لَعَمْــرُكَ مَــا تَجْــزِي مُفَـدَّاةُ شُقَّتِي
الأبيات 38
لَعَمْـــرُكَ مَـــا تَجْــزِي مُفَـدَّاةُ شُقَّتِي وَإِخْطَـــارُ نَفْسِــي الكَاشِحِينَ وَمَالِيَـا
وَسـَيْرِي إِذَا مَــا الطِّرْمِسَـاءُ تَطَخْطَخَـتْ عَلَــى الرَّكْبِ حَتَّى يَحْسَبُوا القُفَّ وَادِيَا
وَقِيلِـــي لِأَصْــحَابِي أَلَمَّــا تَبَيَّنُــوا هَــوَى النَّفْسِ قَدْ يَبْدُو لَكُمْ مِنْ أَمَامِيَا
وَمُنْتَجِـــــعٍ دَارَ العَــــدُوِّ كَـــأَنَّهُ نَشَـــاصُ الثُّرَيَّــا يَسْـتَظِلُّ العَوَالِيَـا
كَـــثِيرِ وَغَــى الأَصْـوَاتِ تَسْـمَعُ وَسْـطَهُ وَئِيــــداً إِذَا جَــنَّ الظَّلَامُ وَحَادِيَــا
وَإِنْ حَـانَ مِنْــهُ مَنْـزِلُ اللَّيْـلِ خِلْتَـهُ حِرَاجـــاً تَــرَى مَـا بَيْنَـهُ مُتَـدَانِيَا
وَإِنْ شـَذَّ مِنْــهُ الأَلْـفُ لَـمْ يُفْتَقَـدْ لَهُ وَلَــوْ سَـارَ فِـي دَارِ العَـدُوِّ لَيَالِيَـا
نَزَلْنَــا لَـهُ إِنَّـا إِذَا مِثْلُـهُ انْتَهَـى إِلَيْنَــا قَرَيْنَــاهُ الوَشِـيجَ المَوَاضِيَا
فَلَمَّـــا الْتَقَيْنَــا فَـاءَلَتْهُمْ نُحُوسُهُمْ ضـِرَاباً تَـــرَى مَــا بَيْنَـهُ مُتَنَائِيَـا
وَأُخْبِــرْتُ أَعْمَـامِي بَنِي الفِزْرِ أَصْبَحُوا يَــوَدُّونَ لَــوْ أَزْجَـوْا إِلَـيَّ الأَفَاعِيَـا
فَـــإِنْ تَلْتَمِسْــنِي فِـي تَمِيـمٍ تُلَاقِنِـي بِرَابِيَـــةٍ غَلْبَــاءَ تَعْلُـو الرَّوَابِيَـا
تَجِـــدْنِي وَعَمْــرٌ دُونَ بَيْــتِي وَمَالِـكٌ يُــدِرُّونَ لِلنَّــوْكَى العُـرُوقَ العَوَاصِيَا
بِكُــــلِّ رُدَيْنِــــيٍّ حَدِيــــدٍ شـَبَاتُهُ فَــــأُولَاكَ دَوَّخْنَــا بِهِــنَّ الأَعَادِيَــا
وَمُسْـــتَنْبِحٍ وَاللَّيْــلُ بَيْنِــي وَبَيْنَـهُ يُرَاعِـي بِعَيْنَيْــهِ النُّجُـومَ التَّوَالِيَـا
ســَرَى إِذْ تَغَشـَّى اللَّيْــلُ تَحْمِـلُ صَوْتَهُ إِلَــيَّ الصـَّبَا قَـدْ ظَـلَّ بِـالأَمْسِ طَاوِيَا
دَعَـــا دَعْــوَةً كَاليَـأْسِ لَمَّـا تَحَلَّقَـتْ بِـهِ البِيدُ وَاعْرَوْرَى المِتَانَ القَيَاقِيَا
فَقُلْـــتُ لِأَهْلِـــي صـَوْتُ صَــاحِبِ نَفْـرَةٍ دَعَــا أَوْ صَدىً نَادَى الفِرَاخَ الزَّوَاقِيَا
تَـــأَنَّيْتُ وَاسْتَسْــمَعْتُ حَتَّــى فَهِمْتُهَـا وَقَــدْ قَفَّعَـتْ نَكْبَـاءَ مَـنْ كَـانَ سَارِيَا
فَقُمْـــتُ وَحَــاذَرْتُ السُّرَى أَنْ تَفُـوتَنِي بِــذِي شـُقَّةٍ تَعْلُـو الكُسُـورَ الخَوَافِيَا
فَلَمَّـــا رَأَيْــتُ الرِّيـحَ تَخْلِـجُ نَبْحَـهُ وَقَــدْ هَـوَّرَ اللَّيْـلُ السِّمَاكَ اليَمَانِيَا
حَلَفْـــتُ لَهُــمْ إِنْ لَـمْ تُجِبْـهُ كِلَابُنَـا لَأَسْـــتَوْقِدَنْ نَــاراً تُجِيـبُ المُنَادِيَـا
عَظِيمـــاً سـَنَاهَا لِلعُفَـــاةِ رَفِيعَــةً تُسَـــامِي أُنُــوفَ المُوقِـدِينَ فَنَائِيَـا
وَقُلْــــتُ لِعَبْــدَيَّ اسْــعِرَاهَا فَــإِنَّهُ كَفَـــى بِسـَنَاهَا لِابْــنِ إِنْسـِكَ دَاعِيَـا
فَمَـــا خَمَــدَتْ حَتَّــى أَضَـاءَ وَقُودُهَـا أَخَـــا قَفْـرَةٍ يُزْجِـي المَطِيَّـةَ حَافِيـَا
فَقُمْــتُ إِلَـى البَـرْكِ الهُجُودِ وَلَمْ يَكُنْ سـِلَاحِي يُــوَقِّي المُرْبِعَــاتِ المَتَالِيَـا
فَخُضْــتُ إِلَـى الأَثْنَـاءِ مِنْهَـا وَقَدْ تَرَى ذَوَاتِ البَقَايَـــا المُعْسـِنَاتِ مَكَانِيَـا
وَمَـــا ذَاكَ إِلَّا أَنَّنِـي اخْتَـرْتُ لِلقِـرَى ثَنَـــاءَ المِخَـاضِ وَالجِـذَاعَ الأَوَابِيَـا
فَمَكَّنْـــتُ ســَيْفِي مِــنْ ذَوَاتِ رِمَاحِهَـا غِشَاشـــاً وَلَـمْ أَحْفِـلْ بُكَـاءَ رِعَائِيَـا
وَقُمْنَـا إِلَــى دَهْمَـاءَ ضَـامِنَةِ القِـرَى غَضُــوبٍ إِذَا مَـا اسْـتَحْمَلُوهَا الأَثَافِيَا
جَهُــولٍ كَجَـوْفِ الفِيـلِ لَـمْ يُـرَ مِثْلُهَا تَــرَى الـزَّوْرَ فِيهَـا كَالغُثَاءَةِ طَافِيَا
أَنَخْنَـــا إِلَيْهَــا مِـنْ حَضِـيضِ عُنَيْـزَةٍ ثَلَاثـــاً كَـــذَوْدِ الهَـــاجِرِيِّ رَوَاسِيَا
فَلَمَّـــا حَطَطْنَاهَــا عَلَيْهِــنَّ أَرْزَمَــتْ هُــدُوءاً وَأَلْقَــتْ فَــوْقَهُنَّ البَوَانِيَـا
رَكُـــودٍ كَــأَنَّ الغَلْـيَ فِيهَـا مُغِيـرَةً رَأَتْ نَعَمــاً قَـدْ جَنَّـهُ اللَّيْـلُ دَانِيَـا
إِذَا اسْتَحْمَشُـــوهَا بِــالوَقُودِ تَغَيَّظَـتْ عَلَــى اللَّحْـمِ حَتَّى تَتْرُكَ العَظْمَ بَادِيَا
كَـــأَنَّ نَهِيــمَ الغَلْـيِ فِـي حُجُرَاتِهَـا تَمَـــارِي خُصُـــومٍ عَاقِـدِينَ النَّوَاصِيَا
لَهَـــا هَــزَمٌ وَسْــطَ البُيُــوتِ كَـأَنَّهُ صـَرِيحِيَّةٌ لَا تَحْـــرِمُ اللَّحْـــمَ جَادِيَـا
ذَلِيلَـــةِ أَطْــرَافِ العِظَــامِ رَقِيقَــةٍ تَلَقَّـــمُ أَوْصَــالَ الجَـزُورِ كَمَـا هِيَـا
فَمَـــا قَعَــدَ العَبْـدَانِ حَتَّـى قَرَيْتُـهُ حَلِيبــاً وَشـَحْماً مِنْ ذُرَى الشَّوْلِ وَارِيَا
الفَرَزْدَقُ
763 قصيدة
1 ديوان

الفَرَزْدَقُ هُوَ هَمَّامُ بْنُ غَالِبِ بْنِ صَعْصَعَةَ المُجَاشِعِيُّ التَّمِيمِيُّ، لُقِّبَ بِالفَرَزْدَقِ لِجَهَامَةِ وَجْهِهِ وَغِلَظِهِ، وَهُوَ مِنْ اشْهَرِ الشُّعَرَاءِ الْأُمَوِيِّينَ، وَعَدَّهُ ابْنُ سَلَّامٍ مِنْ شُعَرَاءِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى الإِسْلَامِيِّينَ، وَكَانَ الفَرَزْدَقُ مِنْ بَيْتِ شَرَفٍ وَسِيَادَةٍ في قومِهِ فَكَانَ شَدِيد الفَخْرِ بِهُمْ وَكَانَ لِسَانَهُمْ عِنْدَ الْخُلَفَاءِ وَالْوُلَاةِ، وَلَهُ مَعَ جَرِيرٍ وَالاخْطَلِ اهَاجٍ مَشْهُورَةٌ عُرِفَتْ بِالنَّقَائِضِ، وَكَانَ مُتَقَلِّبًا فِي وَلَائِهِ السِّيَاسِيِّ وتَعَرَّضَ لِلسّجْنِ وَالمُلَاحَقَةِ مِنْ قِبَلِ عَدَدٍ مِنْ الوُلَاةِ، وَقَدْ عُمِّرَ حَتَّى خِلَافَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمَاتَ سَنَةَ 110 لِلْهِجْرَةِ.

728م-
110هـ-