لجَّ الهوى وتفاقم الخطبُ
الأبيات 113
لــجَّ الهـوى وتفـاقم الخطـبُ فــإلى م أشـقى أيهـا الحـبُّ
وعلــى م دائي بــروءُه صـعبُ الحـــب رلا بـــرءٌ ولا طـــبُّ
يـا هنـد إنـي العاشـقُ الصبُّ
اليـــوم لا عيـــنٌ ولا إثــر عنـــدي ولا صـــفوٌ ولا كــدر
إن كنــتُ والأحــداثُ تبتــدر حَــذِراً فمـاذا ينفـع الحـذر
إن الليــالي ســلمها حــرب
والحــــب أولـــه وآخـــره ســقمٌ إذا لــم ينــهَ آمـره
وإذا نهــى فــالقلبُ ناصـره وإذا ســها وقفــت داوثــره
وتشــاكل الإيجــابُ والســلب
أمــا الحيــاةُ فكلهـا تعـب حـــالٌ نبـــدلها ونرتقـــب
ونزيلهــا فتزيلنــا الحقـب إن الليــالي شــأنها عجــب
فينــا وســيل الـدهر ينصـبُّ
واحَقُّنــا بــاللوم ذو قلــق يشــكو بقلــبٍ دائم الحــرق
بيــن الظلام وحمــرة الشـفق بيـن النهـار وظلمـة الغسـق
نــوران ذا يبـدو وذا يخبـو
فعلـى م هـذا الخـوف والوجل والعمـــر معــتركٌ ومقتتــل
إن الشــبيبةَ وهــي تقتبــل هـــرمٌ يــؤخر وقعــه أجــل
طرفــاه ممــا يمســك الـرب
قــالت أراك معاهــد النفـس إن لا تجيــبَ دواعــي الأنــس
فأجبتهــا لا تــوقظي بؤســي إن الرجــاء مولــد اليــأس
وأنـا كبـاقي النـاس لي قلب
لكـن أميـلُ إلـى الجمـالِ به فـي الكـون يطلـع وجه كوكبه
زهــراً وزهــراً فــي تقلبـه يجلـــو بمشـــرقه ومغربــه
صـدري كما تجلو الدجى الشهب
قــالت ولكــنَّ الحيــاة إذا لـم تجـر فيـه أضـاع كل شذا
ويكـون فـي عيـن الخلـي قذى مـا غايـة الإنسـان وهـو كذا
لا هـــم إلّا الأكــل والشــرب
جــاءَ الحـديثُ بفرحـةٍ وأسـى ثــوران صـدرٍ يشـبه الهوسـا
فرأيتُنـي بيـن الـورى تعسـاً ممــا ينــازعني صـباح مسـا
أهفـو وإن جُـنَّ الـدجى أصـبو
بقيَــت تجــاذبني وتــدفعني والحـــبُّ أصــرعه ويصــرعني
تبـــدو شــقاوته فــتردعني وارى ســــعادته تشــــجعني
حــتى كبــوتُ وكنـتُ لا أكبـو
ففقــدتُ راحـةَ عيشـتي ومضـى عزمــي وزال وأحـدث المرضـا
سـهران أطلـب في السما غرضا متشــــرد الإدراك منقبضـــا
حــتى رثــى لشـقائي الصـحب
يــا روضــةً للحــب دَبَّجهــا ربُّ السـما مـا كـان أبهجهـا
نَشــَر العـبيرَ بهـا وتوَّجهـا بــالنور منتســقاً وموجَّهــا
بـالنور يشـربه الندى الرطب
كنــز العقيـقَ بتربهـا فمـا وافـترَّ ثغـرُ الـورد مبتسـما
وكسـا الغصـونَ زمـرداً فسـما تيهــاً علـى أعطافهـا وهمـي
جفــنُ الضـحى فتكلَّـلَ العشـب
ودعـى الطيـورَ فآنسـت كرمـا منهـا وراحـت تبـدع النغمـا
بسـط الميـاه وأطلـق النسما فيهــا وفــوَّح تربــا شـبما
فزكــا علــى علّاتــه الـترب
وهنــاك ممــا يعقـد الشـجر متفيــاءٌ يحلــو بـه السـمر
أحنــى عليـه جـبينَه الزَهـر وأقــام يحـرس غصـنه الخفـر
وسـرى بـه نفـحُ الشذا العذب
قــالت تعــال هنـاك نـأتنس إذ يهجــع الســُمّارُ والحـرس
مـن نـور هـذا النجـم نقتبس سـعداً ومعنـى العمـر مُلتَبـس
وبمثــل هــذا يُـدفع الكـرب
جـــاءت وجئتُ زكلنـــا ثــم فــي مقلتيهــا يبسـم الأمـل
جلســت إلــيَّ ولحظهــا غَـزل وجلســتُ ملـءُ فـؤادي الوجـل
أبكـي وملـءُ فؤادهـا العجـب
والـدمعُ أَفصـح مـا يفـوه به قلـــبٌ تَوقَّــفَ فــي تهيُّبــه
عــن بــثِّ بعــضٍ مـن تعتبـه العتــبُ يكــثر مــن تلهبـه
لو كان ينفع في الهوى العتب
مــدت إلــيَّ يــداً مكفكفــة دمعــــي مســـكنةً ملطفـــة
قــــالت مؤنبـــةً معنفـــة ألمثـــل هــذا جئتُ مســعفة
يـا ليتـه مـا قـادني الحـب
الحــب أنـت نعـم بـه نطقـت يـا ليتهـا فـي قولهـا صدقت
قــولي أعيــدي لفظـةً سـُرِقَت مـن مقلتيـكِ حروفهـا اخترقت
قلــبي فصـار يرفـرف القلـب
مـالي ومالـك يا ابنة الفجر غضــي عيونَـك وارحمـي صـدري
إن العيــون نــوافثُ السـحر اصـبحتُ كالثـاوي علـى الجمر
وغـدوتُ يجهـل مضـجعي الجنـب
يــا بنــتَ آمــالي وأحلامـي ومقـــرَّ أفراحـــي وآلامـــي
ضــاعت بغيــر الحـب أيـامي فـالقلب مكلـوم الحشـا دامي
والعيـن قـرَّح جفنهـا السـكب
هـذي منـى نفسـي عليـك جـرت مـن مقلـتي وحشاشـتي استعرت
يـا أخـت روحـي أخـت انفطرت جزعـــاً فهلّا أُختُهــا نظــرت
فــي خطبهــا فتيسـَّر الخطـب
مــدت إلــيَّ يميــن مســتلم وبوجنتيهـــا لاعــجُ الضــرم
فـدنوتُ محـترق الفـؤاد ظمـي ولثمتُهــا لهفــاً فمـاً لفـم
فشـعرتُ أنـي ضـاق بـي الرحب
وشـعرتُ أنـي قـد رُفِعـتُ إلـى أُفـــقٍ نواســمه ســرت أملا
طــارت معــالم أنسـه جـزلاً وبروضــه عــرشُ الغـرام علا
ولـديه مـن زهـرِ المنـى سرب
وَقَــفَ الهلالُ يــرى ويضــطرب حســداً وقلـبُ الشـهب يلتهـب
والمــاءُ كــلُّ أنينــه طـرب والزهــرُ ملــءُ عيـونه عجـب
والليــل منــه رقَّـتِ الحجـب
حـتى إذا عـادت إلـى الرُشـد قـــالت كفــاك الآن فــاتَّئد
ولعلنــي آتيــك بعــد غــد فأَجبتهــا مـا حيلـة الولـد
إمّــا هــو فطمــوا ولا ذنـب
ذهبـت وسـتر الليـل ما رُفِعا والنجــمُ أَشـفق وجهـه جزعـا
وبقيــتُ وحـدي طـائراً فزعـا أهــذي كــرب أريكــةٍ خُلِعـا
عنهــا وضــيَّع عــزه الــرب
يـا ليـلُ كيـف ظلامـك انصرما يـا صـبح كيـف طلعـتَ مبتسما
يـا شـمسُ كيـف جهلتِ ما علما ذاك النســيمُ وروضــه وهمـا
خَفَتــا وطـار العقـلُ واللـب
وبقيــتُ أرقُـبُ عودَهـا وأنـا قلــقٌ وطـال فضـاعف الشـجنا
عنهــا وضــيَّع عــزه الــرب
يـا ليـلُ كيـف ظلامـك انصرما يـا صـبحُ كيـف طلعـتَ مبستما
يـا شـمسُ كيـف جهلتِ ما علما ذاك النســيم وروضــُه وهمـا
خَفَتــا وطـار العقـلُ واللـب
وبقيــتُ أرقُـبُ عودَهـا وأنـا قلــقٌ وطـال فضـاعف الشـجنا
يـا هنـدُ صـرتُ أسائل الزمنا هـل كـان يومـاً أن يعود لنا
فيعيــد فيـكِ حيـاتي القـرب
اللَــه ممــا يحــدث القـدرُ العاشـــقون صــفاؤهم كــدر
إِن تبتسـم فـي أفقهـا الدرر فشــماتةً والشــمسُ والقمــر
لهـا اِسـتقَّل الشـرق والغـرب
وعلمــتُ هنـداً سـافرت ومضـت عنــي وراحـت بعـد أَن قبضـت
روحـــي فهلّا فكـــرةٌ عرضــت منهــا ولكــن لا فقـد نقضـت
ودي لأَن غرامهـــــا لعــــب
واليــوم دار العـامُ دورتـه والحــب مــا أخمـدت ثـورته
متـــذكراً ليلـــي ونعمتــه فــي هنـد وهـي تطيـل لـذته
فكــــأَنه وكأَنهـــا كـــذب
هـذي الـتي تركـت لي الندما حــتى نضــبتُ حشاشــةً ودمـا
إن قمـتُ ادفـع عنـي السـقما ألفيــتُ ملـءَ جـوانحي ضـرما
يــذكو وحَــدَّ عزيمـتي ينبـو
عمـــــرٌ يمـــــرُّ نَكَـــــد يـا دهـر مـاذا أنـت والأَبـد
وأقــول أســلوها غـداً وغـد يمضــي وبعــد غــدٍ ولا أجـد
إلا الشـــقاءَ وأَننـــي صــب
خليل شيبوب
96 قصيدة
1 ديوان

خليل بن إبراهيم بن عبد الخالق شيبوب.

شاعر من أدباء الكتاب، من طائفة الروم الأرثوذكس.

سوري الأصل، ولد بالاذقية، واشتهر وتوفي بالإسكندرية.

له (الفجر الأول-ط) وهو الجزء الأول من ديوان شعره.

له: (المعجم القضائي - ط) عربي فرنسي، و(عبد الرحمن الجبرتي - ط) رسالة، و(قبس من الشرق-ط) مقتطفات من شعر تاغور وغيره.

1951م-
1370هـ-