هَلَّا سَأَلْتِ مِنِازِلاً بِالْأَبْرَقِ

القصيدة من نوادر الكميت، وهي في مدح مخلد بن يزيد بن المهلب ولها قصة حكاها المعافى بن زكريا في "الجليس الصالح" قال:

وحدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي (يعني نفطويه)، قال: حدثنا عبيد الله بن إسحاق بن سلام، قال: أتى الكميت باب مخلد بن يزيد بن المهلب يمدحه، فصادف على بابه أربعين شاعراً، فقال للآذن: استأذن لي على الأمير.

فاستأذن له عليه فأذن له، 

الأبيات 17
هَلَّا ســـَأَلْتِ مِنِـــازِلاً بِــالْأَبْرَقِ دَرَسـَتْ وَكَيْـفَ سـُؤَالُ مَنْ لَمْ يَنْطِقِ
لَعِبَـتْ بِهَـا رِيحَـانُ رِيـحِ عَجَاجَةٍ بِالسـَّافِيَاتِ مِـنَ التُّرَابِ الْمُعْتِقِ
وَالْهَيْـفُ رَائِحَـةٌ لَهَـا يَنْتَاحُهَـا طَفَـلُ الْعَشـِيَّ بِـذِي حَنَـاتِمَ شـُرَّقِ
تَصـِلُ اللِّقَـاحَ إِلَى النِّتَاجِ مُرِبَّةٌ بِخَفُـوقِ كَوْكَبِهَـا وَإِنْ لَـمْ يَخْفِـقِ
غَيَّـرْنَ عَهْـدَكَ بِالـدِّيَارِ وَمَا يَكُنْ رَهْـنَ الْحَـوَادِثِ مِـنْ جَدِيـدٍ يَخْلُقِ
إِلَّا خَوَالِـدَ فِـي الْمَحَلَّـةِ بَيْتُهَـا كَالطَّيْلَسـَانِ مِـنَ الرَّمَـادِ الْأَوْرَقِ
وَمُشــَجَّجاً تَــرَكَ الْـوَلَائِدَ رَأْسـُهُ مِثْـلَ السـِّوَاكِ وَدِمْنَـةً كَـالْمُهْرِقِ
دَارُ الَّتِـي تَرَكَتْـكَ غَيْـرَ مَلُومَـةٍ دَنِفـاً فَـإِنْ لَمْ تَرْعَ قَلْبَكَ فَاشِفِقِ
قَـدْ كُنْـتَ قَبْلُ تَشُوقُ مِنْ هِجْرَانِهَا فَـالْيَوْمَ إِذْ شَحَطَ الْمَزَارُ بِهَا تِقِ
وَالْحُــبُّ فِيــهِ حَـرَارَةٌ وَمَـرَارَةٌ سـَائِلْ بِـذَاكَ لِمَـنْ تَطَعَّمَ أَوْ زِقِي
مَـا ذَاقَ بُـؤْسَ مَعِيشـَةٍ وَنَعِيمِهَـا فِيمَـا مَضـَى أَحَـدٌ إِذَا لَـمْ يَعْشَقِ
مَنْ قَالَ بِتْ أَخَا الْهُمُومِ وَمَنْ يَبِتْ غَــرَضَ الْهُمُــومِ وَنَصـْبِهِنَّ يُـؤَرَّقِ
بَشـَّرْتُ نَفْسـِيَ إِذْ رَأَيْتُـكَ بِالْغِنَى وَوَثِقْـتَ حِيـنَ سَمَعْتُ قَوْلَكَ لِي: ثِقِ
مَـا إِنْ أَرَى كَأَبِيـكَ أَدْرَكَ شـَاؤُهُ أَحَـدٌ وَمِثْلُـكَ عَالِيـاً لَـمْ يُلْحَـقِ
تَتَجَاذَبَــانِ لَــهُ فَضــِيلَةَ سـُنَّةِ وَتَلَـوْتَ بَعْـدُ مُصـَلِّيَاً لَـمْ تُسـْبَقِ
إِنْ تَنْزِعَــا وَلَـهُ فَضـِيلَةُ سـَبْقِهِ فَبِمِثْـلِ شـَأْوِ أَبِيـكَ لَـمْ يُتَعَلَّـقِ
وَلَئِنْ لَحِقْـتَ بِـهِ عَلَى مَا قَدْ مَضَى مِـنْ بُعْـدِ غَـايَتِهِ فَأَحْـجِ وَأَخْلِـقِ

الكُمَيْتُ بْنُ زَيْدٍ، مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، وَيُكَنَّى أَبَا الْمُسْتَهِلِّ، وُلِدَ فِي الكوفَةِ سَنَةَ 60 لِلْهِجْرَةِ، وَكَانَ مِنْ أَشْهَرِ الشُّعَراءِ فِي العَصْرِ الأُمَويِّ، وَهُوَ شاعِرُ الهَاشِمِيِّينَ، فَقَدْ كَانَ مَعْرُوفاً بِالتَّشيُّعِ لِبَنِي هاشِمٍ مَشْهُوراً بِذَلِكَ، كَثيرَ المَدْحِ لَهُمْ، وَكَانَ مُتَعَصِّباً لِلْمُضَرِيَّةِ عَلَى القَحْطانِيَّةِ، وَأَشْهَرُ شِعْرِهِ (الْهَاشِمْيَّاتُ) وَهِيَ مِنْ جَيِّدِ شِعْرِهِ وَمُخْتارِهِ، وَكَانَ الكُمَيْتُ عالِماً بِآدابِ العَرَبِ وَلُغَاتِها وَأَخْبارِها وَأَنْسابِها، تُوُفِّيَ سَنَةَ 126 لِلْهِجْرَةِ فِي خِلافَةِ مَرْوانَ بْنِ مُحَمَّدٍ.

744م-
126هـ-