أَلسُنُ الدَّهرِ بالفَنَا ناطِقَاتُ
الأبيات 71
أَلسـُنُ الـدَّهرِ بالفَنَـا ناطِقَـاتُ وقَضــايَاهُ فـي الـوَرى شـاهِداتُ
ورَحَـى البَيـنِ بـالرَّدى طَحَنَتنـا واللَّيـالِي فـي حَطمِنـا مُسـرِعاتُ
عَرَّفَتنـــا بِنَفســـِها أُمُّ ذَفــرٍ وَدَعَتنــا لِزُهــدِها الغادِيــاتُ
وَعَظَتنــا فِعالُهــا لَـو عقلنـا فظُباهــا فينــا لهــا وَقَعـاتُ
فَعلامَ الرُّكُـــونُ مِنّــا إِلَيهــا ولَهــا فــي نُفُوســِنا فَتَكــاتُ
صـاحِ أَعـدِد لِحَـربِ دُنياكَ واعلَم أَنَّ عُقبَـــى رَخائِهـــا شـــِدَّاتُ
فَهـيَ دارُ الأَكـدارِ إِن يَصفُ مِنها لَـــكَ وَقـــتٌ تَكَــدَّرَت أَوقــاتُ
ذاتُ غَــدرٍ فــإِن أَرَتـكَ سـُكُوناً بَعـــض يَـــومٍ فَغِبُّــهُ وَثَبَــاتُ
أَو أَعارَتــكَ مِـن نَعيـمٍ نَصـِيباً فَلَهــا فــي ارتِجــاعِهِ عَزَمـاتُ
إِنَّ ذا الدَّهرَ قَد أَرانا ابتِساماً خَمـــسَ حجَّــاتٍ كلُّهــا حَســَناتُ
وَاللَّيـالي زَهَـت لَنا مِثلَ ما قَد مَلَّكَتنـــا زِمامَهـــا اللَّــذَّاتُ
فَقَطَفنــا مِــنَ الأَمـاني ثِمـاراً هُــنَّ لِلمَجــدِ والعُلــى غايـاتُ
فــأَبَى الـدَّهرُ أَن يُتِـمَّ سـُرُوراً ولَـــهُ فـــي شـــُؤُونِهِ حَــالاتُ
وَاســتَرَدَّ الهِبــاتِ مِنّـا بِعُنـفٍ فكَأنّـــا لــهُ عَلَينــا تِــراتُ
وَرَمَــت خَيرَنــا المَنُـونُ بِسـَهمٍ وَهــيَ قَــوسٌ ســِهامُها صـائِباتُ
فَجَعَتنــا بِبَحــرِ عِلــمٍ وَفَضــلٍ ذِي كَمـالٍ تَسـمُو بِـهِ المَكرُمـاتُ
نَجـل عَبـدِ اللَّطيفِ شَيخِي عبدِ ال لَــهِ مَــن فيــهِ لِلعُلَـى آيـاتُ
ثُــمَّ لَــم تُغمِـضِ المَنِيَّـةُ عَنّـا جَفنَهـا بَـل لَهـا إِلَينا التِفاتُ
كُــلَّ يَــومٍ خِــلٌّ يُرَحَّــلُ عَنَّــا وَمَغــانٍ مِــن أَهلِهــا عــاطِلاتُ
إِن ذاكَ البَــدرَ الَّـذي ضـَمَّهُ ال قَــبرُ وَفــازَت بِوَصـلِهِ الجَنّـاتُ
مــا نَســِينا مُصــَابَهُ فَلِمـاذا ســـَلَبَتنا ســـَمِيَّهُ الحادِثــاتُ
قَــد وتِرنــا بِــأَريَحِيٍّ شــَريفٍ كملَــت فيــهِ لِلفَخــارِ صــِفاتُ
قَبَضــَتهُ مِنّــا أَكُــفُّ المَنايـا والمَنايـــا أَكُفُّهــا قابِضــاتُ
أَوَ تَــدرِي بِمَــن رُزِئنـا قُبَيلا وَعَلَــى مَــن تَتــابَعُ العَبَـراتُ
غـالَنِي الـدَّهرُ في ابنِ عَمِّ كَرِيمٍ قَـد عَلَـت مِنـهُ مُـذ نَشـا هِمّـاتُ
فَـابنُ عَبـدِ الرَّحمنِ حبِّي عبدُ ال لَــهِ أَودَى وَمِنــهُ فُلَّــت شـَباةُ
كـانَ مِنـهُ غُصـنُ الشـَّبيبَةِ غَضـّاً فَتَصـــَدَّت لِكَســـرِهِ الحادِثَــاتُ
لائِمــي إِن جَــرَت دُمُـوعِيَ جَمـراً فَــوقَ نَحــرِي تَحُثُّهـا الزَّفَـراتُ
إِنَّ نــارَ الهَــوى بِقَلبِـي شـَبَّت فَتَرامَــت مِـن أَدمُعِـي الجَمَـراتُ
بَزَّنِـي الـدَّهرُ صـاحِبي بَل شَقيقِي وقَرِينــي فَــأينَ مِنِّـي الثَّبـاتُ
وَفِــراقُ الأَقــرانِ أَبلَــغُ شـَيءٍ فيــهِ لِلحــازِمِ الأَريــبِ عِظَـاتُ
لَهــفَ نَفســِي عَلَـى سـَرِيٍّ عَلَيـهِ لِلمَعـــــالِي دَلائِلٌ وَســـــِمَاتُ
لَهــفَ نَفسـِي عَلَـى أَديـبٍ لَـبيبٍ ذِي صـــَلاحٍ فَـــدَأبُهُ الطَّاعَــاتُ
أَدرَكَ العِلــمَ يافِعــاً وَتَرقَــى لِمَقــامٍ تَنحَــط عَنــهُ اللِّـداتُ
حَســـَنُ الخُلــقِ شــِمَّرِيٌّ حَســيبٌ لَــــوذَعِيٌّ أَخلاقُـــهُ رائِعـــاتُ
كـانَ أُنسـِي فـي خَلـوَتي وَنَدِيمي وَجَمــالي إِن كــانَتِ الجَلَــواتُ
مـا حَسـِبتُ الأَيّـامَ تَرزَؤُنِـي فِـي هِ وَلا أَنَّهـــا بِـــهِ فاجِعـــاتُ
فَرَمَتـــهُ أُمُّ اللهَيـــمِ بِنَبــلٍ وَنِبــالُ الــرَّدى لَنـا مُقصـِداتُ
ظَــلَّ أَدنَــى مِـنَ الأَكُـفِّ إِلَينـا وَهـوَ فـي البُعـدِ دُونَهُ النَّيِّراتُ
وَابتَــدَرنا تَجهيــزَهُ باحتِسـابٍ وَالمـــآقِي بِمائِهـــا غَرقَــاتُ
وَحَمَلنَـــاهُ فَــوقَ نَعــشٍ مُعَــدٍّ وَلَنـــا عِنـــدَ حَملِــهِ أَنّــاتُ
وَتَبِعنـــاهُ بِــالتّلاوَةِ والــذِّك رِ وزَانَــت تَشــييعَهُ الــدَّعَواتُ
وَعَجِلنــا إِلــى الصــَّلاةِ عَلَيـهِ وَهـــيَ مِـــن رَبِّنـــا صــَلَواتُ
وَدَفَنَّـــاهُ وَســـطَ قَــبرٍ حَــوا لَيــهِ قُبُــورٌ مِــن أَهلِـهِ آهِلاتُ
وَهــوَ فيــهِ لِلَّـهِ ضـَيفٌ وَحاشـا أَن تَخطَّـــى لِضــَيفِهِ الكُرُبــاتُ
وَانصـَرَفنا وَفـي القُلُـوبِ ضـِرامٌ وَدُمُـــوعُ العُيُـــونِ مُنســَجِماتُ
لا عَــدَت قَـبرَهُ الغَـوادِي وَلا أخ طَـت ثَـرىً ضـَمَّ شـِلوَهُ الرَّائِحـاتُ
يـا حَيـاةَ النُّفُـوسِ أَنـتَ بِقَلبِي غَيــرُ نـاءٍ وَإِن دَهـاكَ المَمَـاتُ
نَضــرَ اللَّــهُ مِنـكَ ظَـرفَ صـِفَاتٍ غُــرَرٍ هُــنَّ فــي العُلا واضـِحاتُ
وَعَفــا عَنــكَ وابتَـداكَ بِـأَزكَى بَرَكــــاتٍ تَؤُمُّهــــا رَحَمـــاتُ
يـا قَسـِيمِي هَـذا المُصـَابَ تَرَفَّق فَلِرَبِّــي فِــي حالِنــا نَظَــراتُ
غَيِّـضِ الـدَّمعَ فالبُكـا غَيـرُ مُجدٍ وَالــرَّدى لَــن تَـرُدَّهُ الزَّفَـراتُ
وَتَعَلَّــل مِــن فَقــدِهِ بِالتَّأسـِّي فالتَّأَســِّي بِمَــن مَضــَى مَســلاةُ
وَابــكِ إِن شـِئتَ نَفسـَكَ الآنَ وَاح ذَر فَالمَنايــا قِسـِيُّها مُـوتَراتُ
وَكُــنِ العاقِـلَ اللَّـبيبَ وَبـادِر عَملاً فيــهِ مِــن عَــذابٍ نَجــاةُ
وَازجُـرِ النَّفسَ وانهَها عَن هَواهَا قَبــلَ أَن تَســتَرِقَّها الشــَّهَواتُ
وَاعمُـرِ العُمـرَ بـالتُّقَى وَتَجنَّـب ســــَيئَاتٍ مَآلُهــــا حَســـَراتُ
وَتَــأَهَّب لِرِحلَــةٍ لَيــسَ مِنهــا لَــكَ بُــدٌّ عُنوانُهــا السـَّكَراتُ
فَلَنــا بَعـدَ ذِي الحَيـاةِ مَمَـاتٌ وَلَنــا بَعــد أَن نَمُــوتَ حَيـاةُ
فَاســـتَعِدَّنَّ فـــالطَّريقُ مَخُــوفٌ وَبَعيــــدٌ وَكُلُّــــهُ عَقَبَــــاتُ
لَيــسَ يَسـطِيعُ قَطعَـهُ غَيـرُ عَبـدٍ طـاهِرِ القَلـبِ فِعلُـهُ الصـالِحاتُ
وَســَلِ الأَعصــُرَ الخَــوالي عَمَّـن قَصـــَمَتهُ أَيامُهــا الماضــِياتُ
إِنَّ فِيمَـن مَضـَى اعتِبـاراً فَسَلها أَيــنَ كــانَ الآبــاءُ والأُمَّهـاتُ
وَتأمَّــل بِعَيــنِ عقلِـكَ هَـل نـا لَ خُلُــودٌ فيهـا فَـتىً أَو فَتـاةُ
لا وَربِّـي لَـو جـازَ فيهـا خُلُـودٌ لَـم يَرُعنـا في الأَنبِياءِ المَماتُ
وَتَرانــا بِــذاكَ نَــدرِي وَلَكِـن شـــــَمَلَتنا جَميعــــاً الغَفلاتُ
ربِّ أَيقِــظ قلوبَنـا واعـفُ عَنّـا وأَنِلنــا فَمِنـكَ تُرجَـى الهِبـاتُ
وَأَثِبنـا حُسـنَ الجَـزا فـي مُصابٍ لَـم تَـرُق بَعـدَهُ لَـدَينا الحَياةُ
وَلِنَظمِــي مِســكُ الخِتــامِ سـَلامٌ تَتَــوالى مِــن بَعــدِهِ صــَلَواتُ
لِشـــَفيعِ الأَنــامِ أَحمَــدَ طــهَ مَــن أَتَــت فـي مَـديحِهِ الآيـاتُ
وكَــذا الآلُ والصـَّحابَةُ مـا نـا حَــت هَــديلاً حَمــائِمٌ ســاجِعاتُ

عبد العزيز بن حمد آل مبارك، من بني تميم.

ولد بمحلة الرفعة، من مدينة الهفوف بالأحساء.

حفظ القرآن في سن مبكرة، ثم رحل مع والده إلى مكة وأقام بها سنوات، تلقى خلالها قسطاً من مبادئ العلوم الشرعية والتاريخية واللغوية، ثم عاد إلى بلده وعكف على التدريس والتحصيل وسنه لم تتجاوز الخامسة عشرة.

وقد ترك شعراً ينوف عن ألف بيت.

توفي في الأحساء.

له: تدريب السالك.

1940م-
1359هـ-