أخلاي هل تشفي من الحسرات
الأبيات 71
أخلاي هــل تشــفي مــن الحســرات قلــوبٌ جــرت ذوبـاً مـع العـبرات
وهـل يرقـأ الـدمع الغزيـر لناظر إلـى الربـع أمسـى موحشا الجنبات
هــوى نجمــه فاربـد وجـه سـمائه بأســود مــن هــمٍّ ومــن ظلمــات
ذوي نــوره فـي روضـه قبـل ينعـه ولــو طــاب أجنـى طيـب الثمـرات
لـك اللَـه مـن مغنىً جلعناه للمنى مــراداً فأمســى مــوطن العـبرات
نحييــه بـالنعمى فيعيـا وعهـدنا بـــه نــاعم الآصــال والبكــرات
وهــل نعمــت دارٌ تحمــل أهلهــا علـــى نجــب نحــو الــردى عجلات
وهـل حملـت نجـب الـردى مثل راحل بكتــه المعـالي مـن بنـي بركـات
بنـى النفـر البـانين ركن سرائهم علــــى ذي قلالٍ بـــاذخ وســـراة
فيـا بـؤس للنـاعي إذا قيـل عاطف طــوته أكـف المـوت فـي الحفـرات
بكتــه البــواكي يفتـدين حيـاته لــو اســطعن بالأحشـاء والمهجـات
بــواكٍ مـن الثغريـن دوي رنينهـا إلــى شــعب النهريــن فـالبحرات
ينــاوحن إحــداداً علــه مدارسـاً تغمــــدهن الثكـــل بالحســـرات
معاهــد علــم بعــده جـف روضـها وكــان لهــذا الــروض عـد سـقاة
تجـاوبن إيقاعـاً علـى نغـم الأسـى أناشـــيد بـــالحزان مؤتلفـــات
يبكيـن مشـبوب الصـبا خلـع الصبا علـى الـدرس لـم ينعـم بطيب حياة
بروحـي شـبابٌ أظمـأ السـقم عـوده فصــوح بعــد الزهــو والنضــرات
كـأني بـه إذا نحن في رونق الصبا نضــير المحيــا بــاهر القسـمات
شـباب يـروع الـدهر بالحسن أسرفت يــد العلـم فـي أيـامه النضـرات
ولـو شاء عيش المترفين سعت له ال أمــــاني باللـــذات مبتـــدرات
إذ العيش معسول الجنى وارف الغنى وفــيٌّ بمــا شـاء الشـباب مـؤاتي
ولكـن نفسـاً أثقـل المجـد حملهـا تفــوت مراميهــا مــدى الشـهوات
كــذاك رأينــا عاطفــاً بمرامــه مـن الـدهر فـي جهـد وفـي غمـرات
معنّـىً بحاجـات العلـى عنـد نفسـه بعيــد مــدى الآمــال والعزمــات
أبيّـاً علـى الداء العضال وهل أبى علـى الـداء كـبراً سـاكن الأجمـات
فلـم نـره يومـاً شـكا سـوء ما به وهــل نطقــت أسـد الشـرى بشـكاة
تحمـــل أحلام الكهولـــة يافعــاً وأغنـى غنـاء الشـيب فـي الصبوات
ذكــاءٌ لـه مـن خلـف نفسـك مـذهبٌ يحيــط بمــا تخفـى مـن الخطـرات
وعيــنٌ لهــا فـي كـل قلـبٍ محـدثٌ يصــدق مــا تــوحى مـن النظـرات
وفضـل حجـاً تلقـاه فـي كـل مـأزق علــى منهــجٍ أمــنٍ مـن العـثرات
وأخلاق حــرٍّ يعــرف الحــق صـدقها وإن قــال فيهــا قــائل بهنــاة
شـمائل يبنيـن المنـاقب في الذرى ويحييــن ميــت العمـر بالـذكرات
يقولــون أودى ربهــا غيـر مخلـف بنيـــن علـــى آثارهــا وبنــات
رويــدكم إن الحجــا يلـد الحجـا ولا عقـــم إلا فــي نهــى وحصــاة
وقـد ينفـد المسـك الزكـي معقبـا ســـواطع مـــن أرواحــه عطــرات
ومـن مـات من أهل العلا خلع العلا علـــى ملأ مـــن قـــومه وســراة
ومـن يفـن في نشر المعارف يحي في أســـــاتذةٍ ربـــــاه وهــــداة
ومنـذا الـذي ربـى كأبنـاء عـاطف أئمـــة هـــديٍ أو عــدول قضــاة
وهـل يستوي من أورث العلم والتقى ومــن أثقــل الأبنــاء بالتركـات
تراثــان هـذا تعمـر الأرض باسـمه وذاك بهــا يلقــي إلـى الهلكـات
وكـدنا نـرى أم اللغـى قبـل عاطفٍ فريســة عــاثٍ بالمعــارف عــاتي
يريـد بهـا السـوء ويحمـل أهلهـا علـــى جنـــف مــن بغيــه وأذاة
تليــن لأيــدي الغـامزين قناتهـا لقلـــة أنصـــار وضـــعف حمــاة
ويؤئســنا منهــا أنــاسٌ نعــدهم لكــــف أذىً عنهـــا ورد عـــداة
فلمـــا تولاهـــا تحــول نجمهــا إلـى اليمـن عـن أيامهـا النحسات
ومــا لبثــت حـتى تجلـى جمالهـا وقـرت علـى العليـا مـن الـدرجات
يعـز الحمـى إن عـز من ولي الحمى ومــن أيــن للأروى عريــن لبــاة
عــزاءٌ لأم الضــاد إن تبـك فقـده فكـــم ثـــاكلاتٍ حولهــا وبكــاة
بكتــه بلادٌ كـم بكـى يـوم أجلبـت علهيــا صــروف الـدهر بالنكبـات
ودمـع أبـي النفـس في الخطب نجدةٌ إذا مــا جــرى أجـرى دم الأزمـات
فكــم موقــفٍ فيـه شـهدنا لعـاطفٍ علـى النيـل مـن أيـدٍ ومـن حسنات
ففــي مـاله بـر وفـي نفسـه فـدىً وفــي رأيــه للحــزم خيــر أداة
ويــوم شـهدنا عاطفـاً وسـط هـوله شــديد القــوى فــي مـرة وثبـات
يناصــر فـي الجلـى أخـاه وخـاله وخيـل العـدا تختـال فـي الجلبات
إذ النـاس هـذا يتقي البأس محجماً وذلـــك يغريــه الهــوى بشــياة
تقــدم بيــن المعلميــن مقــذفا يسـاور ليـث الـدهر فـي الوثبـات
فللَــه أنجــادٌ قضـى صـدق بأسـهم علـــى نــوب الأيــام بالغلبــات
تواصـوا بنصر النيل ثم انبروا له علـــى همـــمٍ جياشــة النجــدات
وثـاروا لـه بيـن القنابل والقنا وليـث الـردى جـاثٍ علـى الفتكـات
ليوثـاً تجلـى الحـق فـي غضـباتها وقــد يتجلـى الحـق فـي الغضـبات
فمـا أبهـو للمـوت أو رهبـوا لـه جنـوداً مصـر مـن وقع الردى حذرات
فوارحمتــا يـا مصـر دعـوة موجـع ســقاه الأســى مـرّاً مـن الجرعـات
لــه كــل يـومٍ موقـفٌ بعـد هالـك ثـوى فـي طبـاق الرمـس بـالفلوات
يـــذكر أهليــه العــزاء تعلــة ويــدعو لثـاوي الرمـس بالرحمـات
وطـوراً علـى الذكرى ترى حسن صبره تصــرم بيــن الوجــد والزفــرات
أخلّاي مــالي لا أرى بيننــا أخــاً عهـــدناه زيــن الجمــع والحفلات
ســريعاً إذا جــد البيـان بـأهله إلــى موقـف السـباق ذي القصـبات
لقـد كـان أحفى بي إذا قمت منشداً وأول مــن يصــغي إلــى كلمــاتي
وعونـاً لسـعد يـوم لا عـون يرتجـى لمصــر علــى أيامهــا النكــدات
فهـل يسـتعين النيـل وارحمتـا له علــى خطبــه بالصــبر والصـلوات
عـــزاء عــزاءً آل ســعدٍ فإنمــا قضـى اللضـه والـدنيا سـبيل ممات
محمد عبد المطلب
128 قصيدة
1 ديوان

محمد بن عبد المطلب بن واصل.

من أسرة أبي الخير، من جهينة.

شاعر مصري، حسن الرصف، من الأدباء الخطباء. ولد في باصونة (من قرى جرجا بمصر) وتعلم في الأزهر بالقاهرة، وتخرج مدرساً، وشارك في الحركة الوطنية، بشعره ومقالاته وخطبه.وتوفي بالقاهرة.

له (ديوان شعر ).

وله:(تاريخ أدب اللغة العربية) ثلاثة أجزاء، و(كتاب الجولتين في آداب الدولتين) الأموية والعباسية، و(إعجاز القرآن) وروايتا (الزباء) و(ليلى العفيفة) كلها لا تزال محفوظة.

1931م-
1350هـ-