سقيتَ ترشيش لما أبت يا غادي
الأبيات 49
سـقيتَ ترشـيش لمـا أبـت يـا غـادي مـاءَ الهنـاءِ فـتروي كالـحَ النادي
رأيـــتَ أنّ العلا بــالحزمِ مُولعَــةٌ فكُنــتَ بــالعزمِ للعليــا بمرصـادِ
فَســــِرتَ يــــومَ خميــــسٍ وقـــد وازَ الكراديــسَ أجنــاداً بأجنــادِ
لاحــت بـوارِقُهُم تحـتَ الرعُـودِ بمـا حَمَـــى مصـــابُم منســـوجُ أبــرادِ
أخــالُهُم شـُهباً للرحـمِ قـد خُلِقُـوا رَسـمينِ فـي أُفـقِ نَصـرٍ وفـقَ إرصـادِ
وأنــت تقــدُمُهم تخطــو بمــوكبهم مــــن الفلاةِ تَشـــُقُّ ذات أوقـــادِ
حَلَلـــت ملآن ثُـــمَّ أُبــتَ مُــرتَحِلا إلـــى ســُليمانَ تَبغــي نُــزلَ خَلاَّدِ
خَبِــرتَ منهــا لحماماتِهــا ســُبلاً مـن نحـوِ نابُـل صـَفو الـرَّيِّ للصادي
إلــى الخليـدي علـى بئرِ البُويتـةِ تلقـــى بهرقلــةٍ أوعيــةَ الــزَّادِ
لِسُوســةَ وبهــا رأوا المقيـلَ وقـد صــفت بأحوازِهــا أوعــارُ أبعــادِ
وَيــومَ إذ جُزتَهَــا يـومٌ يُقـالُ لـه مـا كـان مثلـهُ فـي أحقـابِ أوبـادِ
مـن المنسـتيرِ ريـحُ الهـدي منتشقاً مـن عـرف مهديـةٍ دار الفتى الهادي
مــن الصــبيةِ للحســيانِ بعــدهُمَا خـرقٌ إلـى غـار مسـعُودِ بـن مسـعادِ
إلــى صــفاقس دارِ الخيــرِ مَنزلُـهُ اكـرم بهـا فـي الثنا من دارِ عَبَّادِ
وكــان يَومُــكَ لمَّـا أن دخلـتَ لهـا تختـــالُ بيـــن مصــاليتٍ لأجنــادِ
يُـزري بيـوم ازديـادِ النيل مستوياً والمهرجـــانِ ونيـــروزٍ بأهنـــادِ
وحيــن دوَّختهــا بـراً عمـدت إلىـذ خــوضِ البحــارِ علـى تيـارِ أزبـادِ
لـم تـدرِ قَـابُسُ حتّضـى أن شعلت بها مـن اسـمها مـا درَت معناهُ من بادي
ظَنَّــت بأنَّــكَ لا تُطفــي لهـا قبسـاً بقـابسَ منـكَ فـي زرعِ العـدا عـادي
ولــم تُحَـرِّك لهـم جَيشـاً ولا انتظـم القِـرانُ فيهـا ولـم تُصـحَب بأحقـادِ
مُجَــرَّدُ الإذنِ فيهـم قـد كفـى ولَقـد ظَنُّـوا الحمايـة فـي أكنـافِ أسـيادِ
رأوا جبــالَهُم حِصــناً ومـا حسـبوا بــــأنَّ جــــدَّكَ نَســـَّافٌ لأطـــوادِ
تركــتَ أشـبالَهُم صـرعى ومِلـتَ إلـى أطلالِ جِربــــةَ إيفـــاءً بميعـــادِ
وجئتَ عــن أجـمٍ قصـرِ العجـائب كـم فــي أمــرِهِ مــن أحـاديثٍ وإسـنادِ
وَســِرتَ مِنـهُ لنحـوِ القَيـروانِ فمـا أزكــى منازِلَهَــا مــن دارِ أسـيادِ
مَطَّيـت حِمـلَ العَنَـا فيهـا وملتَ إلى قطــعِ الـوغى بيـنَ أنـذالٍ وأوغـادِ
بَنُــو عَزيــزٍ طَغَـوا أذللـتَ عِزَّتَهُـم وصـــدتَهُم صـــَيدَ مَعضــُودٍ لِفهَّــادِ
أعقلتَهُــم مـن عبـادِ الـذُلِّ معتقلاً ارغمــتَ منهـم أُنُوفـاً بعـدَ إسـهادِ
ســقيتهُم مـن شـرابِ القتـلِ حاميـةً فــرَّت أكبــادَهُم مــن وصـلِ أكـرادِ
أركبتهـــم لهــم أســيافٍ مُهَنَّــدَةٍ كســوتَهُم بالــدِّما أثــوابَ فَرصـادِ
ومـن حمـى حيهـم لاقـى الـذي وجدوا كــادُوا فكـدتَ لهـم أنـواعَ أكيـادِ
ليـسَ التعـزُّزُ بالمُلـكِ العزيـزِ هنى العِـزُّ فـي الـذكرِ يَبقـى بَعدَ أوبادِ
وأنـتَ قـد جُبِلَـت فيـكَ الجبلَّـةُ عـن تَــركِ النـواذِ يَـداً ضـيما بـأذوادِ
يـا أيهـا الملـكُ المَولى الأعزُّ ثنا الشـائِعُُ الصـيتِ مـن خـافٍ ومن بادي
الأحكـمُ المُمتضـي المِحـرابَ من جُمِعَت فيــه المنــاقِبُ أزواجــاً لأفــرادِ
قـد أعلمتنـا بـكَ الأخبـارُ مُـذ زَمنٍ بأنــكَ الــوترُ لـم تُشـفَع بـإفرادِ
نَرجُــو لِمُلكِـكَ طُـولاً فـي هنـا سـعةٍ جَلَّــت معــاطيهِ عـن إحصـاءِ أعـدادِ
فــأنت مِصــباحُ بُشــرى وقـتَ شـِدَّتِه كَـم كـانَ مـن ضوئهِ في الكَربِ إيقادِ
وافيــتَ عَنِّـي وقـد أوليتنـي كَرَمـاً عَمَّـــت مَزايـــاهُ آبـــائي وأولادي
أغمرتنـي فـي جـالٍ مـن نـداكَ فَلَـم أجـد لَهـا المثـلَ فـي تعدادِ أجوادِ
اكـبرتني بيـن أقرانـي وقـد كَبُـرَت عَــن غَمــرَةٍ غَمَــرَت مُخــفٍ لأحقــادِ
بــالبرِّ تُســتعبَدُ الأحــرارُ طائِعَـةً ويحصــُلُ الصــَّقرُ فـي أشـراكِ صـَيَّاد
فهــا أنــا الآن رِقٌّ فـي نـداكَ إذاً لا نِلــتُ عِتقــاً ولا تســريحَ أقيـادِ
يــا سـيداً فخـرهُ مـن ذاتـهِ ولقـد زادَ الفخــارُ لـهُ مـن نحـوِ أجـدادِ
يَهنيـكَ رُجعـي إلـى الخضرا على أملٍ مقـــربٌ لــك قاصــي كُــلِّ أبعــادِ
بلادكَ البلــدُ الـذي قـد خَرَجَـت لَـهُ نــارُ التَــوَحُّشِ تَصـلي نُضـجَ أكبـادِ
لا أوحـشَ اللَـه مِنـكَ الخَلقَ يا أملاً مــا عنــهُ بَعـدَ النـوى صـَبرٌ لأجلادِ
وسـاعد وَدُم واتئد واخصـِب ونل أهلاً واهنأ وعش يَقيكَ الردى من عينِ حُسَّادِ
مـا قـالت النـاسُ في الرجعى مُؤرخَةً والــبيتِ قصــدُكَ مــن واقٍ بإسـعادِ
محمد بن سلامة
2 قصيدة
1 ديوان

محمد بن محمد الطيب بن أحمد بن علي بن سلامة، أبو عبد الله.

شاعر، تولى القضاء، ولد بتونس، وقرأ في الكتّاب، ثم التحق بجامع الزيتونة والمدارس التابعة له، تصدر للتدريس في الجامع الأعظم بعد تخرجه ثم تولى خطة الاشهاد، ولي قضاء المحلة سنة 1253هـ، ثم قضاء الجماعة بتونس سنة 1261هـ في عهد المشير الأول أحمد باشا باي، ورقي سنة 1261هـ إلى خطة باش مفتي متخطياً من كان قبله من المفتين.

توفي بسيدي أبي سعيد بوباء الكوليرا ودفن بالمرسى.

من آثاره: (العقد المنضد في أخبار مولانا المشير الباشا أحمد)، و(الدرة النفيسة في أمراء تونس الأنيسة).

1850م-
1266هـ-

قصائد أخرى لمحمد بن سلامة