سقى عهد الصبا صوب المهاد
الأبيات 50
سـقى عهـد الصـبا صوب المهاد فمــا زال ادكـاره فـي فـؤادي
وإن كنـت مـا أصـبت بـه رشادا ولا أوريــت فــي علــم زنـادي
ولكـن كنـت فيـه أخـا ارتيـاح خليــا مــن مكافحـة العـوادي
يلــذ لـي التجـاول فـي لـدات أشخصـــــهم معمعـــــة الجلاد
فكـــل مقلـــد ســيفا محلــى بلا غمـــد لــه أبهــى نجــاد
ورمـــح لا يجــور علــى مــول إذا جــد التنــازل والتعـادي
علــى خيــل تســير بلا ركــاب وتــانف مــن مسـابقة الجيـاد
فيــا عجبــا لحــرب كـل يـوم تؤجـــج ثـــم ترجــع لاتحــاد
كـــأن قتامهــا ثــوب عــتيق تخـــرق بيــن راحــات شــداد
ولا يلفـــى بموقفهـــا قتيــل ولا بخطوطهـــا عـــان يفــادي
ولـم نـك نرتجـي فقـد الشـخص ســوى شـخص نـراه مـن الأعـادي
فقيــه إن تنحنــح فــي سـكون تـرى منـا الفـرائص في ارتعاد
كـــأنه فـــي منصــته أميــر يخــوف بطشــه أهــل العنــاد
ومـا تجنـي الهديـة منـه رفقا ولا تثنيــه عـن شـتم المعـادي
أحــق بحرفــة التــأديب مـرء بطبعــه حــدة الصــم الصــلاد
إذا حلـــم المعلــم عــن غلام فلا نجـــح لـــدنه بمســـتفاد
وإن أغضـى المعالـج عـن سـقيم فقــد أخطـأ بـه نهـج السـداد
ولــم أفتــن بقـرب مـن حـبيب ولــم أحــزن لـبين مـن سـعاد
ولـــم أك للتقــدم فــي أوام أهيــم بــذكره فــي كــل واد
ولـــم أعلــق بآمــال صــعاب أنازعهـــا بألســـنة حـــداد
ولــم أحتـج إلـى مـال فأخشـى عليـه مـن الضـياع ومـن نفـاد
وأعمــل بالإشــارة مــن نـبيه يحــض علـى الحسـاب والاقتصـاد
قليــل المــال تصـلحه فيبقـى ولا يبقـي الكـثير مـع الفسـاد
فلــو أعطيـت كنـزا مـن نضـار لباريت في السخا ابن أبي دؤاد
ومــا أنضـيت فكـري فـي عـويص ولا أحقـــدت غيــري بانتقــاد
ومـا أسـهرت عينـي فـي احتفاظ بنـــادرة أقررهـــا بنـــادي
ومـا بالشـعر كنـت أخـا شـعور أؤلفـــه كإشـــراك اصـــطياد
فــأظفر تــارة وأخيــب أخـرى ولا أســتاء مــن طـول اجتهـاد
فجــاء بعيـد ذاك العهـد عهـد تطــرق بيــن نفســي والمـراد
وصــار القــول والأفعـال منـي تقيــد فــي الكتـاب بلا مـداد
فلا حــالي كحـالي فـي ابتـداء ولا مشــكاة زهــوي فـي اتقـاد
أرى مــا كنــت أعهـده كرؤيـا نعمــت بحســنها حيـن الرقـاد
وأغبــط كــل ذي مــرح وبســط خلــي فــي مهــاد الأمـن هـاد
وليــد قــد كفــاه أب شــفيق وحفّـــه بـــالمبرّة والــوداد
مبـــوّأ ظـــل والــدة تــراه أعــز مــن الطــراف ومـن تلاد
مـــدل بالحنــان لــه شــفيع مكيـن القـول عـز عـن ارتـداد
يــراوح وجــه عيشــته بهيجـا علـى طبـق المـراد كمـا يغادي
فأمــا والشــباب مضــى دجـاه ووجـه الشـيب مثـل الصـبح باد
فلا منجــي لقلــبي مــن عنـاء لأغـــراض وحــذر مــن معــادي
وســعي لليســار بكــد يمنــى تجلــل أبيضــا ثــوب السـواد
فيــا ليــت الشـبيبة زودتنـي بكـــف تســـتخف عصــير عــاد
فأغفــل بانتشــاء عــن شـؤون نبــذت لهـا علـى رغـم قيـادي
أمثلهــا فتكســبني انبســاطا فيرجعنـي الزمـان إلى اعتيادي
وكــان نبــات ناصـيتي غرابـا فأصــبح مثــل أجنحـة الجـراد
وحـال إلـى الفتـور شديد عزمي كمثــل الجمــر آل إلـى رمـاد
كــأن الشـيب ضـيف ليـس يرضـى بشــيء غيــر شــغلي بالمعـاد
ولــولا مضاضــة الأيــام حثّــت ركــائبه فــزار علـى اعتمـاد
لقلــت لــه ولـم أكـثر ملامـا عجلــت فكنـت أظلـم مـن زيـاد
ولــو أن الــدنا خلقـت للهـو أبيــح بهــا التهتـك للعبـاد
ســـلام للشـــبيبة والتصــابي تجــول بــه الصـبا كـل البلاد