا النواصـي أن تشيبا
حديـد "فروشـ" يفريهـا شـظايا وعـزف "فروشـ" يبكيهـا نحيبـا
مشــائيم أنــاخ البـؤس فيهـم فمــزق ثــوب أمنهـم القشـيبا
وصــب عليهــم الإرهــاق سـوطا مـن البلـوى فكـان لهـم مذيبا
فريــح القــر تعصـف زمهريـرا وفيــح الحــر يلفحهـم لهيبـا
مصــاب نملأ الــدنيا احتجاجـا عليـه عسـى المنـاوئ ان ينيبا
فحسـبك أيهـا الخطـب المفـاجى لقـد أشـهدتنا اليـوم العصيبا
فـــأبكيت الهلال بـــه وطـــه وأبكيـت ابـن مريـم والصـليبا
وسـر فـي ذمـة التاريـخ خطبـا رهيبــا فــي مسـامعنا مهيبـا
وحســبك إن أثــرت شـجون نضـو كئيــب يـألف النضـو الكئيبـا
إذا مــا صــوت النـاعي بـأرض تــراه بســفك عــبرته مجيبـا
ينـاغي البائسـين كمـا ينـاغي لعمــري العنـدليب العنـدليبا
ويحيــي فـي رثـائهم الليـالي وينهــض فــي مصـارعهم خطيبـا
بقلــب يلفــظ الأنفــاس حــرى وعيــن تـذرف الـدمع الصـبيبا
فيـا ظئر (الجـزائر) يا فرنسا أيجــدر بــالجزائر أن تخيبـا
تناويــك الممالـك وهـي تصـبو إليـك فهـل رأيـت لهـا ضـريبا
محمد العيد آل خليفة
44 قصيدة
1 ديوان
محمد العيد بن محمد علي بن خليفة من أشهر الشعراء الجزائريين الذين واكبوا الثورة التحررية والاستقلال، ويعد شعره مرآة لتلك الفترة من تاريخ الجزائر الحديث. لقبه الشيخ عبد الحميد بن باديس بأمير شعراء الجزائر، يقول الشيخ محمد البشير الإبراهيمي: (رافق شعره النهضة الجزائرية في جميع مراحلها، وله في كل ناحية من نواحيها، وفي كل طور من أطوارها، وفي كل أثر من آثارها- القصائد الغر، والمقاطع الخالدة، فشعره- لو جمع- سجل صادق لهذه النهضة، وعرض رائع لأطوارها.)

ولد بعين البيضاء بولاية أم البواقي وسط عائلة محافظة متصوفة تنتمي إلى الطريقة التجانية تنحدر من بلدة كوينين من ولاية واد سوف. حفظ القرآن وبدأ تلقي علوم الدين على شيوخ بسكرة، ثم بجامع الزيتونة، وبعد ذلك على علماء الجزائر. درّس في عدة مدارس بمختلف ولايات الجزائر وتولى إدارتها خلال الحقبة الاستعمارية، كما أسهم في تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين سنة 1931، ونشر شعره في جريدة البصائر لسان حال الجمعية وفي العديد من الجرائد الوطنية كجريدة الشهاب وصدى الصحراء ، وكان عضوا مراسلا في مجمع اللغة العربية بدمشق. 

احتك بأعمدة الحركة الوطنية الإصلاحية مثل العلامة عبد الحميد بن باديس والشيخ محمد البشير الإبراهيمي والشيخ محمد العقبي وكان لذلك أثر كبير على إنتاجه الشعري.

اعتقلته السلطات الفرنسية بعد اندلاع الثورة الكبرى بسبب شعره الإصلاحي الدعوي ومواقفه الوطنية، ثم وضع تحت الإقامة الجبرية ببسكرة إلى غاية الاستقلال.

بعد الاستقلال تفرغ الشاعر للعبادة وآثر الخلوة إلى أن وافته المنية بمستشفى باتنة سنة 1979م.

جمع ديوانه أول مرة تلميذه أحمد بوعدو سنة 1952 وعلق على قصائده الشيخ محمد البشير الإبراهيمي وتمت طباعته ويحوي 6797 بيتا، تحت إشراف نجله أحمد طالب الإبراهيمي سنة 1967.

وتمت طباعة تكملة للديوان سنة 2003 لمحمد بن سمينة تحت عنوان العيديات المجهولة

بالتصرف عن محمد العيد آل خليفة: دراسة تحليلية لحياته، تأليف أ/محمد ابن سمينة /ديوان المطبوعات الجامعية، ابن عكنون –الجزائر

 

1979م-
1399هـ-

قصائد أخرى لمحمد العيد آل خليفة

محمد العيد آل خليفة
محمد العيد آل خليفة

يقول الشاعر في إهداء الديوان:

محمد العيد آل خليفة
محمد العيد آل خليفة

وفي خاتمة الديوان يشير إلى الفضل الذي يعود للأستاذ أحمد طالب الإبراهيمي نجل الشيخ البشير الإبراهيمي في طباعة الديوان، وكان حينها وزيرا للإعلام والثقافة، يقول:

محمد العيد آل خليفة
محمد العيد آل خليفة

القصيدة في الديوان بعناون (أسطر الكون) ويفهم من البيت الرابع أنه كتبها وهو في العشرين من عمره