يا أخا الروح من يبلّ أوامي
الأبيات 46
يـا أخـا الـروح مـن يبلّ أوامي يـا لحزنـي وأنـت تحـت الرجـام
مـن لقلـبي وقـد تملّكـه اليـأس ونفسـي الثكلـى وروحـي الطـامي
آه مـن لـي بلـمّ شـمل القـوافي فأنــا لــم يعـد بكفّـي زمـامي
ربّـة الشـعر هـات مـا شـئت منه واطلعــي يــا عــرائس الإلهـام
أســعفيني بــه قلســت بقنّــاص فاصــــطاده وبلــــي أوامـــي
اســعفيني بــه لأرثــي رفيقــا غيّبــوه تحــت الحصـا والرغـام
وا صــديقاه وا حنينــي إليــه واشـــتياقي وحرقــتي وهيــامي
يـا أخـا الـروح آه مـا ضـرّ لو ودّعتنــي أو خصصــتني بالســلام
يــا أخــا الـروح كيـف أصـدرت الأقــدار حكمـا عليـك بالإعـدام
كيــف نفّــذته بنفسـك يـا هـذا بلا رهبـــــــة ولا إحجــــــام
وا صــديقاه آه بـل كيـف يصـفو العيــش لــي بالقسـوة الأحكـام
كيــف يحلـو لـي المقـام بـدار الغـدر والغـشّ والفنـا والسقام
كيـف تحسـو كـاس الـردى قبل أن اشــربه وهــو غــايتي ومرامـي
ليتهــا إذ ســقتك هـذا غبوقـا أصـبحتني الـدنيا بكـأس الحمام
لهــف نفســي علـى شـباب نضـير كفنــوه واحــرّ قلــبي الـدامي
لهـف نفسـي على المروءة والإخلاص والنبـــل والشـــعور الســامي
ذبــل الغصــن وهـو غصـن رطيـب وذوى الزهـــر وهــو بالأكمــام
وطــويت البســاط مــذ غيّبــوه فــدعوني يــا معشــر اللــوام
حطّمــوا العــود والكــؤوس فلا حاجـة بـالعود أو كـؤوس المدام
واصــــرفوا عنّـــي النـــدامى فقـد عطّـل نادي الغرام والأنغام
يــا صـديقي أمـا سـمعت نـواحي كنــواح الرضــيع يـوم الفطـام
وأنينــي أمــا ســمعت أنينــي دونــه يـا أخـي أنيـن الحمـام
وا صــديقاه وا حنينــي إليــه واشـــتياقي وحرقــتي وهيــامي
ليتهـم إذ رمـوه بالضـعف ذاقوا بعــض مــا ذاقــه مــن الأيـام
وادّعــوا أنّــه الجبـان أمنهـم واحــد قابــل الـردى بابتسـام
فمـــن الظلــم أن يعــذّب حــرّ ويعيــش اللئام بعــد الكــرام
ومـن الغبـن أن تمـوت وما حقّقت حلمــــــا وا ضـــــيعة الأحلام
وا صــديقاه وا حنينــي إليــه واشـــتياقي وحرقــتي وهيــامي
حطمــت جســمه صــروف الليـالي ورمتــه بـالبؤس دنيـا الطغـام
وســقته صــاب القنــوط دهاقـا إي وربّــي ألجــام بعـد الجـام
وا صــديقاه وا حنينــي إليــه واشـــتياقي وحرقــتي وهيــامي
كنــت أشــكو إليــك آلامَ نفسـي حــول ذاك الشـاطي بجنـح الظلام
فتواســـي ومــا تمــلّ المــوا ســاة فأرتــاح ناســيا آلامــي
كــم سـبحنا معـا ونحـن نشـاوى بســـماء الخيـــال والأوهـــام
وســهرنا معــا ونمنــا وقمنـا وجلســنا العــام بعــد العـام
وقتلنـا مـع الزمان ليالي الصي ف بالشــــدو أو لذيـــذ الكلام
ولهونـا علـى الرمـال مـع الصح ب إلــى أن يحيـن وقـت المنـام
يـا لها من ذكرى تؤجج في القلب ضــراما ويــا لــه مــن ضـرام
وا صــديقاه وا حنينــي إليــه واشـــتياقي وحرقــتي وهيــامي
فـاض كاسـي وخـار عزمـي وأعلنت خضـــوعي لليـــأس واستســـلامي
لســت أسـطيع ردّ صـرف الليـالي أنـا أغمـدت رغـم أنفـي حسـامي
وا صــديقاه وا حنينــي إليــه واشـــتياقي وحرقــتي وهيــامي
يا صديقي الشهيد نم ناعمَ البال ودعنــــا نعيــــش كالأنعـــام
نــم فيـومي الأخيـر ليـس بنـاء فمـتى يـا تـرى يصـيب الرامـي
نـم فـإنّ المقـام بـالقبر خيـر للكريـــم الأبــيّ بيــن اللئام
فعلـى روحـك الـبريئة عبد اللَه ألفـــــا تحيّـــــة وســـــلام
فهد العسكر
54 قصيدة
1 ديوان

فهد بن صالح بن محمد العسكر. شاعر ، من أهل الكويت، من أسرة عربية محافظة، مولده ودراسته ووفاته بها، كان جده محمد، من أهل الرياض واستوطن بالكويت، ووالده صالح نشأ في الكويت وصار إماماً لمسجدها، ثم موظفاً في الجمرك وتوفي بها 15 اغسطس (1947م) واشتهر فهد بالشعر، ورماه الناس بالإلحاد فاعتزلهم إلا بعض خلصانه، وكف بصره في أعوامه الأخيرة، فزاد من عزلته، وأحرق أهله بعد وفاته (ديوانه) وأوراقه، ولم يبق من نظمه إلا ما كان بين أيدي أصدقائه أو في بعض الصحف ، فجمعها صديقه عبد الله زكريا الأنصاري في كتاب (فهد العسكر ، حياته وشعره - ط).

1951م-
1371هـ-