الأبيات 35
ورد البشـــيرُ فســرّت الأقطــار وترنّمــت فــي دوحهــا الأطيـارُ
والسـعد قـد عـم البسـيطة كلها فالليـل مـذ قـدم السـرور نهارُ
والنــاس خــرّوا سـجّدا بـوروده فكأنّمـــا لاحــت لهــم أنــوارُ
مستبشـرين بنيـل غايـات المنـى إذ وافـــت الآمـــال والأوطــارُ
أعنـي بـذلك مولـد الملـك الذي ســارت بــذكر جلالــه الســفّار
تـاج المفـاخر والمـآثر من غدا فــي مهــده ملــكٌ إليـه يشـارُ
فـرع العلـى من اصله ملك الورى مــن فـي حمـاه لا يضـام الجـار
العـادل المنصور ذو البطش الذي بفتــوحه قــد شــاعت الأخبــار
الأروع الشــهم الوقــور الأمنـع الليـث الجسـور الأرفـع الجبـار
يـا أيها الملك الذي ساد الملا م أبـدا وقـد خضـعت لـه الأقطار
أفخـر علـى كـل الملوك على بما أعطــــاك رب واحــــد قهّـــار
فلقـد كسـرت جيوشـهم لمّـا أبوا عليــاك كسـرا ليـس فيـه جبـار
لمـا رأوا غـارات نصـرك أدبروا ورأوا صـنيع اللـه فيـك فحاروا
وافيتهــم فـي جحفـل مـن حـوله زمـــر الملائك جحفـــل جـــرّار
مــا منهــم إلا فــتى ذو همــة أســـدٌ يصـــول وفــارس كــرار
فغـدوت شـأنك حتفهـم أو اسـرهم قهـــرا وكــل شــأنه الإدبــار
وغـدوا وعنـدهم الهزيمـة منحـةٌ خوفـــاً وكـــلّ دمعــة مــدرار
عميــت بصـائرهم فلمـا يعلمـوا أن البســـيطة كلهــا لــك دار
ان كـانت الآفـاق قـد خضـعت لـه طوعــا فمـا مصـر ومـا الامصـار
ان رمتهـم هيهـات ان ينجوا ولو فـوق النجـوم علـت لهـم أوكـار
وإذا عفـــوت تفضـــلا هيهـــات تــدنو لنحــو حمــاهم الأضـرار
تـردي وتحيـي بالوعيـد وبالرضا فكأنمـــا فــي كفــك الأعمــار
فــديار كــل الخاضـعين مشـيدة وديــار مــن يــأبى علاك قفـار
لا تســتقر علـى الـدوام بموضـع هــل يســتقر الكــوكب السـيّار
فالنصـر فـي رايـات مجـدك خافق وضــياء عــزك ليـس فيـه سـرار
والســعد عبـدك لا يـزال ملازمـا والــدهر منقــاد لمــا تختـار
والآن هــذا الســعد تـمّ كمـالهُ بولــود مــن خـرت لـه الأقمـار
فتهــنّ فيــه بعــز ملـك زاهـر ولـه علـى طـول المـدى استمرار
واصـفح عـن التقصـير فيـك فإنه عــن بعـض وصـفك حـارق الأفكـار
لمـا رأيـت المـادحين تزاحمـوا وتتـابعوا وإلـى جنابـك سـاروا
فخمـول ذكـري عـاقني بالرغم عن ســيري إليــك فســارت الأشـعار
ورجـاك نصـري مـذ علمـت ميقّنـا يمنــاك يمــن واليســار يسـار
هيهات ان اشكو الظما من بعد ذا أبــداً ولـي مـن راحتيـك بحـارُ
وإليكهــا منــي إليــك فإنهـا دررٌ لهـــن علـــى علاك نثـــار
واسـلم لهـذا العقـد في تاريخه جيــدا ودم مــا غنّــت الأطيـار

نصر الله بن فتح الله بن بشارة الطرابلسي الحلبي.

شاعر فحل، أديب فاضل، محب للعلوم ولدرس اللغات، ولد في حلب من أبوين كاثوليكيين من أعيان الشهباء، امتازا بالفضل والفضيلة.

درس مبادئ العلوم على أدباء مدينته فأتقنها في وقت قصير، ثم تفرغ للدروس البيانية والآداب فحفظ شيئاً كثيراً من أشعار العرب ونوادرهم وأخبارهم.

درس اللغتين الفارسية والتركية وكان له بهما شعر جيد. رحل إلى مصر فاراً بدينه بعد ما لقيه من الاضطهاد في بلده. عاش الطرابلسي في مصر إلى أواسط القرن التاسع عشر.

له قصائد كثيرة اغتالت أكثرها يد الضياع.

1840م-
1256هـ-

قصائد أخرى لنصر الله الطرابلسي الحلبي