الأبيات 95
نبـــأ حـــرك آلامــا ووجــدا فــي بقايــا أنفـس تحمـل ادا
بيــن شــك ويقيــن لــم تجـد فيـه مـن ميل إلى التفنيد بدا
لا تيــه أو هــي قــد أدركــت وقعــه فــي نزعـه أخـذا وردا
لا ظبــا الـبيض ولا حـز المـدى منـه فـي تمزيقهـا أقطـع حـدا
حــال مـا بيـن فـؤادي ونهـى ثـائرا يخـتز في ما يلقى مجدا
نـزل الأمـر فهـل أعـددت صـبرا وطغـى الحـزن فهـل مسـيت جلدا
مـا لنفسـي مـن صـديق كالأسـى يصــدق الوعـد ولا ينكـث عهـدا
قلــت إذا لطــف مــن أحلامــه وهنـا أوسـعت مـن يهـواك صـدا
رب ذكــرى كلمــا شــط النـوى برحهـا ينسـيك أحبابـا وعهدا
أحـد الأمريـن إمـا أنـت خـدني مكرمــا أو لازمــا بـي يتعـدا
أو فــراق وسـلاف المـوت أحلـى مـوردا لـي منـك أو أصـدق ودا
فرمــى الســهم فاصــمى ولــه غــرض الرامـي ولـي أن أتصـدى
أي ســـهم مــزق المــوت بــه أكبــد أحـرى وأي النـاس أردى
يـوم قـالوا مـات سعد ضعضعوا أرســخ الاعلام والأوتــاد هــدا
وطغــى الــوادي نحيبـا وهمـى غيــث دمـع أزعـج الأفلاك رعـدا
هـزة فـي الشـرق والغـرب ضـحى لـم تدع للشمس عند الصبح رأدا
جـزع الشـرق علـى الشـمس أسـى خـــط للافــاق للأنجــم لحــدا
أخــذت عهـدا مـع النجـم فمـا ينجلي إن لم يجد في الأفق سعدا
أتراهـــا فــي صــعود أخــذت موثقـا فـي المرتقـى ألا تـردى
كـم تدهـدى بيـن طيـات الفضـا كـالكرى والـدهر بـاق لا يدهدى
قـرأت مـن حكمـت الغيـب سـطور وانطـوت فـي فطـرة الخلق عبدا
لــم يمــت ســعد ولكـن هـزة غـادرت خضراء وادى النيل جردا
لــم يمــت ســعد ولكـن ضـربة بـرءت مـن تهمـة القتـل عمـدا
لــم يمــت ســعد ولكـن وثبـة مهـدت فـي الخلـد للراحل مهدا
لــم يمــت ســعد ولكـن حمـرة لمسـت جسـم أبـي الهـول فقـدا
حمــرة إذ ســودت بيـض الـدمى أحرقـت منهـا الشوى وجها وخدا
ويلــة المــوت الــذي عـاجله مســتبدا لــم يصـارع مسـتبدا
نجــم سـعد كلمـا قـالوا خبـا فــي ثــراه ملأ الآفــاق وقـدا
بعــث التعليــم روحــا ويـدا أن خبـا فـي حـادث أوراه وندا
وحمــي العـدل خطيبـا مـدرها عــرف الــواجب والحــق فـأدى
ونضــاه فيصــلا يســطع نــورا قــاطع الضــربات لا يهمـل حـا
ينســج الأبـراد بـردا للتقـى ضــافي الـذيل وللأوطـان بـردا
وبنــي الشــورى دروعـا سـردة بيـــد داود أو أبــدع ســردا
حاطهــا مــن عـابث أن يـأتمر برداهــا بشــبا الأقلام بــردا
بــدفاع يمــل البيــد رجـالا وهجــوم يملأ البطحــاء جــردا
يركــب الصــعب إلــى أمثـاله لا إلــى الراحـة إلا حيـن أودى
ترســل الســهم ويلقــى مثلـه ليـس بـالكرار أن لـم يلق ندا
لا أرى ســـعدا ســوى أعمــاله فانشـدوا فيها إذا مصرا وسعدا
فــارق الــدنيا إلــى منزلـة تتعــالى كــبرة عـن أن تحـدى
هبطــت مـن أرفـع فيهـا العلا فهـى أوجه من سما الأرض استردا
وتعــالت نفســه فــي خلـدها وتعـالى فـي الثرى جسما ولحدا
قــدك يــا دهـر فكـم أم لهـا أمــل نـالته مـن عنـدك عنـدا
أنــت للنــاس أب خيــر همــو مقــرف مـن شـرهم أخبـث ولـدا
مــن يقاضـيك ومـن لـم يحتكـم لـك يسـتعدى بـك الخصـم الألدا
دورة الأرض علـــى أقطابهـــا كـالرحى طحنـا وكالمنجـل حصدا
تتـــذى منــا رفاقــا ودمــا لا يــزال الـدهر منهـا يـتردى
أضـمرت كيـدا فمـا تقنـع أخذا مــن أعاليهــا ولا تقبــل ردا
أسـرعت فـي سـيرها سعدا ونحسا ليتهـا دارت بنـا عكسـا وطردا
مـا عليهـا لـو ونـت فاستروحت حيلـة أن يسـترد الشـرق سـعدا
سـرحة الـوادي الـتي من أمها مســتظللا أم بعـد ألغـى رشـدا
هبطــت مــن جنـة الخلـد علـى شـاطيء النيـل فطابت فيه خلدا
ألبسـتها الشـمس مـن آصـالها حللا فانبســطت بانــا ورنــدا
ســلب الإكليــل منهــا زهـرة يتبـاهى والـدراري منـه حـردى
يصــبح النـاس جموعـا حولهـا أو فـرادي يسـبق الأشـياخ مردا
يتســـاقون الأحـــاديث الــتي هـي كـالراح وأحلـى منـه وردا
أنعــش النــاس مــراح عنـدها وهـداهم فـي دياجي الظلم مغدى
هـــي ظـــل لنـــدامي روضــة نبتـت شـوكا على العادي ووردا
كــان ظلا كلمــا امتــد لــه أمـل فـي الشـدة النكـراء مدا
إن طغـى فـي الشـرق سـيل جارف فـي عـوادي الغرب لاقى منه سدا
أطمــع الغاصـب فـي اسـتعباده أمتـه فـي كيـدها الغاصـب جدا
إن فــي الـوادي خلايـا نحلهـا دوايـا يقـذف دون الصـاب شهدا
جـــن باســـتقلاله واهتجــاجه حــب سـعد لا هـوى هنـد وسـعدى
كنــت فيهـم فيلقـا فـي فيلـق قـائدا للنصـر قـد أعددت جندا
كنــت قســا فــي أيــاد ذائد عن حمى الدستور والنيل المفدى
تبعــث النــور فتسـتعبد حـرا ضـارى الوثبـة أو تطلـق عبـدا
مصـــرت عــدنان فيــك مضــرة فـي نـزار واصـطفت منـك معـدا
فــإذا شــئت ملأت الأفـق زهـرا وإذا شـــئت ملأت الأرض جنـــدا
يــا نجــوم الأرض تبكـي فلكـا كـان فيهـا من نجوم الأفق أهدى
قــد تــوارى فتــوارت خلفــه لا نـرى أو ان عيـن الشمس رمدا
وهــوت يــوم هــوى فانكــدرت لـم نجـد مـن بعده سلوى فبعدا
كيـف لا تقضـي وقـد قـالوا قضى وهــو بالتيجـان والأملاك يفـدى
يـا دمـوع الشـرق فيضـى انهرا عنــد بحـر لأننـي جـزرا ومـدا
هـل تـرى الشـرق وهل أدرك سرا كـان كالصـارم إرهاقـا وغمـدا
راشــدا أو ناهضــا أو قاصـرا عنـد رأى الغـرب لا يبلـغ رشدا
إذ تـوارى يـوم نفـي ما توارى وتبــدى يــوم عـود مـا تبـدى
يحتــبى كــالليث أنـي يحتـبى فـي عريـن الـبيت يستقبل أسدا
يبتغــي حريــة المشــرق طـرا مــن مغيــر لازم غــال تعــدى
مصـر يـا مصـر ومـا أحلاك ذكرى عنـد طير الروض والأدزهار تندى
مــا علـى قومـك ان صـار لهـم سـيد الأحـرار مـن أجلـك عبـدا
صـفحة التاريـخ والمجـد الـتي سـكر الـدهر بهـا وصـفا وحمدا
تصــفع القــائل عنهـا مرجفـا اننـا نعبـد بعـد اللـه فـردا
وسـلوا التاريـخ والحـق الـذي أعطيـت أو أخـذت في الحق جهدا
بـالغوا فـي طمسها نشرا وطيبا وابتغـوا مـن قتلهـا حلا وعقدا
ولــــدتها حــــرة وثابتـــة بوأتهـا عنـد بيـض الهند مهدا
ألزمتهـا الحـق والـدين الـذي لـم يبـح للحـر أن يرتـد عبدا
يــا صـروحاً أخـذ العـز سـنا بـالعوالي والصفاح السمر عهدا
كـم فقـدنا منـك في هذا الحمى كـابرا عـز علـى العلياء فقدا
وبكينـــا خـــادرا مســتوثبا فيـك يوم الحرب كالضاري وأعدى
غــاب سـعد فملأوا الغـاب ظـبى واملأوا الأدغـال أشـبالا وأسـدا
يـا شـباب النيل يا أسد الشرى العـوالي لـم تكـن تجلى لتصدى
أقسـموا أن تقتـدوا أو تأخذوا بالـذي أبقـاه مـن ديـن ومبدا
خيــر يـومى مصـر يـوم أنجبـت بطلا يبنــى لهــا عـزا ومجـدا
عــبرة الــزائر قــبرا ســنة بعـده قـد أصـبحت فرضـا يـؤدى
طوفــوا مــن حـوله واسـتلموا ركنـه ثـم أخشـعوا وفدا فوفدا
والزمـوا الصمت عسى أن تسمعوا حكمـة مـن صـمته نعشـا ولحـدا
إبراهيم الدباغ
3 قصيدة
1 ديوان

إبراهيم بن مصطفى بن عبد القادر الدباغ.

شاعر، من أهل يافا (بفلسطين) ولد ونشأ بها، انتقل إلى مصر في شبابه فتعلم في الأزهر، واشتهر بذكائه وجرأته وقد ذاع صيته فكان بيته ملتقى أهل الأدب والفضل، ورفاقه هم حافظ إبراهيم وأنطون الجميل وخليل مطران وزكي مبارك وزكي أبو شادي. عاش بائساً وكف بصره في كهولته وتوفي بالقاهرة.

له (الطليعة - ط) ديوان شعره، جزآن، وجمع ابن أخيه (مصطفى الدباغ) بعد وفاته بعض رسائله الخاصة في كتاب سماه (حديث الصومعة - ط)، و(في ظلال الحرية - ط) مختارات من شعره ونثره.

1947م-
1366هـ-