أَلَمَّ خَيَالٌ مِنْ عُلَيَّةَ بَعْدَمَا
الأبيات 54
أَلَــمَّ خَيَــالٌ مِــنْ عُلَيَّــةَ بَعْـدَمَا رَجَـا لِـيَ أَهْلِي الْبُرْءَ مِنْ دَاءِ دَانِفِ
وَكُنْــتُ كَــذِي ســَاقٍ تَهَيَّـضَ كَسـْرُهَا إِذَا انْقَطَعَـتْ عَنْهـا سـُيُورُ السَّقَائِفِ
فَأَصــْبَحَ لَا يَحْتَــالُ بَعْــدَ قِيــامِهِ لِمُنْهــاضِ كَســْرٍ مِــنْ عُلَيَّــةَ رَادِفِ
وَلَـوْ وَصـَفَ النَّـاسُ الْحِسـانَ لَأَضـْعَفَتْ عَلَيْهِــنَّ أَضــْعَافاً لَـدَى كُـلِّ واصـِفِ
لِأَنَّ لَهَـــا نِصــْفَ الْمِلاحَــةِ قِســْمَةً مَـعَ الْفَتْـرَةِ الْحَسْناءِ عِنْدَ التَّهانُفِ
ذَكَرْتُـــكِ يَــا أُمَّ الْعَلاءِ وَدُونَنــا مَصـَارِيعُ أَبْـوَابِ السـُّجُونِ الصـَّوَارِفِ
قَــدِ اعْتَرَفَــتْ نَفْـسٌ عُلَيَّـةُ دَاؤُهَـا بِطُـولِ ضـَنىً مِنْهَـا إِذَا لَـمْ تُسـَاعِفِ
فَـإِنْ يُطْلِـقِ الرَّحْمَـنُ قَيْـدِي فَأَلْقَهَا نُحَلِّــلْ نُـذُوراً بِالشـِّفَاهِ الرَّوَاشـِفِ
وَإِلَّا تُبَلِّغْهـــــا الْقِلاصُ فَإِنَّهَــــا ســَتُبْلِغُهَا عَنِّــي بُطُــونُ الصـَّحَائِفِ
وَلَــوْ أَســْقَبَتْ أُمُّ الْعَلَاءِ بِــدَارِهَا إِذاً لَتَلَقَّتْنِــي لَهَــا غَيْــرَ عَـائِفِ
وَكَــمْ قَطَّعَـتْ أُمُّ الْعَلَاءِ مِـنَ الْقُـوَى وَمَوْصــُولِ حَبْـلٍ بِـالْعُيُونِ الضـَّعَائِفِ
أَبَــى الْقَلْـبُ إِلَّا أَنْ يُسـَلَّى بِحَاجَـةٍ أَتَـى ذِكْرُهَـا بَيْـنَ الْحَشَا وَالشَّوَاغِفِ
وَمُنْتَحِــرٍ بِالْبِيــدِ يَصــْدَعُ بَيْنَهَـا عَـنِ الْقُـورِ أَنْ مَـرَّتْ بِهَـا مُتَجَـانِفِ
وَرُودٍ لِأَعْــدَادِ الْمِيَـاهِ إِذَا انْتَحَـى عَلَيْـهِ الرَّزايَـا مِـنْ حَسـِيرٍ وَزاحِـفِ
تَصـِيحُ بِـهِ الْأَصـْداءُ يُخْشَى بِهِ الرَّدَى فَســِيحٌ لِأَذْيــالِ الرِّيـاحِ الْعَواصـِفِ
إِلَيْــكَ أَمِيــرَ الْمُــؤْمِنِينَ تَعَسـَّفَتْ بِنَـا الصـُّهْبُ أَجْوازَ الْفَلاةِ التَّنائِفِ
إِذا صــَوَّتَ الْحَــادِي بِهِـنَّ تَقـاذَفَتْ تَســَامَى بِأَعْنــاقٍ وَأَيْــدٍ خَوانِــفِ
ســـَفِينَةُ بَـــرٍّ مُســْتَعَدٌّ نَجَاؤُهَــا لِتَوْجَـابِ رَوْعـاتِ الْقُلُـوبِ الرَّواجِـفِ
عُــــذافِرَةٌ حَـــرْفٌ تَئِطُّ نُســـُوعُهَا مِـنَ الـذَّامِلاتِ اللَّيْـلَ ذاتِ الْعَجارِفِ
كَــأَنَّ نَـدِيفَ الْقُطْـنِ أُلْبِـسَ خَطْمَهَـا بِـهِ نَـدْفُ أَوْتـارِ الْقِسـِيِّ النَّـوادِفِ
دَعَـوْتُ أَمِيـنَ اللـهِ فِـي الْأَرْضِ دَعْوَةً لِيُفْــرِجَ عَــنْ ســَاقَيَّ خَيْـرَ الْخَلائِفِ
فَيَـا خَيْـرَ أَهْـلِ الْأَرْضِ إِنَّـكَ لَوْ تَرَى بِســَاقَيَّ آثــارَ الْقُيُـودِ النَّواسـِفِ
إِذاً لَرَجَــوْتُ الْعَفْــوَ مِنْـكَ وَرَحْمَـةً وَعَـــدْلَ إِمَـــامٍ بِالرَّعِيَّـــةِ رَائِفِ
هِشـَامَ بْـنَ خَيْـرِ النَّـاسِ إِلَّا مُحَمَّـداً وَأَصــْحَابَهُ إِنِّــي لَكُـمْ لَـمْ أُقـارِفِ
مِـنَ الْغِـشِّ شـَيْئاً وَالَّـذِي نَحَـرَتْ لَهُ قُرَيْــشٌ هَــدَايَا كُـلِّ وَرْقـاءَ شـَارِفِ
أَلَــمْ يَكْفِنِـي مَـرْوانُ لَمَّـا أَتَيْتُـهُ نِفَـاراً وَرَدُّ النَّفْـسِ بَيْـنَ الشَّراسـِفِ
وَيَمْنَــعُ جــاراً إِنْ أَنــاخَ فِنَـاءَهُ لَـهُ مُسـْتَقىً عِنْـدَ ابْـنِ مَرْوانَ غَارِفِ
إِلــى آلِ مَـرْوانَ انْتَهَـتْ كُـلُّ عِـزَّةٍ وَكُــلُّ حَصــىً ذِي حَوْمَــةٍ لِلْخَنــادِفِ
هُـمُ الْأَكْرَمُـونَ الْأَكْثَـرُونَ وَلَـمْ يَـزَلْ لَهُـمْ مُنْكِـرُ النَّكْـراءِ لِلْحَـقِّ عَـارِفُ
أَبُـوكُمْ أَبُو الْعَاصِي الَّذِي كَانَ جارُهُ أَعَـزَّ مِـنَ الْعَصـْماءِ فَـوْقَ النَّفَـانِفِ
وَلَسـْتُ بِنَـاسٍ فَضـْلَ مَـرْوانَ مَـا دَعَتْ حَمَامَـةُ أَيْـكٍ فِـي الْحَمَـامِ الْهَوَاتِفِ
وَكَــانَ لِمَــنْ رَدَّ الْحَيــاةَ وَنَفْسـُهُ عَلَيْهــا بَـوَاكٍ بِـالْعُيُونِ الـذَّوارِفِ
وَمَــا أَحَــدٌ مُعْطــىً عَطـاءً كَنَفْسـِهِ إِذَا نَشـــِبَتْ مَكْظُومَــةٌ بِــالْخَوَائِفِ
حُتُـوفُ الْمَنَايَـا قَـدْ أَطَفْـنَ بِنَفْسـِهِ وَأَشـْلاءِ مَحْبُـوسٍ عَلَـى الْمَـوْتِ وَاقِـفِ
وَمَــا زَالَ فِيكُـمْ آلَ مَـرْوَانَ مُنْعِـمٌ عَلَــيَّ بِنُعْمَــى بَــادِئٍ ثُــمَّ عَـاطِفِ
فَــإِنْ أَكُ مَحْبُوســاً بِغَيْــرِ جَرِيـرَةٍ فَقَــدْ أَخَــذُونِي آمِنـاً غَيْـرَ خَـائِفِ
وَمَـا سـَجَنُونِي غَيْـرَ أَنِّـي ابْنُ غَالِبٍ وَأَنِّـي مِـنَ الْأَثْرَيْـنِ غَيْـرِ الزَّعَـانِفِ
وَأَنِّــي الَّـذي كَـانَتْ تَعُـدُّ لِثَغْرِهَـا تَمِيــمٌ لِأَبْيَــاتِ الْعَــدُوِّ الْمَقَـاذِفِ
وَكَـمْ مِـنْ عَـدُوٍّ دُونَهُـمْ قَـدْ فَرَسـْتُهُ إِلَى الْمَوْتِ لَمْ يَسْطَعْ إِلَى السُّمِّ رَائِفِ
وَكُنْــتُ مَتَـى تَعْلَـقْ حِبَـالِي قَرِينَـةً إِذَا عَلِقَــتْ أَقْرَانَهــا بِالســَّوالِفِ
مَـــدَدْتَ عَلَابِــيَّ الْقَرِيــنِ وَزِدْتَــهُ عَلَـى الْمَـدِّ جَـذْباً لِلْقَرِينِ الْمُخَالِفِ
وَإِنِّــي لِأَعْــدَاءِ الْخَنَــادِفِ مِــدْرَهٌ بِـــذَحْلٍ غَنِــيٍّ بِــالنَّوَائِبِ كَــالِفِ
لِجَـامُ شـَجىً بَيْـنَ اللَّهَاتَيْنِ مَنْ يَقَعْ لَـهُ فِـي فَـمٍ يَرْكَـبْ سـَبِيلَ الْمَتَالِفِ
وَإِنْ غِبْـتُ كَـانُوا بَيْـنَ رَاوٍ وَمُحْتَـبٍ وَبَيْــنَ مُعِيــبٍ قَلْبُــهُ بِالشــَّنَائِفِ
وَبِـالْأَمْسِ مَـا قَدْ حَاذَرُوا وَقْعَ صَوْلَتِي فَصــَيَّفَ عَنْهــا كُــلُّ بــاغٍ وَقَـاذِفِ
وَقَـدْ عَلِـمَ الْمَقْـرُونُ بِـي أَنَّ رَأْسـَهُ سـَيَذْهَبُ أَوْ يُرْمَـى بِـهِ فِـي النَّفَانِفِ
أَرَى شــُعَرَاءَ النَّـاسِ غَيْـرِي كَـأَنَّهُمْ بِمَكَّــةَ قُطَّــانُ الْحَمَــامِ الْأَوَالِــفِ
عَجِبْــتُ لِقَــوْمٍ إِنْ رَأَوْنِـي تَعَـذَّرُوا وَإِنْ غِبْـتُ كَـانُوا بَيْـنَ رَاوٍ وَجَـانِفِ
عَلَـيَّ وَقَـدْ كَـانُوا يَخَـافُونَ صـَوْلَتِي وَيُرْقَـأُ بِـي فَيْـضُ الْعُيُـونِ الذَّوَارِفِ
وَأَفْقَــأُ صــَادَ النَّـاظِرَيْنِ وَتَلْتَقِـي إِلَــيَّ هِجَــانُ الْمُحْصـَنَاتِ الطَّـرَائِفِ
وَلَـوْ كُنْـتُ أَخْشـَى خَالِداً أَنْ يَرُوعَنِي لَطِــرْتُ بِــوَافٍ رِيشــُهُ غَيْـرُ جَـادِفِ
كَمَـا طِـرْتُ مِـنْ مِصـْرَيْ زِيَـادٍ وَإِنَّـهُ لَتَصــْرِفُ لِــي أَنْيَــابُهُ بِالْمَتَـالِفِ
وَمَـا كُنْـتُ أَخْشـَى أَنْ أُرَى فِـي مُخَيَّسٍ قَصـِيرَ الْخُطَـى أَمْشـِي كَمَشْيِ الرَّوَاسِفِ
أَبِيــتُ تَطُـوفُ الـزُّطُّ حَـوْلِي بِجُلْجُـلٍ عَلَـــيَّ رَقِيــبٌ مِنْهُــمُ كَالْمُحَــالِفِ
الفَرَزْدَقُ
763 قصيدة
1 ديوان

الفَرَزْدَقُ هُوَ هَمَّامُ بْنُ غَالِبِ بْنِ صَعْصَعَةَ المُجَاشِعِيُّ التَّمِيمِيُّ، لُقِّبَ بِالفَرَزْدَقِ لِجَهَامَةِ وَجْهِهِ وَغِلَظِهِ، وَهُوَ مِنْ اشْهَرِ الشُّعَرَاءِ الْأُمَوِيِّينَ، وَعَدَّهُ ابْنُ سَلَّامٍ مِنْ شُعَرَاءِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى الإِسْلَامِيِّينَ، وَكَانَ الفَرَزْدَقُ مِنْ بَيْتِ شَرَفٍ وَسِيَادَةٍ في قومِهِ فَكَانَ شَدِيد الفَخْرِ بِهُمْ وَكَانَ لِسَانَهُمْ عِنْدَ الْخُلَفَاءِ وَالْوُلَاةِ، وَلَهُ مَعَ جَرِيرٍ وَالاخْطَلِ اهَاجٍ مَشْهُورَةٌ عُرِفَتْ بِالنَّقَائِضِ، وَكَانَ مُتَقَلِّبًا فِي وَلَائِهِ السِّيَاسِيِّ وتَعَرَّضَ لِلسّجْنِ وَالمُلَاحَقَةِ مِنْ قِبَلِ عَدَدٍ مِنْ الوُلَاةِ، وَقَدْ عُمِّرَ حَتَّى خِلَافَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمَاتَ سَنَةَ 110 لِلْهِجْرَةِ.

728م-
110هـ-