سِهامُ لحاظٍ مِنْ قِسِيِّ الحواجبِ
الأبيات 46
سـِهامُ لحـاظٍ مِـنْ قِسـِيِّ الحـواجبِ نَظَمْنَ الأسى في القَلْبِ مِنْ كلِّ جانبِ
غَـداةَ كتبنـا في الخُدودِ رسائلاً بـأَطْرافِ أقلامِ الـدُّموعِ السـّواكِبِ
تلــوحُ علــى لَبّاتنـا ونُحورِنـا وتبعثُهــا أَجْفانُنــا للتّــرائبِ
وأَلْســـُنُنا خُـــرْسٌ كــأنّ خَلاخلاً حكيـنَ دِعَاجـاً للحِسـانِ الكَـواعِبِ
كَفَتْـكَ النّوى عَذْلَ المُعَنّى فأَقْصِري بمـا رُمْـتِ فيه مِنْ فراقِ الحبايبِ
حَنَـاهُ الهـوى بالشّوقِ حتى كأنّما بأحشـائِهِ للشـّوْقِ لَـدْغُ العَقـاربِ
يَـبيتُ علـى فـرشِ الضَّنَى مُتَململاً قَليلاً تَســَلِّيهِ كــثيرَ المصــائبِ
فَريســةَ أشــْجانٍ طَريحـاً بِكَفِّهـا ومـا بيـنَ نابَيْ سَبْعِها والمَخَالبِ
خَليلـيَّ خانَ الصَّبْرُ وانْقَطَعَ الكَرَى وقـد أَحكمـتْ عينايَ رَعْيَ الكواكبِ
خَليلـيَّ عـن عيني سَلا أََنْجُمَ الدُّجى تُخَبِّــرُ بتَسـهيدٍ عريـضِ المَنـاكبِ
خليلـيَّ كَـمْ مِـنْ لَوْعَةٍ قَدْ كَتمتُها فأعلنَهــا دَمْعـي لِمُقْلَـةِ صـاحبي
وهَتّـكِ ستْراً في الحَشَا كان مُسْبَلاً علـى الشـّوقِ حتّى عَنّفَتْني أَقاربي
فما أَفْضَحَ الدَّمْعَ السّكوبَ إذا جرى وأَظْهَـرَهُ لُطفـاً لمـا في المَغايبِ
سـأكحلُ عينـي مِـنْ بعيـدٍ بنظـرةٍ إلـى نارها بالرَّغمِ مِنْ أَنْفِ راقِبِ
وهـل تَمنعينـي نَظْـرَةً إِنْ بلغتُها ولـو زهقـت نَفْسُ الغَيورِ المُجانبِ
وقَــلَّ لعينــي مِـنْ بعيـدٍ تأمُّـلٌ ولَـمْ أَرْضَ إلاَّ حيـنَ عَـزَّتْ مطـالبي
فعلّلْـتُ نفسـي بالـذي هـو مُقْنعي وأَعْرضـتُ إعـراضَ البغيضِ المجانبِ
صــَفاءً وإخلاصــاً وبُقْيــا مَـوَدَّةٍ لِعَهْــدِ كريـمٍ واصـلٍ غيـرِ قاضـب
وفـي النّفْـسِ مِنِّي قَدْ طَوَيْتُ مآرباً إلـى مَـنْ إليهـا حـاجتي ومَآرِبي
لهـا مِـنْ مَهَاةِ الرَّمْلِ عَيْنٌ كَحيلةٌ ومِـنْ خُضـْرَةِ الرَّيْحـانِ خُضْرَةُ شاربِ
كــأن غُلامــاً حاذِقـاً خَطّـهُ لهـا فجـاءَ كَنِصـْفِ الصـَّادِ مِنْ خَطِّ كاتبِ
أقــاتلتي أمّــا أَنــا فَمُسـَالِمٌ وأَرْضـَى بمـا تَرْضـَيْنَ غيـرُ مُحاربِ
ولكـنْ لقـومي عنـدَ قَومِـكِ بُغْيَـةٌ وبينهُــمُ فيهـا قِـراعُ الكَتـائبِ
فـإنْ تَقتليني تَبعثي الحربَ خدعةً علينـا فَرَوِّي وانْظُرِي في العَواقِبِ
فـإنْ يَخْـلُ لي وجهُ الحبيبِ فإنّني سَأَنْشـُرُ مـا أَضـْمَرْتُ بينَ الحَقَائبِ
وإِلاَّ فــإنَّ الســِّتْرَ عنـدي مُكَتّـمٌ دَفيـنٌ علـى مَرِّ اللّيالي الذَّواهِبِ
لئلاَّ يــرى الواشـونَ قُـرَّةَ أَعْيُـنٍ ولا يجـدوا فينـا مَعابـاً لعـائبِ
وقَـدْ زَعمـوا أَنِّـي بغيـركِ مُغْـرَمٌ وعنـكِ عَـزُوفٌ كالصـَّدوفِ المُـوارِبِ
ولا والثنايـا الغُرِّ مِنْ فِيكِ إنَّها لكــالغَيثِ أَدَّتْـهُ أَكُـفُّ السـّحائبِ
تَمُــجُّ مُــداماً عُتِّقَــتْ فَتَنَفّســَتْ بأَحْشــَاءِ ســَحٍّ عُــدْمُلِيٍّ كراهِــبِ
علـى قَـودِ رحـل قـائمٍ غير قاعدٍ لـه بُرْنُـسٌ يَعْتَـدُّهُ فـي المناسـبِ
تَمَـزَّقَ عنها الدَّهْرُ مِنْ طولِ لَبْثِها ولَــمْ يتمــزَّقْ فــي بلاءِ جلابــبِ
بِجِلْبَـابِ نـارٍ قَـدْ تَجَلْبَـبَ جِسْمُها وآخــر مِــنْ طيــنٍ وليــس بلازبِ
ويغشــاهما ثَــوْبٌ رقيـبٌ سـَداؤُهُ رقيـقُ الحواشي مِنْ نَسيجِ العناكبِ
طَرقنـا أباها في جُيوشٍ من الدُّجا وأَيْدي الثُّرَيّا في نواصي المَغَاربِ
فقــامَ إلينـا مُسـرعاً لسـُرورنا يُفَــدِّي يُحَيِّينــا كَبَعْـضِ الأَقـارِبِ
فقلـتُ لـهُ هـات المـدامَ فإنّنـا عَكَفْنـا عليهـا مِنْ صُدورِ الرَّكائبِ
فَشــَمّرَ رِدْنَيْــهِ وقــامَ مُبـادراً إلــى وُقُــفٍ شـُعْثٍ قيـامَ نواصـِبِ
فَشــَدَّ علـى الأَقصـى فَضـَرَّجَ خصـرَهُ بمثـلِ جَنـاحٍ مِـنْ دَمِ الجوفِ شاخِبِ
وأقْبَـلَ يسـعى بالزُّجاجَـةِ ضـاحكاً مُـدِلاً بهـا مُستْبشـراً غيـرَ خـائبِ
كـأنَّ سـَحيقَ المِسـْكِ فـي جَنَباتها إذا الْتَمَعَـتْ تَفْري رداءَ الغَياهِبِ
كـأنَّ نَسـيمَ الكـأسِ عنـدَ ردائها تَبَسـّمُ عـودٍ فـي صـُدورِ المحـارب
كــأنَّ دمـوعَ العاشـقينَ تَرقرقَـتْ بِأَكْؤُسـها تَجـري علـى كـلِّ شـاربِ
لمـا كنـتُ إلاَّ مُقْصـَداً بـكِ مُغرقاً ولسـتُ إلـى أُنـثى سـِواكِ براغِـبِ
إذاً فرماني الدَّهْرُ عن قَوْسِ هجركُمْ بأَســْهُمِهِ ذاتِ الشـُّجونِ الصـَّوائبِ
فقــلَّ كَــرَى عينــي لِهَـمٍّ مُسـَهِّدٍ وفِكْـرٍ طويـلِ الـذَّيْلِ بالقلبِ لاعبِ
ديكِ الجِنِّ الحِمصي
207 قصيدة
1 ديوان

عبد السلام بن رغبان بن عبد السلام بن حبيب، أبو محمد، الكلبي.

شاعر مُجيد، فيه مجون من شعراء العصر العباسي، سمي بديك الجن لأن عينيه كانتا خضراوين.

أصله من (سلمية) قرب حماة ، ومولده ووفاته بحمص، في سورية، لم يفارق بلاد الشام ولم ينتجع بشعره.

وقال ابن شهراشوب في كتابه (شعراء أهل البيت): افتتن بشعره الناس في العراق وهو في الشام حتى أنه أعطى أبا تمام قطعة من شعره، فقال له: يا فتى اكتسب بهذا، واستعن به على قولك منفعة في العلم والمعاش.

وذكر ابن خلكان في اخباره، أن أبا نواس قصده لما مر بالشام ولامه على تخوفه من مقارعة الفحول وقال له: اخرج فلقد فتنت أهل العراق.

849م-
235هـ-