الأبيات 57
بطيبــــة اطلال عفــــون دوارسُ تعاقبهــا بيــض وســود حنـادِسُ
منــازل أقــوام تسـاهمَ أهلهـا سـهام المنايا والخطوب الدحامس
فلـم يبـق إلا مـن تناسى أنيسها أحـــاديث أحــداث وآي طــوامس
فبتنـا بهـا والقلـب خامس أربع هنـاك وعلـم اللّـه للخمـس سادس
تنـاوح فـي أرجائها البوم كلما تــوالت بهـا للشيصـبان هسـاهس
وغــرك بــاللّه الغـرور وهَوّسـَت بقلبـك مـن داء الغرور الوساوس
إلا إنمـا الـدنيا سـراب بقيعـة وهــم وأوهــام وهــام مرامــس
فـأين الصياصي الشاغبات وأهلها وأيـن الجنـان والجنان الفرادس
وأيـن الكمـاةُ الصافناتُ جيادُها وأيـن الحسـان المنعماتُ الأوانس
كـان لـم تشـاوَ بيـن سلع وفارع شــئيت ولـم يسـمر بيـثرب آنـس
وكـم ذا ثوت من ذات دعد معاقلا عقــائل أتــرابٍ وصــيدٌ فـوارسُ
وخيــم فضــفاض الــرداء مـرزّءٌ ورضــرض رضـراض الحصـى متشـاوس
وراح بـروح اللّـه جبريـلُ روحـه وغصـت بمحمـود المقـام المجالس
وهــاجر فــي ذات الإلـه مبـارك حنيـفٌ علـى تقـوى من اللّه يائس
وقـامت بنصـر اللّـه أنصار دينه وبيعـت من اللّه النفوس النفائس
وجـرت بنـو عمياء من ليل كفرها جنـوداً دعاهـا للمحـال الخلابـس
مجـرّ أبـي يكسـوم جنـدا عرمرما لتخريـب بيـت اللّـه واللّه حارس
تراغــم طلال الثنايــا مُســَلّطا فلا رغمــت والدمـدماتُ الـدهارِسُ
ودون رسـول اللّـه أسـوار عصـمة واسـد الشرى والدمدماتُ الدهارس
أبــاةُ مضــام لا يضـام أمينهـا إذا مـا دعاهـا للمراس الممارس
حمـاةُ الحُمَيّـا لا يطـار غرابُهـا إذا ما احزألَت بالصفاح اللواهسِ
وحاوحَــةٌ حتّـى إذا مـا تضـاحكَت صـآليلُ مـن زرقِ العيـون ضـوارسُ
وأجـت جنـون الحرب ناراً وقودُها جنانيـد جـردٌ والـبزاة الفوارس
تواصـت بصـدق الصبر منهم عزائِم فينعَــمُ بــال أو تئيـمُ عطـامسُ
وعجعـج فـي عيـدانها كـل ما جد ســمندل هيجــاء ابــر حمــارس
وظلــت عراكـا ماذيـات رماحهـا تمـاذي بنـات الجـوف عـف ولامـس
تنــاحَرُ فــي نحـورِهِم ونحورِهـا كوالـحُ أنيـاب المنايـا غـواطس
عطَـــوّدُ أيــام يمــور عــذابه تعـوذ بأرحـام السـيوف القوانس
وظلــت وانهـار الـدماء ميـازب قرينــان مفــروس وآخــر فـارس
تنـافُسُ أنفـاس المنـون نفوسـُها ومنهُــنّ يقظــانٌ ومنهــن نـاعس
تراعـى جيـاع الطير فصل قضائها خصـوماً وحكّـامُ العمـاس المداعسُ
وظلـت وأسـواق الهيـاج مسـاقُها إلــى غمــرات المـوت راج وآئس
تنـاجز باعـاتُ النفـوس سـراتها وكـل علـى حفـظ الحفـاظ يكـايس
فداسـت عبـدان الطـواغيت خيلُها وجـاءت بمـا لم يأت ذبيان داحس
فلمـا قضـت نحبـا وعلّـت ظماءها حيــاض قتَيــم واشــمأزّ تـواعس
تمنـت وما تغنى الاماني لو أنها أطـاعت رسـول اللّه والحرب ضارس
وبـاتت وبلبـال الهمـوم نجيّهـا وأشــلاؤُها لونــان رطـب ويـابس
تعـزى عـوافي العاريـات مصابها محبــا ومحبوبــا صـوى وفـوارس
تشـاقى سـعودا طالعـات سـعودُها إلا أنهـم هـم الشـقاة المنـاحسُ
فلمـا أمـاط الليـل عنها جناحه وأومـض من أيدي الهداة المقابس
فمــا هـو إلا أن تـواتر طعنهـا ونـاكت بإنعـاظ النصال القراطسُ
تقـاذف مـن لـظّ الخميـس حميسُها عثـانين سـيل ضـاق عنهـا محابس
فظلـت وضوضـاء النيـاح نصـيرُها ولطـم الخـدودُ والأيامى العوانس
كــأن كليبــا بالـذنائب لفهـا تطيـر انهزامـا والـدروب أواعس
ثبــات ثبــات والظبـاتُ تحثهـا تـروم ثباتـاً والشـريك المشاكسُ
يمينــا بـرب المصـطفى ورعيلـه لذاقت عذاب الهون منها الغطارس
ووالـت سـباءً بيـن ثـور ونعجـة ولاذت باعتــاد الرسـول الأشـاوس
فمــا لبثــوا الا ســنين قلائلا تحنّـثَ مـن صـغر الخدود العنابس
هنالــك بــزّ المصـطفى وبزاتُـه وحصـحصَ في غيب الخفايا الدسائس
وأسـلس آبـى الكفـر طوع قيادها رماقـا هـدتها للضـروس الابـاخسُ
وللّـــه آراق قليـــلٌ هجوعُهــا إذا مـا تغَشـّاها من الليل داعسُ
تراقِــبُ عـورات الثغـور كأنهـا مـن الحـزم في جوف الظلام عساعس
وللّــه قـوم يـال قـوم انيسـها بعينيـن مـن عيـن الجنان عرائس
وأخــرى بــاطلاح وبيــر معونـة وللّــه يــوم باليمامــة عـامس
أولئك حـزب اللّـه فاتوا بمثلها إلا أن حـزب اللّـه تلـك الهرامس
وهيهـات هيهـات الندى من نداهم وشــتان شـتان الإضـى والقـوامس
وشـتان مـا بيـن النـبي وغيـره عليـه صـلاة اللّـه مـا مـر هاجس

غالي بن المختار فال البوصادي.

شاعر، من أعيان علماء شنقيط، عقد قبيلته الوسيط، اشتهر باللغة والسيرة، كان فاضلاً ديناً، وفيه يقول حرم بن عبد الجليل العلوي أبياتاً أولها:

لله درك ما أغلاك من غالي يا ذا البصادي وما أعلاك من عالي

أنشد يوماً في مسجد قومه، أبياتاً حساناً من شعره، فلم يطربوا لها لأنهم ليسوا من أهل ذلك الفن، فقال لهم: ليتني لم أكن منكم.

قصائد أخرى لغالي بن المختار فال البوصادي