خذ من الدهر ما أتى

قال ابن بسام ومن شعره في الازدواج على كل منهاج، قوله:

الأبيات 2
خذ من الدهر ما أتى إن نعيمـاً وإن نكـد
كــن كســكين جـازر قـاطع كـل مـا وجـد
السُميْسَر الألبيري
59 قصيدة
1 ديوان

خلف بن فرج الألبيري أبو القاسم المعروف بالسُمَيْسر. شاعر أندلسي، في شعره توثب وإبداع، وما يشي بتضلعه من الفلسفة وفنون الطب ، وتفنن في الشعر المزدوج على غرار منصور الفقيه وعاش حرا مستقلا متمردا على كل شيء، واشتهر بأهاجيه المريرة التي تعتبر مصدرا خصبا لرسم شخصيته وتلمس مذهبه وجمع اهاجيه في ديوان سماه "شفاء الأمراض في أخذ الأعراض" وصفه ابن دحية الكلبي (544- 633هـ) في كتابه "المطرب" أنه في مجلدات قال: (وهجوه أكثر من مدحه، يا رب سامحه على قبحه. له مجلدات سماها بشفاء الأغراض، في أخذ الأعراض).  

وقد حذا في بعض شعره حذو أبي العلاء المعري ما أغرى كثيرا من الباحثين بالبحث عنه والتنقيب عن شعره، فمن ذلك كتاب "شعر السميسر" للأستاذ إسماعيل بن حمد بن عبدالله السالمي وفيه (أن السميسر ولد في غرناطة وتكونت شخصيته فيها فهجا ملكها باديس بن حبوس وحفيده عبدالله بن بلقين، ثم هرب من غرناطة، وطارده المعتصم بن صمادح حتى وقع في يده، فعفا عنه وأكرمه وعاش في كنفه، وتوفي سنة 484هـ إثر مرض عضال ألم به.) وللدكتورة فيروز موسى كتاب "أثر الساسة في شعر السميسر الأندلسي" وفي مقدمتها للكتاب قولها: (السُّمَيْسِر الأندلسي الشاعر الثائر الذي ثار على حكام عصره وحاول أن يقف في وجههم موجهاً إليهم سيف شعره الناقد فهجاهم هجاءً لاذعاً استمدّ عناصره من حقده ونقمته على ساسة عصره ) وللأستاذ جورج موسى حداد كتاب "شاعر من خارج السرب: السميسر الإلبيري) صدر عن دار سائر المشرق وللدكتور محمود شاكر محمود كتاب "شعر السميسر الالبيري بين تحقيقين" وللأستاذ محمود محمد العامودي: "شعر السميسر أبي القاسم خلف بن فرج الإلبيري المتوفى سنة 480هـ وللإستاذ بنيونس اﻟزاﻛﻲ. "شعر اﻟﺳﻣﻳﺳر. أﺑﻲ. اﻟﻘﺎﺳم. ﺧﻠف. ﺑن. ﻓرج. اﻷﻟﺑﻳري. ،. دراﺳﺔ وﺟﻣﻊ". وهو كتاب حافل بالفوائد والنوادر. وقد قرأت كل هذه الكتب فرأيتها كلها لم تنتبه لقطعة من روائع شعره رواها الشيخ محيي الدين ابن عربي في الفتوحات عن عمه عبد الله بن محمد بن العربي قال: ( وكان عمي أخو والدي ينشدني كثيراً للسميسر

زمـــان يمــر وعيــش يمــر ودهـــر يكــر بمــا لا يســر
ونفـــس تــذوب وهــم ينــوب ودنيـا تنـادي بـأن ليـس حـرّ

وقد ترجم له الزركلي في الأعلام وجعل وفاته نحو عام (480هـ) (1087م) (1) وقد قد ذلك تقديرا، ولم أقف على ذكر لوفاته في الكتب التي ترجمت له. واعتمدت ما قدره الزركلي لشيوعه 

وهو من شعراء الذخيرة، لابن بسام، وقد نال من أخلاقه نيلا مخجلا. ثم قال: (لكنه ليست ضعة المرء في نفسه بمذهبة جوهرية الأدب) 

وذكره أبو الصلت في الحديقة. واورد منتخبا من شعره. والعماد في الخريدة قسم المغرب والأندلس إلا انه اكتفى فيها بنقل ما حكاه أبو الصلت وكذلك فعل الصفدي في الوافي.

وكان من أصدقاء ابن شرف القيرواني الشاعر (ت 460هـ) وهو المراد بقول ابن شرف:

وحــدثت أنــك سـمح الطبـاع إذا مــــا طبـــاعهم ضـــنت
ونفســــك فاضــــلة حــــرة إذا عـــاينت فاضـــلاً حنـــت
خلائق لــو مازجتهــا الجبـال إذن رقصـــت لـــك أو غنـــت

وكان من شيوخ ابن نجاح الذهبي القرطبي المولود في رجب عام (455هـ) والمتوفى سنة (532هـ) وفي هذا ما يعني أن السميسر عُمّر طويلا، قال ابن نجاح يشكو ما لقي من أهل قرطبة:

ما مثلي ومثلهم إلا ما أنشدني السميسر الشاعر لنفسه:

حققــت مــذ كنـت فـي أمـوري ولـــم أداهـــن ولــم أرائي
وضــعت فــي الأرض بيــن قــوم غــدا يضــيعون فــي السـماء

قال ابن بسام :

(كان باقعة عصره، وأعجوبة دهره، وهو صاحب مزدوج كأنه حذا فيه حذو منصور الفقيه، وله طبع حسن، وتصرف مستحسن في مقطوعات الأبيات، وخاصة إذا هجا وقدح، وأما إذا طول ومدح، فقلما رأيته أفلح ولا أنجح، وقد أثبت من ذلك، بعض ما تخيرته له هنالك. وله مذهب استفرغ فيه مجهود شعره، من القدح في أهل عصره، صنت الكتاب عن ذكره، ثم أورد هجاء فاحشا له ثم قال:

والسميسر في هذا كما قال القائل:

عــابني مـن معـايب هـي فيـه خالـد فاشـتفى بهـا من هجائي

أو كما قال الآخر:

ويأخذ عيب الناس من عيب نفسه مـراد لعمـري مـا أراد قريـب

لكنه ليست ضعة المرء في نفسه بمذهبة جوهرية الأدب المركب في الإنسان، وقد أومأ إلى ما كانت عليه حاله بقوله:

حســـــتي صـــــحيح ولكــــن هـــــواي يـــــوهن حســـــي
فصـــــح رأيـــــي لغيــــري ولـــــم يصـــــح لنفســــي

وعلق على قوله:

بعـــوض جعلــن دمــي قهــوة وغنيننـــي بضـــروب الأغــان
كــــأن عروقـــي أوتارهـــا وجســمي ربـاب وهـن القيـان

قال: (ولعمري لقد أصاب في أن جعل جسمه الرباب، وكان تشبيهه البعوض بالفتيان أولى من القيان، فإليهم كان ينزع، وبهم زعموا كان يقول ويسمع، وفيهم لم يزل يسجد ويركع.)

ثم أورد نخبا من شعره الذي حذا فيها حذو أبي العلاء كقوله وقد ذكر الحشر:

هــذا علــى مـذهبنا ثـم قـد قيلــــت مقــــالات ولا أدري
لقـد نشـبنا فـي الحياة التي توردنــا فــي ظلمــة القـبر
يــا ليتنـا لـم نـك مـن آدم أورطنـــا فــي شــبه الأســر
إن كــان قــد أخرجــه ذنبـه فمــا لنــا نشـرك فـي الأمـر

قال ابن بسام: (والسميسر في هذا الكلام ممن أخذ الغلو بالتقليد، ونادى الحكمة من مكان بعيد، صرح عن عمى بصيرته، ونشر سريرته، في غير معنى بديع، ولا لفظ مطبوع، ولعله أراد أن يتبع أبا العلاء، فيما كان ينظمه من سخيف الآراء، ويا بعد ما بين النجوم والحصباء، وهبه ساواه في قصر باعه، وضيق ذراعه، أين هو من حسن إبداعه، ولطف اختراعه؟)

ومما جرى فيه على نهج أبي العلاء قوله:

ضـعت فـي معشـرٍ كمـا ضاع نوح بيـن قـومٍ قـد أصـبحوا كفـارَهْ
ضــربوه ومــا ضــربت ولكــن جعلــوني ممــن ينــافر دارهْ
فتــأخرت عــن ديـاري لهـوني والهوينــا لمـن يخلـي ديـارهْ

وقوله:

أرادونـــي بجمعهــم فــردوا علـى الأعقـاب قد نكصوا فرادى
وعـادوا بعـد ذا إخـوان صـدقٍ كبعــض عقــاربٍ عــادت جـرادا
ومــن يلمــح ذُكـاءَ بنـاظريه يظــن بيــاض قرطــاس مـدادا

وقوله:

يمنعنــي مــن تكســب الولـد علمـي بـأن البنيـن مـن كبدي
فـإن يعيشـوا أعـشْ علـى ظلَـعٍ وإن يموتـوا أمـت مـن الكمـد
وإن أمـــت قبلهــم تركتهــمُ أهــون بيـن الأنـام مـن وتـد

ومن بديع شعره قصيدته التي رثى بها بني عامر وقد مر على قصورهم وهي خراب:

أصــاب الزمــان بنــي عــامر وكــان الزمــان بهــم يفخـر
فعــــاد نهـــارهم مظلمـــاً وليلهــــم بعـــد لا يقمـــر
وأيـــامهم بعـــد لا تزدهــي وصــــبحهم ظــــل لا يســـفر
أمـاتهم الـدهر قبـل المنـون فهــم ميتــون ولــم يقـبروا
كـــأنهم أربـــع دارســـات فمــا لهــم غيـر أن يـذكروا
فـأين السـرير وأيـن السـرور وأيـن القصـور الـتي عمـروا؟
فلا تعجبــن بمــا قــد تــرى فلا خيــر فـي كـل مـا تبصـر
وهــون عليــك كـثير الحيـاة فســكناك فــي قــبرك الأكـثر

(1) قال الزركلي: (خلف بن فرج الإلبيري، أبو القاسم، المعروف بالسميسر: شاعر هجاء، أصله من إلبيرة (Elvira) وبيته في غرناطة. أدرك الدولة العامرية وانقراضها، وقال في رثائها من أبيات:

 أصاب الزمان بني عامر=وكان الزمان بهم يفخرُ

وكانت بينه وبين ابن الحداد (محمد بن أحمد) مهاجاة. وأورد ابن بسام بعض أخباره ومختارات من شعره)

1087م-
480هـ-

قصائد أخرى لالسُميْسَر الألبيري

السُميْسَر الألبيري
السُميْسَر الألبيري

القطعة أوردها ياقوت الحموي في "معجم البلدان" في مادة بلنسية في خاتمة مجموعة إنشادات سمعها من بعض أهل بلنسية قال:

السُميْسَر الألبيري
السُميْسَر الألبيري

القطعة من شعر السميسر في نفح الطيب في باب "حكايات وأشعار اندلسية"

السُميْسَر الألبيري
السُميْسَر الألبيري

القطعة أوردها السيوطي في كتابه "الازدهار فيما عقده الشعراء من الأحاديث والآثار" نقلا عن الحافظ السلفي قال: قال السلفي: أنشدنا أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن مرشد المقري المزي بمصر،

السُميْسَر الألبيري
السُميْسَر الألبيري

القطعة ليست في المصادر التي ترجمت للسميسر، وقد أفدتها من بحث الأستاذ بنيونس الزاكي وهو منشور في مجلة عالم الفكر العدد 1 يوليو 1996م البحث رقم القطعة (38) وهي في كتاب العامودي القطعة 43 وتخريجها في الكتابين (عن المدخل إلى تقويم اللسان وتعليم البيان