أُعالجُ قلباً في هواكم معذَّبا
الأبيات 58
أُعالــجُ قلبـاً فـي هـواكم معـذَّبا وأصـبو إليكـم كلَّمـا هبّـتِ الصـَّبا
وأطـوي علـى حَـرِّ الغـرام جوانحـاً تلهَّــبُ فــي نيـران وجـدي تَلهُّبـا
يــؤنّبني اللاّحـون فيـك ولـم أكـن لأسـْمَعَ فـي الحـبّ العـذول المؤَنِّبا
وأرّقنــي يــا ســعد بـرقٌ أشـيمه يــزرّ علـى الأكنـاف برقـاً مـذهبا
شــجاني فأبكــاني وأطـربَ مَسـْمَعي حمـامٌ بـذات البـان غنّـى فأطربـا
وذكَّرنــي والــدار منهــا قصــيّة علـى النـأي سعدى والرباب وزينبا
بحيــث الهـوى غـضٌّ وبـرد شـبابنا قشـيب وعهـد اللهـو في زمن الصبا
يُـدارُ علينـا مـن دم الكـرم قهوة فنشــرب تريـاق الهمـوم المجرّبـا
وتُهـدى إلينـا فـي الكؤوس نوافجاً مـن المسـك أو أذكى أريجاً وأطيبا
إذا زفّهــا السـاقي لشـربٍ تبسـَّمت بــه طربــاً حتَّــى يــروح مقطّبـا
ويـا رُبَّ ليـلٍ رُحـتُ فيـه مع المها بقصــّة أشــواق يكــون لهـا نبـا
تُلاعــبُ أنفــاس النسـيم إذا سـرى علـى جلّنـار الخـدّ صـدغاً معقربـا
ألَــمْ تنظــر الأيـام كيـف تبـدَّلَتْ بنــا ورخـاء العيـش كيـف تَقَلَّبـا
فلـم أسـتطبْ يـا سـعد مرعىً أرودُه مريعـاً ولـم أسـتعذبِ اليوم مشربا
بربّكمـا عوجـا علـى الربـع سـاعةً وإنْ كـانَ قـد أقـوى دروساً وأجدبا
لئن لَعِبــت فيـه السـوافي وبرّحـت فقـد كـانَ قبل اليوم للسِّرْب مَلْعبا
فواهـاً علـى ظـلّ الأراكة في الحمى وواهـاً علـى الحـيِّ الَّذي قد تصبَّبا
أطعتُ الهوى ما إنْ دعاني له الهوى ولمــا دَعَـوتُ الصـَّبر يـومئذٍ أبـى
ومـا زال يـوري زنـدُه لاعـجَ الحشا فمـا بـاله أورى الفـؤاد وما خبا
أُعلِّــلُ نفســي بــالتلاقي وبيننـا حـزونٌ إذا يجـري بهـا خـاطري كبا
ولــو أنَّ طيــفَ المالكيّـة زارنـي لقَلْــتُ لــه أهلاً وســهلاً ومرحبــا
وإنْ نَقَــل الواشـي لظميـاء سـلوةً فمــا صـَدَقَ الواشـي بـذاك وكـذّبا
تُؤاخــذُني الأيـامُ والـذنب ذنبهـا علـى غيـر مـا جُرمٍ وما كنت مذنبا
فيـا ويـحَ نفسي ضاع عمري ولم أفُزْ بِحُــــرٍّ ولا أبْصـــَرْتُ خِلاًّ مهـــذبا
ويُقْعِـدُني حظّـي عـن النيـل إنْ أرُمْ مَرامـاً وإنْ أطلـبْ من الدهر مطلبا
ولم يُجْدِني إرهافي العزمَ في المنى ومـا حيلتي بالصارم العضب إنْ نبا
ومـا بَرِحَـتْ تملـى على الدهر قِصَّتي فتملأُ أفهـــام الرجـــال تعجُّبــا
وتزهــو بأمـداح النّقيـب قصـائدي بأحْسـَنَ مـا تزهـو بأزهارها الرّبا
بأبلـــجَ وَضــّاح الجــبين كــإنَّه إذا لاح فــي ضـوء النهـار تنقّبـا
كريـمٌ بـراه اللـه أكـرمَ مـن بَرا وأَنْجَـبُ مـن ألْفَيْتَ في النَّاس منجبا
لقـد طـابَ عرقاً في الكرام ومنبتاً ومــا زال عـرقُ الهاشـميين طيّبـا
لتسـمُ بنـو السـادات مـن آل هاشم بــأنجبهم أُمًّــا وأشــرفهم أبــا
وأحلاهــمُ فـي وابـل الجـود صـيّباً وأعلاهــمُ فـي قُلَّـة المجـد منصـبا
أتانــا بأبكــارِ المنــاقب سـيِّدٌ فأبْــدَعَ فيمـا جـاءَ فيـه وأغربـا
وأغْضـَبَ أقوامـاً وأرضـى بمـا أتـى ومـن نـال ما قد نال أرضى وأغضبا
وخُيِّـر مـا بيـن المذاهب في العُلى فمـا اختـار إلاَّ مذهب الفضل مذهبا
تحبَّـبَ بالحسـنى إلـى النَّـاس كلِّهم ومــن جُملــة الإحسـان أنْ يتحبَّبـا
وأظهــرَ فيـه اللـه أسـرارَ لُطفِـهِ وقـد كـانَ سـِرًّا فـي الغيوب محجّبا
لـك اللـه مَـنْ طـار الفخار بصيته فَشــَرَّقَ فــي أقصــى البلاد وغرَّبـا
ومـن راح يسـتهديك للجـود والندى رآك إلـى الخيـرات أهـدى وأصـوبا
تقَلَّــبَ فــي نعمـائك الـدهر كلّـه ومـا زلـتُ فـي نعمـائك المتقلبـا
وجــدّك لــم أُبصــِرْ سـواك مُـؤَمِّلاً ولا من إذا ما استوهب المال أوهبا
إذا لـم أجـد لـي للـثراء مسـبّباً وجَـدْتُك فـي نيـل الـثراء المسبّبا
وقـد شـمت برقـاً مـن سحابك ممطراً ومـا شـمت برقـاً مـن سـحابك خلّبا
وإنِّــي لأستســقي نوالــك ظــامئاً فلـم أرَ أمْـرى منـه شـيئاً وأعذبا
ولــي قلـمٌ يملـي عليـك إذا جـرى وترجـمَ عمّـا فـي الضـَّمير وأعربـا
فيـا قمـراً فـي طـالع السعد نيّراً ويــا فلكــاً بالمكرمـات مكوكبـا
لقـد جـاءني شـهرُ الصـيام بمـوكب مـن العسـر لا شـاهدت للعسر مركبا
وشوَّشـــني لمـــا بــدا بقــدومِه ولــم أرَ لـي أمـراً لـذاك مرتّبـا
فلـو أنَّ شـهرَ الصـَّوم طـاف بمنزلي تبســـَّم ممـــا راعـــه وتعجّبــا
وأبْصـرَ داراً لـو ثـوى الخير ساعة بهــا لنــأى عـن أهلهـا وتغرّبـا
ويـا طالمـا وافـى علـى حين غفلة فأصــْبَحْتُ منــه خائفــاً مترقبــا
وجرّبتــه فــي كــل عــام بغصــّة ومثلــي مــن سـاس الأمـورَ وجرّبـا
ولمَّـا رأيـتُ الهـمَّ جـاز لي المدى إلـى أن رأيتُ السيل قد بلغ الزبى
وقــد أتْعَبَتْنـي مـا هنالـك فاقـةٌ ومـن كـانَ مثلـي أتْعَبَتْـه وأتعبـا
وقــد حَمَلتْنـي حاجـة لـو كفيتهـا غــدوت لــه عــن ثــروة متأهبـا
ركِبْــتُ بهــا الآمـال وهـي خطيـرةٌ ولـو لـم يكـن غيـرُ الأسـنّة مركبا
ومـا خـاب ظنِّـي فـي جميلـك قبلَها ومــا كنـتَ للظـنِّ الجميـل مخيّبـا
الأخرس
377 قصيدة
1 ديوان

عبد الغفار بن عبد الواحد بن وهب.

شاعر من فحول المتأخرين، ولد في الموصل، ونشأ في بغداد، وتوفي في البصرة.

ارتفعت شهرته وتناقل الناس شعره، ولقب بالأخرس لحبسة كانت في لسانه.

له ديوان يسمى (الطراز الأنفس في شعر الأخرس -ط).

1873م-
1290هـ-