الأبيات 49
ألا زمـــنٌ يبلِّغُنِــي مُــرادِي ويُســعِدُني بيــومٍ مِـن سـُعادِ
خلِيلـي لا بَصـُرتُكَ فـي ثِيَـابي أَسـيراً مـا لهُ في الناسِ فادِ
ألا يـا ظَبيَـةً بالبـانِ ترعَـى أمـا قَـد آن أن ترعَـى فُؤادِي
رَمَتنِــي مِـن لواحِظِهـا بنَصـلٍ تَصـُولُ بـهِ عَلـى الأُسدِ الوِرادِ
كـأنَّ لِحاظَهـا فِـي سـلبِ عَقلِي ســُلافٌ عُتِّقَــت مِـن عَهـدِ عـادِ
وَمـا ذَنبِـي سـِوى قَلبِي فَدَعها تُقَلِّبُــهُ علَــى شـَوكِ القَتَـادِ
لَعَمـرُكَ إنَّنـي يَـومَ التَقَينـا علَـى ظَمـأ أعـفُّ مِـنَ الجمـادِ
ولَــم يطِــبِ الهَـوى إِلا لِعـفٍّ يَصـُدُّ عـن المَـوَارِدِ وهـوَ صادِ
ألا يـا لائِمـي دَع عنـكَ لَـومِي فـإِنّي مـن هَواهـا في ازدِيادِ
ومـا لِـي مِـن هَواها غيرَ أنِّي أهِيــمُ بـذكرِها فـي كُـلِّ وَادِ
وأَلتمِـسُ القِفـارَ مِـن الأَراضي لعلِّـي باسـمِها فيهـا أُنـادي
أُنــادِي جَهــرةً حتّــى كـأَنِّي مِـنَ النَجـوى قريـبٌ فـي بعادِ
سـلكتُ لهـا صـِراطاً مُسـتَقِيماً عَلــى آثـارِ أَقـدامِ العِبـادِ
عبـادٌ يَقطعُـونَ الـوَقتَ سـيراً إِلـى أن شـارَفُوا شَرَفَ المُرادِ
وَفـازُوا بالسـِّباقِ فكُـلُّ سـارٍ عَلــى آثــارِهِم يهـدِيهِ هـادِ
لَهـم فِي الذِّكرِ ذكرٌ لَيسَ يبلى لمَــن يتلُـو بسـَبقٍ واقتِصـادِ
هُـمُ كانُوا نجوماً في الدَياجِي وَهُـم كـانُوا رُجُومـاً لِلأعـادي
يكـادُ الـدَهرُ يُخفيهـم وَتأبى بـدورُ التِّـمِّ أَن تخفَـى بنـادِ
لَنـا مِـن سـِلكِهِم قُطـبٌ رفيـعٌ عليــهِ مــدارُ أَقطـارِ البلادِ
يُـديرُ الكـأسَ فينـا كُـلَّ حِينٍ فَيُطفِــي حــرَّ أكبــادٍ صـَوادِ
شــَرابٌ يبعــثُ الأشـباحَ حتّـى تُـدِيمَ السـَيرَ أَو تَرثِـي لِحَادِ
شــرابٌ يُنهــضُ الأرواح حتّــى سـَمَت صُعُداً على السَّبعِ الشِّدادِ
وَيُوقِـدُ لِلقِـرَى نـاراً ضـِياها تَقــدَّسَ أَن يحُـورَ إِلـى رَمـادِ
هِـيَ النـارُ الَّتي أَوفَى سَنَاها عَلـى الأغـوارِ طُـرّاً والنِّجـادِ
فَكَـم مِـن حـائِرٍ أوفـى إِليها فَتَهــدِيهِ إلـى سـُبُلِ الرَّشـادِ
وَمَغــرورٍ أتاهــا يَصــطَليها فنُـودِيَ بِـالمُنى جـلَّ المُنادِي
هـوَ القمـرُ المُنيرُ إِذا تجلَّى عَلــى قلــبٍ جَلاهُ مِــن سـَوادِ
وَســُلطانُ الحَقيقَـةِ لا يُمـارى وبرهـانُ الطَّريقـةِ فهـوَ بـادِ
يُجَـدِّدُ رَسـمَها مِـن بعدِ ما قَد عَفَـت آثـارَهُ أيـدي العَـوادِي
وَوارِثُ ســيِّدِ الكــونَينِ طُـراً رَسـولِ اللَّـهِ مَن مِنهُ المبادِي
عمـادِ الـدِّينِ والدُنيا جَميعاً وَهــل بيــتٌ يقـومُ بِلا عِمـادِ
أبُـو البَركاتِ عبدُ اللَّهِ دامت علَــى نعمـائِهِ دِيَـمُ العِهـادِ
أَبُـو بكـرٍ أبوهُ أبُو المَعالي بَنــى المُلا رجــالُ الاجتِهـادِ
لقَـد حـازَت بِهِـم هَجـرٌ فَخاراً علـى الدُنيا قُراها والبَوادِي
إِليكُـم فـاقبلُوا يا أَهل وُدِّي وَســائلَ خالِصــاتٍ مِـن وِدادِي
ألا يـا نَجلَـهُ المَيمونَ كُن لي شـَفيعاً عِنـدَ والِـدِكَ الجَـوادِ
لِيُوجِـدَ لِـي فـؤاداً ضـاعَ منّي أُســائِلُ رائِحــاً عنـهُ وغـادِ
ويشـهدُ فـي الجليَّةِ مِن وجُودِي ويجمــعُ شـملَ فرقـي باتِّحـادِ
عَسـَى لـي نَظـرةٌ منـهُ فـأفنَى لعلِّــي أسـتريحُ مِـنَ الجِهَـادِ
فَهـذا يـا ابـنَ سيِّدِنا مُرادِي وأنتُـم سـادَتي أهـلُ الأيـادِي
وإنِّــي عبــدُ رِقٍّ فـي هَـواكُم بِأفعــالِي وأَقـوالِ اعتِقـادِي
وإنّــي ســادَتي لكُـمُ ومِنكُـم خذُوا بيدِي تَرَوا حسنَ انقِيادِي
وَمِمّــا ألهَــبَ الأحشـاءَ خَطـبٌ أَلَـمَّ بكُـم فقلـبي فـي اتِّقادِ
غـداةَ غـدا أبُـو بكـرٍ شَهيداً لــه نُـزُلٌ ألـذُّ مِـن السـِّهادِ
قضـَى الأوطـارَ مِـن حضراتِ قُدسٍ وأَوفــى نــذرَهُ ومَضـى بـزادِ
وَهَـذا مُنتَهـى الأحيـا فَطُـوبى لمـن يمضـي علـى نَهجِ السَدَادِ
فــأعظَمَ أجرَكُــم فيـهِ إِلهـي ونعَّمَــهُ عَلــى بَـردِ المِهـادِ
وصــلّى ربُّنــا الرحمـنُ حقّـاً علَى مَولى الشَّفاعَةِ في المَعادِ
كــذاكَ الآلُ والأصــحابُ طُــرّاً وتـابِعُهُم إلـى يـومِ التَّنادِي

عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الله بن أحمد النجاري الخزرجي، من ذرية أبي أيوب الأنصاري الشافعي.

ولد في قرية المبرز من الأحساء، وحفظ القرآن وهو ابن اثنتي عشرة سنة، وأخذ عن جده ووالده علم التفسير والحديث والفقه وقواعد العربية.

اشتغل بالقضاء بعد وفاة أبيه واستمر إلى آخر عمره.

كان صاحب شاعرية فذة، وأسلوب رائع، وخيال واسع الأطراف، وأجاد فن المراسلة.

1925م-
1344هـ-

قصائد أخرى لعبد الله بن علي آل عبد القادر