قل لمن وإلى عليّ المرتضى
الأبيات 93
قـل لمـن وإلـى علـيّ المرتضى نلـت فـي الخلد رفيع الدرجات
أيهــا المــذنب إن لـذت بـه لا تخـــافن عظيــم الســيئات
حبــة الإكســير لــو ذّر علـى رمــم رف بهــا روح الحيــاة
وإذا مـــا شـــملت ألطــافه ســيئات الخلـق صـارت حسـنات
يـده البيضـاء لـو مسّ بها ال شـجر البـالي زهـا بـالثمرات
حبــه فــرض علـى كـل الـورى وهـو فـي الحشـر أمـان ونجات
كــل مـن والاه ينجـو فـي غـد مـن لظـى النار وهول العقبات
فهــو الغيــث عطــاءً وهبـات وهــو الليــث وثوبـا وثبـات
وهـو نور الشمس في رأد الضحى وهـو نبراس الهدى في الظلمات
وهــو للمظلــوم كهــف مـانع وإلـى الـداعي سـريع الخطوات
وإلــى اللاجــي أســمى ملجـأ وعلـى البـاغي شـديد السطوات
وإلــى الأيتــام احنـى والـدٍ وكفيــــل للنســـاء المثكلات
وهـو القـوّام فـي جنـح الدجى وهـو الصـوّام فـي وقت الغداة
قـد أبـان الشـرع فـي أحكامه وقضــى الــدهر صــلات وصــلاة
كـم بـوحي الـذكر فـي تفضيله صــدعت آيــات فضــل بينــات
آيــة التصــديق مــن آيـاته حيـن أعطى في الركوع الصدقات
هـل أتـى فيمـن سـواه هل أتى أو أتـت فـي غيـره والعاديات
هــذه الآيــات بعـض مـن مئات كــم لـه آيـات فضـل أخريـات
مـــا وجــدنا آيــة مادحــة لســواه إن يجـد فيهـم فهـات
إنــه حقــا وصــي المصــطفى وأبـو الغـر الميامين الهداة
أوصــياء كلهــم مــن بعــده أصـــفياء أمنـــاء وثقـــات
هـو سـيف مـن سـيوف اللـه إن سلّ في وجه العدى كانوا أرقات
أســـد اللــه وقــل حيــدرة لا يهـاب الموت إن لاقى الكماة
كلمـا صـالوا علـى حزب العمى بالمواضـي طعنـوا الجمع شتات
ولــدى الأحــزاب يهـوى مرحـب بحسـام المرتضـى حتـف الطغاة
فـانبرى الشـرك بماضـي حيـدر لعلـى الإيمـان وافـى الجبهات
وحنيــن حيــن فـرّ المسـلمون لــم يكــن إلا علـيّ ذو ثبـات
بـأخيه السـيف يحمـي المصطفى ليزيـل الكفـر عنـه والشـقات
بقلــع البـاب فـي خيـبر كـم ظهـرت للنـاس منـه المعجـزات
وبليـل الغـار كـم يحمي أخاه بـات فـي مضـجعه حـتى الغداة
وبصـــفين لــه كــم شــوهدت فـي الـوغى مـن حملات بـاهرات
فــإذا صــال علــى أعــدائه لا يبــــالي بــــالوف ومئات
فــرت الأبطــال عنـه وانجلـت كفـرار الطيـر من خوف البزاة
ولــواء النصــر فــي قبضـته ظلــل الـدهر بتلـك الخفقـات
ضـاق جيـش الشام ذرعا إذ بدا النصـر يبدي للعراق البشريات
فاسـتغاثوا بكتـاب اللـه مـذ رفعــوه حيلــة فـوق القنـاة
وأقـــاموا حكمــي زور فلــم يحكمــا إلا بــوحي الشــهوات
خلعــاَ حقــداً وصـي المصـطفى وأقــرا والصــفات الســيئات
عجبــا هــل وجــدا مـن جهـة أوجبــت خلـع أميـر الغـزوات
مـن لـدى المعـراج قـد شاهده خـاتم الرسـل بـأعلى الطبقات
مـــن لــه الأفلاك والأملاك وال عـالم العلـوي أضـحت خاضـعات
والــذي ردت لـه شـمس السـما دفعـــــات لأداء الصــــلوات
والــذي كــان أخـا للمصـطفى وعضــيداً فـي جميـع المعضـلات
وأقــرا صــاحب الشـام الـذي يعبـد الأصـنام عنـد الخلـوات
وابـن مـن كـان عـدو المصطفى أخبــث الكفـار ذاتـا وصـفات
والــذي كــان يسـب المرتضـى وبنيــه فـي قنـوات الصـلوات
أنكـروا ما خص في يوم الغدير لأبــي الســبطين قـوم نكـرات
حيـن قـام المصطفى بين الورى خاطبــا تســمع ســت الجهـات
قــائلا مــن كنـت مـولاه فقـد صـار مـولاه أبـو الغر الهداة
حيـدر فهـو زيـري فـي الـوغى ووصــي فيكــم بعــد الممـات
أسـفا مـن بعـد ما قد أخذ ال مصــطفى منهـم عهـوداً وثقـات
أن يوالــوا بعــده أبنــاءه بــالتوالي لتهــون الكربـات
جحــدوا مــافرض اللــه لهـم فـي مزايا فضلهم في المحكمات
قتلــوا حيــدر فــي محرابـه بحسـام البغـي فـي وقت الصلاة
وسـقوا كـأس الحمـام المجتبى فقضــى رهـن الأسـى والحسـرات
وبيــوم الطــف أبـدوا كلمـا أضــمروه مــن عــداء وهنـات
وقعــة قـد صـغرت فـي جنبهـا مـن عظيـم الخطـب كل الوقعات
وقعـة قـد صـدعت قلـب الهـدى بالأســى حــتى ترامـى زفـرات
وقعـة شـاب لهـا الطفـل وقـد أصـبحت ثكلـى جميـع المرضعات
بـالألى قـد قتلـوا فـي كربلا كبـــدور ونجـــوم زاهـــرات
مــن رجــال كــل فـرد منهـم قد حكى ليث الشرى في العدوات
إن دعــوا للحـرب خفـوا وهـم فـي مجـالي الحلم هضب راسيات
جاهــدوا بيــن يــدي سـيدهم رغبـة منهـم فنـالوا الدرجات
بـارك اللـه بهـم قـد تركـوا زهرة الدنيا وقد ملوا الحياة
فثـووا فـوق الثرى من بعد ما أخذوا الثار من القوم الشقات
فـبرغم الـدين قـد ماتوا ظماً في سبيل الدين في جنب الفرات
ذخـر الرحمـن فـي الخلـد لهم جنـــة محفوفـــة بــالنيرات
فغــدا السـبط فريـداً بعـدهم ويجيـل الطـرف فـي كل الجهات
لــم يجـد للـدين مـن ينصـره غيــر ســمر وســيوف مرهفـات
فــأبت همتــه العليــا بـأن يـدع الـدين سـدىً بين العتاة
فغــدا يســطو عليهـم مفـرداً وهـــم ســبعون ألفــا ومئات
جـال فيهـم جولـة الليـث فلو شـاء أن يقتلهـم أضـحوا رقات
ومشـى فـي سـاحة الحـرب سـطا فـرت الشـجعان منـه في الفلات
ســـيفه الماضــي إذا جــرده وجلـت مـن بأسـه كـل الكمـاة
لهـف نفسـي حينمـا استسـقاهم جرعــوه مـن أنـابيب القنـاة
ورمــوه أســهم البغــي فيـا ليـت شـلت يـد هاتيـك الرماة
فــدعاه بــارىء الخلـق إلـى قربــه الأسـى لنيـل الـدرجات
خـر للمـوت علـى وجـه الـثرى عينـه ترعـى النسـاء الخفرات
فغــدت زينـب تـدعو يـا أخـي وعضـيدي إن دهتنـي النائبـات
لبــس الــدهر لـه ثـوب أسـى دائم العمــر وطـول السـنوات
وبكـى شـجواً لمـن كـان النبي طالمــا يلثـم منـه الوجنـات
بـأبي أفـدي رجـالا قـد قضـوا عطشــا مـن غيـر جـرم وتـراث
جزورهـــم كالأضـــاحي وجــرت فـوقهم خيـل الأعادي العاريات
ثــم رضـوا حنقـاً صـدر الـذي فيـه أسـرار الهـدى منطويـات
بــأبي ملقــي ثلاثـاً بـالعرا عاريـا تسـفي عليـه الذاريات
ووجوهـــاً مشـــرقات نيــرات قـد غـدت تحـت الثرى مختبئات
وجســـوما بالـــدما مــزّملات ورؤوســاً بالقنــا مرتفعــات
ورضــــيعاً يتلظـــى عطشـــاً قـد رمـى منحـره أشقى الرماة
لهــف نفســي لربيبـات الأبـا أصــبحت بعــد حماهـا ثـاكلات
هجــم القــوم عليهـن الخبـا فغــدت بيـن الأعـادي حاسـرات
كــم رزايــا ســكنت فورتهـا وخبــت نيرانهــا المشــتعلات
ورزايــا كــربلا قــد أودعـت جمــرات فــي الحشـى متقـدات
فــإذا مـا رمـت عنهـا سـلوة لـم تـزل فـي القلب إلا زفرات
حسن بحر العلوم
11 قصيدة
1 ديوان

حسن ين إبراهيم بن حسين بن رضا بن مهدي الشهير ببحر العلوم.

أديب معروف، ومؤرخ بارع، وعالم جليل، وشاعر مطبوع.

ولد في النجف ونشأ بها، يتعلم على والده الذي اشتهر بعلمه وأدبه.

توفي في النجف.

1936م-
1355هـ-