الأبيات 40
نعـم أنجـز الـدهر الوعـود وتمّما فشـكرا لمـن بالمقصد الفرد أنعما
ضحا الدهر من سكر الغباوة واهتدى وتـاب وعـن طـرق الغوايـة أحجمـا
وآض يـروم العـذر عـن كـل ما جنى ويطلــب منّـا العفـو عمّـا تقـدّما
فأصـبح وجـه الحق في الحكم ضاحكا وقـد كـان قبلا أربـد اللون مقتما
وعـاد شـرود الفضـل إذ هـو منجـد إلـى أهلـه مـن بعد ما كان متهما
بمقــدام أفــراح تبــدّت سـعودها يقينـا وولـى النحس من حيث أقدما
لـك العفـو منـي يـا زمان فإن ما أتيـت بـه قـد زاح عن طرفك العمى
أتــمّ بمــن أهـواه نعمـاك أننـي رضـيت ومـا بـي أن يكـون المقدما
خليلــيّ عوجــا عــن رسـوم دوارس ولا تسـألا الربـع المحيل عن الدما
ولا تعجبــا أن جــاوبت بصــداكما فمــا كــل ذي لـب يخـاطب ابكمـا
رويــــدكما لا توســـعاه ملامـــة فــإنّ جمــاداً لا يطيــق التكلمـا
فتلــك أمـور كنـت قـدما ألفتهـا ولازمتهــا حــتى دعـوني المتيّمـا
بلـى عرجـا نحـو الربوع التي زهت إذا جئتما في الحي من أيمن الحمى
فثــمّ مغــان قــد تبـدّى سـماؤها عليهـا رواق المجـد والسـعد خيما
ومــا ذاك إلّا أنهــا قــد تشـرفّت بتقبيـل أقـدام الهمـام الذي سما
محمــد ابــن الجـابري الـذي بـه لقـد جـبر اللـه القلـوب بعيـدما
نقيـب السـراة الغـر مـن آل هاشم مصـابيح فضـل ان دجى الليل اظلما
هـو الفـرد حـاز المكرمات بأسرها ومجموعهــا ســلني بـذاك لتعلمـا
فـإن جـال فـي حـوك البنان يراعه فـابلغ مـن وشـي الطـروس ونمنمـا
وان قـال فـي بحـث العلـوم رأيته لـدى كـل فـن قيـل بحـرا عرمرمـا
وان حـال فـي فصـل الخطـاب لسانه فيغــدو لـه قـس الفصـاحة مفحمـا
وان نبضــت فـي عـرق قطـر شراسـة فــاحكم مــن سـاس الأمـور وقوّمـا
وان كـرّ فـي يـوم الطـراد جـواده تـرى فـوقه دامـي الفريسـة ضيغما
وان امــه العـافون يبغـون جـوده فـاكرم مـن أعطـى واغنـى واكرمـا
وان هـزّه المـداح فـي نعـت خيمـه فيغـدو لـه سجل عدا المداح مفعما
وان أوعـد المكـروه فـالعفو طبعه وان وعـد المعـروف في الحال تمما
وان جـاءه المظلـوم يبغي انتصاره فلـم يكـن المظلـوم يومـا ليظلما
وان حــاول الحسـاد نقصـا لفضـله وان قـابلوا النعمـى بكفر فيحلما
ومــا زاده عــز النقابــة رفعـة لقـد كـان مرفـوع الـدعائم قبلما
فيـا مـن حـوى علما وحزما وسؤددا وجــودا وإقــداما ورأيـا محكّمـا
أغــث وتـدارك غـرس نعمتـك الـذي تعاهـدته قـدما فهـا هـو فـي ظما
لـك الخيـر ان الـدهر جـرّد غضـبه فعرّقنـــي لحمــا وفتّــت اعظُمــا
وقــد أبــت الضـراء عنـي تـأخرا كمــا أبـت السـراء نحـوي تقـدما
حنانيــك مـل نحـوي بطرفـك رأفـة تجـد مـن جـروح الـدهر كلي أسهما
فمثلـــك مقصــود ومثلــي قاصــد ومثلــك موجــود واصــبح معــدما
ومـن خـدم الاشـراف يرجـو نـوالهم فـــإني لــم أخــدمك إلّا لأخــدما
ففـر غيـرة للفضـل وانصر أخا سجا لقـد ذاق مـن بعـد الحلاوة علقمـا
فمـا زلـت قبـل الآن ترفـد بائسـا أديبــا وتعتــد الغرامـة مغنمـا
وهـا أنـا قـد وافيـت بابك قاصداً ونبّهــت يقظانــا وغــادرت نومـا
ولــم يبــق إلّا مـاء وجـه أرقتـه وحســبي بشــعري شـاهدا ومترجمـا

نصر الله بن فتح الله بن بشارة الطرابلسي الحلبي.

شاعر فحل، أديب فاضل، محب للعلوم ولدرس اللغات، ولد في حلب من أبوين كاثوليكيين من أعيان الشهباء، امتازا بالفضل والفضيلة.

درس مبادئ العلوم على أدباء مدينته فأتقنها في وقت قصير، ثم تفرغ للدروس البيانية والآداب فحفظ شيئاً كثيراً من أشعار العرب ونوادرهم وأخبارهم.

درس اللغتين الفارسية والتركية وكان له بهما شعر جيد. رحل إلى مصر فاراً بدينه بعد ما لقيه من الاضطهاد في بلده. عاش الطرابلسي في مصر إلى أواسط القرن التاسع عشر.

له قصائد كثيرة اغتالت أكثرها يد الضياع.

1840م-
1256هـ-

قصائد أخرى لنصر الله الطرابلسي الحلبي