كثر الصنوف وأنت أنت الواحد
الأبيات 60
كـثر الصنوف وأنت أنت الواحد الكــلِّ فيــك مخـائلٌ ومشـاهدُ
وتخــالفت أراؤهــم وتبـاينت منهــم هنـاك مقاصـدٌ وعقـائدُ
معنـىً يـروق لعيـن صاحب عبرةٍ ويحيـر فيـه الأَلمعـي الناقـدُ
ولقـد طـويت بكـلِّ منشـورٍ بدا سـرّاً علـى التوحيـد فيه شاهد
هـذا مـن البرح المرفرف هابطٌ إذ ذا بمعـراج التـداني صاعدُ
شـيءٌ عـن الطـيِّ الطلسـم صادرٌ مذ جاء من نشر البروز الواردُ
آياتــك الكـبرى وإنَّـكَ فاعـلٌ مـا شئت فليقف الجهول الجاحدُ
لـك فـي العقـول جلالةٌ ومهابةٌ وعلـى القلـوب حـواجزٌ ومراصدُ
وبنظــم ذرات الوجــود طلاسـمٌ منهــا باعنـاق الجميـع قلائدُ
يـا حاضـراً لكمـاله يا غائباً لجلالــه عـن غيـره يـا شـاهدُ
كــلُّ يقلِّبُــهُ بمهــدِ حظــوظه منك المقيم المحض وهو القاعد
يتصـرَّف السـرُّ القـديم بـأمرهِ وتــراه يعمـلُ زعمـه ويجاهـد
عـاصٍ يصـدُّ وطـائعٌ بيـدِ الرضا غيبــاً يمــدُّ للجميـع مـوائدُ
لا يعـرف الكسـلان ما أضناه من كسـلٍ ولا يـدري النشاط العابدُ
رمــزٌ ينمنـمُ حيـرةً بنسـيجها تـاه الحكيـم أجل وضلَّ الراشدُ
هـذا حريـصٌ وهـو يعلم ترك ما يقنـي وهـذا عـن شـهودٍ زاهـدُ
فتباين الحكمان حين توافق ال نظـران والفعـالُ فيهـا واحـدُ
ألهمـت نفساً في الشؤن فجورها ولتلـك تقوايهـا وغيـرك فاقدُ
والحادثــات جميعــاً زرعٌ وإن نَـكَ أنـت زارعها وأنت الحاصدُ
يـا موجـداً نسقُ الوجود ببابه والكـلُّ منـه يـد الإعانة واجدُ
في مهدِ ساحةٍ حكم حكمتك انطوى متنبِّــهٌ بالكائنــات وراقــدُ
هـذا لسـلطان اقتـدارك راكـعٌ خوفــاً وهـذا للسـكينةِ سـاجدُ
والغـرُّ عـن شكر امتنانك غافلٌ وأخـو القبول على عطائك حامدُ
ولــذاك عــن صـدِّ عـذابٌ دائمٌ ولـذاك عـن مـددٍ نعيـمٌ خالـدُ
حكـمٌ تحارُ لها العقول يفتُّ من قهـارِ واردهـا الثقيـلِ جلامـدُ
ســـربلتها بغــرادةٍ جزئيَّــةٍ حـتى يـردَّ بهـا إليـك الشاردُ
فلبــأس طولــك بـالجلال زلازلٌ ولفيـض بـرك بالجميـل عـوائد
عجـزُ البريَّـة عنـد قدسك ظاهر وخلاف هـذا الشـرط بيـعٌ فاسـدُ
عـن كـان نطـقٌ أنت فاتقُ رتقه أو كـان سـيرٌ أنـت فيه مساعدُ
لـولاك مـا احترك اللسان بكنه مـن بـارز أو زنـده والسـاعد
أبـداً إليـك رعيـل خلقك راجعُ ولقهـر حكمـك كـلُّ شـيءٍ عـائدُ
تتزاحـكُ الركبـانُ تدفع بعضها ولـدٌ إليك على الطريق ووالده
فـرس الشـجاع وذاتـه وحسـامه وخصـامه نحـو الفنـاء تطـارد
ذهب المنجم ما حماه من الفنا مريخـــهُ كحســـابه وعطــارد
الفعل فعلك والجهول مع الهوى والـرأي يحكـم فيهمـا ويعاند
أرضٌ بهـا صـار الـديار بلاقعاً وقتـاً وقبلُ بها الجنودُ حواشدُ
وبقيعـةٍ منها المنافع قد جرت حينـاً وآخـر ما احتوته مفاسدُ
ورقيـق وشـيٍ بيـع يوماً غالياً وبعيـد حيـنٍ فهـو بخـسٌ كاسـد
والليـل آنـا والنهـار وراءه هــذا لــذاك مخـالفٌ ومضـادد
لـك فـي اختلاف الكلِّ آياتٌ لها ضــمن الشـؤن مصـادر ومـوارد
عـن سـرِّ حكمـك قد تفرَّع كلُّ ذا وعليـه جيـشٌ مـن جلالـك عاقـدُ
ضـربت سرادق سترك الضافي على هــذا فحــار أقـاربٌ وأباعـدُ
ما فكَّ طلسم سرِّ حكمك في الورى إلا محمَّــدك الشــكور الحامـد
رفع الشراع عن الشموس فأشرقت وتبــدَّت الألـوان فهـي فـرائدُ
لهجـت بهـا شعراءُ حبِّك فانجلى عنهــم هنـاك نشـائدٌ وقصـائدُ
هـاموا بسـيِّدِ حزبِ من أرسلتهم فالكــلُّ منهـم هـائمٌ متواجـدُ
كـلٌّ هـو الغصن الرطيب بحبِّ من يهـوى علـى هـبِّ النسائم مائدُ
بشـرٌ تـألَّق فـي سـموات العلى شمسـاً لـديها المرسلون فراقدُ
جحــدته البــابٌ طمتهـا ضـلَّةٌ وأولـوا الضلالةِ للكمالِ جواحد
وتـأبطوا شـراً عن الحسد الذي فيهـم ومـا الشريرُ إلا الحاسد
شـقَّ القلـوب الجـدولان فواحـدٌ جــارٍ وآخــر للقطيعـة جامـدُ
ســرٌّ بأنمــاط الغيـوب محتَّـمٌ مرسـومه والحـال معنـىً شـاهدُ
يــا ربِّ أيــدنا بحــبِّ محمَّـدٍ طــه الـذي هـو للأحبَّـةِ قـائدُ
والطـف ونبِّـه بالحنان قلوبنا فـالحظُّ فـي صـفف العلائق راقدُ
صـحِّح بحكـم الإتِّبـاع لعبدك ال هــادي مناهجنـا ففضـلك زائدُ
مـولاي إنـي قـد قصـدتك داعياً مـا خـاب منـك جميـلُ ظنٍّ قاصدُ
أفردتني في العصر عن كرمٍ فها قلـبي لغيـرك إِي وحقِّـكَ زاهـدُ
ورفعـت لـي قدري بحبِّ نبيِّك ال بـرِّ الرحيـم ومنـه عندي عاضد
تجـري علـيَّ مـدى أيـادي بـرِّهِ ولــديَّ منــه فـوائدٌ وعـوائدُ
لكَ في طريق ابن العواتك واحدٌ أبـــداً وإنــي ذاك الواحــد
بهاء الدين الروّاس
406 قصيدة
1 ديوان

محمد مهدي بن علي الرفاعي الحسيني الصيادي بهاء الدين.

متصوف عراقي، ولد في سوق الشيوخ من أعمال البصرة، وانتقل إلى الحجاز في صباه، فجاور بمكة سنة وبالمدينة سنتين.

ثم رحل إلى مصر سنة (1238) فأقام في الأزهر 13 سنة، وعاد إلى العراق (سنة 1251)، وقام برحلة إلى إيران والسند والصين وكردستان والأناضول وسورية.

وتوفي ببغداد.

له (الحكم المهدوية - ط) مواعظ، و(رفرف العناية - ط) تصوف، و(ديوان مشكاة اليقين - ط) نظم، (ومعراج القلوب - ط).

1870م-
1287هـ-