أتى من أريج النصر ما يشرح الصدرا
الأبيات 67
أتـى مـن أريـج النصر ما يشرح الصدرا فأنشــقت الآفــاق مــن نَشــره عِطــرا
وقـد تـم هـذا الفتـح بالمجـد والعلا وألســُنُ أهــل الحـق تتلـو لـه ذِكـرا
وصـــار قيـــام المســلمين ورأيهــم ســديداً وجمــع الشـملِ بَينَهُمُـو أحـرَى
قيــامٌ لــه نصــرٌ ونصــرٌ لــه حِجــى فنحمــد مولانــا علــى كـل مـا أجـرى
سأشــرح مـا قـد كـان فـي سـيرةٍ جَـرَت مـن الدوحـة العَليـا الفلاحيـةِ الغَـرَّا
أبــو زايــد قـد صـمَّمَ العـزم قائمـاً وجهَّــز جيشــاً يملأ الســهل والــوَعرا
وقــدَّم فــي تلــك الجيــوش أخـاً لـه الأجـلَّ أبـا طحنـون مـن أنتـج الفكـرا
فقــــامت لــــديه عصـــبةٌ يمنيَّـــة مــن الأزد مأواهــا معــوَّدة النصــرا
علــى أعوَجِيَّــاتٍ لقــد عَمَّــت الفضــا عليهــا كُمــاةٌ لا يخــافونه الــذُعرا
أســُود مصــاليتٌ لــدى حَــومه الـوغى لأنَّهُمُــو يــوم الــوغى الآيـةُ الكـبرى
ســَلِ الجــوَّ عـن أبنـاء عـامر أينهـم وأيــن الأحــاديثُ الـتي عَنهُمُـو تُقـرا
جَنَـوا مـن ثمـار الخيـر ما كان يانعاً ونــالوا نَــوالاً لا يعُــدُّ لــه حصــرا
وقَــــدَّمَهُم شـــيخ المكـــارم والعلا ومــن جــود كفَّيــه لقــد عَمَّهـم طُـرَّا
تعــدَّوا حــدود اللــه لا شــك أنَّ مـن تعــدَّى حــدود اللــه مَعقَبُــهُ خُســرا
زَرَت بِهِمُــو النعمــاء مــن آل زايــد فأمسـَوا شـتاتاً يـا لهـا عـبرة عـبرا
وأمحَلَــت الأرجــاء مــن بعــد خصـبها وقـد أضـجرتهم قاعـة المَهمَـه القَفـرا
فولَّــوا فــراراً بيــن هــاوٍ وعــاويٍ فتحســبهم مــن خــوفهم حُمُــرا فُــرَّا
أتتهــم جنــود اللــه تَــترَى كأنمـا تلاطـــم تيَّــار غشــا مــوجُهُ الــبرَّا
لوامـــع بـــرق فــي صــواعق نقمــة تجرِّعهــم كأســاً تحســَّوا بــه قســرا
ألـم يحسـَبوا الأسد الضواري على المدى تنوشـهمو مـن حيـث لـم يحسـِبوا أمـرا
فلــم يلبثــوا حــتى أتتهــم صـواعقٌ بأيـدي رجـالٍ فـي الوغى ورثوا الصبرا
فصـــُبَّت علـــى آل الظفيـــرة نقمــةٌ منــازلهم أضــحت بهــم حفــرة غـبرا
وقــد غرَّهــم وعــدٌ ومــا مـن نتيجـةٍ وعنهـم إلـه العـرش قـد كشـف السـترا
وقــد حــاولوا أمـرا وليسـوا بـأهله أمـــانيهم صــارت منايــاهمو دهــرا
ومـن بعـد لمـا استصـعبوا الأمر قدَّروا بنــو غــافر أنَّ الجراحــات لا تــبرا
لقــد رجعــوا أمــر المشـورة بينهـم وقــد طردوهــم مــن منــازلهم قهـرا
فيــا رب فــرِّق جمعهــم وامـح ذكرهـم لأنهــم قــد أسَّســوا فـي القـرى شـرَّا
وطهِّـــر بقـــاع الأرض منهــم طهــارةً تكــون لهــم ذلاً وتبقــى لنــا فخـرا
ولا تبــق ديَّــاراً علــى الأرضِ منهمــو فمــا قـوم عـاد منهمـو بعـدوا أمـرا
وقــد حـاولوا أهـل الفليجـات قصـدهم ليســتعظم الخطــب المهـم الـذي مـرَّا
ألــم يحســبوا أن الوبــال عليهمــو فيــا بئس رأي يــورث الـذل والعسـرا
ســَلوا يـوم غـارات الفليجـات أينهـم بنـو قتـب لـم يخرجـوا كيف ما العذرا
فحِيـــزت مواشــيهم وصــارت غنائمــاً وريقــت دمــاهم فــي مـواطنهم هـدرا
ألــم تحســبوا أن الملـوك إذا سـطوا علــى قريــة يســتعبدون بهـا الحـرَّا
تــذكّرهم مــا قــد نسـَوهُ مـن الأولـى ومـا قـد مضـى فيهـم بـه معنـا خـبرا
وسـل قاعـة المعمـور مـاذا جـرى بهـا شـوارعها تبكـي بهـا الـدهر قـد أزرى
فلــم تأتهــا مــن آل عــامر عصــبةٌ فكيــف وقــد ظنَّــت بــأن لهـا ذخـرا
وقــد حــاولوا أمــرا إلـى آل حامـدٍ وشـنَّوا بـه الغـارات لـم يسـتطع صبرا
أراقـــوا دمــاء المســلمين خيانــة فَبِئس خيانــــات عواقبهــــا غـــدرا
أتتهــم جيــوش مــن هلال بــن عــامرٍ تخــالهُم جيشــاً بِمُلــكِ بنــي كســرى
فقــاموا علــى شـرح بـن علـوان مـدة علــى كــل فَــجٍّ مـن إغـاراتهم تَـترى
كــذا وادي العينــي وأســود ســلهما يجيبــاك بالأخبــار إن كنـت ذا ذكـرى
تمـــرُّ هنـــاك الصـــافنات كأنهـــا لوامــع بــرقٍ خِلــتَ مـن عَجِّهـا كَـدرا
ســـنابكها منهـــا زنــود إذا وَطَــت علـى الصـخرة الصـماء أضـرمتِ الصـخرا
كـــذاك العقيبــات الــتي يصــفونها تمــرُّ بهــا الركبـان لا صـادفت عـثرا
وســَل تَهــدِكَ الأنبـاء عـن بـي قليلـة بيــوم عبـوسٍ قـد هـدَوا أهلـه الشـرَّا
بأيــدي غطــاريف هُــمُ أُســُدُ الشــَّرى لقد أمَّنوا ذا الصقع واستكسبوا الوقرا
فبثُّــوا بيوتــاً ثــم حـازوا غنايمـاً وســفك دم الأعــداء نـالوا بـه أجـرا
ووادي عــدا بــه والعميــري فسـلهما بمـا لَقيـا مـن ملتقـى الراية الحمرا
تمــر بهــا الأبطــال مــن كـل فاتـكٍ بيــومٍ شــديدٍ فيـه قـد حمَّـت الشـِّعرا
فـــأين المحاميــد الــذين تســنَّموا علـى صـَهَوات الطَـود واستصحبوا الصحرا
ينـــادونهم يـــا آل حامــد أينكــم فهــذي جيــوش منكمــو تطلــب الأقـرا
فولَّـــوا فـــراراً لا يجيبــون دعــوةً وكســرُهُمُو فـي الـدهر ليـس لـه جَـبرا
وكـــم غــزوةٍ منــا أتتهــم فُجــاءةً علـى واديِ الجـرد قـد حمـدوا المسـرا
وكــم مزَّقــت خـود مـن الحـزن جَيبَهـا ونـالت مـن الـدنيا الرزيَّـة والـوزرا
رأوا عـــدداً فـــي عـــدةٍ مســـتقلةٍ معبــأةٍ مــن ســالف الأصــيد الأثــرا
ومــن بعــد ذا لمَّــا اضـمحل مرامهـم مـن الرتبـة الأولـى إلى الرتبة الأخرى
أتــوا قاصــدين الســير نحــو مُمَلَّـك أبـي زايـد بحر الندى ذي اليد الوفَرا
مطيعيــن فيمــا يقتضــي رأيــه لهـم وأنهــــم مســـتمثلون لـــه أمـــرا
فجــاد لهــم صـفحاً وعـن ذنبهـم عفـا ومــن طلـب الغفـران يسـتوجب الغفـرا
فـــآل فلاح أفلـــح النـــاس كلِّهـــم ومــن يــأتهِم يُمــسِ بـه عُسـرهُ يُسـرا
عطايــاهم فــي الخلــق كــل جميلــة وعــن كــل جبــار همـو الكنـف الأذرى
وقــــائعُهم ســـودٌ وبيـــضُ صـــنايعٍ مواضـــيهمُ حمـــرٌ مرابيعهــم خَضــرا
فيــا أيهــا الشــيخ المعظــمُ قـدره حُـبيتَ مـن المـولى السـعادة والنصـرا
فهـــاكَ مــن النظــم الأغــرِّ خَريــدةً فلاحيـــة المـــأوى هلاليـــةً زَهـــرا
تخصــُّك بالتمجيــد والشــكر والثنــا فــأنت لــذا أهـلٌ وأتمِـم لهـا مَهـرا
وآخِــرُ قــولي مثــل مــا قلــتُ أوَّلاً أتـى مـن أريـج النصر ما يشرح الصدرا

قصائد أخرى لسالم بن عبد الله الكراني