الأبيات 57
بحيــث انعطــف البـانُ قـــويمُ القــدِّ فتَّــانُ
وللقامــــات أغصـــان وفـــي الأرداف كثبــان
رويــداً أيهـا السـَّاقي فـــإنِّي بـــك ســكران
وهــذا قــدّك النشــوا ن مــن عينيــك نشـوان
فلـي مـن روضـك الزاهي بــروض الحســن بسـتان
فمــن وجنتــك الــوَرْدُ ومــن قامتــك البــان
ومــن عارضــك المخضـرّ لــــي رَوحٌ وريحــــان
وفــي فيــك لنـا خمـرٌ وأنــت الخمـر والحـان
وإنِّــي لجنــى ريقتــك العذبـــــة ظمـــــآن
جنــود منـك فـي الحـب علـــى قتلــيَ أعــوان
فمــن جفنيــك صمصــام ومـــن قـــدّك مـــرّان
نعـم فـي طرفـك الموقظ وجـــدي وهــو وســنان
ومــا أنـتَ كمـن يُسـلى ومــا لـي عنـك سـلوان
وجنّــــات دخلناهــــا فقلنــا أيــن رضــوان
وفيهـا مـن فنـون الـحُ سـْن فـي الدَّوحـة أفنان
وفيهــا اختلفــت للـز هــر أشــكال وألــوان
فللنرجــــس أحــــداقٌ كمـــــــــا للآس آذان
وهــذا الأٌقحـوان الغـضُّ تبـــدو منــه أســنان
وقــد حــضّ علــى شـرب المـدام الصـّرف نـدمان
وطــافت بكـؤوس الـراح والراحــــات غلمـــان
وطاســات مــن الفضــة فيهــــا ذاب عقيـــان
فمـــا وســـْوَسَ للهــمِّ بصــَدْر الشــَّرب شـيطان
وقـال اشـرب علـى حبّـي فـــإنَّ الحــبَّ ســلطان
وهــذا القـدح الفـارغ أضـــــحى وهــــو ملآن
رعـى الله لنا في الحيّ أحبابـــاً وإن خــانوا
ذكرنــاهم علـى النـأي وإن شــطوا وإن بـانوا
وفــي الـذكرى تباريـحٌ وأشــــجان وأحــــزان
كأنَّـا فـي ريـاض الحزن لا كُنَّــــا ولا كـــانوا
ســقى عهــدهم الماضـي مُلِـــثُّ القَطــر هتَّــان
فمـا تغمـض مـن بعـدهم للصــــــبِّ أجْفـــــان
وأظمــى كبــدي الحـرّى بَــرودُ الثغــر ريَّــان
بــذلنا أنفســاً تغلـو لهـا فـي الحـب أثمـان
ألا لا ســــَلِمَ المـــال وفــي الأنجــاب سـلمان
قريــن الشـرف البـاذخ والأشــــراف أقــــران
علــى طلْعَتــه الغـرّاء للإقبـــــال عنــــوان
هــمُ القـومُ إذا عُـدّوا بهـــم تفخــر عــدنان
أبــاةُ الضــَّيْم أشـراف لغيـر اللـه مـا دانوا
وهـا هـم في سبيل الله مـا جـاروا ومـا مانوا
هــم الصـُّمُّ إذا يَقْسـون والمـــاءُ إذا لانـــوا
وإمَّــا حَلَّقـوا فـي جـوِّ عليـــــاءٍ فعُقبــــان
شــيوخ لـم تـزل تسـمو إلــى المجــد وفتيـان
أذلّــوا عــزّة المــال فمـا ذلّـوا ومـا هانوا
وصانوا المجد في البذل فمـا أحسـَنَ مـا صـانوا
فَهُــمْ للــدِّين أطــوادٌ وهــم للــدِّين أركــان
رجــال كوشــفت بـالحقّ لا يحجبهــــا الـــرّان
فيـا عيـن العُلـى أنْـتِ لعيــن العــزّ إنســان
وفـــي آثــارك الغُــرّ مــن الســادات أعيـان
إذا مـــا وُزِنَ القــومُ ففـــي وزنــك رجحــان
وفــــي مـــدحك للأقلام تغريـــــدٌ وألحــــان
وفــي شــكري لنعمـائك إعلامٌ وإعلان
أرادَ اللــه فـي شـأنك أن يُرْفَـــعَ لــي شــان
وممــا زاد فــي حُسـْنِك عنــد النَّــاس إحســان
فمــدحٌ لــم يكـن فيـك فــــتزويرٌ وبهتــــان
وربــحٌ لــم يكـن منـك فــذاك الربــح خسـران
وعــن فضــلك والصــبح ومــا يخفيــه كتمــان
وســارت بثنــائي لــك فــي الأقطــار ركبــان
فلا زِلْــــتَ بعليــــاءٍ لهـــا ينحــطُّ كيــوان
الأخرس
377 قصيدة
1 ديوان

عبد الغفار بن عبد الواحد بن وهب.

شاعر من فحول المتأخرين، ولد في الموصل، ونشأ في بغداد، وتوفي في البصرة.

ارتفعت شهرته وتناقل الناس شعره، ولقب بالأخرس لحبسة كانت في لسانه.

له ديوان يسمى (الطراز الأنفس في شعر الأخرس -ط).

1873م-
1290هـ-