يا عين جودي بدمعٍ منك تهتانا

البيتان من شعر أبي قطيفة في مقتل سعيد بن عثمان بن عفان بالمدينة (وسعيد بن عثمان فاتح سمرقند ووالي خراسان لمعاوية)

قال أبو الفرج أخبرني عمي ومحمد بن جعفر قالا حدثنا الحسن بن عليل العنزي قال حدثنا محمد بن علي بن أبي حسان عن هشام بن محمد عن خالد بن سعيد عن أبيه، قال: استعمل معاوية سعيد بن عثمان على خراسان، فلما عزله قدم المدينة بمالٍ وسلاحٍ وثلاثين عبداً من الصغد، فأمرهم أن يبنوا له داراً. فبينا هو جالسٌ فيها ومعه ابن سيحان وابن زينة وخالد بن عقبة وأبو قطيفة إذ تآمروا بينهم =يعني عبيده= فقتلوه، فقال أبو قطيفة يرثيه - وقيل إنها لخالد بن عقبة -: (ثم اورد الأبيات) ثم قال:

فقال ابن سيحان يعتذر من ذلك:

يقول رجالٌ قد دعاك فلم تجب         وذلك من تلقاء مثلك رائع

فإن كان نادى دعوةً فسمعتها         فشلت يدي واستك مني المسامع

وإلا فكانت بالذي قال باطلاً         ودارت عليه الدائرات القوارع

يلومونني أن كنت في الدار حاسراً         وقد فر عنه خالدٌ هو دارع

فقال بعض الشعراء يجيبه:
الأبيات 2
يـا عين جودي بدمعٍ منك تهتانا وابكي سعيد بن عثمان بن عفانا
إن ابـن زينـة لم تصدق مودته وفـر عنه ابن أرطاة بن سيحانا
أبو قطيفة
21 قصيدة
1 ديوان

عمرو بن الوليد بن عقبة بن ابي معيط الأموي أبو قطيفة:  من كبار شعراء بني أمية. عاش معظم حياته منفيا في حمص، وورد في شعره ذكر لكنائسها وصلاة الرهبان فيها. ولقب بأبي قطيفة لكثرة الشعر في بدنه، (1) وهو صاحب واحدة من ثلاث أغان اختيرت لهارون الرشيد على أنها أجمل أغاني العرب، انظر في ذلك التعليق على القطعة التي اولها:

القصر فالنخل فالجماء بينهما         أشهى إلى القلب من أبواب جيرون

افتتح أبو الفرج كتابه الأغاني بأخبار ابي قطيفة هذا. وفيما جمعه من شعره  ما يفتك بالقلوب، ولا سيما قلوب المتغربين عن اوطانهم، فمعظم شعره في الحنين إلى مسقط رأسه في المدينة المنورة، وهو أول شاعر ورد في شعره ذكر الحنين إلى قبر النبي محمد (عليه الصلاة والسلام)

ألا ليت شعري هل تغير بعدنا         قباءٌ وهل زال العقيق وحاضره؟

وهل برحت بطحاء قبر محمدٍ         أراهط غرٌ من قريشٍ تباكره

لهم منتهى حبي وصفو مودتي         ومحض الهوى مني وللناس سائره

وكان قد نفاه عبد الله بن الزبير لما خرج على يزيد فيمن نفاهم من بني أمية، وفي الأغاني اخبار من قتلهم شعر أبي قطيفة من النساء، وأشهرهن: حميدة بنت عمر بن عبد الرحمن بن عوف. وقصة سقوطها ميتة لما سمعت شعر ابي فطيفة من مشهور الأخبار، المراة المخزومية المذكورة في صفحة قصيدته

ألا ليت شعري هل تغير بعدنا         جنوب المصلى أو كعهدي القرائن

 (فلما كثر شعر أبي قطيفة في الحنين إلى المدينة، رق له عبد الله بن الزبير، وبعث من يبغله الإذن  له بالعودة إلى المدينة، فودع اهله في دمشق وقصد المدينة، وخانته قواه قبل أن يبلغها.

وقد نظرت في الإصدارات السابقة للموسوعة فتفاجأت أن ديوانه يضم ستة أبيات فقط، وهذا تقصير عما جمعه أبو الفرج (ت 356هـ) من شعره وعمر بن شبة (172-  263هـ) قبل اكثر من ألف عام، فالذي أورده عمر بن شبه من شعره في الحنين إلى المدينة فقط (53) بيتا، فكم يكون مقدار ديوانه بعد ذلك.

فأحببت أن أجمع ما تفرق من شعره في كتب الأدب والتاريخ،  وأما أبو الفرج فجمع من شعره 14 قطعة في (45) بيتا منها سبع قطع غنائية في (25) بيتا. تكلم في مقدمة كل قطعة منها عمن لحنها وغناها، ورفع نسب أبي قطيفة إلى آدم عليه السلام وأحال إليه في كل من ترجم لهم من قريش، كقوله في أخبار أبيه الوليد

(وقد مضى نسبه مع أخبار ابنه أبي قطيفة).  وأورد خلال ذلك مختلف أقول النسابة في أنساب آله وعشيرته ودعوى أن جده الأعلى أبو عمرو بن أمية بن عبد شمس كان عبدا لأمية استلحقه فصار في أبنائه وأن اسمه ذكوان. وليس لأبي قطيفة ذكر في كل كتب الجاحظ، واما أبو قطيفة المذكور في الحيوان نشرة عبد السلام هارون ج5 ص 371 فالصواب في كنيته أبو قطبة، وقد أشار إلى ذلك المحقق وأن الجاحظ نفسه ذكره في البخلاء وسمى له أخوين "الطيل" و"بابي" وهم من ولد عتاب بن أسيد.

وأبوه الوليد بن عقبة عامل عثمان بن عفان على الكوفة وأخوه لأمه وأكثر صحابي افتري عليه في التاريخ، وجده عقبة بن أبي معيط ألد أعداء النبي (ص) حسب ما وصلنا من أخباره، وقد أسر يوم بدر فأمر النبي (ص) أن تضرب عنقه صبرا فقال :يا محمد أأنا خاصة من قريش (يعني أأنا خاصة أقتل صبرا)

قال نعم. قال: فمن للصبية بعدي؟ قال: النار. فلذلك يسمى بنو أبي معيط صبية النار.

وكان عقبة قد تزوج اروى بنت كريز ابنة عمة النبي (ص) البيضاء توأم عبد الله والد النبي (ص) فولدت له الوليد وخالدا وعمارة وأم كلثوم، وكانت قد تزوجت قبله عفان، فلولدت له عثمان فهم إخوته لأمه، فعثمان بن عفان (ر) عم أبي قطيفة، ورسول الله (ص) ابن خال جدته. وفي معجم البلدان عمرو بن الوليد بن ضبة (مكان عقبة) وهو من تصحيف النساخ. وقطيفة على وزن صحيفة وهي الدثار المخمّل)

وممن نبغ من أولاد أبي قطيقة ابنه محمد الشاعر المشهور بذي الشامة، والي الكوفة لعبد الملك بن مروان، وابنه أبو وهب عبد الله بن عمرو كان في أيام هشام وله معه خبر ذكره الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق، وابنه أحمد بن أبي قطيفة وهو أحد فرسان الإسلام العشرة التي كانت صورهم معلقة في كنائس القسطنطينية وكلهم من أبطال سيرة ذات الهمة، وقد نقل المسعودي خبرهم في مروج الذهب عن صديق له من أهل القسطنطينية اعتنق الإسلام وحسن إسلامه، وهو خبر يعج الأسماء الواردة فيه بالتصحيف، وورد اسم أحمد في (المحاسن والمساوئ) "حمدان بن أبي قطيفة" في قصة مصدرها الجاحظ إلا انها لم تصلنا عن طريق كتبه. وأحمد هذا هو المراد بقول ابن وديعة الذي نقله ياقوت في مادة عقرقوف: ( سمعت ابن أبي قطيفة يقول: ما أخذ ملك الروم أحداً من أهل بغداد إلا سأله عن تل عقرقوف فإن قال له: إنه بحاله قال: لا بد أن أطأه)

ومما يتعلق بهذه الأسرة ما حكاه ابن خلدون في ترجمة جده عقبة قال: ومن عقبه المعيطي الذي بويع بدانية من شرق الأندلس. بايع له ملكها مجاهد زمن الفتنة، بعد المائة الرابعة في آخر الدولة الأموية. وهو عبد الله بن عبد الله بن عبيد الله بن الوليد بن محمد بن يوسف بن عبد الله بن عبد العزيز بن خالد بن عثمان بن عبد الله بن عبد العزيز بن خالد بن عقبة بن أبي معيط.

وفي "مقاتل الطالبيين" من حديث عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه، عن جده: أن رسول الله "ص" دفن فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي بن أبي طالب بالروحاء مقابل حمام أبي قطيفة.

وفي "مقاتل الطالبيين" من حديث عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه، عن جده: أن رسول الله "ص" دفن فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي بن أبي طالب بالروحاء مقابل حمام أبي قطيفة.

ومن شعراء هذه الأسرة في الجاهلية: ومسافر بن أبي عمرو، وهو عم عقبة بن ابي معيط، وهو صاحب القصيدة التي اولها:

غشيت الدار موحشة         ولم تؤنس بها أحدا

وهو الذي رثاه أبو طالب بالقصيدة التي مطلعها:

(ليت شعري مسافر بن أبي عمرو وليت يقولها المحزون)

ومن أخوة مسافر (كميم بن أبي عمرو؛ وأبو وحرة، واسمه: تميم؛ وأم قتال بنت أبي عمرو، واسمها: صفية، ولدت عمراً، وهنداً، وصخرة، بني أبي سفيان بن حرب؛ وزينب بنت أبي عمرو، ولدت خالداً وعتاباً ابني أسيد بن أبي العبص؛ وأرنب بنت أبي عمرو، تزوجها الأزرق، حليف خالد بن أسيد؛ وأمهم: ريطة بنت الحويرث الثقفية) وأبو وحرة المذكور جد الصحابي عبد الرحمن بن عوف لأمه.

ومن مشاهيرهم :أروى أخت عقبة بن أبي معيط وهي ام فاطمة جدة عبد الملك بن مروان

وأخته سكينة بنت أبي معيط؛ زوجة عمرو بن حرب بن أمية، وعمرو أخو أبي سفيان.

وجدير بالذكر هنا ما حكاه مصعب (ت 236هـ) في كتابه "نسب قريش" في أخبار الوليد بن عقبة، قول الحطيئة:

شهد الحطيئة حين يلقى ربه         أن الوليد أحق بالعذر

خلعوا عنانك إذ جريت ولو         خلوا عنانك لم تزل تجري

فزادوا فيها من غير قول الحطيئة:

نادى وقد تمت صلاتهم:         أأزيدكم!! ثملاً وما يدري

ليزيدهم خمساً ولو فعلوا         مرت صلاتهم على العشر

وهذا يعني أن أخبار هذه الأسرة تعرضت للتحريف والتزوير في زمن موغل في القدم. وكان الوليد كما يحكى في أخباره قد اعتزل الفتنة وقصد الرقة وابتنى بيتا له على نهر البليخ وبقي هناك حتى وفاته.

(1) قال ابن الجراح في كتابه "من اسمه عمرو من الشعراء" وأخبرني محمد بن شيبان عن حماد بن إسحق الموصلي عن أبيه قال: كان عمرو بن الوليد كثير شعر الرأس والوجه والجسد، فكني أبا قطيفة بذلك (وقد يكون لذلك صلة بتلقيب أبيه الوليد أشعر بركا، وقصة تلقيبه بذلك مشهورة.

690م-
70هـ-

قصائد أخرى لأبي قطيفة

أبو قطيفة
أبو قطيفة

البيتان من شعر أبي قطيفة المغنى، والمراد بأبي بكر في البيت الثاني عبد الله بن الزبير، وكان قد نفى بني أمية من المدينة ومنهم أبو قطيفة قال أبو الفرج في الأغاني:

أبو قطيفة
أبو قطيفة

القطعة من شعر أبي قطيفة في الحنين إلى المدينة المنورة بعدما نفاه عبد الله بن الزبير فيمن كتب عليهم الجلاء من بني امية وهي من شعره المغنى أورد منها أبو الفرج البيتين الأول والثاني قال: وقال أبو قطيفة أيضاً:

أبو قطيفة
أبو قطيفة

القطعة من شعر ابي قطيفة في الحنين إلى المدينة المنورة لما نفاه عبد الله بن الزبير فيمن فرض عليهم الجلاء من المدينة وهو من شعره المغنى قال أبو الفرج:

أبو قطيفة
أبو قطيفة

قال أبو الفرج: أخبرني عبد الله بن محمد الرازي، قال: حدثنا الخراز عن المدائني، قال: وكان يتحرق على المدينة، فأتى عباد بن زياد ذات يوم عبد الملك فقال له: إن خاله أخبره أن العراقين قد فتحا. فقال عبد الملك لأبي قطيفة لما يعلمه من حبه المدينة: أما تسمع