الأبيات 33
تشــق جنــبي ريــون جاريـة فـي غاب بُوطي امتطيتها ظهرا
وصــرتُ مــن قلبهـا بمنزلـةٍ يؤثرهـا ذو المراتـب الكبرى
والجـوُّ يرشـح مـن ذكـاءَ على الغابـة يكسـو فروعهـا تبرا
والــدوح للطيـر فـوقهُ ظلـلٌ كبــائس الــدرّ فتّقـت زهـرا
فخيـــل لــي بَــرَداً تعلــق في الاَغصان تنثرهُ الصبا نثرا
أو عــارضٌ عـن سـبيل مقصـدهِ يعـوقهُ الـدوحُ في السما مرَّا
لا يـدفع الشـكَّ عنـهُ غيرُ شذاً مـن طيبـهِ أَرَّج الربـى عطـرا
والغـاب أَجمعـهُ ارتـدى حللاً مـن بهجـة الفصل رونقاً خُضرا
فـي مستوى القاع منبتاً بسطت يــدُ الطبيعــة مهـدهُ غـورا
ينســاب فيــه ريـونُ مـدَّفقاً شـِعباً فشِعباً مضى سقى البحرا
واليـوم حـتى المساء تحملنا جاريـــة ذات مهجـــة حــرَّى
تُصــعد أنفاســها وتحــدرها نازعــة فــي مســيرها فـرَّا
وقـرب أُربيـر مـن سـُرَام بدا اَعلاهُ فـي السـحب حبَّر الفكرا
فمحمــل القـول فـي محاسـنهِ شـبابُ غـض الطبيعـة الزهـرا
كـــأنَّهُ ملِـــكٌ تزمَّــل فــي بجــاد نــورٍ مدبَّــج بُهــرا
والشـمس عنـد الغروب تحسبها تاجــاً عليـهِ ياقوتـة صـفرا
والسـدرُ كالسـرو قامـةً شـرعٌ وعمــد تــدمرَ جافيـاً خصـرا
والنجـم مـن فوقهِ قناديل أو أقــراط مــاسٍ تعلقـت جهـرا
فـدع ثـبيراً لذي القروح فذا اجمـل مـن غوطـة ومـن شـبرى
مــن خلقــهِ فتــنٌ واوديــةُ القوقـاس عـن كثبِ أتتت تترى
مفجَّـرات الـذري ينـابيع فـي الفجـوج اجمـعَ صـبّت النهـرا
مــا تسـتحقُّ دمشـق أو بـرَدى بنســبةٍ مــا لحســنه ذكـرا
مـن شـهوة النفس والعيون بهِ طيـرٌ أبابيـلُ اعيـت الحصـرا
مـا راشـدٌ بـالفنون يدرك في تصــويرافكارهِ بهــا خــبرا
يرصــدها كالعقــاب مقتنصـاً لنهمــةٍ صــائدٌ لهــا قهـرا
يصــرعها رميــةً باسـرع مـا يرجــمُ برجيـسُ فارسـاً جمـرا
ديــارُ كــرج وأرمــنٍ وطنـي قبـل انتقـال أبـي الي اُخرى
قـد وُقّيـت مـا يروع واكتسبت فـي ظـلّ رايـة نسرها الفخرا
أتيتهــا بعــد طـول مغـتربٍ فـي المـدن دوَّختُ أرضها شهرا
هواؤُهــا ماؤُهــا وتربتهــا تسـمو علـى الأرض كلهـا قطرا
وأهلهـــا صـــورةً ونــاظرةً وقامــةً أحســن الـورى طُـرَّا
شـربتُ ريـث اسـتفقتُ مـن كدرٍ منتعشـــاً وكـــاَنني كســرى
أُنشــد مــدح الأميــر مـولاي عبــدالقادر العربـيّ مفتَّـرا
رزق الله حسون
29 قصيدة
1 ديوان

رزق الله بن نعمة الله حسون الحلبي. صحافي متأدب، أصله من الأرمن، ولد في حلب، وأنشأ في الأستانة جريدة (مرآة الأحوال) وانتقل إلى لندن، فمات فيها، قال كراتشكوفسكي: كان قومياً عربياً خاف على حياته وهرب من تركيا إلى روسيا فأقام عدة أعوام في بطرسبورغ، حاول في أثنائها أن يحصل على مساعدة القيصر ألكسندر الثاني على إنشاء دولة عربية مستقلة، ولما يئس رحل إلى إنكلترة، فتوفي فيها، وقيل: سمه جاسوس للسلطان التركي.

له: (النفثات- ط) رسالة مترجمة، و(أشعر الشعر- ط) نظم به ستة أسفار من التوراة، و(السيرة السيدية- ط)، و(المشمرات- ط)، و(حسر اللثام- خ) في الجدل.

1880م-
1298هـ-