الأبيات 456
أَحمـــدُ رَبّــي خــالِقي مُعينــي فــي كُــلّ وَقــت بَـل وَكُـلّ حيـنِ
وَالشــُكر فــي كُــلّ أَوان وَنَفـس صـــُبحاً مَســاء وَعشــاء وَغَلــس
أُثنــي عَلَيــه لِــزوال النِّقمـه إِذ بَــدّل العُسـر بِيُسـر النِعمـه
ثُــمَّ صــَلاة اللَـهِ تَغشـى أَحمـدا محمــد الهـادي النَبِـيِّ الأَوحَـدا
فَـــإِنَّهُ زبـــدَةُ خَلـــقِ اللَــهِ وَإِنَّــــهُ درّة كَــــون اللَــــهِ
ثُـمَّ عَلـى الشـَيخَين مِـن بَعـدِهِما أَفضــَلُ صــِهرَين نعـم همـا همـا
ثُـــمَّ عَلــى الســتّة الباقِيَــة وَالآل أَيضـــاً هكَــذا وَالعــترة
وَبعـد فَاِسـمَع يـا أَخـي مَقالَنـا ثُـمَّ اِعتَبِـر صـاح بِمـا جَـرى لَنا
فَبينَمــا النـاسُ بِأَهنـا الـوَقتِ وَغــافِلين عَــن حُلــول المَقــتِ
لِكَــونِهِم قَــد رحمــوا بِـالمَطر وَزادوا أَفراحــاً بِنَيــل الـوَطَر
إِذ صـاحَ فـي النّـاسِ رَسـول صادِق لِعقلـــه مِـــن خَــوفِهِ مفــارقُ
رَســولُ طهمــازَ أَتــى بَغــدادا وَضـــَجر العـــالَم والعِبـــادا
وَقـــالَ إِنّــي ســائِر لِلدَولَــة أخـــبرهُم بِالحـــال وَالقضــيّة
فَمُــذ تَـرى سـَمعنا هَـذا القـال زادَ بِنــا الوســواس وَالبلبـالُ
وَطاشــــَتِ الـــذُّكور وَالإِنـــاث وَاِختَلَفَــت فـي العـالَم الأبحـاثُ
فَمِنهُــــم مصــــدّق المَقــــالِ وَمِنهــــم يــــوري بِالمحـــالِ
فَبينَمــا نَحــنُ بِهــذا الشــَانِ ألا وَقَـــد جــاءَ رَســول ثــاني
فأَكّــــد القِصــــَّة بِـــالأَقوالِ وَزادَ أَشــــــياء بِلا ســـــُؤالِ
وَقـــالَ يَــأتي نَحــو شــهرَزور بِفِعلِــهِ الضــال وَقَــول الـزورِ
مِـن بَعـدها يَـأتي إِلـى الحَدباءِ يَبغـي إِمـام الجَيـش في الشَهباءِ
وَثــمَّ يَمضـي نَحـو دارِ السـَلطَنَه فـي قَـولِهِ الإفـك وَسـوء الملعَنَه
لمّــا تَحقَّقنــا بِهــذا الخَبَــر فَكَــم تَــرى مِـن بَطـل فـي فِكـر
إِن تَنظُــر النــاس تَـرى سـكارى بِغَيـــر خَمـــر وَهـــم حَيــارى
وَإِذا أَرادَ اللَــهُ صــَونَ النّـاس مِـن كَيـدِ ذي الرَفـض شَديدِ البَأسِ
وَلّـــى عَلَينــا آصــفَ الزَّمــانِ وَرســــــتم الأَيّـــــام وَالأَوانِ
واســِطَة فــي جيـد هـذا الـدَهرِ حُســـين آراء شـــَديد القَهـــرِ
فَنـادى في الناسِ هلمّوا وَاِقبَلوا إِن تَسـمَعوا قَـولي وإلا فَـاِهملوا
فَــاِجتَمَع النّــاسُ بِـدارِ الحُكـم بَــل شــَمل الكُـلّ عَظيـمُ السـّقمِ
وَقــالَ يـا نـاسُ فَمـا التَـدبيرُ ما الفِعل ما القَول وَما التَقريرُ
فَالســور مِــن بَلــدَتِكُم مَـدثورُ وَخَنـــدق مِـــن قـــدَمٍ مَهجــورُ
وَآلَــة الحَصــرِ نعَــم مَعــدومَه وَهــــذِهِ عِنــــدَكُم مَعلــــومَه
فَاِســتَمِعوا نُصـحي وَمـا أُخـبركُم لَعــلّ جبّــار الســّما يُجيركُــم
فَــأَذعَن النّــاسُ إِلــى مَقــالهِ وَطَأطَــأوا الــرَأس إِلـى فِعـالهِ
فَلتَخـــرج الخـــواص وَالعَــوام كَـــذا خَطيـــب وَكَـــذا إِمــامُ
نَحفــر خَنــدَقاً وَنَبنــي ســورا وَنَحفَــظ العِيــال ثُــمَّ الـدورا
أَجــابَتِ النــاسُ لِهــذا القَـول مِــن غَيــرِ إِهمــال وَغيـر عَـولِ
بَــل خَــرج النــاسُ عَلـى الإِطلاقِ مِــن عــالَم بَــل عَلــوي راقـي
وَدقَّـــت الطُّبـــول وَالبوقـــات وَدقَّــــت الأســـحار وَالأَوقـــاتُ
وَاِختَلَــف النـاي كَـذا المِزمـار وَحضــــر العَبيـــد وَالأَحـــرارُ
وَكَــم تَرانــا فــي ظَلام اللَيـلِ نَرفَــعُ زَنــبيلاً كَهَطــل الســَيلِ
وَيُســـمَع الصـــِّياحُ وَالضـــَجيجُ كَأَنَّمـــا فـــي مَكَّـــة حَجيـــجُ
وَصـــَوتُ مِعـــول وَضــَرب المــر بعـــد أَنفـــاس عَلــى المَمَــر
وَغلـــق الحـــانوت وَالأســـواق وَزادَ خَــــوف وَكَـــذا إِشـــفاق
هَــذا وَأَهـل اللبـنِ كَـم نَراهُـم بِـالطين فـي البَـردِ وَفـي قراهم
نَعــم وَوالينــا رَفيــعُ الشـّيم ذو الهمَّـةِ العُليـا كثَيـر الكَرَمِ
باشــَر ذا الأَمــرَ نَعــم بِنَفسـِه آنســـَه اللَّـــهُ بِحُســن أُنســِهِ
قَبـــل كَمـــال خَنـــدَق وَســور عــاد إِلَينــا صــادِق بِــالزورِ
وَقـــالَ بشــراكُم فَعَــن قَريــب يَــأتي لِــواء صــاحِب القَضــيبِ
لِـواء خَيـرِ الخَلـق طـهَ المُصطَفى وَصــاحِب الدَولَــة ذات الشــّرفا
فَبَعـــض نــاسٍ صــَدّقوا مَقــالَه وَالعُقَلاء كَـــــذَّبوا فعـــــالَهُ
وَأمــا نَحــن بِاِشــتِغال كامِــل فـي الحَفـر وَالبنـاء كَالعَوامِـلِ
فأَدرَكَتنـــا غيـــرَة الغَيـــور فــي حَفــر خَنــدَق وَضــَرب سـورِ
بَــذَلنا جُهــدا وَصــَرفنا مـالا لِنَحفَـــــظ الأَولاد وَالعِيــــالا
إِذ مـا يُريـد اللَـه أَمـراً يسّره وَإِن يَــرد ســواه حَقّــاً عَســّره
وَكــان ذا مِــن هِمَّــة الــوَزير صـــاحِب عَـــزم كامِـــل غَفيــرِ
لِأَنَّنـــا فـــي قلـــة الأَيّـــامِ خَنــدقنا ســورنا عَلـى التمـامِ
هَــذا وَقــد صـارَ حَصـاد الغلّـه وَكــانَ بِالموصــِل مِنهــا قِلَّــه
فَــأَخرَجَ النّــاسَ إِلــى الحَصـاد أَجـــابوا بِالســـَمعِ بِلا عنــادِ
وَقـالوا دوسوا ثُمَّ ذَرّوا وَاِنقُلوا غَلّتكـم وَاِحـذَروا نُصـحي تهملـوا
هـــذا وَقَــد آوى لِكُــلِّ قَريَــة مُباشـــِر لِحِفــظ تِلــكَ الغلّــةِ
فَكــلُّ مــن كـانَ قَريـب المَوصـِل فـــازَ بِتبـــنِ وَبقــوت وَحلــي
وَبَينَمــا النــاس بِحـالات الأَلَـم إِذ قيــلَ قَـد جـاءَكم ميـر عَلـم
وَقـــد أَتـــى بِخَزنَــة عَظيمَــه دراهِمــــا وَصــــرَّة جســــيمَه
يَمضـي بِهـا نَحـو الـوَزير الأَكرَمِ مفـــردِ عَصـــرِ أَحمـــد مكــرّمِ
لكِنَّــهُ مــن قَبلِـهِ جـاءَ الخَبَـر وَشـاعَ فـي النـاسِ حَقّـاً وَاِشـتَهَر
بِــأَنّ طهمـازَ اللَعيـن قَـد أَتـى نَحـوَ قُـرى الصـورانِ حقّـاً ثَبَتـا
ثُـــمَّ ســـَراياه أَتَــت للحلَّــه وَنحـــو بَغـــداد بِغَيــر عِلَّــه
ثُــمَّ أَتَــوا نَحــو قُـرى بَغـداد لِأَخـــذِ قـــوت غلَّـــة وَالــزادِ
فَعــادَ فــي خَـوف أَميـر العلـم قَــد شـابَه الضـُرّ وَسـوء النَـدَم
عــادَ فِــرارا طــالِبَ النَّجــاه وَهــل يَــرى نَفسـَهُ فـي الحَيـاه
وَالنــاس أَضـحَت بَيـنَ عَـلّ وَعَسـى لَــم يفرقـوا بَيـنَ صـباح وَمَسـا
إِذ جــاءَ فَــوجُ زمــرِ الأَكــرادِ بِالمــــال وَالعِيــــال وَالأَولادِ
فَقيــل مَـن هـذا فَقـالوا خالِـد حــامي قَـره جـولان ذا المعانـدُ
وَســار يَبغــي آمــد وَالعسـكرا وَإِنَّـــه مُنـــذَعرٌ مِمّـــا جَــرى
مِـن بَعـد أَن ضـَرّ قُـرى النـافكر وَســارَ يَطــوي سَبسـَباً مـع قَفـر
مِـن بَعـدِ أَن أَدّى شـُروط الخِـدمَه فـي نـادي والينـا كَثير النِعمَه
وَاِشــتَغَلَت أَهـل القُـرى بِالنَّقـل مِــــن غلّـــة وَخشـــب وَثقـــلِ
فَـالبَرّ أَضـحى مِثـل يـومِ الحَشـرِ مِـــن سَبســـبٍ وَمَهمـــهٍ وَقفــرِ
تَـــرى عِيـــالا ســرحاً رِجــاله كَـــذاكَ أَطفــالاً وَكَــم خَيــاله
وَكَــم عَلـى الجِسـر مِـنَ اِزدِحـامِ وَكَـــم عَويـــل وَصــراخٍ نــامي
هَـذا وَنَحـنُ فـي اِنتِظـارِ العَسكَر وَالنّـاسُ مِـن خَـوفٍ نعـم فـي سكرِ
إِذ جاءَنــا مَـولى مِـن المَـوالي بلا إِفـــــــادَة وَلا مَــــــآلي
بِفَتـــوَة فـــي يَـــدهِ وَحجّـــه رجّــت لَهــا العــالم أَي رجّــه
وَقــالَ يــا نــاسُ أَلا أُخبِركُــم فَشــَيخ الاِســلامِ بــذا يُنــبئكُم
قــاتِلُكُم غــازي بِغَيــر شــُبهَة مَقتــولكم مُستَشــهَد فـي الجَنَّـة
أَوّاه عـــدوّنا مِـــن الجهّـــال وَفينــا أَهـل العِلـم مِـن رِجـالِ
لكِــن أَجَبنــاه نعـم يـا فاضـِل ذا القَـول مَشـهور وَذي المَسـائِل
إِن كُنــت أَنــتَ صــادِق المَقـال فَـاِثبُت وَسـاوي النّاس في القِتالِ
لمّــا أَحــسّ هــذا قُـرب الجُنـد مخــرّب الهِنــد كَــذا وَالســّندِ
عـــادَ مفــرّا يَطلُــبُ الســَّلامَه يَعــــضّ بِـــالكَفّين لِلنَّـــدامَه
وَاِبتَهَـل الـوالي الوَزيرُ الكامِل أَبـو مـراد الخَيـر وَهـوَ الفاضِلُ
يَعمــرُ الســورَ لِحِفــظِ النّــاس مِــن كَيـد أَعجـامٍ وَمَنـع البـاسِ
وَنـادى في النّاس هلمّوا وَاِسرِعوا وَأَصــلِحوا السـّلاحَ ثُـمَّ اِجتَمِعـوا
فَبَينَمــا النـاسُ بِإِصـلاحِ العَـدد يَبغــون مــن مَـولاهُم خَيـر مَـدَد
إِذ جاءَنـــا مُبشـــِّر الســـّراءِ مُخــــبراً بحـــامي الشـــّبهاءِ
نعـــمَ وَزيـــرٌ بِطــل ذو عَــدد مُكمــل البَــأس كَــثيرُ العــدد
فَهـــو حُســين وَعَظيــم الهمَّــه عَنتَــر وَقــت وَكَــثير النِّعمَــه
وَإِذ جَمَعنــا الحســَنين عِنــدَنا زال بُـــؤس وَاِبتَغَينــا رُشــدنا
وَمُــذ أَتــى شــَهر جَمـادى الأَوّل قَــد زَحَــف المَلعــون لِلمَعــولِ
صـــادِق بــولاغ أَتاهــا يَســعى وَجُنــــدُه لا لِلـــذِّمام تَرعـــى
فَطــالَ فــي أَهليهـا وَاِسـتَطالا بَــل أَســرَ النِّســاءَ وَالأَطفـالا
مِـــن بَعــدِها جــاءَ لِشــَهرزور وَضــــرّ بِالـــدورِ وَبِالقُصـــورِ
وَجُنـــدُه تَنهَــب فــي الأَطــرافِ وَهَــــــذا مَشــــــهورٌ بِلا خِلافِ
وَمُــذ أَتــى شـَهر جَمـادى الآخـر أَتانــا خَـوف مـا لَـهُ مِـن آخـر
لِكَـــونِهِ جـــاءَ إِلــى كركــوك أَحـــاطَ بِالمالِـــكِ وَالمَملــوكِ
وَصــاحَ فــي أَجنـادِهِ المَشـهورَه فيمـا لَـدَيهِم لَـم تَـزَل مَقهـورَه
نـادَوا سـَريعاً أَهـلَ هـذا البَلَد قولـوا لَهُـم لَيـسَ لَكُـم مِـن مَدَد
قوموا اِنزِلوا ثُمَّ أَطيعوا الشاها لِأَنَّـــهُ بِجُنـــدِهِ قَـــد بـــاهى
فَمـا أَجـابوهُ عَلـى الفَـور وَقَـد كــانَ بِهِــم خُبــث عَظيـم وَحِقـد
فَصــاح ذا المَلعــون بِــالجُنودِ بِـــالعجمِ وَالأَفغــانِ وَالهنــودِ
فَأَحــدَقوا مِــن طــرفِ القَرايـا ثُـــمَّ أَحلّــوا بِهِــم الرَزايــا
فَأَرســلوا القنــبرَ وَالمَـدافِعا وَقــد أَحلّــوا فيهِـم المَشـانعا
فَــأَمطَر القنــبر وَالنـار عَلـى أهَيـل كَركـوك مصـرّاً فـي الـولا
ثَمــانِ ســاعاتٍ عَلــى التَـوالي بِغَيــــر تَقليـــل وَلا إِمهـــالِ
فَصـــاحَت المَخلـــوق بِالأَمـــانِ فــي ذلِـكَ الـوَقت لِهـذا الشـَانِ
هــذا وَواليهِــم حُســين واقِــف وَإِنَّــــهُ بِفِعلهــــم لا يعـــرفُ
اِبـــن بـــداغ وَكَـــذاكَ حَســن وَكُــلّ مَــن تـابَعَهم قَـد رَكنـوا
طَوعـاً لِطهمـازَ اللّعيـن الكـافِر فَيــا لَــهُ مِــن رافِضــي فـاجِرِ
وَمُـذ أَتـى المِسـكين ذاكَ الوالي بَيـــنَ يَــدَيهِ جــال بِالأَوحــالِ
وَســبّه المَلعــون بَــل عــاتَبَه مـا خـافَ مِـن مَـولاه مـا راقَبَـه
فَقــالَ أَعطــوهُ جَــواداً هــزلا وَســيّروهُ مِــن هُنـا بَيـنَ المَلا
فَبَينَمــــا نَحـــنُ بِضـــيق الآن وَأَخــوَف الــوَقت مِــن الزَمــانِ
إِذ جــاءَت الرّسـل بِهـذا القـال وَأَخــذ كركــوك وَســوء الحــالِ
فَاِختَـلّ عَقلُ الناسِ مِن هذا الخَبَر وَشـاعَ هـذا القَـول فينا وَاِشتَهَر
وَبَعــــد أَيّــــامٍ قَلائِل أَتـــى حـــافِظ كَركــوكَ بكيــاً بهتــا
بِحالَـــةٍ رَزيّـــة جـــاءَ وَمــا يَنظُـر فـي النـاسِ حَيـاءاً نَـدما
فَصـــاحَت المَخلـــوق بِالبُكــاءِ بَـل مُشـخص الطـرفِ إلـى السـَماءِ
وقــالَت النّــاسُ إِلَهــي لا تَـذر طهمــازَ مَـع أَجنـادِهِ وَمـن كَفَـر
وَقُلنــا أربيــلُ تُحاصــر أَبـداً وَلـم تَخـف مِـن كيد أَشرارِ العِدا
مِــن بَعـدِ أَن مَـرَّ قَليـلُ الـوَقت كَعشــــرَة أَو خَمســـَة أَو ســـِتِّ
إِلّا وَجــاءَ القَــول مِــن أَربيـل بِـــأَنَّهُ طـــاعَت لَــهُ بِالقيــل
لِأَنَّـــهُ قَـــد باشــَرَ القِتــالا أَربَـــع ســاعاتٍ طَغــى وَصــالا
وَأَنَّــهُ قَــد أَرسـَل القنـبرَ وَال مــدافِع الكبـار مِـن غَيـر مَهـل
فَنـــادى كُـــلّ طــالِب الأَمــان أَي شــاه عــال نــادِر الزَمـانِ
أَبـــقِ عَلـــى الأولادِ وَالعِيــال ثُــمَّ دَع النِّســا مَــع الأَطفــالِ
فَأَخَـــذَ العَـــذارى وَالرّجــالا وَتَـــركَ العِيـــالَ وَالأَطفـــالا
وَســارَ ذا المَلعــون بِالأَجنــاد وَبــــدّل الرّقـــاد بِالســـهادِ
هَــذا وَوالينــا حُســين الشـيَم أَنـــالَه اللَــهُ عَلــوّ الهِمَــم
قَـد جَمَـع النّـاس وَأَفشـى الخَبَرا أَذاعَ فيمـا بَينَهُـم مـا قَـد جَرى
وَقــالَ يــا نـاسُ أَلا فَـاِجتَمِعوا وَحــال كَركــوك وَأربـل اِسـمَعوا
وَمـــا جَـــرى قصــّه بِالتمــام دامَ بِحِفــــظ رَبِّنـــا الســـَلامِ
فَقـــالَ نَحــنُ وَبنــو أَعمــامي نَشـــدّ حَــزمَ العــزمِ لِلإِقــدامِ
لَقَــد أَتَــت نَوبَـة ذي الحـدباء وَأَنَّـــــــهُ آت بِلا مـــــــرآءِ
فَنَحــن مِنكُــم ثُــمَّ أَنتُـم مِنّـا فَلا تَخــــافوا فَشـــلاً وَجُبنـــا
وَعِرضــكم عِرضــي وَأَنتُــم مِنّــي وَطِفلُكــم طِفلــي خُـذوا ذا عَنّـي
فَوطّنــوا القَلــبَ عَلـى الثَبـات وَأَخلِصــــوا لِلَّـــهِ بِالنِيّـــات
فَقومـوا يـا قَـومي إِلـى البُروج وَهمّــوا يـا نـاس عَلـى الخُـروجِ
فَقــامَتِ النــاس إِلــى الســّلاح وَصـــاحَ فينـــا صـــائِح الفَلاحِ
وَرَتّــب النــاس عَلــى البُــروج وَمـا تَـرى فـي السـور مِـن فُروجِ
فَــرق اِبنــا عَمّــه فـي القلـل وَمــا بِهِــم مِــن ضـَجَر أَو مَلَـل
هـم اللُيـوث بَـل كَأُسـد الغابَـة فَيــا لَهُــم مِــن سـادَة وَقـادَة
وَعقّـــد الرايـــات وَالبنــودا وَحـــرّض الرِجـــال وَالجُنـــودا
وَغلّـــق الأَبـــواب ثُــمَّ ســدّها بِــذاك ظهـر النـاس قـوّى شـَدَّها
أَعطــى مِــن الســِلاح وَالســُيوف وَصــرنا لا نَخشــى مِــن الحتـوفِ
وَقَبـــل هَــذا قَلّــع الروابــي وَكــانَ ذا فــي غايَــة الصـَوابِ
وَكُـلّ تـلٍّ كـانَ فـي قُـرب البَلَـد ســاواهُ إِذ فـازَ بأحسـنِ الرشـَد
كَــم مَــدفَع جــرّ إِلـى الأَسـوارِ كَــم تَفــكٍ أَعطـى إِلـى الأحـرارِ
أَيقَظَـــه اللَــهُ لِشــَيء آخــره عمـــره اللَــه بِــدار الآخِــرَه
إِذ اِهتَــدى لِجـري مـاءِ الدجلَـة مـا بَيـنَ سـور ثُـمَّ بَيـنَ القَلعَة
كَيلا يَكــــون لِلعـــدا تَســـلّط وَلا يَكــــون بِـــالوَرى تفـــرّط
فَصــرّفَ الهمّــة مِــن ذا العَقـل فَيــا لَــهُ مِــن كامِـل ذي عَقـلِ
وَقَســَّم البــارودَ فــي الأَنــام وَأَوهَــبَ المــالَ إِلــى الخـدّامِ
كـانَ يَـدور السـورَ فـي اللَيالي يُحـــذِّرُ النــاسَ مِــن الوبــالِ
مِــن بَعــدِه نَجـلُ مـراد السـَعد كَريـــمِ جـــدٍّ منجِـــز لِلوَعــدِ
يَعقبـــهُ الأَميــن فــي الأُمــور لا زالَ فــي العِـزّ وَفـي السـُرورِ
مِــن بَعــدِهِ قَريـب نِصـف اللَيـل يَمـــرُّ ســَيفي طــاهِراً لِلــذيلِ
مِـن بَعـدِهِ المَطـاره جـي المصدّر يَمــرُّ فــي النّــاس كـذا يحـذر
نَعــم بَنـو عَـمّ الـوَزير إِذ مـا مَــرّوا فَيوصــونَ الأَنــامَ جمّــا
يَهــدونَ ناســاً ســُبلَ الرَّشــاد يَعلَمــــون طُــــرق الجِهــــادِ
تَسـَبَّبوا فـي صـَونِ أَعـراضِ الوَرى هَــداهُم اللَــهُ لِخَيـر مـا يَـرى
هَــذا وَكـلُّ النـاسِ قَـد تَشـَجَّعوا بِحــرزِ مَــولاهُم لَقَــد تَــدَرَّعوا
وَكَـم لَهُـم فـي البُـرج مِـن صياح اللَـــه اللَــه إِلــى الصــَباحِ
وَقـــامَ طهمـــاز اللَّعيـــنُ آتٍ لِنَحونــــا يَبتَغـــي لِلشـــَّتاتِ
أَجنــادُه أَرســَلَها فــي القَفـرِ حَتّـى اِنتَهَـت نَحـو قَرايـا العقرِ
وَبَعــضُ أَفغــانٍ لَقــد أَرســَلَها إِلــى اليَزيــديين مـا أَهملهـا
فَـأَحرَقوا التِبـن كَـذا البُيوتـا وأَخَـــذوا إِبلَهـــا وَالقوتـــا
بَــل أَســروا النِسـاء وَالأَطفـال وَقَتَلـــوا الشـــُبّان وَالرِجــال
وَمُـذ أَتـى اللَعيـن مـاءَ الـزاب وَجَمـــعَ الجُنـــد بِلا اِرتِيـــابِ
ثُـــمَّ دَعـــى خانـــاته وَالملا شــَيخ الشــَياطين كَـثير العلـه
وَحـــرّر الملا لَنـــا رَســـائِلا كَيمــا تَكــون بَينَنــا وَسـائِلا
وَنــادى أَقبِــل حَسـن الكَركـوكي وَخُــذ كِتــابي وَاِمــضِ لِلمُلــوكِ
وَقُــل لَهُــم يَـأتوا إِلـى سـَلامي يُقــــدّموا ذَخيــــرَةً أَمـــامي
وَخَمســــُمائَة مِــــنَ الأَلــــوف دَراهِمــــاً نَقـــداً بِلا زُيـــوفِ
لِكَـــي أَمــرّ عَنهُــم مُســتَبعداً أَطلُــب مــاردين وَأَبغــي آمـدا
وَقـــامَ يَســعى حَســن الرَســول وَقـــد صـــَبا لِــدينِهِم أفــول
حَتّـى اِنتَهـى لِنحـو شاطئ الدجلَةِ وَصــاحَ إِنّــي قاصـِد يـا سـادَتي
أرســل مَولانــا حُســين الـوالي طــرادَة أَتــوا بِـهِ فـي الحـالِ
أَعطــى الكِتـاب بـأَداء الخِـدمَه بِحَضــرَة الـوالي كَـثير النِعمَـه
وَحَضــرَة الحُســينِ والــي حَلبـا كَــم بَــذلا جُهـداً وَقاسـا تَعَبـا
لمّــا أَحســّا مَطلَــب المَلعــون وَكـم لَـهُ فـي القَـول مِـن فُنـون
ســَباه فــي القَــول وَأَخرجــاه مِــن حَيــثُ مــا جاءَنـا أرسـَلاه
فَأَرسـَل المَـولى الـوَزير الوالي وَجمـــع العـــالَم مِــن رِجــالِ
قــالَ طَردنــا ذا رَسـول الشـاه فَــــــإِنَّهُ آتٍ بِلا اِشــــــتِباهِ
وَمــا لَنـا اِلّا الجِهـاد الـوافِر وَكُــلّ مــن خــالَف قَـولي كـافِر
أَجــابَت النــاسُ بِسـَمع الطـاعَه وَكــانَ ذا مــن أَربـحِ البِضـاعَه
وَبــايَعَتهُ النـاس بِالقَتـل وَقَـد تَحــالَفوا لا يَنقضــن مِنّـا أَحَـد
ثُــمَّ تَراجَعنــا إِلــى الأَســوار مِــن غَيــرِ خَــوف لا وَلا أَفكــارِ
ثُـــمَّ أَتانـــا كَتخــدا محمَّــد وَأنَّـــهُ فـــي نُصــحِنا مجتَهِــد
وَطّـــى كَلامـــاً وَرى بِالمَقـــال بِحَضــرَةِ المَـولى حسـين الـوالي
وَقـــالَ إِنّــي ســائِر لِلدَولَــة أُخـــبرُ عَــن شــَوكَتِه وَالقُــوَّة
مُــذ سـَمِعَ النـاسُ بِهـذا الخَبَـر فَكَــم ثَــرى مِـن مَـوكِب أَو زمـرِ
فَوجـــاً وَفَوجـــاً مَلَأوا الأَزِقَّــة يَبغـــون قَتــل كَتخــداي حَقّــا
قـامَ بَنـو عـمِّ الـوَزير الـوالي صــــَدّوهُم بِأَحســــَنِ المَقـــالِ
فـي الحـال قَـد جـاؤُوه بِالدَوابِ ســارَ فِــراراً يَقطَــع الرَوابـي
ثــالِث يَــوم بــانَت المَرايــا مِـن بَعـدها قَـد أَحرَقوا القَرايا
تَشاخَصـــَت لِنَحوِهـــا الأَبصـــار وَزادَت الأَكـــــدارُ وَالأَفكــــارُ
جُنـــودُ والــي حَلَــب تَبــادَرَت مِثـــل ســـَلاهِب ســعت تَصــادَرَت
وَعَــبروا الدجلَــة ذاكَ الشـاطي شــَبيه أَســد حلّــوا مِـن ربـاطِ
لَمّــا رَأى حِــزب حُســين الأَمجـد تَلاحـــمَ الرّجــال والحــالُ ردي
تَقَلَّـــدوا الســُيوفَ وَالرِماحــا نَطلــب حَربــاً نَبتَغــي كِفاحــا
تـــابَعَهُم فَــوجٌ مَــع الأَكــرادِ يَبتَغــي فــي ذا ســُبل الجِهـادِ
مقــدّم الجَيــش مُــراد الخَيــر كَـــذاكَ فتّــاح شــَديد الســَيرِ
فَــاِجتَمَعوا عِنــدَ فنـاءِ البَلَـد مِقـــدار خَمســُمائَة مِــن عَــدَد
وَسـاروا جَمعـا طَلَبـوا الصـُفوفا وَيَعلَمــــون ضــــدّهم أُلوفـــا
قَـد عَبَـروا الدّجلَـة يا إِخواني وَهـــذا فِعــل عَنتَــر الزَمــانِ
تَقـــابَلوا تَقـــاتَلوا فَريـــا تَصـــادَموا تَصـــارَموا مَلِيّـــا
وَاِختَلَـــف الرَصـــاص وَالرِمــاح تَفـــــانَت الأَرواحُ وَالأَشــــباحُ
تَقطّــــع الـــرُّؤوس وَالكُفـــوف تَثَلَّمَــــت لِأَجـــلِ ذا الســـُيوف
قَــد رَبِحَــت أَجنادُنــا عَلَيهِــم وَصــارَتِ الأَرفــاضُ فــي يَــدَيهِم
كــادوا نَعــم بِحِزبنــا مَكيـدَه إِذ لَحِقـــوهُم زُمَـــراً عَديـــدَه
فَهَـل تَـرى مِـن واحِـد يَلقى مِائَه وَهَـل جَـرى هـذا زَمانـاً فـي فِئَه
فَعــادوا سـَرعى لِعُبـور الـدجلَه مِـن بَعـدِ إِلقاءِ العدا في العلَّه
هَـــذا وَقَــد تَكــاثَر الأعجــام وَصــارَ فــي العُبــور اِزدِحــام
اِختَلَــــط الأَرفـــاضُ وَالإِســـلام أَنجـــاهُم اللَــهُ هُــوَ الســَلام
خَزنـوي والينـا هنـاكَ اِستشـهَدا مِـن بَعـدِهِ مَحمـود نَجـل المُقتَدى
مِقــدار عِشــرينَ أَيــا إِخـواني قَـد عـانَفوا الحـورَ مَع الولدانِ
ثُـــمَّ ثَلاثيـــنَ بِقَيـــد الأَســر قَـد أَوقَعونـا فـي شـَديدِ الفِكـر
وَإِن تَسـل عَـن جُنـدِ أَقوامِ العَجم مــائَة وَخَمســونَ شـُجاعاً اِنعَـدَم
ثُــمَّ أَتَــت فُرســاننا وَدَخَلــوا لِــداخِل عَلــى الحِصــار عوّلـوا
وَزادَت الأَفكـــــارُ وَالأَشــــجان ثُـــمَّ بَكـــى الخلّان وَالإِخـــوان
وَاِكتَحَـــل الجُفـــون بِالســُّهاد وَلَــم تَــر العُيــون فـي رُقـاد
فَثــاني يَــوم جــاءَت المَـواكِب وَراجِـــل أَيضــاً أَتــى وَراكــب
ثــالِث يَــوم جــاءَ حَقّـا وَنَـزَل يارمجــة مَنــزل قَهـرٍ قَـد نَـزَل
وَأَركَـــزَت أَعلامـــهُ المَكســورَه بَــل نَزَلَــت جُنــودهُ المَقهـورَه
ســــَوادهُ قَـــد مَلَأ القِفـــارا مِثــل الشـَياطين إِذا مـا سـارا
خِيـــامهُ مَنشــورَة فــي الــبرّ مُمتَـــدَّة فـــي مَهمَـــهٍ وَقفــرِ
هَـــذا وَقَـــد قَلَّلــه الرّحمــن فــي أَعيُــن النــاس وَذا أَمـانُ
لَقَــد فَهِمنــا أَنَّــهُ المَكســور لِكَــون حامينــا هــو الغَيــورُ
حَضــرَة ذو النــون رَسـول اللَـهِ كَـــذاكَ جَرجيـــس نَــبيّ اللَــهِ
قَــد عـوّد اللَـه أهيـلَ الموصـِل مِــن قــدم وَفــي الزَمـان الأَوَّلِ
لَــو أَذنَبـوا وَأَخطَـأوا وَتـابوا ثُـــمَّ إِلـــى مَــولاهُم أَنــابوا
يَكشــفُ عَنهُــم نــازِلَ العَــذاب كَرامَــــــة لِيــــــونس الأَوابِ
هـذا وَفـي سـَبع بَقيـنَ مِـن رَجَـب فـي الشـاطِئ الشـَرقي خيّم النَصب
وَفــي الصــَباح أَرسـَل السـَرايا لِنَحوِنـــا طالِبَـــة الرازيـــا
قَــد رَتَّــب الجُنـود وَالمَواكِبـا فـي أَوَّل القَـوم اللَعيـن راكِبـا
وَاِنتَشــَروا فـي البَـرِّ كَـالجَراد وَمَلَأوا تَلّاً كَـــــــــــذا وَوادي
فَمــا تَــرى إِلّا ســَوادا أَعظمـا صـارَ النَّهـار فـي غُبـار أَدهَمـا
لكِنَّهُــم لَــم يَقرَبــوا لِلســّور وَكــانَ طهمــازُ مَــع الجُمهــورِ
حَتّـى اِنتَهـى نَحـو قَضـيب البـان تَشاخَصـــَت لِنَحـــوِهِ العَينـــانِ
وَعــادَ أَيضــاً طــالِب الخِيــام وَالجُنـــد كَــالجَرادِ بِاِزدِحــامِ
وَطبّــق النَقــع إِلــى العنــاق وَاِرتَفَـــع الغُبـــار كَالــدُخانِ
وَثـــاني يَــوم ثــالِث وَرابِــع يَعــرِض أَجنــادَه حَتّــى السـابِع
فَاِنسـَلَخ الشـَهر الحَـرام مُذ أَتى هِلال شـــَعبان المُعظـــم ثَبتــا
أَوّل يَــــوم زَحــــف الجُنـــود وَبـــانَت الرايـــات وَالبنــودُ
رِجــاله المَلعــون قَـد تَبـادَرَت لِجــامِع الأَحمَــر قَــد تَــوارَدَت
أَعقَبَهُــم مِــن خَلفِهِــم بِالخيـل نُســوقهم تَجــري بِهِــم كَالسـَيلِ
وَفِرقَــة أَعظَــم مِنهـا قَـد أَتَـت لِقَصــر يَحيــى ههنـا قَـد ثَبَتَـت
وَالنــاسُ تَنظُـر نَحـوَهُم لا تَـدري مــاذا يُريــدونَ بِهــذا الأَمــرِ
تَراهُــم فــي سـاعَة قَـد جَمَعـوا أَعظَــم تُــرب مِثــل تَـلّ رَفعـوا
لمّــا عَلِمنـا أَمرَهُـم وَالمَقصـِدا وَأَيّ شـــَيء ضــَرر مِنهُــم بَــدا
فَاِبتَــدَر الطــوب كَمـا الرعـود يَهــدِر مِــن ســورِنا فـي سـعود
فَطيّـــر الـــرُؤوس وَالأَشـــباحا وَســـلّ مِــن بَعضــِهِم الأَرواحــا
هـذا وَلـم يَخشـوا وَلـم يَنصَرِفوا مِثــل الشـَياطينِ فَلَـم يخـالفوا
وَقَطّعــوا الأَشــجار مِـن أُصـولِها نَحـو المتـاريس لَقَـد أَتـوا بِها
فَــذو تفنــك صــائِراً يَحميهِــم يَخــافُ مِــن رَصاصــِنا يَرميهِــم
حَتّـــى أَتمّـــوا لِلمتاريســـين وَلــم يَخــافوا أَلَــم النـارين
تَراجَعـــوا يَمشـــونَ لِلخِيـــام وَلا يَخــــافونَ مِـــن الحمـــام
وَثــاني يَــوم هكَــذا لِلســّابِع أَتمّــوا مــا شـاؤوا بِلا مَوانِـع
ســَبعَة عَشـر مِـن متـاريس بَنـوا وَالنـاس فـي أَعيُنِهِـم هـذا رَأوا
وَأَصــلَحوا جِسـراً عَلـى التَحقيـق كيمــا يَمــرّون لَــدى المَضــيقِ
خَمســــَة آلافٍ مِــــن الأَفغـــان أَرســَلَها تَبغــي أَبــا ســَلمانِ
مُــذ أَدرَكـوهُم وَضـَعوا السـُيوفا أَســقوهُم الضــرّ كَـذا الحُتوفـا
وَجـــاؤوا بِــالأَموالِ وَالرِجــال وَبِالنِســــاء ثـــمَّ بِالأَطفـــالِ
وَقَــد رَأى العـالَم أَشـقى حيـرَه إِذ أَرسـَل الجُنـد إِلـى الجَزيـرَه
وَأَحرَقــوا زاخــو وَمــا يَليهـا وَأَحــرَزوا مِــن كُـلّ مـالٍ فيهـا
قُـرى النّصـارى فَتكـوا فيها وَفي تَلكيــف بَطنـه ثُـمَّ فـي تَللسـقف
فَجَمَعـــوا ذَخـــائِراً لا تُحصـــى ثيـــران أَغنامــاً فَلا تُستَقصــى
وَثــمَّ فــي الخـامِسِ مِـن شـَعبان قَـد نَشـَروا فـي حومَـة الميـدانِ
فَبَعضـــُهُم يُجِرجـــر الأَشـــجارا وَآخــــرونَ تَجمَـــع الأَحجـــارا
يَمضـــون لِلمَـــتريس كَـــالكِلاب وَبَعضــــُهُم يَغـــور كَالـــذِئابِ
فــي سـادِس مِـن شـَهرِنا النَفيـس قَــد ســَحَبوا الأطـواب لِلمـتريسِ
هَـــواون القَنبَـــرة القَــبيحَه قَــد ســحبَت فــي أَنفُـس جَريحَـه
فـي كُـلّ مـتريس مـن السـَبع عَشر عَشـرَة أَطـواب نعـم يـا مـن حَضَر
وَأَرسـَلوا أَطـوابَهم فـي السـادِس فَعــادَ ضــوء الشـَمسِ كَالحَنـادسِ
فَكَــم تَــرى أَطوابنـا إِذ هـدَرَت مِثــل صــَواعِق السـَما إِذ رَعَـدت
فَــذلِكَ اليَــوم أَتـوا بِالهـاوِنِ وَأَركَبوهـا فـي المَتـاريس الدني
وَقبلَهــــا بِخَمســــَة أَيّــــام قَــد قَطَعـوا المـاء عَـن الأَنـامِ
قَـد جاهَـد المَلعـون كَـي يَقطَعَـه وَعــن عِبــاد اللَــه أَن يَمنَعَـه
عارَضـَه المَـولى الـوَزير الأَكـرَم الســَيِّد الحـبر الجَليـل الأَفخَـمُ
قَــد جــاءَ بِالأَخشــابِ وَالــدلاء وَاِستَحضـــَر الأَحـــواض لِلســقاءِ
قابَــل ذا المَلعــون بِالرَصــاص مــا كــانَ لِلســّاقينَ مِــن خَلاصِ
فَــاِمتَنَع النــاس عَــن المِيـاه بَـل تَرَكـوا السـَقيَ بِلا اِسـتِثناءِ
ثُــمَّ اِبتَـدَأنا شـُرب مـاء البِئر كـــلّ كَـــبير كــانَ أَو صــَغير
وَلَيلَــة الســابِع مِــن شــَعبانِ وَكــانَت الجُمعَــة يــا إِخـواني
قَـــد مَلَأ الأطــواب وَالقَنــابِرا وَأَدخَــل جُنــداً لَــهُ المَقـابِرا
فَاِبتَــدَروا قُبَيـل فَجـر الجُمعَـه مِــن سـائِر الجِهـات بَـل وَبقعـه
فَأَرســَلوا الأَطــوابَ وَالقَنـابِرا فَلا تَســَل عَـن حالِنـا وَمـا جَـرى
شــَرقاً وَغَربــاً قبلَــة شــَمالا بَرقــاً وَرَعـداً مِثـل سـيلٍ سـالا
فَــــإِن نَظَــــرت صـــاح لِلعَلاء تَظُــنُّ شــُهباً خــرّ مِــن ســَماء
إِن وَقَعَــت فــي الــدارِ مزّقتـهُ أَو ألقِيَــت فــي السـَطح خرقَتـهُ
فَكَـــم تــرى تَطــايُر البِنــاء كَـم أَرسـَلَت شَخصـاً إِلـى الفَنـاء
وَإِن يُـــرِد أَحـــدُنا الرّجوعــا لِبَيتِـــه يَســدّ عَنــهُ الجوعــا
لا يَســتَطيع مِــن عَظيـم القنـبرِ وَمِـــن رَصـــاص وَوقــوع الأكــرِ
فَاِنعَقَـــد الـــدخانُ وَالغُبــار تَســاقَطَت مِــن هَولِهــا الأَطيـار
تَـــرى الكِلاب ســـرّحاً مُنهَزِمَــه كَــذاكَ أَطيــاراً نَعــم مُنعَـدِمَه
صــَوتُ الوَشــيش مــالئ الفَضـاء مُرتَفِعــاً صــارَ إِلــى الجَـوزاء
تَصــَدَّعَت مِــن هَولِهــا القُلــوب تَزايَــــدَت لِأَجلِهـــا الكُـــروب
فَاِلتَجَــأَ النّــاسُ نَعــم لِلسـّور وَفَوّضــوا الأَمــرَ إِلــى الغيـور
وَأَخلَصــــوا لِلَّـــهِ بِالنِيّـــات وَوَطَّــؤوا الــروح عَلـى الثَبـات
وَاِبتَهَـــل النِســـاءُ وَالأَطفــال لِلَّـــهِ مَــولاهُم كَــذا الرِجــال
وَصـــاحَتِ الأَبكـــارُ وَالحَــرائِرُ تَفطّـــرت لِأَجـــلِ ذا المَـــرائِرُ
كَــم وَلـد طِفـل وَكَـم مِـن مَـرأة تُنــادي ســَلمت مِــن القنــبرَة
كَـم صـائِحٍ يُنـادي يـا ذا النون كُـن عَونَنـا مِـن كيد ذا المَلعون
كَـم كادَنـا المَلعـون مِـن مَكيدة أَنـواعُ حَـربٍ مـا لَهـا مِـن عـدَّة
أَربَــع ألغـام نَعـم قَـد حَفَـروا ســَلالِم أَلفــاً كَــذاكَ أَحضــَروا
وَمُنـذُ رَأى المَلعـون نِصـف السور مِــن جــانِب الغَربـيّ كَالمَـدثور
زادَ بِـــهِ أَطمــاعهُ ثُــمَّ رَحــل بِجُنـدِهِ مِـن قـاض كنـد قَـد نَـزَل
وَثــاني جِســر هَهنـا قَـد نصـبا وَلا يُبـــالي ضـــَجراً أَو تَعبــا
وَجــرّ مِــن أَطــوابِهِ العَظيمَــة حَتّــى اِنتَهَـت تجـاهَ أَعلـى قلّـة
لبـــاب ســِنجار كَــذاكَ مــدّها مــا أَحــد مِنّــا ليحصـي عَـدَّها
بَـل أَمـر الضـّراب بِالضـَّربِ وَقَـد اِمتَثَــل الضــَرب وَلاء مــا رَقَـد
كَـــذلِكَ القنبَرجـــي المَلعــون مــا ذاقَ مـا غَفـت بِـهِ العُيـون
هــذا وَوالينـا الـوَزير الأَفضـَل ذو الهِمَّـة العَليـاء ذا المبجّـل
قَـد جَعَـل النّجل السَعيد المُقتَدى نعـم مُـراد فـي مَقامـات الجـدى
فَلَـم يَـزَل فـي بـابِ سـنجار وَلَم يُبـال أَطوابـاً وَلَـم يَحـذر أَلَـم
وَثـمَّ والينـا المُفـدّى قَـد بَنـى خَيمَتــه لِلقلَّــة العُليــا دَنـى
قَــد تَقَـع القُنبـل فـي أَطرافِـه فَتنثُــر الــترب عَلــى أَكتـافِه
وَإِنَّــهُ كَالســَبعِ إِذ مــا رَبــض أَو شـِبه لَيـثٍ حيـثُ مـا قَـد عَرَض
كَــم بَـذل المـال لِحفـر الأَلغـم فَــدامَ فــي عِــزّ وَســعدٍ أَعظـم
كَـم حَفَـر الآبـار فـي الخَندَق كَم وَهــب أَمــوالاً إِلــى كُـلّ الأمَـم
مِـن حَيـثُ لا يَبقـى لِأَلغـامِ العدا مِـن فسـحَةٍ فـي البُـرج أَصلاً أَبدا
فَقلّـة العَليـاء نعـم قَـد مزّقَـت وَثــمَّ أَحجــار لَهــا قَـد فرّقَـت
وَكُـــلّ بنـــاءٍ لَقَـــد أَحضــَرَه بَــل هُـوَ أَيضـاً فَـوقَ بُـرج مَعـه
فـي الخَيـرِ قَـد أَقـامَ خيـر قلَّه قَــد مُلئت تُربــاً بِغَيــر عِلَّــه
قَــد أَخــذ الجَنَّــة فـي راحَتِـه يُشــبِه ليثــاً وَهـو فـي سـاحَتِه
مِـن داخِـل السـور وَقَـد اِرتَفَعَـت بُرجــاً مشــيداً كـلّ قَلـب قَطعـت
أَيضــاً وَوالــي حَلــب الهَزبــر فَكَــم لَــهُ تِلـكَ اللَيـالي صـَبر
كَــم بَـذل المـال عَلـى العمّـال كَــم شـَجّع النـاسَ عَلـى الوبـال
فَهَـــذا وَالأطـــواب وَالزّمبَــركُ نعـم كَـذا القنـبر فينـا فَتكوا
ســـَبعَة أَيّــام مَــع اللَيــالي يَرمــونَ نيرانـاً عَلـى التَـوالي
حَتّــى أَتَــت لَيلَـة خـامِس عَشـرة مِــن شــَهر شــَعبان وَذي بَـراءَة
وَأَيضــاً كــانَت جُمعَـة يـا صـاح وَنَحـــنُ نَـــدعو اللَـــهَ لِلفَلاح
فَنبّـــه المَلعــونُ ذا الأَلغــام أَن يَضـــَع البــارود بِالتَمــام
حَتّــى إِذا صــارَ اِنفِلاق الفَجــر أَلقــى بِهِــم نـارَه حَتّـى تَسـري
مِــنَ العشــاءِ أَرســَل الرِجـالا يعقبُهــا الخانــات وَالخيّــالَه
وَكُـــلّ ذي ســَيفٍ كَــذا أَرســَله وَكـــلّ ذي رُمــحٍ فَمــا أَمهَلَــه
وَلــحّ تِلــكَ اللَيلَــة الطــواب يَظُـــــنّ أَن ضــــَربَه صــــَواب
حَتّــى إِذا صــارَ قَريــبَ الصـُّبح وَبـــانَ ذو نجــحٍ كَــذا وَربــح
تَطــايرَ النــاسُ مِــنَ الأَطــواب وَاِنعَجَــم اللســنُ عَــنِ الجَـواب
مِـنَ الجِهـاتِ الكـلّ تَنظُـر السَما قَـد صـارَ نارا بَعد أَن قَد أَعتَما
وَتَسـمَع الرَعـد مَـع الهَـدير مَـع ضـَرب الرَصـاص كُـلّ قَلـبٍ قَـد صَدع
وَالقنـبرُ المَلعـون مِثـل الشـُهب يَنقــضّ مِـن أَعلـى كَنـارِ اللَهـب
مَـــزّق مَـــن صــادَفَه تَمزيقــا فَـــرّق مَـــن قــارَبهُ تَفريقــا
إِن صــادَفَ الشــَخص نَعـم أَفنـاه أَو قـــارَب الشــَيء نعــم أَبلاه
تَزاحَفـــت أَجنـــادهُم جَميعـــا تَبــــادَرَت لِنَحوِنـــا ســـَريعا
قَــد مَلَأوا الأتبـان فـي الوِعـاء لِيَجعَلــــوا ذلِـــكَ كَالوِقـــاء
ذو ســلَّمٍ قَــد قَصــَد التَسـليقا وَغَيــرهُ قَــد طَلَــب التَعليقــا
كَـم تَسـمَع الضـَجيجَ فَـوقَ السـور كَــذلِكَ الأَطفــال فــي القصــور
تَظـــنُّ حَقّــاً قــامَت القِيــامَه مــا مِنّــا شــَخصٌ أَمِـنَ السـَلامَه
وَالصــُبح قَــد عــادَ كَليـلٍ داج مِــن شــِدَّة النَقــع وَمِـن عَجـاج
وَقــد عَلا مِــن حَولنــا الصـِياح تَفـــــانَتِ الأَرواح وَالأَشــــباح
صـــَوت الهَـــدير مــالئ الفَلاة أَحاطَنــا مــن ســائِر الجهــات
تَواصــَلوا حَتّــى أَتـوا لِلخَنـدَق وَمــا بِهِــم مِــن ضـَجَر أَو قَلَـق
وَراءَهُــم مَــواكِب الخيـل أَتـوا وَقـد بَغـوا حَقّـاً عَلَينا بَل عَتوا
تَســلّق البَعــضُ لِفَــوق الســور مــا لَــهُ مــن خَـوف وَلا مَحـذورِ
أَســيافُهم مَشــهورَة فـي الأَيـدي كَــأَنَّهُم قاصــِدوا خَيــر الصـَيد
هُنالِــكَ المَـولى حسـين الـوالي قــد حَـرّض النـاسَ عَلـى القِتـالِ
وَهــو يُنــادي دونَكُــم وَالجَنَّـه قَــد فُتِحــت لِأَجــل أَهـل السـُنَّه
فَــدافِعوا عَــن دينِكُـم وَالمـال كَـــذلكَ الطِفــل مَــع العِيــال
هُنالِـــكَ اِبـــن عَمِّــهِ عُثمــان صــارَ شــَهيداً فَبَكــى الإِخــوانُ
وَنــادَت المَخلــوق يــا اللَــه هـــوَ الَّـــذي لِيــونس أَنجــاهُ
وَأَعلَـــن النِســـاء بِالبُكـــاء وَاِبتَهَـــل الأَطفـــال بِالــدُعاءُ
لِلَّـــهِ قَـــد أَخلَصــَت العِبــاد تَفطّــــرت لِأَجـــل ذا الأَكبـــادُ
حينَئِذٍ قَــــد لَطـــف الرَحيـــم ســامَحنا فــي ذَنبِنــا الكَريـمُ
أَدرَكنــا ذُنــون حـامي المَوصـل كَــذاكَ جرجيــسُ النَبِــيّ الأَكمَـل
إِذ ضــَرَبوا لُغمــاً غَـدا إِلَيهِـم وَعـــادَ نــار لُغمِهِــم عَلَيهِــم
تَشــجّع النــاسُ بِــذاك الــوَقت فَلَــم يُبــالوا ضـَرَراً مِـن مَقـتِ
وَاِشـــتَغَلوا بِالضــَرب لِلأحجــارِ كَــذاكَ رَمــي القنــبر الصـغارِ
وَمــن أَتـى مِنهُـم لِتَحـت السـور لَــم يَقــدِر الفــرار لِلعبــورِ
فَتَنظـر الرَصـاصَ مِـن سـورِنا قَـد أَفنــى رِجـالا مِثـل سـيلٍ إِذ وَرَد
فَولّـــوا الأَعقـــاب بِـــالفِرار وَاِنقَلَبــوا صـَرعى عَلـى الأَدبـارِ
تَطـــايَر الـــرُؤوس وَالكفـــوف تَســـــاقَط المِئات وَالأُلـــــوف
فَــاِمتَلَأَ الخَنــدَق مـن أَشـباحِهِم إِلـى الجَحيـم سـير فـي أَرواحِهِم
مِـن سـورِنا شـُجعاننا قَـد نَزَلوا كَـم كـافِرٍ مـن قَجـرٍ قَـد قتلـوا
وَأَحــرَزوا التَفنــك وَالســيوفا وَقَطّعـــوا الــرُؤوسَ وَالكُفوفــا
كَــم ســلم سـَحبنا فَـوقَ السـُور كَــم قَجـر قَتلنـا بَـل كَـم لـور
فَــوَلّى طهمــاز إِلــى الخِيــام وَالجُنــد مِــن خَلفِــهِ بِاِزدِحـامِ
وَالخيـلُ قَـد عـادَت عَلـى الأَعقاب وَالعُجـــم مِـــن وَراه كَــالكِلابِ
هــذا وَوالينـا الـوَزير الأَفخَـم البـاذِل المـال الشـُجاع الأَكـرَم
كَــم بَــذل المــال لِكُـلِّ الأُمَـم بَــل كُــلّ دينــارٍ بِكُــلّ ســلم
وَكـــلّ دينــارَين يــا إمــامي بِكُــلّ رَأسٍ مِــن بَنــي الأَعجــامِ
نَصــــبت الــــرُؤوس كَـــالتِلال ســــَلالِم صـــارَت كَمـــا الغلالِ
وَاِغتَنَـــم المَخلـــوق بِالســِلاح وَصــِرنا ذاكَ اليَــوم فـي نَجـاحِ
وَالفُقَـــراء فـــازوا بِالأســلاب وَنَظــــر الأعجـــام كَالـــذُبابِ
فَاِنكَســَرت شــَوكَة طهمــازَ وَقَـد عــادَ وَربــعُ جُنــدهِ لَقَـد فَقَـد
وَربعـه الثـاني جَريحـاً قَـد رَجَع وَقَلبـهُ مِـن شـِدَّة الغَيـظ اِنصـَدَع
فَـــاِجتَمَعَت خانـــاتَه جَميعـــا بَــل عَرَضــوا دَفتَرَهُــم ســَريعا
خَمــس وَأَربَعــون أَلــفَ قنبَــره مِــن بَعـدَها خَمسـونَ أَلـف حَجـرَه
بَـل مائِتـا أَلـفٍ مِـنَ الطوبِ نعم قَــد عــدَّه الحاسـِب هكَـذا رَقَـم
زَنبَلــــكُ تَفنكهـــم لا يُحصـــى وَمَكرُهـــم كَـــذاك لا يُستَقصـــى
هــذا جَميعــاً صــَرفوهُ عِنــدَنا بِــإِذن بارينــا فَمــا أَضــرّنا
لِأَنّ أَرواح النَبِيّيـــــن نعــــم كـانَت تُحـامي عَنّـا أَشـرار الأَلَم
خـصّ النَـبي ذنـون حـامي المَوصلِ كَــذاكَ جرجيــسُ كَــذا كـلّ وَلـي
وَثــمَّ مِــن بَعـد اِنكِسـار جُنـده وَقَتــلِ لــور قَجــر مــع هنـدهِ
وَصــَرف مــا حــرّر مــن آلاتِــه وَبعـــدما شــاهَد مِــن حــالاتِهِ
نــادى لِإِبراهيــم بَــل لِصــالِح وأَرســــَلا نَحوَنـــا لِلمَصـــالِح
كَـــذاكَ مَحمــود رَســول ثــالِث يَطلُــب صــُلحاً وَهـو حقّـا حـانِثُ
مُـذ أَقبَلـوا نَحـوَ الوَزير الأَمجَدِ وَقــد عَلِمنــا حـالَهُم صـارَ ردي
فَقــالوا وَاللَــه فَـإِنّ الشـاها فــي قـوَّةِ المَـولى حُسـين باهـا
وَإنَّـــهُ الآن يُريـــدُ الصـــّلحا فَكَـــم تَنــالون بِهــذا رِبحــا
وَيَطلُـب المُفـتي مَـع القاضي وَقَد أَصــبَحَ مَجنونـاً بِلَيـل مـا رَقَـد
هُنــاكَ والينـا الهِزبـرُ الأَكـرَم البَطــل اللَيـث الشـُجاع الأَفخَـمُ
قَـد صـَدَّهُم مِن حَيثُ ما جاؤوا إِلى شــاهِهم المَلعــون صـدّاً مـوهِلا
مُــذ وَصــَلوا تَفطّــرَ المَلعــون مِـــن غيظِـــهِ وَزادَه الجُنـــونُ
أَرجَعَهُـــم فـــي مَــرَّة ثانِيَــة لِعَلَّهُـــم يَمضــون فــي هاوِيَــة
عــادوا إِلَينــا وَهــم حَيــارى مِـن هَيبَـةِ الـوالي نَعـم سـكارى
وَقـالوا يـا مَولانـا هـذا الشاه يَعــود مــن طــرق الَّـذي أَتـاه
لكِنَّـــهُ يَرجـــو مــن الــوَزير إِرســـالَ شــَخصٍ كامِــل نِحريــرِ
تَشــاوَر المَـولى حُسـين الـوالي مَـع حـامي الشَبهاءِ في ذا الحالِ
فَأَرسـَل القاضـي مَـع المُفتي عَلي مَــع مُصــطَفى ميـر ألاي المَوصـِلِ
مُـذ حَضـَروا أَدّوا شـُروط الخِدمَـة فـي نـادي المَلعون والي النِقمَة
فَقــالَ أَحبَبــت حُســين الخانـا لِكَـــونِهِ ذو قُــوَّة قَــد بانــا
أَرجــو يحــرّر نامــة لِلدَولَــة يَعقــد صـُلحاً بَينَنـا فـي سـُرعَة
وَإِنَّنــــي أُوهبــــهُ الأســـارى كَـي بـانَ فـي أَجنادِنـا الخَسارا
مِــن بَعــدِهِ قَـد أَقبَلـوا لِلملا أَكرَمَهُـــم حَقّـــاً بِغَيــرِ عِلّــه
وَقــالَ هـذا الشـاه قَـد أَحبَّكُـم وَإِنَّــــهُ الآن يُريـــد صـــُلحَكُم
فَبَلّغــوا ســَلامي نَحــو الـوالي لا زال فـي حِفـظ الكَريـم العالي
وَإِنَّنـــي أَبتَغــي مــن حَضــرَتِه عَشــراً مِـن الخَيـل وَمـن طـولَته
وَهَـــذا عِنـــد مِثلـــهِ قَليــل وَعِنـــد مِثـــل غَيـــرِهِ جَزيــل
وَمُـذ أَتَـت رُسـلنا قصـوا الخبرا بَـل ذَكَـروا اِلتَماسـَه وَمـا جَـرى
فـي الحـالِ قَـد أَحضـَرَ من طولَتِه خَيلاً وَرختــا كــانَ فــي خَزنَتِـهِ
قاســِم أَغــا ابـن عَمّـه أَرسـَلَهُ مَـع خَيلِـهِ فـي الحـال ما أَمهَلَهُ
لِأَنَّــهُ الكامِــل فــي التَــدبير وَأَنَّــهُ الفاضــِل فــي التَقريـرِ
مُـذ وَصـل المَـولى المُفَـدّى قاسِم وَهــو لِأَمــر الشـاه رَفـض حاسـِم
كَلّمــهُ الشــاهُ بِرِفــق القَــول مِــن غَيــر إِكــراه وَغيـر عَـولِ
بَــل مــائَتي دينــارهم أَكرَمَـه وَخلعَـــــة ســــنيّة أَلبســــَهُ
فَكُـــلُّ دينـــارٍ بِــأربَع نعــم يَـروج فيمـا بَينَنـا يـا مَن رَقم
وَثُــمَّ لِلمُفــتي وَلِلقاضــي كَـذا أَكرَمَهُــم وَقــائِد الخَيــل بِـذا
وَقــالَ أَرجـو مِـن حُسـين الأَكـرم تَوســّطا فــي الصــُلح وَالتَكَـرُّم
بَينــي وَبَيــنَ الدَولَـة العليّـه وَتَرفَـــع الحَــرب مَــع الأَذيَّــه
وَحــرّر المَـولى الـوَزير الأَفخـم رِســـالَة بِكُـــلِّ حـــال تعلَــم
مَـع نامَـة المَلعـون طهمـاز نعم يـا لَيتَـه مِن هذِهِ الدُنيا اِنعَدَم
وَأَرسـَل القاضـي مَـع المُفتي بِها لِلدَّولَــة العليـا فَكـن منتَبِهـا
وَقَلـــبُ طهمــازَ نَعــم مُنقَطِــع مـــن غَيظِـــه وَعَقلــه مُنصــَدِع
فَثــاني يَــوم قَصــد الــرَحيلا شـــــَيئاً فَشــــَيئاً أَولا قَليلا
أَهـل المَتـاريس دَعـوا خانـاتهم مُــذ حَضـَروا قَصـّوا لـهُ حـالَتَهُم
فَقــالَ جــرّوا هاونــا وَمـدفعا لِهــذِهِ الحالَــة شـَخص مـا وَعـى
فَجـــاؤَوا ســَرعى نَقَلــوا الآلات وَصــاحَ فيهِــم صــائِح الشــتاتِ
فـي الحـالِ أَضـحوا كَهبـاء نَثرا وَهــذا عَقــبى كـافِر قَـد فَجـرا
قَــد لَبِثـوا مِقـدار عَشـرَة وَقـد اِنفَشـَلوا مـا واحـد مِنهُـم رَقـد
فــي خــامِس مـن رَمَضـان قـاموا فـي بَحـر سـوء كُلُّهُـم قَـد عاموا
مِـن بَعـد ذا أَصـبَحنا فـي أَمـان مِـن فَيـضِ فَضـلِ الواحِـد المنّـانِ
وَالســَبَب الأَعظَــم كـانَ الـوالي لا زالَ فـي حِـرزِ القَـديم العالي
قَــد بَــذَلَ الـروح مَـعَ الأَمـوال وَحفـــظ النــاسَ مَــعَ العِيــالِ
جــازاهُ رَبّــي كُـلّ خَيـر دائِمـاً مـا سـَبحت أَملاك رَبّـي فـي السَما
الحَمـــد لِلَّــهِ عَلــى التَمــامِ أَشــــكُرُه لِلفَضـــلِ وَالإنعـــامِ

فتح الله بن عبد القادر.

فقيه شاعر قرأ على شيوخ الموصل وألف وصنف وكان المتولي على وقف النبي يونس والنبي جرجيس عليهما السلام.

رحل مرات إلى بلاد الروم وكان سريع الكتابة مجيد الخط وله إجازة في الطريقة القادرية (المتصوفة) وله أرجوزة في وصف دفاع أهل الموصل عن مدينتهم بقيادة الحاج حسين باشا الجليلي ضد هجوم نادر شاه سنة 1156 هـ، سماها ملحمة الموصل.

1789م-
1204هـ-